المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المختلعة كيف يكون خلعها ؟
2024-11-01
المحكم والمتشابه
2024-11-01
الاستجابة اللاإرادية الجنسية للماشية sexual reflex
2024-11-01
المحاجة في الدين وتوضيح العقيدة
2024-11-01
الله هو الغني المقتدر
2024-11-01
الله تعالى هو الحاكم المطلق
2024-11-01

المنحنى القياسي
2024-02-11
عبيد اللّه بن موسى العلوي
24-8-2016
ما هي ثمرات علو الهمة ؟
4-6-2022
حركة الرده
22-4-2021
Ionic material
10-5-2020
مدير المدرسة : الأدوار والمهمات-1
15-4-2018


اســس المــيراث  
  
10242   01:41 صباحاً   التاريخ: 2-2-2016
المؤلف : حسن نعمة ياسر الياسري
الكتاب أو المصدر : الحقوق المتعلقة بالتركة بين الفقة الاسلامي والقانون المقارن
الجزء والصفحة : ص183-190
القسم : القانون / القانون الخاص / قانون الاحوال الشخصية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-4-2019 10973
التاريخ: 28-5-2017 6132
التاريخ: 1-2-2022 4915
التاريخ: 24-5-2017 3441

ان لكل نظام اسسه التي يقوم عليها ، ومن هذه النظم نظام الميراث ، حيث ان لهذا النظام في الشريعة الاسلامية اسسه التي يتميز بمجموعها عن رأي نظام اخر ، ويمكننا القول بدون ان نجانب الصواب ان نظام الميراث في الاسلام يعد من خير ما عرفته الانسانية من نظم المواريث في قديم الزمان وحديثه ، وليس ذلك بغريب ، اذ هو من تشريع رب العالمين ، وخالق الخلائق اجمعين . وعلى العموم فانه يمكن اجمال هذه الاسس بالاتي :

الاساس الاول :

ان نظام الميراث الاسلامي هو من تشريع الله سبحانه وتعالى :

لقد استأثر الباري عز وجل ببيان المستحقين للتركة والتوزيع عليهم ، اذ ليس بمقدور المورث او أي شخص كان ان يعين الورثة او ان يحدد نصيب كل وارث ، وذلك من فضل الله سبحانه علينا ، اذ لو جعل ذلك للانسان لوقع تحت تأثيرات العواطف والاهواء والميول ،اقتصاديةً كانت او اجتماعيةً او سياسية، وذلك ما يقود بالنتيجة الى وقوع الحيف والظلم على بعض الطوائف(1) . مما يكون له بالتالي اكبر الاثر في اثارة الاحقاد والضغائن بل ووقوع الجرائم ، مما يؤدي بالنتيجة الى عدم الاقتناع بالتشريع ومحاولة التخلص منه بأية وسيلة كانت . وكذا الحال لو ترك امر الميراث بلا تشريع واعطي المورث الحرية في التصرف في ماله كيف يشاء لأفضى ذلك بالضرورة الى تفتيت المال وتوزيعه توزيعاً غير عادل في الغالب ، ذلك ان الانسان لا يرى المصلحة التي يراها الخالق عز شأنه الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور(2) .

الاساس الثاني :

انه نظام اجباري :

لقد تقدم القول ان الميراث هو عبارة عن خلافة اجبارية للوارث في تركة مورثه ، وبناءاً على ذلك لا يكون بوسع شخص ان يوزع تركته كما يشاء ويهوى ،كما نعرف عن نظم الميراث في بعض القوانين الوضعية التي تجيز للمورث(3) .  ان يوزع في حياته كل ما يملك على من يشاء ، كما ان له ان يحرم اسرته حتى اقرب الناس اليه  من ان ينالهم شيء من تركته بعد وفاته .

