للظهار معنى لغوي اورده العلماء اللغويون وآخر اصطلاحي ورد في اصطلاح الفقهاء وسنتناول ذلك في فرعين  وعلى النحو الآتي :

الفرع الاول

المعنى اللغوي للظهار

  الظهار من النساء يقال ظاهر الرجل امرأته ظهاراً . وتظهر وتظاهر وظهر بمعنى واحد ومنها مظاهر ، وظهاراً . إذا قال أنت علي كظهر أمي أو هي علي كظهر أمي،  وقوله تعالى (( والذين يظهرون من نساؤهم )) قرئ : يَظَّاهرون ، وقرئ : يَظَّهَّرون والاصل يَتَظَهَّرُوْنَ . وكأنت العرب تطلق نساءها بهذه الكلمة . وكأن في الجاهلية طلاقاً فلما جاء الاسلام نهى عنه وأوجبت الكفارة على من ظاهر من امرأته . وأصله مأخوذ من الظهر . وانما خصوا الظهر دون البطن والفخذ والفرج وهذه اولى بالتحريم لأن الظهر موضوع الركوب والمرأة مركوبة إذا غشيت كأنه ( اذا قال : أنت علي كظهر أمي ، أراد : ركوبك للنكاح علي حرام كركوب أمي للنكاح . فأقام الظهر مقام الركوب لأنه مركوب وأقام الراكب مقام الناكح لأن الناكح راكب ، قال إبن الاثير : قيل : أراد أنت علي كبطن أمي ، أي كجماعها ، فكنوا بالظهر عن البطن للمجاوره(1).

الفرع الثاني

تعريف الظهار إصطلاحاً

  للظهار تعريف اصطلاحي عرفه به فقهاء الشريعة الاسلامية وآخر قانوني اصطلحه عليه الفقهاء القانونيون وتضمنته قوانين الاحوال الشخصية وهذا ماسنبينه في الفقرتين الآتيتين :

أولاً : تعريف الظهار شرعاً :

  تباينت تعاريف فقهاء الشريعة الاسلامية للظهار من حيث الصياغة اللفظية إلا انها تقترب كثيراً من حيث المعنى وعلى النحو الآتي :-

1- تعريف الظهار عند الامامية :

عرف الامامية الظهار بأنه : تشبيه الزوج المكلف من يملك نكاحها بعقد دائم بظهر محرمة عليه ابداً بنسب او رضاع أو مصاهرة(2).

2- تعريف الظهار عند الشافعية :

عرف الشافعية الظهار بأنه : تشبيه الزوج زوجته في الحرمة بمحرمة(3)أو ( تشبيه الزوج زوجته غير البائن بأنثى لم تكن حلاله )(4).

3- تعريف الظهار عند الحنفية :

عرف الحنفية الظهار بانه :  (هو تشبيه المسلم زوجته أو جزء شائع منها بمحرم عليه تأييداً بوصف لايمكن زواله )(5) ، أو تشبيه المنكوحة بمحرمة على التأبيد(6).

4- تعريف الظهار عند المالكية :

  عرف المالكية الظهار بأنه :  (تشبيه المسلم من تحل أو جزئها بظهر محرم أو جزئه )(7). او  (تشبيه زوجة أو ذي أمة حل وطؤه بمحرم إياها عجز منه أو بظهر أجنبية في تمتعه بها )(8).

5- تعريف الظهار عند الزيدية:

عرف الزيدية الظهار بأنه :  0لفظ أو ما في معناه يوجب تحريم الاستمتاع يرتفع بالكفارة قبل الوطء ) . أو  (قول مكلف مختار مسلم لزوجه تحت أو تشبيهها أو جزء منها بجزء من أمه نسباً )(9).

6- تعريف الظهار عند الحنابلة :

  عرف الحنابلة الظهار بأنه : ( تشبيه امرأته أو عضو من أعضائها بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو بعضو من اعضاءها ، فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو كوجه حماتي أو يقول ظهرك أو يدك علي كظهر أمي أو كيد اختي أو خالتي من نسب أو رضاع )(10).

7-تعريف الظهار عند الظاهرية:

  تكرار تشبيه الحر أو العبد إمرأته أو أمته التي يحل له وطئها بظهر أمه (11)

  فإذا لم يكرر القول فلا شيء عليه . اما إذا كرر القول فتجب عليه كفارة الظهار وهي عتق رقبة.

ثانياً : تعريف الظهار قانوناً

  من القوانين التي عرفت الظهار قانون الاحوال الشخصية اليمني رقم 21 لسنة 1992 وقانون الاحوال الشخصية الاماراتي رقم 28 لسنة 2005 لذا سنبين أدناه تعريف الظهار في القوانين أعلاه إضافة الى موقف القانون العراقي كلاً في فقرة مستقلة:

 1- تعريف الظهار في قانون الاحوال الشخصية اليماني

عرفت المادة (90) من قانون الاحوال الشخصية اليماني رقم 20 لسنة 1992 الظهار بأنه ( الظهار قول يتم بلفظ أو ما شاكله يشبه به الرجل زوجته التي تحته بأمه نسباً أو جزء منها . ويقع الظهار صريح او كناية ويكون مطلقاً أو مؤقتاً ).

من التعريف اعلاه نستنتج مايلي:

1- يقع الظهار باللفظ ممن يستطيع الكلام والكتابة او بالاشارة من الاخرس أو الذي لايستطيع الكلام .

2-يجب ان تكون الزوجة مدخولاً بها وهذا مايستفاد من القول ( زوجته التي تحته ) ولامعتدة رجعية .

