أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2020
15588
التاريخ: 10-10-2018
11459
التاريخ: 21-9-2019
1601
التاريخ: 27-11-2020
2622
|
نقد التبادل اللامتكافئ :
هناك مشاكل عديدة في نظرية التبادل اللامتكافئ من وجهة نظر الماركسية الارثوذوكسية ، وسنحاول هنا التعرض لبعضها ..
تعرف الماركسية عملية الاستغلال في نمط الانتاج الرأسمالي بأنها عملية استخراج فائض القيمة من العمل المأجور في عملية الانتاج الرأسمالي .
وعلى النقيض من هذا يستخدم منظروا التبعية مفهوم الاستغلال بشكل مختلف ، فهم ينقلون الاستغلال من مجال الانتاج الى مجال التبادل مما يؤدي الى ان تصبح العلاقة التجارية بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة علاقة استغلال وعلى ذلك يفرغ مفهوم الاستغلال من مضمونه العلمي.
المشكلة الاخرى المتعلقة بمفهوم الاستغلال هي اعتقاد منظروا التبعية ان العامل في البلدان المتخلفة يُستغل اكثر من العامل في البلدان المتقدمة ، وهذا يتناقض مع الفهم الماركسي لعملية الاستغلال فإذا كان الاستغلال هو استخراج فائض القيمة ، وهذا يتحدد على أساس الفارق بين القيمة الكلية لإنتاج العمل والقيمة التي يحصل عليها العامل في شكل أجر ، فإن هذا يعني ان العامل في البلدان المتخلفة يُستغل اكثر من مثيله في البلدان المتخلفة لأن إنتاجية العمل أعلى كثيراً في الدول المتقدمة (نظراً لارتفاع مستوى القوى الانتاجية) مما يعني ان معدل الفائض المستخرج من العامل في دول المركز أعلى في الدول المتقدمة من مثيله في الدول المتخلفة حتى اذا كان اجر ومستوى معيشة العامل في المراكز اعلى بكثير من المتحقق في الاطراف ، يقول ماركس في هذا الصدد " يمكننا ان نلاحظ في كثير من الحالات ان الأجر اليومي او الاسبوعي في (الدول المتقدمة) يكون اكبر من مثيله في (الدول المتخلفة) ، في نفس الوقت الذي يكون فيه السعر النسبي للعمل ـ أي سعر العمل مقارناً بفائض القيمة وبقيمة المنتج ـ أعلى في (الدول المتخلفة) من مثيله في (الدول المتقدمة) .
ان الفهم العلمي لمفهوم الاستغلال يؤدي بأي ماركسي ثوري الى القول بأن الاستغلال في البلدان المتقدمة أشد كثيراً منه في البلدان المتخلفة وهذا هو بالضبط عكس ما يعتقده منظروا التبعية وهذا بالضبط ايضاً ما يفضح الطابع اللا ثوري لمشروعهم السياسي .
ان المسألة لا تتعلق بدرجة الفقر أو الرفاهية ، فالفائض الذي يمكن استخراجه من عامل منهك صحياً وغير متعلم ويستخدم آلات متخلفة سيكون بالتأكيد أقل من الفائض المستخرج من عامل متعلم وفي صحة جيدة ويستخدم آلات حديثة .
ان الخلط الذي يقع فيه أقطاب مدرسة التبعية هو نتيجة عدم التفرقة بين فائض القيمة المطلق وفائض القيمة النسبي فمن الفترة الأولى من تطور الرأسمالية الصناعية في اوربا كانت الرأسمالية تزيد من الفائض المستخرج من خلال إطالة يوم العمل وتخفيض الأجر لأقصى درجة ممكنة ، وقد عرف ماركس هذا النوع من الاستغلال بفائض القيمة المطلق ، ولكن لأن هذه العملية لها سقف محدد هو ان يوم العمل لا يمكن اطالته عن حد معين ولا يمكن تخفيض الأجر عن الحد الأدنى الذي يوفر للعامل ما يحتاجه للبقاء بيولوجياً ، فقد اتجه الرأسماليون الى رفع معدل الاستغلال من خلال تطوير الميكنة وبالتالي زيادة انتاجية العامل ، وهو ما جعلهم قادرين على زيادة الفائض بدون تخفيض الأجر او إطالة يوم العامل وهذا يعد في تعريف ماركس استخراجاً لفائض قيمة نسبي .
كانت احدى نتائج هذا التغيير أن اصبح الرأسماليون محتاجين لمستوى مختلف من العمال ، فالميكنة الحديثة تستلزم عمال متعلمين وقادرين على التركيز الذهني لفترات طويلة وهذا بدوره يستلزم مستوى معيشة أعلى للعمال بما يحقق للعمال الراحة الكافية والظروف المعيشية المناسبة لإعادة انتاج قوة عملهم المتميزة تلك .
ان النضال النقابي يلعب دور بالطبع في رفع الأجر ولكن هذا يحدث في الحدود والإطار الذي تسمح به عملية التراكم الرأسمالي ، ففي فترات الازدهار النسبي للرأسمالية تستطيع النقابات أن ترفع الأجور ولكن ليس للدرجة التي تؤثر بالسلب على المقدرة التنافسية لرأس المال وفي فترات الأزمة الاقتصادية تحاول الرأسمالية تخفيض الأجور ولكن ليس للدرجة التي تؤثر في احتياجات العامل لأجل إعادة انتاج قوة عمله ، هذه هي الحدود التي يتحرك فيها الأجر على أساس الصراع بين النقابات ورأس المال .
أن خطأ سمير أمين في طرحه الذي يقول بأنه من غير الممكن للأجور ان ترتفع بشكل دائم على اساس " العقد الاجتماعي " بين النقابات ورأس المال في دول المركز يكمن في انه يقوم بتعميم تاريخي معتمداً على تحليل لحالة مؤقتة وهي حالة الازدهار التي حدثت في خمسينات وستينات هذا القرن ففي هذه الفترة كان هناك ارتفاع مستمر للأجور ، ولكن هذا لم يكن نتيجة لحل المعادلة الصعبة بين الانتاج والاستهلاك كما يدعي أمين وانما كان نتيجة لفترة الازدهار غير المسبوقة التي عاشتها الرأسمالية العالمية والتي أدت الى توظيف كامل للعمالة مما زاد من القوة التفاوضية للنقابات.
ولكن رغم انف منظري التبعية ، لم يستمر هذا الوضع كثيراً ، ففي الأوائل دخلت الرأسمالية العالمية في أزمة طاحنة أدت الى اغلاق آلاف المصانع والى ارتفاع معدلات البطالة في جميع البلدان المتقدمة ، وبدأت الرأسمالية في محاولة لتخفيض الاجور في جميع البلدان المتقدمة واجهها العمال بصراع عنيف ، وهذا يتناقض تماماً مع مقولات سمير أمين عن " العقد الاجتماعي " والارتفاع الدائم للاجور .
يتناقض التطور التاريخي للبلدان المتخلفة أيضاً مع مقولات سمير امين من " نظام الاطراف " فلم يتم الإبقاء على انماط الانتاج ما قبل الرأسمالية في الريف بل ان عملية رسملة الريف في كثير من البلدان المتخلفة تحدث بمعدلات غير مسبوقة ، ففي البرازيل مثلاً ـ في الفترة بين عامي 1960 الى 1990 ـ انخفضت نسبة سكان الريف الى سكان المدن من 70% الى 30% وهذا مؤشر واضح على الرسملة والميكنة في الريف ، ولم تحدث ايضاً "عرقلة بنائية " للتصنيع والتنمية الرأسمالية ، بل تحولت كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة والبرازيل والمكسيك وتركيا خلال الثلاثين عاماً الماضية الى دول صناعية ، حتى مصر أصبح غالبية السكان يعيشون في المدن ويكون من الهراء ان يتحدث احد عن قطاع قبل رأسمالي في الريف المصري اليوم .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|