اما الاسلام فانه جعل الوراثة في ثلثي التركة امراً اجباراياً ، سواء اراد المورث ام لم يرد ، وسواء اراد الوارث ذلك ام لم يرد . اما الثلث فقد جعل من حق المورث ان يوصي به لمن يشاء وله ثوابه من الله حين يوزعه حيث شاء ، وفي هذا حكمة جليلة ، فأن المورث بذلك يتدارك ما قد يكون فاته من واجبات دينية ، ولعله يواسي بهذا الثلث محتاجاً او قريباً ليس له نصيب في الميراث ، او ان يمد به جهة خيرية تحتاج للمعونة في المجتمع الذي يعيش فيه . وكذلك فان الوراثة بالنسبة للوارث اجبارية ، اذ ليس له ان يرفضها ، ولكنه مع هذا الحق يضار مطلقاً بكونه وارثاً ، فانه لن يلزم بشيء من الديون اذا لم تف بها التركة .  وهذا بخلاف القانون الفرنسي الذي جعل للوارث ( كما سيتضح فيما بعد ) الحق في الخيار بين قبول الوراثة او رفضها ، فاذا قبلها صراحة او ضمناً صار ملزماً بجمع ديون التركة وان لم تف بها جميعها ، وذلك نظير قبوله حق الوراثة . وفي هذا ضرر قد يحيق بالوارث لم يكن يتوقعه ، وهذا ما تفادته  الشريعة الاسلامية بجعل الوارث غير ملزم بديون التركة الا بمقدار ما تفي به منها . والشواهد على كون الميراث اجبارياً في الاسلام كثيرة منها قوله تعالى : ( نصيباً مفروضاً )(4) . أي مقطوعاً وقوله عز من قائل : ( فريضةً من الله )(5) . أي امراً وحكماً مفروضاً من الله سبحانه ، وما الى ذلك .

الاساس الثالث :

انه نظامٌ قائم على الولاية والنصرة  :

لقد نص القرآن الكريم على اعتبار الولاية بالاسلام والهجرة في سبيل الله تعالى تحقيقاً لما كان يرمي اليه اول الامر من تكوين امة اسلامية ترتبط اجزاؤها برباط متين ، وكانت رابطة الولاية هذه هي المناط في النصرة والارث ، لتحقيقهما بوجودها وانعدامهما بانقطاعها ، فلا تناصر ولا توارث بين المؤمن المهاجر وغيره ممن لم يؤمن او امن ولم يهاجر، ثم صارت الولاية بعد ذلك للأقرب فالأقرب ، لقوله تعالى : ( واولو الارحامِ بعضُهم أولى ببعضٍ في كتابِ الله إنَّ الله بكل شيءٍ عليم )(6) . واذا كان الاسلام لم يبطل ولاء العقد المعروف بولاء الموالاة او لا ولاء تضمن الجريرة(7)، على رأي فريق الفقهاء(8) .لقوله تعالى : ( ولكلٍ جعلنا مواليَ مما تركَ الوالدان والاقربون ، والذين عقدت ايمانكم فآتوهم نصيبهم )(9)  . فانـه عدَّ ولاء العتق سبباً لوراثة المعتِق ( بكسر التاء ) للعتيق لقولة ( ص ) : ( الولاء لمن اعتق )(10) . وابطل الاسلام التبني ولم يجعله سبباً للميراث بقوله تعالى : ( وما جعلَ ادعياءَكُم ابناءكُم ذلكم قولُكم بأفواهِكُم  والُله يقولُ الحقَ ويهدي السبيل  أدعوهُم لآبائهم هو اقسطُ عندَ الله فأن لم تعلموا آباءَهم فأخوانُكم في الدينِ ومواليكم )(11) .  لهذا فقد انحصر الارث في القرابة والزوجية والولاء ، ولان هذه الاسباب هي اصل الولاية وعماد النصرة بين المتوفى والاحياء الذين يرثونه . فأقرب الناس الى الانسان هم فروعه واصوله وعصبته الذين ينتمون اليه بجهة الاخوة والعمومة . فهولاء هم الذين يكونون عوناً له في كل ما ينوبه ، بهم يشد ازره وبهم يحيا ذكره . اما زوج المرء فهو موضع ثقته وشريك حياته . ومولى العتاقة هو رمز المعروف الذي لا ينسى فضل من اعتقه وانعم عليه بالحرية ، يبقى اميناً قائماً على وده ذلك ان ( الولاء لُحمه كلحمة النسب )(12) . وعلاوةً على ما ذكر تظهر اهمية وقيمة هذا الاساس ايضاً عند وجود مانع من موانع الميراث ، كالقتل واختلاف الدين ، فالذي اعتدى على مورثه بقتله لا يرثه ، ولو كان اقرب الناس اليه ، والمسلم وغير المسلم لا يتوارثان ولو كان احدهما ابناً للاخر(13)، كما لا يتوارث غير المسلمين بعضهم من بعض اذا اختلفت الدار وكان بعضهم يستحل قتال الاخر ، والسبب في ذلك كله هو انعدام النصرة والولاية ، في حين نجد ان المسلمين يتوارثون مهما اختلفت ديارهم ودولهم ومذاهبهم ،وذلك لوجود الموالاة والتناصر(14).

