المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
مسائل في زكاة الفطرة
2024-11-06
شروط الزكاة وما تجب فيه
2024-11-06
آفاق المستقبل في ضوء التحديات
2024-11-06
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / حرمة الربا.
2024-11-06
تربية الماشية في ألمانيا
2024-11-06
أنواع الشهادة
2024-11-06

المشكلات الحضرية - مشكلة فقدان أماكن الترويح والاستجمام
2-3-2022
الامتناع عن المنافسة غير المشروطة
17-3-2016
آراء حول الحرية
24-4-2022
Preparation of Alkynes from Alkenes
20-7-2019
Modular Arithmetic
5-2-2016
Phospholipid Structure
12-10-2021


ميول الشاب إلى العواطف الانسانية  
  
1001   02:15 صباحاً   التاريخ: 2023-05-10
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص46 ــ 50
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

إن من واجب المربين أن يجهدوا في سبيل الإبقاء على الميول الفطرية الأخلاقية حية في وجدان الشبان وتعزيز وتقوية حب الجمال المعنوي في باطن الشاب، وأن يحولوا دون سقوط قيم الطهارة والفضيلة من ضمير الشبان مما يؤدي بهم إلى الانحراف عن طريق الأخلاق والسجايا الإنسانية.

إن الميول الفطرية الأخلاقية لدى الشباب تمثل استعدادهم للانشداد نحو الطهارة والعفة والإحسان، لكنهم إذا ما عاشوا في بيئة فاسدة منحطة وتربوا تربية خاطئة، فإنهم سينحرفون لا محالة عن الطريق السوي نحو الرذيلة والفساد .

(إن المناداة بالقيم الأخلاقية لا تعني إطلاقاً أن يكون تصرف الشاب نابعاً من التقوى والفضيلة، بل المقصود منها هو أن الشباب أكثر حساسية للانجذاب نحو الطهارة والإحسان  والشاب في الوقت الذي سيكون فيه فيما بعد مستعداً لإقامة حياة أخلاقية ، يكون أيضاً قابلاً للانعطاف نحو الفساد والرذيلة).

ونستنتج من بحثنا هذا أن طراوة وعذوبة عهد الشباب هي من المظاهر العظيمة للجمال الطبيعي ، فحلاوة هذه المرحلة من العمر تزيد من جمال الشباب وتعزز مكانتهم في قلوب الناس. وعندما يعمد الشبان إلى تزيين أنفسهم بتصفيف الشعر والتطيب وارتداء أجمل الثياب ويخلطون بين هذا الجمال المصطنع وجمالهم الطبيعي، فإن محبتهم في قلوب الناس ستتضاعف وتزيد.

إن الجمال لا يكون متكاملاً إلا عندما يكون الشبان متحلين بجمال الروح والصفات الأخلاقية إلى جانب جمالهم الطبيعي والمصطنع ، ومثل هؤلاء يكونون محبوبين لدى الناس ومعززين مكرمين في كل مكان .

قيمة جمال الروح :

إن الجمال الباطني والمقصود هنا جمال الروح هو أعظم منزلة عند الناس من الجمال الطبيعي والظاهري. ومن هذا المنطلق فإن شاباً جميلاً يملك مظهراً يتسم بالجمال الطبيعي والمصطنع ، إذا كان يفتقد للجمال المعنوي ، وإذا كان خائناً أو مجرماً ، فإن الناس سوف لا ينبهرون بجماله الظاهري ، وينظرون إليه نظرة نفور وكراهية ، ويبعدونه عنهم بسبب خيانته ورذالته .

لقد جاء أولياء الله والإسلام بهدف عظيم في مجال تربية جيل الشباب ، وهذا الهدف يقضي بجعل الشباب يتمتعون بجمال معنوي إلى جانب جمالهم الظاهري، ويتحلون بالصفات الأخلاقية والإنسانية، وذلك تدعيماً لأسس سعادة الإنسان في كل مراحل حياته. ولكي يدرك الشباب قيمة الجمال المعنوي والجمال الروحي ، ويعرفوا موجبات سعادتهم في الدنيا ويتزينوا بالفضائل والسجايا الأخلاقية، لا بد من ذكر مثل بسيط يسهل إدراكه على جميع طبقات الناس:

إن الأزهار على مختلف أنواعها تستقطب بعطرها ولونها اهتمام الناس وخاصة عشاق الجمال. ويقوم باعة الأزهار بترتيبها في مجموعات وربطها بأشرطة ملونة ظريفة تزيد من جمالها ، ثم يضعون هذه المجموعات من الأزهار في مزهريات جميلة أيضاً ، ويأتي عشاق الجمال ليشتروها بأسعار لا بأس بها ويزينون بها منازلهم ومكاتبهم وموائدهم، ليمتعوا انظارهم الجمال الطبيعي للأزهار وكذلك ما ادخل عليها من جمال مصطنع .

