أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-07
582
التاريخ: 31-8-2020
1761
التاريخ: 13-3-2022
2237
التاريخ: 3-3-2016
1948
|
وكأن فكرة العدد اللانهائي من الأكوان المتطابقة لا تفسد مفهومنا عن الواقع بقدر كاف، فإن الأسوأ لا يزال ينتظرنا. تعد سلسلة أفلام «ماتريكس» (أو «المصفوفة») من أكثر الأفلام التي حققت النجاح على مدار السنوات الماضية، وبما أن قدرًا كبيرًا من التصوير جرى في سيدني، حيث أقيم، فأنا أشعر بألفة خاصة لهذا الفيلم. يدور موضوع الفيلم (بشكل عام) حول فكرة أن البشر لا يعيشون بشكل حقيقي، بل هم نتاج لبرنامج محاكاة حاسوبي. إن ما تظنه شخصيات الفيلم عاما حقيقيًّا هو في الحقيقة برنامج محاكاة واقعي، صممته حضارة متقدمة ذات قدرات حاسوبية هائلة.
تتمتع فكرة أن العالم المحيط بنا هو نوع من الوهم، أو المحاكاة المصممة لخداعنا، بتاريخ طويل في الفلسفة والخيال العلمي، حيث استخدمت كتجارب فكرية لأغراض التعليم والتسلية أو ربما الإرباك الجديد في الأمر هو أن بعض العلماء والفلاسفة البارزين يطلبون منا النظر لفكرة العالم المحاكى بصورة أكثر جدية. إنهم، ببساطة، يفترضون أن الكون والمراقبين الذين يحتويهم - وهذا يشملك - قد يكونون نتاجا لبرنامج محاكاة حاسوبي هائل تديره كائنات مجهولة. يعبر نيك بوستروم، الفيلسوف في جامعة أكسفورد والخبير بما يطلق عليه «حجة المحاكاة»، عن الأمر بصراحة بقوله: «هناك احتمال قوي بأننا نعيش في عالم من المحاكاة الحاسوبية. وأنا أعني هذا بشكل حرفي، وإذا صحت فرضية المحاكاة فهذا يعني أنك تعيش في واقع افتراضي صممه حاسب آلي بنته حضارة متقدمة. وعقلك، أيضًا، ليس إلا جزءًا من هذه المحاكاة.22
يا للعجب! إن بوستروم يقول ببساطة إن الأغراض الموجودة في الحجرة التي تجلس فيها؛ الكرسي الذي تجلس عليه والكتاب الذي تقرؤه والأشخاص الذين تعرفهم وتحبهم والمادة المكونة لجسدك - ناهيك عن الشمس والنجوم وبقية الكون -كل هذا من نسج خيالك. الأسوأ من ذلك هو أنك أنت ذاتك من نسج خيالك. وهذه التجربة العقلية - هذا «التخيل» - محاك داخل حاسب آلي عملاق لا يوجد في هذا الكون (الذي هو «في الواقع» غير موجود أساسًا؛ لأنه ليس إلا محاكاة افتراضية، بل في كون «آخر» من المفترض وجوده؛ كون «مسيطر». هل يمكن أن تصدق هذه الفكرة ولو من بعيد؟23 حسن، فور أن تكون مستعدا لتقبل فكرة الأكوان المتعددة، فليس هناك سبب وجيه يجعلك تستبعد إمكانية وجود أكوان بها عمليات محاكاة حاسوبية لأكوان أخرى. وفي هذه الحالة يكون الكون المتعدد مسكونا من قبل أكوان حقيقية وأخرى افتراضية، وليس بإمكان التحليل الجدي لنظرية تعدد الأكوان أن يهرب من هذه التبعات العجيبة المتمثلة في وجود الأكوان الوهمية.
إن أقرب ما يمر به أغلبنا لتجربة فيلم «ماتريكس» هو الحلم، فبعض الأحلام تكون مفعمة بالحياة حتى إنها قد تبدو أحيانًا واقعية. بل إنني مررت بأحلام داخل أحلام، كنت متأكدًا خلالها من أنني أفقت من أحد الكوابيس فقط لأكتشف لاحقا أنني ما زلت نائمًا. كما أن بعض الناس تراودهم أحلام (لخبرات غير عادية مثل الاختطاف على يد كائنات فضائية) وتكون مقنعة للغاية حتى إنهم يتذكرونها بعد ذلك كخبرات واقعية وينقلونها على هذا الأساس، حتى تحت الاستجواب الدقيق والتنويم المغناطيسي. إلا أننا في أغلب الأحوال نكون قادرين على التفريق بين عالم الأحلام وعالم الواقع؛ فنحن نعرف جيدا أن عالم الأحلام ليس حقيقيًّا، بل هو محاكاة (رديئة في المعتاد) للعالم الحقيقي، أو وهم خلقته عقولنا التي لا تنام من خلال عملية ما غير مفهومة بعد بشكل كامل. لكن ليس من العسير تخيل وجود عالم للأحلام متسق ومفعم بالحياة لدرجة تجعله يقارب «العالم الواقعي»، بشكل يجعلنا عاجزين عن تحديد هل نحلم أم لا. سبق جوتفريد لايبنيز عصره حين قدم مثل هذا الافتراض بقوله: «رغم ما قيل عن أن الحياة بأكملها ليست سوى حلم، وأن العالم المادي ليس سوى وهم، فإنني سأعتبر هذا الحلم أو الوهم حقيقيًّا بما يكفي ما دمنا، باستخدام التفكير المنطقي، لم ننخدع به مطلقا.»24
