أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2016
2159
التاريخ: 19-6-2016
2018
التاريخ: 2024-09-09
244
التاريخ: 14-11-2016
1599
|
أبي! أمي! اشكركما ولا أنسى محبتكما ابداً فوجودي منكما وبدني وروحي مرهونان للمشاق التي تحملتماها فما أكثر فضائلكما أني لخجل حقاً إذ لا أستطيع أبداً ان اشكركما وأجازيكما بما ينبغي للآلام والأتعاب التي تحملتماها من أجلي... كنت صغيراً ضعيفاً وكنت مشقة كبيرة لكما ولكنكما أمطرتماني رحمة وحناناً وأخذتما بيدي وربيتماني بعرق الجبين وبهجة القلب. وقد بذلتما في سبيلي كل منافعكما، لا طمعاً في شيء وإنما لإسعادي، وبدون ان تنتظرا جزاءً قمتما بتمريضي وإعانتي على حياتي حينما كنت لا اقوى على ان اشد بيد أو أمشي برجل، سهرتما من أجلي وبذلتما وقتيكما لئلا تؤذي راحتي ذبابة تطن حولي، وحينما كنت لا أفقه شيئاً كنتما تراقباني بحذر ودقة لئلاّ أقع في خطر.
انتما في مقام سام بحيث يذكركما القرآن مع ذكر الله ويجعل الاحسان لكما مع الاحسان لله تعالى فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].
وانتما في مقام سام من الاحترام بحيث ان الله امر الابناء بخدمتكما وعدم أذيتكما حتى بلفظ (أفّ).
{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
وما أروع كلام الإمام الرابع زين العابدين (عليه السلام) حيث يقول: (واما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد احداً ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبالِ ان تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك وتعرى وتكسوك، وتضحي وتظلك، تهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه) (1).
(وأما حق ابيك فان تعلم انه اصلك فأنك لولاه لم تكن فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم ان اباك أصل النعمة عليك فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله) (2).
نعم يا ابي وامي: اعرف مقاميكما وأقيَّم شخصيكما واعلم انه يجب ان اطيعكما على اي حال وأسمع لأوامركما اللهم إلا أن تأمراني بسوء - والعياذ بالله - فيجب أن لا اتبعكما لأن امر الله فوق أمريكما: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].
مقام رفيع ومسؤولية أرفع
امي العزيزة وأبي الكريم! إن الله جعل احترامكما والشكر لكما من. الواجبات ولكنه مقابل ذلك جعل عليكما مسؤوليات جلى ووظائف كبرى... انها مسؤوليات التربية الروحية لأبنائكما والتخطيط الصحيح لبناء الشخصية الاخلاقية والدينية لهم.
أبي: لقد كان اللازم عليك أن تختار زوجة من الافراد الطاهرين الشرفاء المصونين النجباء وتتجنب الحسناء في منبت السوء والعوائل الفاسدة اللواتي ليس لهن إلا حسن ظاهري عابر فإن مثل هؤلاء النسوة كنبات اخضر نما في مزبلة ومحل قذر يقول الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله): (إياكم وخضراء الدمن. قيل يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء) (3).
وكان هذا الواجب عليك لئلا يتصف إبنك بحكم الوراثة أو التربية الأولية في حضن الأم بالصفات السيئة ويتلوث بأوبئة الفساد وانت يا أمي ايضاً!.
كان يجب عليك أن تتوجهي منذ الأول فلا تنتخبي زوجاً تخدعين بمظهره المكار أو ماله أو جاهه بل تعملين الدقة في اختيار رجل كامل، قدير عالم، واعٍ، في شخصية متماسكة طاهرة متدين غيور وقد قال الصادق (عليه السلام): فإن من زوج ابنته لشارب خمر فكأنما قادها إلى النار (4).
ومن المسلم به ان سائر المفاسد في الرجال توجب انواع الشقاء في الحياة الزوجية والانحراف في تربية الاطفال.
نعم ابي وامي العزيزين! فقد كانت هناك مسؤوليات عديدة تنتظركما بعد ان عقدتما رباط الزوجية باختيار الزوج اللائق وشروع الحياة المشتركة؛ وكان اي تقصير في أداء اي منها مؤثراً في مصير اولادكما فلماذا لم تراعياها ولم تعتنيا بها مما انتج نشوئي في محيط منحرف انا الآن مبتلى، فبدلاً من ملامتي إعملا على مساعدتي، واسمعا إلى آلام قلبي التي ابثها اليكم، خذا بيدي، وانقذاني من هذا الوحل المميت ... أنا متألم بالمقدار الكافي من هزائمي وشقائي فلا تقطعا أملي بتقريعكما ودعائكم علي... انتما تريان عوامل كثيرة اخرى قد ساعدت على انحرافي من مثل المحيط الملوث، والتعاليم والدروس المنحرفة التي بثتها وسائل الاعلام، والأفلام المعينة، والنشرات والصحف والمجلات القذرة المنحرفة... إنها كلها جرتني للهاوية فلا تبعداني انتما بجفائكما وإعراضكما... ولا تمطراني بوابل الألقاب القاتلة (ملوث) (كافر) (منحرف) ... فتصبان في جرحي ملحاً وتساعدان على شقائي.
انظرا!! فاني بعد كل هذا الشقاء اصطدمت بصخرة الواقع فعرفت غلطي وأدركت ان طريق السعادة مفتوح بلطفه تعالى وإن كان الامر يحتاج إلى سعي أستطيع معه ان اعبّد طريق الرجوع إلى الصواب.
وعلى أي حال فقد صممت واريد الرجوع وسأرجع حتماً وأعوض عن الماضي. ولكني بكل اعتذار اريد أن استعرض الوظائف الاخلاقية والدينية والانسانية التي يحملها الأبوان تجاه مصير الابن، عسى ان يكون ذلك لكما ولسائر الآباء مصباحاً ينير الطريق لحل المشاكل فلا يبتلى الأبناء في المستقبل بنفس المصير الذي ابتليت به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 621 و622 طبع مكتبة الصدوق.
2ـ المصدر السابق.
3ـ بحار الأنوار، ج 103، ص 232، ووسائل الشيعة، ج 14، ص 29.
4ـ وسائل الشيعة، ج 17، ص 249.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|