إن الزهرة التي لها رائحة زكية وتلك التي تفتقد لمثل هذه الرائحة لهما جمال واحد يلفت أنظار الناس ويجعلهم يقتنونها ويزينون بها منازلهم ليتمتعوا بالنظر إليها. أما الزهرة التي لها رائحة زكية إلى جانب جمالها الطبيعي فإن لها شعبية أكبر، والناس يظهرون تعلقاً أكثر بها ، لأنها تمتع بجمالها ناظريهم من جهة، وتزكي رائحتها مشامّهم من جهة اخرى. ولكن إذ كانت الزهرة تملك رائحة كريهة وغير مرغوب فيها تؤدي بمن يتنشقها إلى الإصابة بألم في الرأس وحالة الغثيان ، فإنها لن تكون عزيزة أبداً لدى الناس الذين ينفرون من مثل هذه الأزهار ويغضون الطرف عن جمالها الظاهري ، ولا أحد يرضى بتزيين منزله أو مكتبه أو مائدة طعامه بمثل هذه الزهور ذات الرائحة الكريهة.

والشباب في حديقة الحياة أشبه ما يكونون بالزهور الجميلة في أوائل تفتحها ، ولهذا فهم يستأثرون بسبب جمالهم الطبيعي باهتمام وحب الناس . إن التجمل والتزين لدى الإنسان من تصفيف للشعر إلى ارتداء أجمل الملابس وكل ما يدخل في إطار التجمل الظاهري يعتبر كالأشرطة الملونة والجميلة التي تزين بها الأزهار، وهو ما يزيد من جمال الشبان ويعزز من مكانتهم في قلوب الناس ، أما الصفات الحسنة والسيئة والأخلاق الحميدة والذميمة لدى الشباب فهي بمثابة الرائحة الزكية والكريهة لدى الزهور.

الشاب الفاضل:

إن الشاب الذي يتمتع بصفات أخلاقية وإنسانية من طهارة وإيمان وصدق وأمانة وتضحية وإيثار وغيرها من الملكات الحميدة يكون محبوبا وسط المجتمع ، فهو يتمتع بالجمالين الظاهري والباطني أو المعنوي ، ولذلك يكن له الناس كل حب واحترام. ومثل هذا الشاب هو كتلك الزهرة الجميلة ذات الرائحة الزكية التي تفتن الناس وتجعلهم يتناولونها من يد إلى يد تعلقاً شديداً بها ويسعون إلى المحافظة عليها .

هناك بعض الشباب من الذين يفتقرون إلى الصفات الحميدة والسجايا الأخلاقية ، لم يتأثروا بعد بالصفات الدنيئة والمساوئ الأخلاقية ، هؤلاء إذا لم يخدموا الناس فإنهم لا يخونونهم أيضاً، وإن لم يصل خيرهم للناس فإن شرهم أيضاً لن يطال الناس ، وإن لم يحاولوا لإصلاح بين متخاصمين فإنهم لن يزيدوا من نار الفتنة بينهما ، وإن لم يعملوا لنصرة المظلوم فإنهم لا يساعدون الظالم ، وإن لم يحسنوا إلى المحتاجين فإنهم لن يسيئوا إليهم أيضاً ، وخلاصة القول : إنهم إن كانوا محرومين من الفضائل الإنسانية فهم بعيدون عن الرذائل الأخلاقية.

مثل هؤلاء الشباب يكونون محبوبين نوعاً ما لدى المجتمع ، لأنهم لن يضروا الناس، ويبقى المجتمع في مأمن من شرورهم، هؤلاء كالأزهار الجميلة التي إن افتقرت لرائحة زكية فإنها تفتقر ايضاً للرائحة الكريهة التي يشمئز منها الناس.

الشاب المتهور:

إن الشاب المتهور الذي يتصف بصفات الرذيلة والانحطاط الأخلاقي والذي يسيء إلى الناس بكلماته وتصرفاته ، يبقى منبوذاً من قبل الناس مهما بلغ جماله واهتمامه بجماله وثيابه ومحاسنه ، فجمال الشباب والتجمل والتزين لا يسد معايبه المعنوية ، وحسن الظاهر لا يمكنه أن يغطي قبح الباطن ويجعل من الإنسان المنبوذ اجتماعياً إنساناً محبوباً .

مَثَلُ هذا الشاب كمثل الزهرة ذات الرائحة الكريهة التي ينفر منها الناس ، فالزهرة ذات الرائحة الكريهة لن تصبح محبوبة لدى الناس مهما بلغ جمالها ، ولا أحد مستعد لحملها والمحافظة عليها في منزله.

قبح الخيانة:

إذا ما ارتكب شاب حسن الشكل جميل الثياب عملاً وحشياً وأقدم على قتل طفل بريء والتمثيل به ، فإنه سيثير سخط وغضب المجتمع عليه، فالناس عندما سينظرون إليه أو سيشاهدون صورته في الصحف ، سوف لا يبهرهم حسن شكله وجمال ثيابه بل سيفيضون سخطاً وغضباً عليه ، وإذا ما وصلوا إليه قضوا عليه ، لأن قبح الجريمة والفساد الأخلاقي بلغ به حداً طغى على جماله الطبيعي والظاهري . 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.