الاساس الرابع :

الميراث للأقوى قرابةً وصلةً :

الميراث هو خلافة الوارث لمورثه في حاله ، وهو يقتضي توزيع ما كان للميت حال حياته على اشخاص اخرين ، ولهذا كان من الطبيعي ومن العدالة ان يكون هذا الميراث للأقرب فالأقرب من المورث المتوفى ، لذلك جُعل الميراث في دائرة الاسرة ، وانه لابد لثبوت الارث من قرابة حقيقية او حكمية او زوجية ، وجُعل الاقرب يحجب الابعد ،وقُرر اعطاء كل من الزوجين حقه وذلك للصلة القوية التي تجمعهما ، وما كان يشتركان فيه من أعباء وتكاليف تفرضهما الحياة عليهما ، وما كان يسودهما من تعاون متبادل . لذا فأن الزوجة لم تحرم من الميراث في الاسلام ، بل انها لا تحجب بأي وارث كان مهما كانت صلته او قرايته ، وهذا بخلاف ما ذهبت اليه الشريعة اليهودية التي تحرم الزوجة من الميراث ، وكذا الحال فأن الاب لا يحرم من الميراث اذا كان له ابن على قيد الحياة ، خلافاً للشريعة اليهودية والقانون المدني الفرنسي(15). وفي مقابل ذلك فأن الولد المتبنى لا يرث في ضوء الشريعة الاسلامية لأن التبني ليس بنسب حقيقي ، لذا فأن الاسلام قد ابطل هذا النظام(16). وكذلك لا يرث الولد حسب الشريعة الاسلامية الا اذا كان ثمرة زواج شرعي صحيح ، لان لا قرابة حقيقية بينه وبين مورثه ، فضلاً عن كون هذه الولادة انما هي ثمرة جريمة وليس اثراً من اثار عقد الزواج الصحيح . في حين اننا نرى ان كلاً من الولد المتبنى والولد غير الشرعي يرثان في ضوء القانون الفرنسي ، بل ان المتبنى في ضوء هذا القانون يكون كالولد النسبي(17). سواء بسواء(18).

الاساس الخامس :

إنه نظام قائم على ملاحظة الحاجة :

