المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



البنوة الناجحة في مراعاة حقوق الوالدين  
  
1894   10:57 صباحاً   التاريخ: 12-1-2016
المؤلف : الشيخ ياسين عيسى
الكتاب أو المصدر : التربية الفاشلة وطرق علاجها
الجزء والصفحة : ص249-252
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الأبناء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2017 2552
التاريخ: 12-1-2016 2747
التاريخ: 5-9-2021 2331
التاريخ: 2023-11-05 1161

1ـ مراعاة حق الأم وقدرها :

قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) : وأما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل (1) أحد أحدا , وأعطتك (2) من ثمرة قلبها ما لا يعطي (3) أحد أحدا , وَوَقَتكَ , (بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة موبلة محتملة (4) لما فيه مكروهها وألمه وثقله وغمه , حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك الى الأرض) ولم تبال(5)  أن تجوع وتطعمك , وتعطش وتسقيك (6) , وتعرى وتكسوك , وتضحى وتظلك  وتهجر النوم لأجلك , (وتُنعّمك ببؤسها , وتلذذك بالنوم بأرقها , وكان بطنها لك وعاء  وحجرها لك حواء , وثديها لك سقاء , ونفسها لك وقاء , تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك(7)  فتشكرها على قدر ذلك) وإنك لا تطيق شكرها (ولا تقدر عليه) (8) إلا بعون الله وتوفيقه .

قدّم الإمام (عليه السلام) الأم لعظيم حقها وعنائها منذ أن كان الولد في بطنها طيلة تسعة أشهر حتى ولد فبدأت الأم بتربيته رضيعا والعناية به ليلا ونهارا , إلا أن الابن لا يشعر بهذا العناء – وللأسف – إلا عندما يتزوج ويرى معاناة زوجته ورعايتها لحملها وطفلها وتربيته والسهر عليه وحمايته من البرد والحر والهواء والغبار ...

ويروي في قصة أن رجلا كان يحمل أمه في الطواف ويقول :

إني لها مطية لا أذعر        إذ الركاب نفرت لا أنفر

ما حملت وأرضعتني أكثر   الله ربي ذو الجلال أكبر

ثم التفت الى ابن عباس وقال : أليس أني قضيت حقها ؟

فقال أبن عباس : لا والله ولا طلقة واحدة (9) .

فمهما فعل الابن لا يصل الى بعض معاناة الأم عند الولادة.

ـ أثر رعاية حق الأم :

يحكى أن رجلا صالحا من بني إسرائيل كان له صبي وعجلة فلما حضرته الوفاة قال : اللهم إني أستودعك هذه العجلة لهذا الصبي , فلما كبر الولد اجتهد في العبادة ليلا وبالعمل نهارا فيتصدق بثلث ما ينتجه ويأكل ثلث ويعطي أمه ثلث , وفي يوم قالت أمه له : اذهب وبع العجلة في السوق بثلاثة دنانير ولا تنجز المعاملة إلا بإذني, فذهب فوجد مشتريا , فقال له : خذ ثمنها ستة دنانير ولا تستأذن أمك , فرفض , فقدر الله على بني إسرائيل ذبح بقرة بالمواصفات المذكورة في القرآن الكريم فلم توجد الا عند ذلك الصبي فباعها بملء جلدها ذهبا مكافأة على بر أمه والإنفاق عليه (10) .

ـ اثر زيارة قبر الأم :

كان بعض الصالحين له أم صالحة فلما جاءها الموت قالت : اللهم لا توحشني في قبري , فلما ماتت صار ولدها يزورها كل جمعة ويدعو لها ولجيرانها , فرآها في منامه فسألها عن حالها فقالت : كرب الموت شديد وأنا بحمد الله في برزخ حسن , يا بني لا تترك زيارتنا في كل جمعة فإني أفرح أنا وجيراني بزيارتك ودعائك (11).

2ـ مراعاة حق الأب وقدره:

قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك , (وأنك فرعه) (12) وأنك لولاه لم تكن , فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه , فاحمد الله واشكره على قدر ذلك , ولا قوة إلا بالله تعالى .

3ـ طلب العون من الله في أداء حقوق الوالدين :

وذلك يتجسد في صلاة بر الوالدين: وكما قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) : اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف , وأبرهما بر الأم الرؤوف , وأجعل طاعتي لوالدي وبري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان , وأثلج لصدري من شربة الظمآن حتى أوثر على هواي هواهما , وأقدم على رضاي رضاهما , واستكثر برهما بي وإن قل , واستقل بري بهما وإن كثر , اللهم خفض لهما صوتي , وأطب لهما كلامي وألن لهما عريكتي , وأعطف عليهما قلبي , وصيرني بهما رفيقا , وعليهما شفيقا , اللهم اشكر لهما تربيتي , وأثبهما على تكرمتي  واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري , اللهم وما مسهما مني من اذى , أو خلص إليهما عني من مكروه أو ضاع قبلي لهما من حق فاجعله حطة لذنوبهما , وعلوا في درجاتهما , وزيادة في حسناتهما , يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات , اللهم وما تعديا علي فيه من قول , أو أسرفا علي فيه أو ضيعاه لي من حق , أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته لهما , وجدت به عليهما , ورغبت إليك في وضع تبعته عنهما , فإني لا اتهمهما على نفسي , ولا أستبطئهما في بري , ولا أكره ما تولياه من أمري . يا رب فهما أوجب حقا علي , وأقدم إحسانا إلي , وأعظم منة لدي من أن أقاصهما بعدل , أو أجازيهما على مثل , أين إذا – يا إلهي – طول شغلهما بتربيتي ؟ وأين شدة تعبهما في حراستي ؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة عليّ ؟!

هيهات ما يستوفيان مني حقهما , ولا أدرك ما يجب علي لهما , ولا أنا بقابض وظيفة خدمتهما  فصل على محمد واله , وأعني يا خير من استعين به , ووفقني يا أهدى من غرب إليه ولا تجعلني في أهل العقوق للآباء والأمهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون , اللهم صل على محمد واله وذريته , واخصص أبوي بأفضل ما خصصت به آباء عبادك المؤمنين وأمهاتهم يا أرحم الراحمين .

اللهم لا تنسني ذكرهما في أدبار صلواتي , وفي آنٍ من آناء ليلي , وفي كل ساعة من ساعات نهاري , اللهم صل على محمد واله , واغفر لي بدعائي لهما , واغفر لهما ببرهما بي مغفرة حتما , وارض عنهما بشفاعتي لهما رضى عزما , وابلغهما بالكرامة مواطن السلامة (13)

____________

1ـ في نسخة : يحمل.

2- في نسخة : وأطعمتك.

3- في نسخة : يطعم.

4- في نسخة : متحملة . ومعنى موبلة أي كثيرة عطاياها.

5- في نسخة  : فرضيت.

6- في نسخة : وترويك وتظمأ.

7- في النسخة الأولى : ووقتك الحر والبرد لتكون لها.

8- ما بين معكوفين من نسخة أخرى.

9- يريد طلقات الولادة.

10ـ نزهة المجالس : 1/197 بتصرف.

11- نزهة المجاس :1/205 , وقد تقدم منا أثر رحمة الأم في قصة من طلبت أمه الماء منه في الشتاء.

12ـ من نسخة أخرى .

13ـ الصحيفة السجادية الكاملة : 129.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.