المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
هل يجوز للمكلف ان يستنيب غيره للجهاد
2024-11-30
جواز استيجار المشركين للجهاد
2024-11-30
معاونة المجاهدين
2024-11-30
السلطة التي كان في يدها إصدار الحكم، ونوع العقاب الذي كان يوقع
2024-11-30
طريقة المحاكمة
2024-11-30
كيف كان تأليف المحكمة وطبيعتها؟
2024-11-30



الاجواء العامة في عهد معاوية  
  
3321   09:04 صباحاً   التاريخ: 5-03-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص117-118.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /

لم يكن الجو السياسي في عهد معاوية جواً ملائماً يتمكن المصلح فيه أن يحسم أمراً في ضوء خطة معينة وأن يجد المجتمع وجهته بدقة بل كان جواً يجعل المصلح أن يكون مراقباً لتصرفات القادة الفاسدين .. وبالنظر إلى إمكانيته وطبيعة من حوله ونوع مواجهة العدو كان لابد من وجود رد فعل مناسب حتى تنتصر بهذا النحو الحقيقية المهزومة على الخديعة المنتصرة.

كانت هذه هي المشكلة الرئيسية في عصر الإمام الحسن لم يكن في ذلك العصر لما كان يعرف بالشهادة التأثير المفروض وفي الواقع تحتاج الشهادة شأنها شأن الكثير من الظواهر إلى أرضية مناسبة حتى تخرج من إطار الشهادة والإخلاص الفرديين وتأخذ لنفسها طابع ظاهرة اجتماعية مؤثرة، فيكون دم الشهيد باعثاً للحياة في شرايين الآخرين، وقد دلّت الوثائق التاريخية على أنّه لو كان الإمام يثور بجيش متثاقل متخاذل كالذي أحاط به ـ و تقدّم الحديث عنه ـ و يشهر سيفه في وجه معاوية لما كانوا يقتلونه ليكون البطل الشهيد بل كانوا يأسرونه. فقد كان معاوية يريد أن يمسح وصمة العار التي لحقته هو وعشيرته على يد جنود الإسلام بأسر واحد من أسياد آل محمد.
إذن ما كان الإمام ليصبح إذا ما هزم شهيداً بطلاً بقتله كما حدث في عاشوراء، بل كان يعلق بمخالب معاوية وبالتالي يتم القضاء عليه بطريقة مجهولة، وتكون هذه واحدة من تلك الخسارات الكبيرة التي تلحق موقف الحقّ وجبهته في تلك الأيام.

فلو كان جيش الإمام الحسن يمنى بالهزيمة على يد جيش معاوية لكان معاوية يغير على البلاد الإسلامية ومدنها ويقوم فيها بالقتل والتنكيل بكلّ ما أُوتي من قوة لا سيما مكة والمدينة والكوفة والبصرة والحواضر الأُخرى التي كانت ضمن حدود دولة علي بن أبي طالب.

وهكذا يكون عدد القتلى ـ و على عكس نكبة عاشوراء ـ بالغاً ما لا نهاية له وما لا يمكن عده وإحصاؤه، إذن فقد كان هذا هو حقن الدماء الذي تحدث عنه الإمام.

ولعله ولهذه الأسباب ولتصويبه صلح الإمام الحسن امتنع الإمام الحسين عن الثورة بعد استشهاد أخيه العظيم في فترة العشر سنوات الأخيرة من عهد معاوية أي من عام 50 إلى عام 60 هجرية تقريباً، و كان (عليه السلام) ينتظر الفرصة المناسبة بلهفة، واهتم بإعداد الناس فكرياً ونفسياً، إذ لم يكن رد فعل المجتمع الإسلامي والرأي العام معلوماً فيما إذا قام وثار في تلك الفترة.

يزيد شخصية المجتمع الإسلامي الكريهة.

غير انّ هذا الأمر يختلف تماماً في يزيد.. ليس لأنّه لا يملك نضج وحنكة ودراية الأب وسياسته فقط، بل كان بعيداً كل البعد حتى عن التظاهر بمظاهر الإسلام الذي أراد أن يحكم الناس باسمه فقد كان شاباً طائشاً نزقاً شهوانياً عنيداً، ومن أبعد الناس عن الحذر والحيطة والتروّي، كان إنساناً صغير العقل متهوراً ماجناً لاهياً سطحي التفكير.

إنّ حياة التحلل التي عاشها قبل أن يلي الحكم والانسياق مع العاطفة وتلبية كلّ رغباته كل ذلك جعله عاجزاً عن التظاهر بالورع والتقوى والتلبس بلباس الدين بعد ان حكم المسلمين مثل ما كان يفعل أبوه، بل راح و بسبب طبيعته النزقة يعالن الناس بارتكاب المحرمات ويقارف من الآثام ويتظاهر بشرب الخمر والفساد، وكان يزيد بقدر من السذاجة السياسية بحيث كشف للناس الطبيعة الواقعية والوجه الحقيقي لحكم الأمويين الذين كانوا العدو اللدود للإسلام والمظهر التام للعودة إلى الجاهلية واحياء النظام الإرستقراطي في ذلك العصر.

وقد أثبتت المجاهرة بالفساد والإنفلات من القيود لدى يزيد انّه يفتقد الجدارة والمؤهّلات لتولّي الخلافة وقيادة المجتمع الإسلامي.

وعليه فلن يكون في وسع أنصار الحكم الأموي أن يلوّثوا ثورة الحسين أمام الرأي العام بأنّها ثورة في سبيل الملك، لأنّ العامة ترى أنّ مبررات هذه الثورة موجودة في سلوك يزيد نفسه هذا السلوك الذي لا يلتقي مع الدين على صعيد، وكان الناس ستعتبر ثورة الحسين بن علي في مثل هذه الظروف هي ثورة ابن رسول اللّه على الحكومة اللاشرعية حفاظاً على الإسلام لا لأجل الصراع السياسي ولا النزاع على السلطة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.