لقد كان من المنطقي ان يكون من اسس الميراث في الشريعة الاسلامية ملاحظة مظنة حاجة الاقارب بصفة عامة مع قرب صلة القرابة ايضاً ، ولهذا لم يحرم من الميراث جنس النساء لان المرأة وهي ضعيفة بطبيعتها قد تكون اشد حاجة للعون من الرجل ، وذلك بخلاف ما كان عليه الحال عند العرب في الجاهلية حين كانوا يذهبون الى ان المرأة لا ترث ، ذلك انها لا تطيق القتال ولا تحوز الغنيمة . وبخلاف ما عليه الشريعة اليهودية من عدم توريث المرأة بصفة عامة ، سواء اكانت بنتاً ام اماً ام اختاً للمتوفي اذا كان له ابن او اب او قريب اخر من الذكور كالاخ والعم ، كما لاترث الزوجة شيئاً من تركة زوجها، في حين يكون له وحده كل ما تتركه .  ولاجل هذه الحاجة ايضاً كان التفاضل في الميراث بين الذكر والانثى ، اذ نلاحظ ان الانثى في بعض الحالات ، تأخذ نصف نصيب الذكر ، في حين اننا نجد ان القانون الروماني والقوانين الحديثة التي اخذت عنه مثل القانون الفرنسي قد ساوت بينهما (19).  ولربما كانت هذه المسألة " التفاضل في الميراث بين الذكور والإناث " هي من المسائل التي كانت محل نقد على الاسلام من قبل البعض قديماً وحديثاً ، ولا يبدو ان الظرف هنا مناسب للخوض في هذه المسألة تعريفاً ومناقشةً ورداً ، ولكن هذا لا يمنع من اثارة قول موجز قدر الامكان . هنالك مساواة ،وهنالك عدالة ، والذي ينشده البشر ويسعون الى تحقيقه دائماً هو العدالة ، سواء كانوا افراداً او احزاباً او دولاً او منظمات دولية ، فالعدالة هي الغاية المنشودة ، وما المساواة الا سبيل من سبل العدالة ، فقد تفضي المساواة الى تحقيق العدالة احياناً ، ولكنها قد تكون عقبة في طريق العدالة احياناً اخرى ، اذ ليس من العدل والمنطق ان نساوي في الراتب مثلاً بين الحارس او البستاني من جهة والاستاذ الجامعي من جهة اخرى ،وبين الكاتب في المستشفى والطبيب ، وهكذا مما لايحتاج الى افاضة . يترتب على ذلك ان اعطاء سهم للأنثى يتساوى مع سهم الذكر ، انما يحقق المساواة لكنه لا يحقق العدالة . ذلك ان هنالك اختلافاً بين اعباء الذكر والانثى في التكوين العائلي ، وفي النظام الاجتماعي ، في ضوء ما يفرضه التشريع الاسلامي ، اذ يفرض هذا التشريع على الرجل تحمل اعباء الاسرة المالية ، من مهر ونفقة وغيرها ، وسواء كان ذلك الانفاق على الزوجة او الاولاد او الاقارب المحتاجين ، بل ان على الاخ اعالة اخته والقيام بشؤونها ، وفي عين الوقت فأن المرأة معفية من تحمل الاعباء المالية ، اذ نفقتها على ابيها ان لم تتزوج ، واذا تزوجت كانت على زوجها حتى وان كانت غنيةً وزوجها فقير ، وان طلقت او ترملت فنفقتها على اقرب اوليائها ان كانت محتاجة . فهي على كل حال امرأة مصونة وانسانة مكرمة ، منحها الاسلام هذا الحق حفظاً لعفتها وصوناً لكرامتها ، ولكي تكون ركيزة لا سرة صالحة . فكان من العدل والحال هذه ان يضاعف نصيب الذكر من الميراث مقابل هذه الاعباء والتكاليف ، ولا اجحاف بحق الانثى بأخذها نصف نصيبه ، اذ انها تأخذ ذلك النصف صافياً مبرأً من أي التزامات ، تأخذه لتصرفه كيف شاءت على من شاءت ، وهو يأخذ نصيبه ليصرفه عليها ( الزوجة ) وعلى اولاده المكونين للأسرة ، وعلى من تجب نفقتهم عليه شرعاً من اقربائه ، وقد تكون هي واحدة منهم . فالمسألة هنا مسألة حساب لا مسألة عواطف ، وبلغة الحساب والارقام ايهما يصيب من المال اكثر بعد ذلك ؟ هذا كله من جانب ، ومن جانبٍ اخر ، فان المسألة ليست على اطلاقها ، معنى ذلك ان الانثى لا تأخذ النصف دائماً ، وانما تأخذه فيما لو كانت بنتاً او اختاً ، وهنالك حالات تأخذ الانثى حصة مساوية للذكر وربما اكثر ، من ذلك مثلاً :

1-اذا كان للمتوفى فرع وارث من الذكور – ابن او ابن ابن – وكان ابواه حيين فأن كلاً منهما "الأبوان" يرث سدس التركة ، ولا فرق هنا بين الاب – وهو ذكر – والام – وهي انثى –(20).

2-اذا توفى المورث ولم يكن في ورثته اصل ذكر كالأب او الجد ، ولا فرع وارث من ذكر او انثى ،وكان له اخوة من امه ، ذكوراً او اناثاً او ذكوراً و اناثاً معاً ، فأن هؤلاء الاخوة سيرثونه ويكون نصيب الاخت – وهي انثى – متساوياً مع نصيب الاخ – وهو ذكر ، ولا فرق بينهما(21) . وهكذا نجد انه في هذه الحالات استوت الانثى مع الذكر في النصيب ، وهذا دليل قاطع على ان التفضيل بينهما في الاحوال الاخرى ليس بسبب الذكورة او الانوثة ، وانما هو لأسباب موضوعية اخرى لا علاقة لها بجنس الوارث . واما اختلاف النصيب بين الذكر والانثى من الاولاد واولاد الابناء ،فسببه ان الذكر من هؤلاء في الغالب تكون له مساهمة كبيرة في وجود ثروة ابيه وتنميتها ، فهو الذي يعمل معه في مصنعه او متجره او ارضه منذ نعومة اظفاره ، وهو الذي يقوم بأعباء ما فيه مشقة من الاعمال ، وربما تعرض لكثير من الاخطار جراء ذلك ، ولربما لا يخصه ابوه بشيء من العوض عن ذلك ، بينما تكون اخته – في الغالب – في بيت ابيها معززة مكرمة ، يكفيها ابوها كل ما تحتاج اليه ، ولا تكلف بشيء من الاعباء التي يكلف بها اخوها ، وان كلفت بخدمة المنزل وما تحتاج اليه ، فهو لا يقابل تلك الاعباء ، ( اما ما قد يوجد في بعض المجتمعات من ارهاق الانثى بالأعمال فإنه بخلاف الاصل وشذوذٌ عن اصل تعاليم الاسلام )(22) . اذاً فالغاية الاساسية التي ينشدها التشريع الاسلامي ،بل وكل تشريع ،هي العدالة ، والعدالة لا تستلزم المساواة دائماً كما تقدم . 

