الخصائص الاقتصادية للمعرفة : 

الخصائص الاقتصادية للمعرفة خصائص معقدة وغير عادية وهي تتمركز حول ما يطلق عليه الاقتصاديون وفورات خارجية إيجابية مع ما يصاحب ذلك من خصائص عدم النضوب وعدم الاستحواذ الكامل و أن المعرفة مورد رأسمالي إنساني، وأنها أيضاً خدمة قابلة للاستهلاك. وهي سلعة أو خدمة في ذاتها؛ أي انها تحتاج إلى مصادر لإنتاجها كما انها تتضمن تكاليف ولها قيمة اقتصادية وقد تم التعرف على طبيعتها الرأسمالية كمورد وطني ويمكن الإشارة فيما يلي لهذه العناصر⁽¹⁾ .

1- المعرفة كسلعة غير عادية :

تطويع المعرفة لاستخدام أحد الأفراد مع إمكانية استخدام أفراد آخرين للمعرفة نفسها دون حاجة إلى إنتاجها مرة أخرى لكل منهم، أي أنه سوف لا يكون للمعرفة إلا تكاليف حدية منخفضة بالنسبة للمستفيدين الإضافيين. فالسلعة الخاصة يتم استهلاكها كلياً بواسطة شخص واحد، أما السلعة العامة فهي سلعة أو خدمة لا تتأثر تكاليفها الكلية بعدد الأشخاص الذين يتم خدمتهم، والسلعة العامة هي منتج أو خدمة بدون تكاليف حدية للمستخدمين الإضافيين. وفي معظم الأحوال أن للمعرفة تكاليف حدية منخفضة جداً وهي سلعة عامة أو شبه عامة أكثر منها سلعة خاصة.

والسلعة العامة منتج أو خدمة ذات تكاليف حدية تساوي صفراً بالنسبة للمستخدمين الإضافيين، ومثل هذه السلعة أو الخدمة توصف بأن لها وفورات خارجية إيجابية، أي أن لها قيمة للآخرين تتعدى المستخدمين الأصليين المقصودين وبدون تحمل تكاليف إضافية، ولكن لا يمكن استهلاك المعرفة عادة بصفة مباشرة بواسطة أحد الأفراد أو بواسطة جماعة من الأفراد بدون تحمل بعض التكاليف ، وإن كانت التكاليف الإضافية لتوزيع المعرفة تكون عادة صغيرة بالمقارنة بالتكاليف المبدئية التي تتم بالنسبة لتجهيز البيانات أو الأفكار للجماعة الأولى ، وخاصية المعرفة هذه ذات التكاليف غير المباشرة العالية مع التكاليف الحدية المنخفضة تضع المعرفة في فئة السلع شبه العامة.

وبعض خصائص المعرفة الاقتصادية هي عدم النضوب، ذلك لأن المعرفة لا تستنفذ بالاستهلاك ؛ فهي قد تستخدم بواسطة الشخص الأول ثم تمرر على الشخص الثاني، ولكنها - على عكس معظم المواد المادية المستهلكة - ستظل موجودة بعد الاستهلاك فهي تنتشر دون أن تقل ودون تحمل تكاليف حدية كبيرة. كما أن خاصية المعرفة – (عدم الاستحواذ الكامل) تسهم كذلك في الوفورات الخارجية الإيجابية ، أي أن المعرفة ستنتشر حتى لو كانت في الأصل موجهة إلى شخص بعينه، أي أن المعرفة لا يمكن أن يتم احتوائها لاستخدام معين والكتاب الذي له حقوق الطبع ويباع لأفراد معينين لاستخدامهم الشخصي، سيتم قراءته بواسطة آخرين لا سيما في المكتبات. كما أن محتويات هذا الكتاب ستنتشر شفوياً بين الزملاء أو المتخصصين في مجال معين. وإذا وصلت عملية النشر هذه إلى أقصى مداها فستكون المعرفة متاحة بالمجان للجميع . أي أنه لن يدفع أحد شيئاً مقابل الحصول عليها. فهي خدمة كالماء والهواء، أي أنهـا ليست سلعة يتم تبادلها في السوق بالطريق العادي، وإنما سلعة يجب أن تقدم علـى نفقة الدولة.

