أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-10-2020
1626
التاريخ: 2023-07-23
1177
التاريخ: 2024-07-25
412
التاريخ: 2024-10-19
540
|
إن طبيعة المجرم المصري يمكن التحقق منها تمامًا إذا أمكن فهم الأحوال التي تختلف فيها عن المحاكمة العصرية. فالأشخاص الذين كان لهم علاقة بالقضية المنظورة أمام المحكمة هم أعضاء التحقيق والمجرمون والشهود، ولم يكن هناك أي محكمين، كما لم يكن هناك محامون لكلا الفريقين. وجماعة المحققين أنفسهم تتألف من مدعٍ وقاضٍ ومحكمين. ولم يكن هناك مجلس للدفاع، فلم يكن في مصر القديمة إذن مدافعون، فقد كان الأبرياء على ما يظهر يضعون ثقتهم في سرد قصتهم في صورة بسيطة خالية من كل تزويق ويأملون بعد ذلك في أحسن النتائج.
وهذه الأحوال لم تكن شائعة فقط في القضايا الجنائية بل كذلك في المحاكمات المدنية، وكان يوجد طبعًا في القضية حزبان: المدعي والمدعى عليه، وكان كل منهما يقوم بتسيير قضيته فيقدم الأدلة كتابة أو بإحضار شهود، وكان القاضي أو القضاة ينطقون بالحكم بعد سماع القضية.
وفي هذه الأحوال يمكن الإنسان أن يذهب إلى أن الإجراءات عند المحاكمة كانت غاية في البساطة، فالمشتبهون — وكان كثير منهم برآء كما كان يتضح ذلك بعد — كان يقبض عليهم، وفي كثير من الأحوال كان يقبض على زوجاتهم معهم. وكان يؤتى بهم واحدًا فواحدًا أمام الأعضاء المحققين، ويُسألون أسئلة من نوع معلوم.
وهذه الأسئلة كانت في معظم الأحيان يساعد الإجابة عليها نوع من التعذيب، ويلاحظ أن العلاقة الوثيقة التي توجد في العقلية المصرية بين فكرة السؤال وبين فكرة الحض على جواب صادق قد عبر عنها في اللغة المصرية ببعض جمل مثل: «يمتحن بالضرب«.
والطرق التي كانت تستعمل لحض الشاهد على الكلام ثلاث، وكلها قد ذكرت في الورقة رقم 10052 (ص5 س23، ص7 س17) وهي العصا أو فرع الشجرة (نقز) وكذلك الضرب بالفلقة (المد في الفلقة كما يعبر عنه في عصرنا).
وقد كان التعذيب من أي نوع يستمر حتى يقول الشاهد: قف، سأعترف. وبعد ذلك يتلو بيانه، فإذا وجد أنه غير مُرْضٍ ضُرب ثانية أو عذِّب، وقد يحدث أن يشفع ذلك بالضرب مرة ثالثة، وكان هذا الضرب يؤدي إلى الاعتراف عادة بالمعلومات المطلوبة، أو إذا لم يؤدِ إلى ذلك فإن هذا الجزء من المحاكمة كان ينتهي بقول الشاهد: إني لم أرها، أو بقول الكاتب الذي يسجل الشهادة: إنه لا يريد الاعتراف. وقد كان يعترف أحيانًا بغير الحقيقة من شدة ألم الضرب.
وفي كثير من الأحوال لم يذكر لنا اسم واضع الأسئلة للمسئول؛ لأنه في معظم الأحيان يعبر عنه بضمير الغائب عادة، قال واحد له: قص قصة ذهابك لمهاجمة المقابر … إلخ، وفي حالات قليلة على أية حال قد ذكر أن الوزير (الورقة رقم 10052 ص3 س18، 4 س6) أو ساقي الفرعون يضع سؤالًا، وكذلك نجد من وقت لآخر كاتبي الجبانة يضعان أسئلة، ولم يُذكرا ضمن الأشخاص الذين يؤلفون هيئة التحقيق ولكنهما كانا حاضرين بلا شك ليمثلا مصالح الجبانة (ص1 س19، ص5 س14، 17). وبالإضافة إلى التعذيب كانت توجد طريقة أخرى كان يُظن أنها ذات أثر في استخلاص الحقيقة من الشاهد أو الجاني، وذلك بحلف اليمين؛ غير أن هذه الطريقة لم تحل محل التعذيب؛ لأننا نجد في كثير من الحالات أن الطريقتين كانتا تستعملان والاسم الذي استعمل للقسم هو «حياة السيد» أي: الملك. وأصل هذه الصيغة يرجع كما هو معلوم تمامًا إلى قسم بحياة الملك، وغالبًا بحياة الإله أيضًا، مثال ذلك: بحياة «رع»، وبحياة الملك سأفعل … إلخ.