الاساس السادس :

توزيع التركة توزيعاً عادلاً وعدم تجميعها :

ان التشريع الاسلامي المتعلق بالميراث يحاول ان يوزع تركة المتوفى بين افراد اسرته بالعدل والقسطاس المستقيم ، طبقاً للاسس المذكورة انفاً ، وتحقيقاً للحكم الجليلة من تشريع هذا النظام الالهي ، فهو لا يبيح للمورث محاباة وارث بأعطائه اكثر من نصيبه الشرعي ،ولا يعطي الابن الاكبر ضعف ما يأخذه اخوه الاصغر منه ، كما هو الامر عند اليهود ، ولا يحصر التركة في يد الابن الاكبر كما كان عليه الحال عند اليونان وعرب الجاهلية الذين يعطون الميراث لأرشد الذكور ممن يركب الفرس ويدافع عن الحرمة ،ويمنعون النساء مطلقاً والصغار من الميراث .

وبعد ذلك يحرص الاسلام على ان يكون توزيع التركة توزيعاً عادلاً دون حيف او شطط . توزيعاً ينسجم مــع القاعدة القائلة ( المعونة على قدر المؤنة ) ولغرض توزيع التركة بشكل اكبر فأن الاسلام حرص على ان يعطي بعض الاشخاص جزءاً من الميراث لقوله تعالى : ( واذا حضرَ القسمةَ اولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهُم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً )(23) (24). هذه هي اهم الاسس للتشريع الاسلامي في الميراث وليس كلها ،اذ ان هنالك اسساً اخرى يمكن اضافتها لكننا اقتصرنا على الاهم . وبهذه الاسس التي يمتاز بها التشريع الاسلامي في الميراث تتحقق العدالة ولا يكون للتباغض والحقد والحسد وما الى ذلك سبيل الى قلب فرد من افراد الاسرة إلا من كان مريضاً ، مادام كل منهم يحس احساساً صادقاً عميقاً بانه لم يظلم شيئاً من نصيبه الذي اعطاه اياه المشرع الحكيم عز شأنه ، وبذلك تبقى الاسرة متماسكة ومتعاونة فيما بينها .

__________________

1- يقول عز من قائل في محكم التنزيل : ( قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي اذاً لامسكتم خشية الانفاق وكان الانسان قتوراً ) . سورة الاسراء/ الاية 100

2- يقول تبارك وتعالى في كتابه الحكيم : ( اباؤكم وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم ونفعاً فريضةُ من الله ان الله كان عليماً حكيماً ) سورة النساء / 11 وهنالك اية اخرى بنفس الصدد تؤكد عدم علم الانسان بما كان وبما سيكون ، مما يترتب عليه عدم امكان قيامه بسن تشريع يكفل له السعادة اكثر مما شرعه عالم السر والنجوى ، يقول تعالى : ( ان من ازواجكم واولادكم عدواً لكم فأحذروهم ) سورة التغابن / الاية 46 وكقوله تعالى : ( فأنجيناه واهله الا امرأته كانت من الغابرين ) سورة الاعراف / الاية 83 ، فاذا كان الانسان جاهلاً بأن عدوه الاساس هو ابنه او زوجته ، فهو بمعرفة غيره من الاعداء اكثر جهلاً ، وهلم جراً .  

3- محمد يوسف موسى ، الميراث في الشريعة الاسلامية ، ص438 . 

4- سورة النساء / الاية 7 .

5- سورة النساء / الاية 11 .

6- سورة الانفال / الاية 75 وكذا في سورةٍ اخرى : ( واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا ان تفعلوا الى اوليائكم معروفاً ) سورة الاحزاب / الاية 6 .