إن هدف صناعة الواقع الافتراضي هو خلق إيهام حسي واقعي لدرجة تجعل الشخص يدرك العالم الافتراضي بوصفه عالما حقيقيًّا. يتحقق هذا باستخدام معدات مثل وسائل العرض ثلاثية الأبعاد والصوت المجسم والسترات التي تقدم مثيرات حسية ملموسة وقفازات تحرك الصور من خلال إشارات إلكترونية، كما لو كان مرتديها يلمس أشياء مادية بالفعل. ليس هذا الواقع الافتراضي مشابهًا لعالم الأحلام، الذي ينحصر داخل رؤوسنا. لكن قد تكون التكنولوجيا المستقبلية قادرة على توصيل الإشارات الإلكترونية بشكل مباشر إلى مخ الشخص، بما يخلق لديه الانطباع بوجود عالم خارجي وهمي دون الحاجة للتأثير على العينين والأذنين وغيرها من الحواس يدور أحد موضوعات الخيال العلمي المفضلة حول مخ لا جسد له موضوع في وعاء، ومتصل بنظام حاسوبي متقدم يخلق لديه الانطباع بوجود عالم حقيقي، بحيث لا يدرك الشخص صاحب هذا المخ بأنه لم يعد يملك جسدًا وأن العالم الذي يشعر به لا وجود له في الواقع، ليست هذه بفكرة جديدة على الفلاسفة الذين يحبون استخدامها لمناقشة طبيعة عملية الملاحظة والواقع وصاروا يستخدمون مصطلح «المخ عديم الجسد» للإشارة لهذه الفكرة.25
إلا أن أقصى درجات المحاكاة هي تلك التي لا تستخدم المخ على الإطلاق (على العكس من الأحلام والمخ عديم الجسد)، بل تستثير وعي قاطني العالم الافتراضي استثارة مباشرة. للاقتناع بهذه الفكرة علينا التسليم بأن وعي الإنسان ليس نوعا من الجوهر، بل هو نتاج لعمليات مادية. وهذه بالتأكيد النظرة السائدة بين العلماء. لوقت طويل والأعضاء الأكثر جرأة في أوساط عالم الذكاء الصناعي يخبروننا بأنه في يوم ما ستكون الحاسبات الآلية قوية بما يكفي ليس فقط لحساب الرواتب ولعب الشطرنج، بل للتفكير والوعي بالبيئة المحيطة وبوجودها ذاته. باختصار، ستكتسب وعيًا خاصًا بها. يعود هذا الخط من التفكير إلى ألان، تورينج عبقري الرياضيات البريطاني والمشارك في اختراع الحاسب الآلي الإلكتروني، الذي كتب، عام 1952، بحثًا شهيرًا عن السؤال هل تستطيع الآلات التفكير؟ حدد تورينج فيها المعايير التي بموجبها يمكن الإجابة بنعم.26 ومجددا، سارع الخيال العلمي بتصوير آليين وأشباه آليين ذوي «حياة داخلية» تشبه تلك الخاصة بالبشر.27
زعم بعض العلماء، أبرزهم عالم الرياضيات من جامعة أكسفورد روجر بنروز، أن الآلات التي نسميها حاليا بالحاسبات الآلية لن يمكنها حتى بشكل نظري، أن تحاكي الوعي البشري.28 لن أدخل في تفاصيل هذا الزعم أو الحجج العديدة المناهضة له. المهم أنه هو حتى بنروز لا ينكر إمكانية محاكاة الوعي البشري من خلال نظام مادي صناعي من نوع ما»، كل ما في الأمر هو أنه لا يري إمكانية أن يدار هذا النظام من خلال الحواسيب الرقمية. من الناحية النظرية يمكن أن يبني المرء مخا صناعيا بنسخ أحد الأمخاخ الطبيعية بالتفصيل ثم تجميعه جزيئًا تلو الآخر. وإذا فعلنا هذا وزرعنا المخ في جسد فمن العسير أن نتخيل وجود ما يمنع هذا المخ من أن يكون له حقيقي خاص به.
(كل هذه الاحتمالات تصل الى طريق مسدود فالطريق الصحيح هو ان الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء)
هوامش
(22) Nick Bostrom, “The Simulation Argument: Why the Probability That You Are Living in a Matrix Is Quite High,” Times Higher Education Supplement, May 16, 2003. For a more scholarly analysis see Bostrom’s “Are You Living in a Computer Simulation?” Philosophical Quarterly, vol. 53, no. 211 (2003), p. 243.
(23) The assumption that all physical processes can in principle be simulated by a universal computer rests on an unproven but widely believed conjecture called the Church-Turing thesis named after Alan Turing and the American logician Alonzo Church). See, for example, David Deutsch, The Fabric of Reality (New York: Viking, 1997), p. 134.
(24) Cited in J. R. Newman, The World of Mathematics (New York: Simon & Schuster, 1956).
(25) A collection of essays on this topic can be found in Daniel Dennett and Douglas Hofstadter, The Mind’s I (Brighton, UK: Harvester, 1981). See also David Chalmers, “The Matrix as Metaphysics,” in Philosophers Explore the Matrix, edited by Christopher Grau (Oxford, UK: Oxford University Press, 2005).
(26) Alan Turing, “Computing Machinery and Intelligence,” Mind, vol. 59 (1950), p. 433.
(27) A classic being Isaac Asimov’s I, Robot (New York: Genome Press, 1950).
(28) Roger Penrose, The Emperor’s New Mind (New York: Oxford University Press, 1989).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|