أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2020
2630
التاريخ: 16-9-2019
1612
التاريخ: 20-7-2019
1410
التاريخ: 2-12-2019
1616
|
راﺑﻌًﺎ : اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ وأﺛﺮهـﺎ ﻓﻲ اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة :
هـﻜﺬا اﺻﻄﺤﺒﺖ الازﻣﺔ اﻟﺪورﻳﺔ ﺑﺄزﻣﺎت هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ هـﻨﺎ وهـﻨﺎك . وهـﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﻦ وﺟﻮد ﻋﻮاﻣﻞ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﺗﻌﺰز اﻟﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺮكـﻮد اﻟﺬي كـﺸﻔﺖ ﻋﻨﻪ اﻟﺪورة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة . فازﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﺨﺎﻣﺎت وأزﻣﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ، وازمة اﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻓﻲ اﻟﻤﻮازﻧﺎت العامة ،واﻟﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﻣﻮازﻳﻦ اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت ﻣﺼﺤﻮﺑًﺎ كـﻞ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ واﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ واﻟﻤﻴﻞ اﻟﻬﻴﻜﻠﻲ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ ﻣﻊ اﻟﺮكـﻮد إﻧﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻋﻮاﻣﻞ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﺮكـﻮد وﻣﻦ هـﻨﺎ ﺗﺘﺸﺎﺑﻚ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺮكـﻮد اﻟﺪوري ﻓﻲ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻊ اﻷزﻣﺎت اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة.
ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻓﺎﺋﺾ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻲ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﻣﻨﺎﻓﺬ اﻻﺳﺘﻬﻼك واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﻣﺘﺼﺎص اﻟﻔﺎﺋﺾ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻀﻲ ﺣﺮكـﺔ اﻟﻨﻈﺎم ﻓﻲ ﻳﺴﺮ . وﻟﻤﺎ كـﺎن اﻟﻔﺎﺋﺾ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻣﺘﺼﺎﺻﻪ ﻟﻦ ﺗﺠﺮي إﻋﺎدة إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد هـﻲ اﻟﺮكـﻮد ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﻧﻘﺼًﺎ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻮارد اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ واﻟﻤﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻌﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻋﻨﺪ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﺪرﺟﺔ كـﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﻨﻰ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻮﻟﺪ ﻓﺎﺋﺾ أكـﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﻣﺘﺼﺎﺻﻪ. وﻟﻤﺎ كـﺎن ﻣﻨﺤﻨﻰ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻩ اﻟﺼﻌﻮد ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ اﺗﺠﺎﻩ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﺰول ﻓﻲ ﻣﻌﺪل اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ، وهـﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث اﻟﺘﻮازن ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻷزﻣﺔ ، وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ﻓﺈن ﻗﺪرة اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻴﻒ واﺳﺘﻤﺮارهـﺎ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻘﻮى اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ .
ﻓﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﻤﻮ اﻟﻘﻮى اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺗﻮاﺟﻪ ﺗﺤﺪﻳﺎت ﻣﻦ أهـﻤﻬﺎ (1) :
أـ ﻓﺎﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻮى اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ وﺗﺪوﻳﻞ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺆﺟﺠﺎن ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﺧﺼﻮﺻًﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻓﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻮاق.
ب- التـﻐﻴﺮ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻘﻮى ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ كما ﺣﺪث ﻓﻲ أزﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ، ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ازدﻳﺎد اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮاكـﺰ اﻷﺳﺎس ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ، وﻳﺸﺠﻊ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻌﺎدة ﺛﺮواﺗﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وإﺟﺮاء ﺗﻐﻴﻴﺮات ﺟﺬرﻳﺔ ﻓﻲ هـﻴﻜﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ.
ج- اﻟﻬﺒﻮط اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺮﺑﺢ اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﻮى اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﺳﺘﺨﺪام رﺷﻴﺪ ﻟﻬﺎ ﻳﻄﺎرد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ، ﻓﻼ ﺗﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﺳﻮى اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻮﺳﻂ ، ﻗﺼﻴﺮة اﻷﺟﻞ .
د- اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻸزﻣﺔ اﻟﺮاهـﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺮكـﻮد واﻟﺘﻀﺨﻢ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻌﺬر اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ كـﻞ ﻣﻦ اﻟﺮكـﻮد واﻟﺘﻀﺨﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺪة . ﻓﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺮكـﻮد وﺣﺪﻩ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن تـﻐﺬي اﻟﺘﻀﺨﻢ ، وﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ وﺣﺪﻩ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻐﺬي اﻟﺮكـﻮد . وهـﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻸزﻣﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﻤﺎﻣًﺎ وﺿﻊ ﺣﺪ ﻗﺮﻳﺐ ﻟﻬﺎ وﻣﻊ أوﻟﻮﻳﺔ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﻀﺨﻢ أﺻﺒﺤﺖ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺮآﻮد أكـﺒﺮ ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﻮاﺟﻪ ﺑﻄﺎﻟﺔ أكـﺒﺮ ﺗﻘﻮد إﻟﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ أكـﺒﺮ ﺗﻘﻮد إﻟﻰ أﺳﻌﺎر أﻋﻠﻰ وإﻟﻰ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻧﻜﻤﺎﺷﻴﺔ أﺧﺮى وهـﻜﺬا .
وﻣﻦ هـﻨﺎ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﺁﻟﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻹدارة اﻷزﻣﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻣﺆداهـﺎ العـﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺤﻴﺢ اﻻﺗﺠﺎﻩ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻤﻌﺪل اﻟﺮﺑﺢ ﻧﺤﻮ اﻻﻧﺨﻔﺎض وإﻋﺎدة ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ رأس اﻟﻤﺎل . ﻓﻠﻘﺪ ﺳﺠﻞ ﻣﻌﺪل اﻟﺮﺑﺢ ﻓﻲ أكـﺒﺮ ﻋﺸﺮ دول ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ اﺗﺠﺎهـﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺪهـﻮر ﺧﻼل اﻟﻤﺪة 1965ــ 1982 ﻓﺎﻧﺨﻔﺾ ﻣﺜًﻼ ﻣﻦ 24.9% ﻓﻲ ﻓﺘﺮة 1960ــ 1972 إﻟﻰ 15.8 % ﻓﻲ ﻣﺪة 1973ــ 1982 ﻓﻲ الـﻤﺎﻧﻴﺎ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ واﻧﺨﻔﺾ ﻣﻦ 28.7% إﻟﻰ 18.3% ﻓﻲ اﻟﻤﺪة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة (2) .
ﻣﺜﻞ هـﺬا اﻻﺗﺠﺎﻩ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺮﺑﺢ ﺗﺤﺎول اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ أن ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺂﻟﻴﺎت ﻟﻠﺘﺼﺤﻴﺢ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ وﺣﺪاﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﺘﺸﻜﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻮﻗﻔًﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴًﺎ ﻣﻮﺣﺪًا . وﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﻠﻐﻰ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻷزﻣﺔ ﺗﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺣﻠﻮل ﺗﺆﻣﻦ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ . وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺘﻌﺎون ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻹدارة اﻷزﻣﺔ اﻟﺪورﻳﺔ اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺿﺮورة اﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ اﻷوﺿﺎع اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ، وﺗﺘﻤﺜﻞ هـﺬﻩ اﻹدارة ﻓﻲ ـ:
1 ـ ﺗﺘﻤﺜﻞ إدارة اﻷزﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﺪة ﺁﻟﻴﺎت داﺧﻠﻴﺔ ﻳﺮﻣﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﺼﺮ اﻟﺮكـﻮد ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻋﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ دون ﺗﺤﻮﻟﻪ إﻟﻰ ركـﻮد ﻋﺎم (3) ، ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻣﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ إﻟﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل أدوات رﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر واﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ دون اﻧﻬﻴﺎرهـﺎ ، وﻣﻦ هـﻨﺎ اﻟﺴﻌﻲ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق رأس اﻟﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ وﻻﺳﻴﻤﺎ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻗﻄﺎع اﻟﺨﺪﻣﺎت . ﻓﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ وﺗﻜﻴﻴﻒ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ إﻟﻰ كـﻞ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻷﺧﺮى وإﻟﻰ كـﻞ ﻓﺮوع اﻟﺨﺪﻣﺎت وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ واﻻﺗﺼﺎﻻت هـﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮض ﺟﺰﺋﻴًﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﻋﻦ ﺗﺪﻧﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻨﺸﺎط ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ( اﻟﺤﺪﻳﺪ واﻟﺼﻠﺐ واﻟﺴﻴﺎرات واﻟﻤﻌﺪات اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ) اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ، وﻣﻦ إﺷﺒﺎع اﻟﺤﺎﺟﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ، وﻣﻦ هـﻨﺎ اﻟﺴﻌﻲ أﻳﻀًﺎ لاﺳﺘﻌﻤﺎل ﺁﻟﻴﺔ رﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر ﻟﺰﻳﺎدة ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺮﺑﺢ ، و ﺛﻢ ﻣﻦ ﻓﻘﺪان اﻷﺳﻌﺎر ﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ، واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻓﻲ ﺣﺮكـﺔ اﻷﺳﻌﺎر ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻗﻮى اﻟﺴﻮق ،وهـﻜﺬا ﻳﺘﺮاﺟﻊ دور اﻟﺴﻮق كـﻤﻨﻈﻢ ذاﺗﻲ ﻟﻸﺳﻌﺎر ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻏﺪا اﻟﺘﻀﺨﻢ ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ (4) .
وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﺼﺤﻴﺢ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ أن ﺗﺤﻮل دون ﻋﻮدة اﻟﺮكـﻮد وﺗﺤﻮﻟﻪ إﻟﻰ ركـﻮد ﻣﻤﺘﺪ ، وﻻ دون اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﺗﺤﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻄﺎﻟﺔ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻓﻮﺿﺔ ، وﻻ دون اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺮكـﻮد واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻌﺎً . واﻟﻮاﻗﻊ أن ﺗﺮاكـﻢ رأس اﻟﻤﺎل اﻟﻔﺎﺋﺾ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻳﻌﺰز اﺗﺠﺎﻩ اﻧﻔﺼﺎل اﻻﺣﺘﻜﺎرات ﻋﻦ أﺳﻮاﻗﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﺘﺮكـﺪ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺰدهـﺮ اﻻﺣﺘﻜﺎرات . ﻓﺎﻟﺘﺮاكـﻢ اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻻ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻗﺪرات إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻋﺎﻃﻠﺔ ﺑﻞ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ رأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻧﻘﺪي ﻓﺎﺋﺾ ﻧﺴﺒﻴًﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺮوع اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ واﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮﻣﻲ ، ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ ﻓﺎﺋﺾ ﻓﻲ رأس اﻟﻤﺎل اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ وﺗﺪوﻳﻠﻪ اﻟﻤﻀﻄﺮد ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﻮرﺻﺎت واﻟﻤﺼﺎرف اﻟﺪوﻟﻴﺔ. وهـﻮ كـﻤﺎ ذكـﺮﻧﺎ ﻣﻴﺎل ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻠﺮكـﻮد .
2 ـ ﺗﺆدي اﻟﺪوﻟﺔ دورًا ﺟﻮهـﺮﻳًﺎ ﻓﻲ إدارة اﻷزﻣﺔ ﻣﻊ كـﻞ دﻋﺎوي ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ إدارة اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮﻣﻲ . وﻣﻬﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﺈن دورهـﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻋﺎدة اﻹﻧﺘﺎج وﺣﺮكـﺘﻬﺎ اﻟﺪورﻳﺔ أﻣﺮ ﻣﻔﺮوض ﻣﻨﻬﺎ . وإﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ واﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ أﺛﻨﺎء اﻷزﻣﺔ ﺗﻜﻮن كـﺒﻴﺮة ، وﺗﺤﺎول اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﺐ اﻹﺟﻤﺎﻟﻲ . ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮ رﺋﻴﺲ (5) وهـﻲ ﻣﺼﺪر رﺋﻴﺲ ﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻮل . وهـﻨﺎك ﻣﺆﺷﺮان ﻟﺬﻟﻚ هـﻤﺎ : ﻧﺼﻴﺐ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ، وﻧﺼﻴﺐ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻹﺟﻤﺎﻟﻲ . وﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أن ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ أﺑﻌﺎد اﻟﺮكـﻮد اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ واﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺤﺎد ﻓﻲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي . ﻓﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎت اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻌﺎم . واﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي وإن أدى إﻟﻰ زﻋﺰﻋﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ اﻷﺟﻞ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻮض ﺟﺰﺋﻴًﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻘﺼﻴﺮ اﻟﺘﻮﻇﻴﻔﺎت ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺴﻜﺮي . وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﺒﺢ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮكـﻮد اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻹﻧﺘﺎج .
وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﻈﻞ دور اﻟﺪوﻟﺔ ذات ﺗأﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷزﻣﺔ وﻟﻘﺪ ﻳﻨﻘﻠﺐ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ إﻟﻰ ﻋﻜﺴﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ، ﻓﻔﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ كـﺎن اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑﻴﻦ ﻧﻤﻮ ﻣﻌﺪﻻت اﻷﺟﻮر ﻓﻲ ﻓﺘﺮات اﻻﻧﺘﻌﺎش واﻻﺗﺠﺎﻩ ﻧﺤﻮ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪﻻت اﻷرﺑﺎح ﻳﺤﻞ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴًﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻧﻬﻴﺎر اﻷﺳﻌﺎر واﻻﻗﺘﻄﺎع ﻣﻦ اﻷﺟﻮر . أﻣﺎ اﻵن ﻓﻼ ﻳﺤﻞ هـﺬا اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺣﻼ كـﺎﻣًﻼ ﻓﻲ ﻣﺪد اﻷزﻣﺎت ، ﺑﻞ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺠﺎل ﺗﺪاول اﻟﻨﻘﻮد ورؤوس اﻷﻣﻮال واﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺨﺎرﺟﻲ واﻟﺘﺴﻮﻳﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ . واﻟﺪورة اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺑﺰﻳﺎدة اﻟﺘﻀﺨﻢ واﺧﺘﻼل ﻣﻴﺰان اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت .
وﻟﺬﻟﻚ ﻧﺮى اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻟﻜﻨﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﺿﺪ اﻟﺮكـﻮد ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺠﻌﻞ هـﺪﻓﻬﺎ وﺿﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺒﻜﺮة ﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﻧﺘﻌﺎش وﺗﺤﺎول أن ﺗﻌﺠﻞ ﺑﺎﻧﻔﺠﺎر اﻷزﻣﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻮﺿﻊ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻪ وﺗﻠﺠﺄ ﻣﻦ ﺛﻢ إﻟﻰ إﺟﺮاءات اﻧﻜﻤﺎﺷﻴﺔ ﻣﺒﻜﺮًا ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت . وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ إﺟﺮاءات ﻣﻀﺎدة ﻟﻸزﻣﺔ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﻣﻊ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻣﻴﺰان اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت .
ﻓﺈﺟﺮاءات ﺗﻮﺳﻴﻊ اﻻﺋﺘﻤﺎن ﻣﺜًﻼ ﻗﺪ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻜﺴﻴًﺎ ﻓﻴﻪ (6) ، وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺒﺐ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة وهـﻮ ﻣﻄﻠﻮب ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻷﻋﻤﺎل ﺗﺪﻓﻘًﺎ ﻓﻲ رأس ﻣﺎل اﻟﻘﺮوض ﻗﺼﻴﺮ اﻷﺟﻞ إﻟﻰ اﻟﺨﺎرج ، ﻣﻤﺎ ﻳﻮﻗﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ أزﻣﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ وهـﻲ ﺗﻨﺎﺿﻞ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .
3 ـ ﺗﺄﺗﻲ ﺁﻟﻴﺎت ﻧﻘﻞ اﻷزﻣﺔ ﺑﻴﻦ ﺁﻟﻴﺎت إدارﺗﻬﺎ . وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻨﺎ أن ﺑﻴﻨﺎ ﻣﺠﻤﻮع اﻵﻟﻴﺎت اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻟﻨﻘﻞ اﻷزﻣﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺘﺪوﻳﻞ اﻟﻤﻀﻄﺮد ، وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻨﻮات اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ، وﺣﺮكـﺎت رأس اﻟﻤﺎل ، واﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ، واﻟﺘﺪﻓﻘﺎت اﻟﻌﻜﺴﻴﺔ ، وﺣﺮكـﺎت اﻷﺳﻌﺎر : أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ، وأﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ، وأﺳﻌﺎر اﻟﺼﺮف . ﻓﻤﻦ ﺧﻼل أﺳﻮاق اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت واﻷﺳﻮاق اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واﻟﻤﺎﻟﻴﺔ وأدواﺗﻬﺎ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻘﻮة اﻟﺸﺮاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻌﺪﻻت ﻧﻤﻮ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ . وﻻ ﺗﺰال اﻟﺘﺠﺎرة الـﺪوﻟﻴﺔ ﻗﻴﺪًا ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻮ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ، وهـﻲ اﻟﻘﻨﺎة اﻷﺳﺎس ﻟﻨﻘﻞ اﻷزﻣﺔ إﻟﻴﻬﺎ. وﻋﺪم ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﺳﻮى ﻋﺪم ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺪوﻟﻲ . وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﺳﺘﻌﺎدة اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻓﻲ ﺻﺎدرات اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺨﺎﻣﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 1972 و 1973 ، وﻧﺠﺎح اﻟﺪول اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ واﻟﻤﺼﺪرة ﻟﻠﻨﻔﻂ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ أﺳﻌﺎرﻩ ﻷول ﻣﺮة ﺑﻘﺮارات ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 1974 واﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺤﻮذت ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﺳﺎد اﺿﻄﺮاب هاﺋﻞ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ زﻣﺎم اﻟﻤﺒﺎدرة واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻄﻮرﻳﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻴﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮﻳﻦ : اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ، واﻟﺘﺪوﻳﻞ اﻟﻤﻀﻄﺮد ﻟﻺﻧﺘﺎج ورأس اﻟﻤﺎل ، ، وﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﻤﺎ ﻣﻦ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ، وﺧﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﻤﻮاد اﻷوﻟﻴﺔ (7) .
وهـﻜﺬا ﻳﺼﻌﺐ اﻟﻘﻮل إﻧﻨﺎ ﻧﻮاﺟﻪ ﻣﺠﺮد أزﻣﺔ إﻓﺮاط إﻧﺘﺎج دورﻳﺔ ، وإﻧﻤﺎ هـﻲ أزﻣﺔ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ أي ﺗﺼﺤﻴﺤﺎت ﺗﺠﺮي ﻋﻠﻰ هـﻴﻜﻞ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ ، وانما ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﻮل ﺟﺬري ﻓﻲ هـﻴﺎكـﻞ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﻌﻤﻞ ، وهـﻲ أزﻣﺔ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺷﻤﻠﺖ وﺗﺸﻤﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ كـﻠﻪ . إﻧﻬﺎ أزﻣﺔ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ وﺿﻌﻒ واﻧﻬﻴﺎر اﻟﻔﺮوع اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ وﻋﺪم اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت واﻟﺠﻨﻮح إﻟﻰ اﻟﻤﻀﺎرﺑﺎت اﻟﻤﻔﺮﻃﺔ واﻷﺷﻜﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻻﺳﺘﻨﺰاف اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ، واﻷزﻣﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺤﺎدة وأزﻣﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ هـﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺻﺎرخ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻴﻴﻒ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺘﻜﻴﻒ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﻗﻮاهـﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رمزي زكي ، الازمة الاقتصادية العالمية الراهنة ، المـعـهد العربي للتخطيط ، الكويت ، 1984 ، ص10 .
2ـ رمزي زكي ، مصدر سبق ذكره ، ص12 .
3ـ رمزي زكي ، مصدر سبق ذكره ، ص13 .
4ـ يوجين خارجا ، القضايا الاقتصادية والسياسية للرأسماليـة ، ترجمة أحمد فؤاد بليغ ، بيروت ، 1975 ، ص240 .
5ـ يوجين خارجا ، المصدر السابق ، ص245 .
6ـ رمزي زكي ، مصدر سبق ذكره ، ص15 .
7ـ رمزي زكي ، الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنـة ، مصدر سابق ، ص25 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|