7- ولاء ضمان الجريرة : هو عبارة عن ولاية تحصل بين شخصين بسبب عقد يتوافقان عليه بهذه العبارة يقول المضمون : ( عاقدتك على ان تنصرني ، وتدفع عني ، وتعقل عني ، وترثني ) فيقبل الضامن ذلك . ويشترط في المضمون ان لا يكون له وارث نسبي ، واذا كان الضمان من الطرفين فيشترط عدم الوارث النسبي فيهما ، ينظر : محمد كلانتر ، تعليق على الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج8 ، منشورات جامعة النجف الدينية ، ط1 ، 1965 ، ص24 .

8- وهم فقهاء الحنفية وفقهاء الشيعة الامامية .

9- سورة النساء / 33 .

10- رواه البخاري ، الصحيح ، ج2 ، ص135 ، وابن ماجه ، السنن ، ج1 ، ص671 ، والترمذي ، السنن ، ج3 ، ص925 ، والنسائي ، السنن ، ج6 ، ص162 ، وكذا ورد بطرق الامامية ، ينظر : الكليني ،الكافي ، ج5 ، ص486 ، الصدوق ، من لا يحضره الفقيه ، ج3 ، ص134 ، الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ج21 ، ص162 ، الميرزا النوري ، مستدرك الوسائل ، ج17 ، ص204 .

11- سورة الأحزاب/الآية 5 .

12- اللُحمة هي القرابة ، ومعنى هذا ان الرسول ( ص ) قد شبه الولاء لقوته ، بالنسب الحقيقي ، وهذا الحديث هو حديث نبوي شريف ، ينظر : البيهقي ، السنن الكبرى ، ج6 ، ص240 ، الهيثمي ، مجمع الزوائد ، ج4 ، ص231 ، الشافعي ، المسند ، ص338 ، الحاكم النيسابوري ، المستدرك ، ج4 ، ص241 ، وقال عنه ( حديث صحيح الاسناد ) وورد بطرق الامامية ، ينظر : الصدوق ، من لا يحضره الفقيه ، ج3 ، ص133 ، الطوسي ، الاستبصار ، ج4 ، ص24 ، الطوسي ، تهذيب الاحكام ، ج8 ، ص255 ، الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ج23 ، ص75 .

13- هذا على وفق رأي جمهور الفقهاء ، اما على وفق رأي فقهاء الامامية ، فأن غير المسلم لا يرث المسلم اتفاقاً مع الجمهور ، ولكن المسلم يرث غير المسلم ، لان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ، ولكلٍ دليله، سنتعرض اليه في الابحاث اللاحقة ان شاء الله .

14- محمد يوسف موسى ، الميراث في الشريعة الاسلامية ، ص437 ، احمد محمد علي ، مصدر سابق ، ص307 .

15- د .محمود محمد حسن ، أحكام المواريث ، مؤسسة دار الكتب ، ط2،1984،الكويت ،ص23-25 .

16- لقد تمت الاشارة الى ذلك سابقاً .

17- يعبر بعض الكتاب عن الولد الشرعي بالولد الحقيقي في قبالة الولد المتبنى ، بيد اني آثرت تسميته بالولد النسبي لانها اكثر دقةً واكثر دلالةً . 

18- تنظر : المادة ( 356 ) من القانون المدني الفرنسي .

19- احمد علي الخطيب ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، ج2 ، ص10 .

20- يقول الباري عز وجل : ( ولابويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك ان كان له ولد ) سورة النساء / الاية 11 .

21- يقول تعالى : ( وان كان رجلٌ يورث كلالةً او امرأةٌ وله اخٌ او اختٌ فلكل واحدٍ منهما السدس فأن كانوا اكثر من ذلك فهم شركاءُ في الثلث ) سورة النساء / الاية 12 ، بمعنى اذا كانوا اكثر من اخ واخت فانهم يرثون ثلث التركة ، ويقتسمونه بينهم بالسوية للذكر مثل ما للأنثى ، لان هذا هو معنى الشِركة والتشريك، والكلالة هو الوارث الذي ليس بأصل ولا فرع .

22- مستهلة من مقالة منشورة على الانترنيت ، موقع صوت المواطن العربي .

23- سورة النساء / الاية 8 .

24- ينظر : محمد حسين الطبطبائي الحكيم ، الميزان في تفسير القرآن ، ج4 ، ص229-231 ، محمد كلانتر ، تعليق على الروضة البهية ، ج8 ، ص16-17 ، احمد علي الخطيب ، مصدر سابق ، ص12 .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .