الاساس العقلي لمبدأ علوية الشريعة الاسلامية على الاحكام المتعلقة بالاحوال الشخصية |
3143
10:09 صباحاً
التاريخ: 4-2-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-4-2019
2331
التاريخ: 11-2-2016
3833
التاريخ: 2-2-2016
3032
التاريخ: 21-5-2017
1863
|
ان الاساس العقلي الذي يقوم عليه مبدأ علوية الشريعة الإسلامية على الأحكام المتعلقة بالاحوال الشخصية قد وجهنا اليه القران الكريم في اكثر من موضع قال تعالى أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون(1) فالانسان في هذه الأرض انسان مخلوق وهذا المخلوق لم يخلق نفسه بل الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقه كما ان هذا المخلوق قد وجد لغاية فرضت عليه فرضا فلم يترك هذا المخلوق سدى قال تعالى أيحسب الإنسان أن يترك سدى ، ألم يكن نطفة من مني يمنى ، ثم كان علقة فخلق فسوى ، فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ، أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى(2) كما انه لم يكتب له الخلود في هذه الأرض فهو مخلوق لا جل معلوم فاذا جاء اجله فني وزال قال تعالى ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ، ثم إنكم بعد ذلك لميتون ، ثم إنكم يوم القيامة تبعثون(3). فالله هو الذي خلق الانسان من عدم وخلق لغاية ووضع لتنفيذ هذه الغاية منهجا ثم يميته ثم يحييه وهنا امران مهمان:
الاول: ان الله هو الذي خلق الانسان في هذه الحياة.
الثاني: ان الله سيعيد هذا الانسان في حياة غير هذه الحياة.
فالانسان (لم يخلق نفسه ولا خلق هذا الملك العظيم من حوله والذي تمثل الأرض التي نعيش عليها وحدة صغيرة بالنسبة له ... فما دام هو يخضع في حياته اللارادية لنظام هذا الملكوت ويسبح لخالقه ويتمثل لاياته الخلقية فلم لا يلتزم بحدود الله في حياته الاختيارية)(4). وحكم الله لا يقتصر على الدنيا فقط بل يمتد إلى الاخرة أيضا فكما أن الله سبحانه هو الذي ينفرد في الدنيا بوضع الأحكام فكذلك هو الذي ينفرد بحساب الناس يوم القيامة قال تعالى ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق إلا له الحكم وهو اسرع الحاسبين(5).
فهنا ثلاث امور:
الأول: ان الله هوالخالق لهذا الكون والمسيطر عليه واليه المبدأ والمعاد فاليه ترجع الخلائق في الحياة الاخرة وهذا ما وجه الباري سبحانه وتعالى العقول إلى ادراك هذه الحقائق في اكثر من موضع في كتابه العزيز فقال وقوله الحق أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده؟ إن ذلك على الله يسير. قل: سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق، ثم الله ينشئ النشأة الآخرة، إن الله على كل شيء قدير، يعذب من يشاء ويرحم من يشاء، وإليه تقلبون(6). وفي ذلك يقول سيد قطب رحمه الله (إنه خطاب لكل منكر لله ولقائه. خطاب دليله هذا الكون؛ ومجاله السماء والأرض؛ على طريقة القرآن في اتخاذ الكون كله معرضا لآيات الإيمان ودلائله؛ وصفحة مفتوحة للحواس والقلوب، تبحث فيها عن آيات الله، وترى دلائل وجوده ووحدانيته، وصدق وعده ووعيده...... وإنهم ليرون كيف يبدئ الله الخلق. يرونه في النبتة النامية. وفي البيضة والجنين، وفي كل ما لم يكن ثم يكون؛ مما لا تملك قدرة البشر مجتمعين ومنفردين أن يخلقوه أو يدعوا أنهم خالقوه! وإن سر الحياة وحده لمعجز، كان وما يزال؛ معجز في معرفة منشئه وكيف جاء... فإذا كانوا يرون إنشاء الخلق بأعينهم؛ فالذي أنشأه يعيده)(7).
الثاني: أن من له الخلق واليه المعاد لابد أن يكون له وحده حق الحكم في حياة الانسان فليس لغيره تعالى حاكمية في حياة الانسان الا بأمر اللّه، ولا يستحق أحد طاعة من الانسان الا بأمره تبارك وتعالى. قال سبحانه وتعالى إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين(8). (إن إخلاص الدين لله، وتقرير عبودية البشر له، إن هي إلا فرع من إسلام الوجود كله، وعبودية الوجود كلة لسلطانه.. وهذا هو الإيحاء الذي يستهدف المنهج القرآني تقريره وتعميقه في القلب البشري.. فإن الله الذي خلق هذا الكون المشهود في ضخامته وفخامته. والذي استعلى على هذا الكون يدبره بأمره ويصرفه بقدره..... هو الذي يستحق أن يكون رباً. يربي بمنهجه، ويجمع بنظامه، ويشرع بإذنه، ويقضي بحكمه.. إنه هو صاحب الخلق والأمر.. وكما أنه لا خالق معه. فكذلك لا آمر معه..)(9). وكما أن خلق الله لهذا الكون يستلزم الاستسلام له فكذلك رجوع ما في هذا الكون إلى الله يستلزم نفس النتيجة وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم، وهو أسرع الحاسبين(10). وتصور المسلم للأمر على هذا النحو الذي توحي به أصول عقيدته في الحياة والموت والبعث والحساب، كفيل بأن ينزع كل تردد في إفراد الله سبحانه بالحكم -في هذه الأرض- في أمر العباد.. إن الحساب والجزاء والحكم في الآخرة، إنما يقوم على عمل الناس في الدنيا؛ ولا يحاسب الناس على ما اجترحوا في الدنيا إلا أن تكون هناك شريعة من الله تعين لهم ما يحل وما يحرم، مما يحاسبون يوم القيامة على أساسه. فأما حين يحكم الناس في الأرض بشريعة غير شريعة الله؛ فعلام يحاسبون في الآخرة؟ أيحاسبون وفق شريعة الأرض البشرية التي كانوا يحكمون بها؛ ويتحاكمون إليها؟ أم يحاسبون وفق شريعة الله السماوية التي لم يكونوا يحكمون بها؛ ولا يتحاكمون إليها؟ إنه لا بد أن يستيقن الناس أن الله محاسبهم على أساس شريعته هو لا شريعة العباد. وانهم إن لم ينظموا حياتهم، ويقيموا معاملاتهم -كما يقيمون شعائرهم وعباداتهم- وفق شريعة الله في الدنيا ، فإن هذا سيكون أول ما يحاسبون عليه بين يدي الله. وانهم يومئذ سيحاسبون على أنهم لم يتخذوا الله -سبحانه- إلها في الأرض؛ ولكنهم اتخذوا من دونه أربابا متفرقة)(11). وإذا كان الخلق لله والمعاد إلى الله وان حق التشريع والحاكمية له سبحانه لزم أن تسير علاقات الانسان ضمن الحدود التي حدها الله سبحانه وتعالى في المنهج الذي وضعه لبني البشر وهذا يستلزم علوية الشريعة الإسلامية على جميع الأحكام التي تنظم حياة البشر ومن ضمنها الأحكام المتعلقة بالاحوال الشخصية هذا ما يؤمن به أو يفترض أن يؤمن به كل مسلم وهذا الاساس.
___________________________
[1]- سورة المؤمنون / 115ـ118.
2- سورة القيامة / 36 – 40.
3- سورة المؤمنون / 12 –16.
4- ينظر دانا احمد، لمن حق التشريع لله ام للانسان، مجلة الايمان، العدد 3، السنة الاولى، 1421هـ، مطبعة زيان، اربيل، ص112 .
5- سورة الانعام / 62.
6- سورة العنكبوت / 19 - 20.
7- ينظر سيد قطب، المرجع السابق، 6/400-401.
8- سورة الأعراف / 54.
9- ينظر سيد قطب، المرجع السابق: 3/523-526.
0[1]- سورة الانعام / 62.
1[1]- ينظر سيد قطب، المرجع السابق: 3/267-268.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|