إن المعرفة تتميز بصفات خاصة أخرى مثل القدرة على المشاركة، و القابلية للانضغاط، والقابلية للاستبدال وهذه تميز المنتجات المعرفية. إن إدخال المعرفة كسلعة اقتصادية يخالف الافتراضيات المتفق عليها في النظرية الاقتصادية الجزئية.

2 - المعرفة كمنتج

ويجب التمييز بين المعرفة وبين المنتج المعرفي فالمعرفة نفسها هي محتوى تلك المنتجات، وفكرة المنتج ترتبط بمفهوم التبادل الاقتصادي، والمعرفة يتم تبادلها من خلال منتجات المعرفة، والمعرفة في منتج المعرفة تعطي قيمة للمستفيد، أو أن القيمة تظهر من العملية عندما تنضم المعرفة الجديدة لمعرفة المستقبل السابقة بالنسبة للمهمة التي يقوم بها.

ومن بين علماء المعرفة الذين قاموا بتعريف منتجات المعرفة روبرت تايلور الذي أكد أن عملية القيمة المضافة هي العملية التي تصبح بها المعرفة ذات قيمة أكبر عند تنظيمها وتخليقها وتقييمها. والتركيز على مدخل القيمة بالاستخدام بدلاً من المعرفة كمخرجات للنظم. ان المعرفة كمنتج تخضع لبحوث واسعة نظراً للضغوط  الاقتصادية على أنشطة المعرفة.

3 ـ التكاليف والقيمة والاحتكار

ترتبط المعرفة بالتكاليف الاقتصادية، كما أن لها قيمة اقتصادية في تحقيقها لأغراض مختلفة، فهي قد تستخدم لاتخاذ القرارات و للاستهلاك الشخصي المباشر وفي الأغراض التعليمية، أو قد يتم الحصول عليها لبيعها بعد ذلك، ومن ثم فإن المعرفة تخضع للعرض والطلب، كما تخضع للتحليل الحدي، والمفاهيم المرونة، وعلى جانب العرض لاقتصاديات الحجم وتخضع هذه الاعتبارات جميعها للوفورات الخارجية الإيجابية.

ولما كانت المعرفة سلعة ذات قيمة في الاستهلاك والإنتاج، فإن بعض الميزات تتحقق عند ممارسة التحكم الاحتكاري على عرض هذه المعرفة في بعض الأحوال ، كما الحال في المعرفة السرية والخاصة، والمعرفة التي تتولد من أجل الاستخدام الحكومي، وقد يمارس التحكم الاحتكاري في القطاع الخاص عن طريق حقوق الطبع أو براءات الاختراع وإن كانت خاصية المعرفة المتصلة بعدم الاستحواذ الكامل لها هو تأثير بالنسبة لدرجة هذا الاحتكار.

4 ـ المعرفة كمورد رأسمالي:

إن رأس المال البشري يتضمن جزئياً المهارات، كما يتضمن المعرفة النظرية والحقائقية المتاحة للفرد كمعلومات ؛ أي أن المعرفة يمكن اعتبارها كاستثمار في الفرد والذي سيتحول بالمعرفة الصالحة إلى عامل أكبر تأثيراً في الإنتاجية. من أجل ذلك يمكن الحصول على المعرفة واختزانها كاستثمار وليس للاستهلاك كمنتج، مع احتفاظها بنفس خصائصها المتصلة بعدم النضوب وعدم الاستحواذ الكامل والوفورات الخارجية. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ناريمان متولي ، اقتصاديات المعلومات، ص75-79  .