تعد اللغة العربية احدى فروع العلوم الانسانية، إن لم يكن في مقدمتها، لما لها من أهمية كبيرة في معرفة الحياة الانسانية بشكل عام والاحاطة بالرقي البشري والتطور الثقافي والحضاري للمجتمعات البشرية، فلا ينكر ما للغة من فضل في تزاوج الحضارات وتبادل الثقافات، فتمثل اللغة والدراسات اللغوية حلقة الوصل بين تلك الحضارات في معرفة الشعوب والتعايش فيما بينها. تحتوي اللغة العربية على فروع عدة كالنحو والصرف والصوت والدلالة وفقه اللغة ... إلخ يتناول كل فرع من هذه الفروع جانبا معينا من جوانب اللغة العربية، فكل فرع له استقلاليته عن باقي الفروع في موضوعه وميدانه و منهجيته، وإن كانت ثمة صعوبة في التفريق بين النحو الصرف وفصلهما عن بعضهما فصلا تاما، لوجود صلات قرابة قوية بين الفرعين، ومع ذلك يبقى التخصص صفة واضحة تمتاز بها فروع لغتنا العربية.
هو العلم الذي يجعل من اللغة الانسانية موضوعا له بشكل عام، فلا يتخصص في دراسة لغة معينة، بل يجعل اهتمامه ينصب في خصائص اللغة الإنسانية، ومع أن لكل لغة معينة اختلافاتها الواضحة مع أي لغة أخرى إلا أن ثمة اسساً وخصائص وأصولاً مشتركة في جميع اللغات، من أنها نظام اجتماعي معين تتكلم به مجموعة معينة من البشر بعد أن أخذها عن طريق الاكتساب من جيل الى جيل بغية تأدية وظيفته المعروفة.
إن علم اللغة يدرس اللغة كما هي ظاهرة، فلا يقف هذا العلم من اللغة موقف الناقد الموجه، بل موقف الواصف المحلل المقرر. وهو بذلك يتناول اللغة تناولا موضوعيا يستهدف الكشف عن حقيقتها لا أغراض اخرى كغرض تربوي مثلا.
هو العلم الذي يتخذ من الجملة و الاسلوب اللغوي موضوعاً له وميداناً، فهو متخصص بنظم الكلمات في مجموعات كلامية في لغة معينة - كلغتنا العربية مثلا- كما أن ثمة اختلاف فيما بين اللغات الانسانية من ناحية نحوها وعناصره، فلكل لغة نظامها النحوي الخاص ، كالإعراب مثلا يوجد في اللغة العربية، ولا وجود له في لغات اخرى.
يعد النحو العربي من أهم علوم لغتنا العربية وأعرقها، فقد زخرت مكتبتنا العربية بوافر من أبداع يراعات النحويين القدامى وجهودهم سواء المؤلفات التي تناولت موضوعات النحو العربي كافة، أم تلك الرسائل والبحوث التي تطرقت الى موضوع معين. كما أن جهود النحويين المحدثين تأتي مع جهود القدامى من ناحية الأهمية، فمن المعروف ما لجهود النحويين المحدثين من ذراع كبيرة ساهمت في رفع راية هذا العلم العريق، مسطرين نتاجاتهم علما شمخا في اللغة العربية نوطت بأسمائهم مادام هناك طلاب يريدون الانتهال من هذا المعين العذب.
هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.
هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.
هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.