3- اشترط القانون ان يكون التشبيه بالام من النسب وهذا يعني ان الظهار لايقع لو شبه الزوج زوجته بالأم من الرضاع أو احدى محارمه كالعمة والخالة .

4- يقع الظهار حتى لو وقته المظاهر بمدة معينة كقوله ( انت علي كظهر أمي شهراً ويقع كذلك لو قيده بالاستثناء كقول المظاهر (( انت علي كظهر أمي إلا أن يأتي محمد )) او يقيده بالشرط كقوله (( إذا جاء محمد فأنت علي كظهر أمي )) وهذا ما دلت عليه المادة (90) في مقطعها الاخير (( ويقع الظهار .... أو مؤقتاً )).

  وهذا التعريف كما يبدو مأخوذ من المذهب الزيدي الذي عرف الظهار بأنه ، قول مكلف مختار مسلم لزوجه تحته أو تشبيهها أو جزء منها بجزء من أمه نسباً .

2- تعريف الظهار في قانون الأحوال الشخصية الاماراتي

  لم يعرف قانون الاحوال الشخصية الاماراتي رفم 28 لسنة 2005 الظهار في متن القانون وإنما تناول هذا الموضوع في المادتين (133) و(134) حيث اعطت المادة (133) الحق للزوجة في طلب التطليق للظهار فيما بينت المادة (134) بعض الاجراءات التي يقوم بها القاضي .

  لكن المذكرة الايضاحية لهذا القانون بينت ماالمقصود بالظهار ، حيث ورد فيها ان الظهار هو ان يشبه الزوج زوجته في التحريم بإحدى محارمه على وجه التأبيد كقوله لها : أنت علي كظهر أمي أو أختي ، أو أنت علي مثل حماتي او مثل أمي(12). ويجب ان تقترن صيغة التشبيه بالمحارم بنية التحريم لأنه لو قصد بها التكريم والبر لايقع الظهار . والملاحظ على هذا القانون أنه تعامل مع هذا الموضوع في نطاق ضيق وفي حدود القانون تاركاً المسائل الخلافية للشريعة الاسلامية وهذا فعل حسن يحمد عليه المشرع الاماراتي .

3- تعريف الظهار في قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959:

الظهار شأنه شأن الايلاء من حيث موقف القانون العراقي منه فلم يأثر أو يأتي بتعريف له وانما ترك ذلك للشريعة الاسلامية وفقاً للفقرة الثانية من المادة الاولى من هذا القانون والتي نصت على إن (( إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون )). وهنا نقول أنه نظراً لكون الاختلاف بين المذاهب الاسلامية في تعريف الظهار كبيراً نقترح ان يكون تعريف القانون العراقي للظهار هو الآتي :

الظهار هو تشبيه الزوج المكلف المختار زوجته بالتحريم بظهر من تحرم عليه على التأبيد.

_______________

1-  الجواهري ، الصحاح ،ج1 ، ص732. ابن منظور ، لسان العرب ، ج4 ، ص527 . الخليل الفراهيدي ، كتاب العين ، ج4 ، ط2 ، مؤسسة دار الهجرة ، 1409هـ ، ص38 ، ابن قتيبة ، غريب الحديث ، ج1 ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، 1408 هـ ، ص36 ، ابن الاثير ، النهاية في غريب الحديث ، ج3 ، ط4 ، مؤسسة اسماعليان ، قم ، 1364ش ، ص164.

2 -  ابن العلامة ،ايضاح الفوائد ، ج3، ط1 ، بلا مكان الطبع ، 1389هـ ، ص400 . وابن ابن فهد الحلي ، المهذب البارع، جماعة المدرسين ، قم، 1413 هـ ، ج3 ، ص520. والمحقق السبزواري ، كفاية الاحكام ، مدرسة صدر مهدي اصفهان ، بلا سنة طبع ، ص211.

3- زكريا الانصاري ، فتح الوهاب ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ج2 ،ص162. وموسى الحجاوي ، الاقناع ، ج2 ، دار المعرفة ، بيروت ، بلا سنة طبع ، ص116.

4-  الشربيني ، مغني المحتاج ، ج3 ، دار احياء التراث العربي ، 1958 ، ص352. والبكري الدمياطي ، إعانة الطالبين ، ج4 ، ط1 ، دار الفكر ،بيروت ، 1418هـ ،ص42.

5-  علاء الدين الحصفكي ، الدر المختار ، ط1 ، دار الفكر بيروت ، ج3 ، ص511. و ابن عابدين ، حاشية رد المختار ، دار الفكر ، بيروت ، 1405هـ  ، ج3، ص511.

6-  ابن نجيم المصري ،  ج4 ، ص157.

7- ابو البركات سيدي أحمد الدردير ، حاشية الدسوقي ، دار احياء الكتب العربية، بيروت ، بلا سنة طبع ، ج2 ، ص439.

8- الحطاب الرعيني ، مواهب الجليل ، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1416 هـ ، ج5 ، ص423.

9- الامام أحمد المرتضى ، شرح الازهار ، مطبعة صفاء ، 1400 هـ ، ج2 ، ص489.

10-  عبد الرحمن بن قدامه ، الشرح الكبير ، دار الفكر ، بيروت ، بلا سنة طبع ، ج8، ص555. منصور بن يونس البهوتي الحنبلي ، اكشاف القناع، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1418 هـ ، ج5، ص429.

11-  ابن حزم الظاهري ، المحلى ، دار الفكر، بيروت ، لبنان ، بلا سنة طبع ، ص55.

12-  المذكرة الايضاحية لقانون الاحوال الشخصية الاماراتي رقم 28 لسنة 2005 ، ص243.