وكان يقال عند التعبير عن حلف اليمين أن الشاهد أخذ اليمين أو أن اليمين قد أعطي له، وأبسط صيغة لليمين كان يضاف لها «ألا أتكلم الكذب.» وأحيانًا نجد في ألفاظه إشارة إلى العقاب الذي يوقع في حالة الحنث باليمين، مثال ذلك: «على شرط أنه يشوه» أي: يُجدع أنفه وأذنه. ولدينا عقوبتان أخريان من نوع خاص: إحداهما الوضع على الخازوق. والثاني هو النفي إلى بلاد «كوش»، أو بعبارة أكثر تفصيلًا إلى فرقة «كوش». ومن هذا يجب أن تفهم أنه كانت توجد حامية في مكان قاصٍ مثل «كرما»، أو فرقة جنود كانوا يشتغلون عمالًا في مناجم الذهب في بلاد النوبة، وهذا هو نفس المتبع في أيامنا مع المجرمين الذي يبعثون إلى الطور وغيره من الأماكن النائية.
على أنه توجد صيغ كثيرة لحلف اليمين؛ فنجد مثلًا في الورقة رقم 10052 (ص2 س15) أن سجينًا قد نطق يمينًا بكلماته هو كالآتي: بحياة «آمون»، وبحياة الملك؛ إذا وجد أي رجل معي قد أخفيت اسمه فليوقع عليَّ عقابه … إلخ.
والأشخاص الذين حُقق معهم في هذه المحاكمات لا ينحصرون في المجرمين، بل كذلك في شهاد الجريمة، والذين تصرفوا في الأمتعة المسروقة، وكذلك الذين رآهم آخرون في جوار الأماكن أو المقابر التي اعتدي عليها أو خربت. وفي حالة أو حالتين قبض على أشخاص أبرياء (الورقة رقم 10052 ص14 س25). والظاهر أن كل الشهود، سواء أكان يعتقد أنهم مذنبون أم أبرياء، قد عوملوا جميعًا معاملة واحدة عند التحقيق معهم، وقد ضرب أكثر من شخص من المواطنين الأبرياء مرة أو أكثر من مرة قبل أن تجد لجنة التحقيق أو المحكمة أنه بريء من أية علاقة باللصوص، ثم يطلق سراحه (راجع الورقة رقم 10052 ص4 س4، ص14 س21) وإذا اتفق أن مجرمًا قد مات فإن ابنه أو زوجه كان يؤتى به أو بها للتحقيق فيما ارتكبه المتوفى (راجع «ماير A «) من جرائم.
وكذلك يمكن أن يحقق مع خادم فيما يخص سيده (الورقة رقم 10052 ص7 س2، ص10 س16).
وقد كان ضمن حيل القضاة أن يواجهوا الشهود بعضهم بالبعض الآخر. وقد كان المشتبه في أمره أحيانًا يترافع عن براءته، ويضيف إلى ذلك قوله: «دع أي رجل يتهمني أن يحضر إلى هنا.» وفي بعض الأحيان لا تجد المحكمة على ما يظهر جوابًا على ذلك، ولكن في أوقات أخرى كان يؤتى بالمتهم في الحال، ويوجه إليه تهمته، وفي حالة واحدة أحضر عدد من المساجين أمام المحكمة لأجل أن يتهم بعضهم البعض الآخر (راجع الورقة رقم 10052 ص6 س16). وفي حالة أخرى (الورقة رقم 10052، ص2 (1) س7) نجد سجينًا يطلب إحضار أحد رفاقه لأجل أن يصدق على ما قاله، فأحضر الرجل في الحال وصدق على ما أدلى به المتهم.
وكل من يقرأ المحاكمات التي في الورقة رقم 10052، وورقة «ماير A « لا يشك في أن ما جاء فيها من طرق الأسئلة يعتبر أكثر من الدرجة الثالثة بالنسبة لنا، ومع ذلك قد حصل بها على مقدار ضخم من المعلومات الصحيحة؛ وإنه لمن الصعب أن نكوِّن فكرة عن مقدار عدم نجاح هذه الطرق، فهل كانت بسبب عدم القدرة على الحصول على حقائق هامة، أو بالنسبة للحصول على بيانات كاذبة؟ وهذا ما لا يمكن الحكم به، ففي ورقة 10052 (ص14 س20–1) نقرأ عن رجل أخبر شاهدًا عليه بألا يعترف بأي شيء، وبذلك ينجيه، ولكن مما يؤسف له أن كلام المحرض قد سمع، وبلغ للمحققين، وتجد مرة واحدة لا ثانية لها (Mayer A, 6, 17) أن رجلًا عندما ووجه بأفراد كان قد اتهمهم سحب اتهامه ثم قال: «لقد قلت ذلك من الخوف.» وهذه هي أمثلة تلقي بعض الشك على قيمة الطرق التي استعملت في التحقيق، على أن القائمة الكبيرة بالمحكوم عليهم، وهي التي نجدها في نهاية ورقة «ماير A» ترى فيها شاهدًا بارزًا على مقدار مهارة الطرق التي استعملها «إسكتلنديارد» المصري للقبض على المتهمين.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|