أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-3-2017
5895
التاريخ: 1-3-2017
8415
التاريخ: 10-2-2017
1265
التاريخ: 30-11-2016
1481
|
قالت تعالى : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ } [البقرة: 83]
عاد سبحانه إلى ذكر بني إسرائيل فقال {و} اذكروا {إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل} أي عهدهم وقيل الميثاق الأدلة من جهة العقل والشرع وقيل هو مواثيق الأنبياء على أممهم والعهد والميثاق لا يكون إلا بالقول فكأنه قال أمرناهم و وصيناهم وأكدنا عليهم وقلنا لهم والله {لا تعبدون} إذا حملناه على جواب القسم وإذا حملناه على الحال أو على أن معناه الأمر فكما قلناه قبل وإذا حملناه على حذف أن فتقديره وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل بأن لا تعبدوا {إلا الله} وحده دون ما سواه من الأنداد {و} بأن تحسنوا إلى {الوالدين إحسانا} والإحسان الذي أخذ عليهم الميثاق بأن يفعلوه إلى الوالدين هوما فرض على أمتنا أيضا من فعل المعروف بهما والقول الجميل وخفض جناح الذل لهما والتحنن عليهما والرأفة بهما والدعاء بالخير لهما وما أشبه ذلك وقوله {وذي القربى} أي وبذي القربى أن تصلوا قرابته ورحمه {واليتامى} أي وباليتامى أن تعطفوا عليهم بالرأفة والرحمة {والمساكين} أي وبالمساكين أن تؤتوهم حقوقهم التي أوجبها الله عليهم في أموالهم وقوله {وقولوا للناس حسنا} فيه عدول إلى الخطاب بعد الخبر وإنما استجازت العرب ذلك لأن الخبر إنما كان عمن خاطبوه بعينه لا عن غيره وقد يخاطبون أيضا ثم يصيرون بعد الخطاب إلى الخبر فمثال الأول قول عنترة :
شطت مزار العاشقين فأصبحت*** عسرا علي طلابك ابنة مخرم(2)
ومثال الثاني قول كثير عزة :
أسيئي بنا أوأحسني لا ملومة *** لدينا ولا مقلية إن تقلت
وقيل معناه قلنا لهم قولوا واختلف في معنى قوله حسنا فقيل هو القول الحسن الجميل والخلق الكريم وهو مما ارتضاه الله وأحبه عن ابن عباس وقيل هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن سفيان الثوري وقال الربيع بن أنس {قولوا للناس حسنا} أي معروفا وروى جابر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله {وقولوا للناس حسنا} قال قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم فإن الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين الفاحش المتفحش السائل الملحف ويحب الحليم العفيف المتعفف ثم اختلف فيه من وجه آخر فقيل هو عام في المؤمن والكافر على ما روي عن الباقر (عليه السلام) وقيل هو خاص في المؤمن واختلف من قال أنه عام فقال ابن عباس وقتادة أنه منسوخ ب آية السيف وبقوله (عليه السلام) قاتلوهم حتى يقولوا لا إله إلا الله أو يقروا بالجزية وقد روي ذلك أيضا عن الصادق (عليه السلام) وقال الأكثرون إنها ليست بمنسوخة لأنه يمكن قتالهم مع حسن القول في دعائهم إلى الإيمان كما قال الله تعالى : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] وقال في آية أخرى {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام: 108] وقوله {وأقيموا الصلوة} أي أدوها بحدودها الواجبة عليكم {وآتوا الزكوة} أي أعطوها أهلها كما أوجبها الله عليكم روي عن ابن عباس أن الزكاة التي فرضها الله على بني إسرائيل كانت قربانا تهبط إليه نار من السماء فتحمله فكان ذلك تقبله ومتى لم تفعل النار به ذلك كان غير متقبل وروي عنه أيضا أن المعني به طاعة الله والإخلاص وقوله {ثم توليتم} أي أعرضتم {إلا قليلا منكم وأنتم معرضون} أخبر الله سبحانه عن اليهود أنهم نكثوا عهده ونقضوا ميثاقه وخالفوا أمره وتولوا عنه معرضين إلا من عصمة الله منهم فوفى الله بعهده وميثاقه ووصف هؤلاء بأنهم قليل بالإضافة إلى أولئك واختلف فيه فقيل أنه خطاب لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من يهود بني إسرائيل وذم لهم بنقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم في التوراة وتبديلهم أمر الله وركوبهم معاصيه وقيل أنه خطاب لأسلافهم المذكورين في أول الآية وإنما جمع بين التولي والإعراض وإن كان معناهما واحدا تأكيدا وقيل معنى تولوا فعلوا الإعراض وهم معرضون أي مستمرون على ذلك وفي هذه الآية دلالة على ترتيب الحقوق فبدأ الله سبحانه بذكر حقه وقدمه على كل حق لأنه الخالق المنعم بأصول النعم ثم ثنى بحق الوالدين وخصهما بالمزية لكونهما سببا للوجود وإنعامهما بالتربية ثم ذكر ذوي القربى لأنهم أقرب إلى المكلف من غيرهم ثم ذكر حق اليتامى لضعفهم والفقراء لفقرهم .
_____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص285-287.
2- وفي المحكي عن (شرح الزوزني ) : ((حلت بأرض الزائرين فأصبحت )) ولعل هذا أنسب .
اليتيم من الناس من مات أبوه إلى أن يبلغ الحلم ، وعن الأصمعي ان اليتيم من الحيوان من لا أم له ، ومن الإنسان من لا أب له .
وتتضمن هذه الآية أمورا :
1 - البر بالوالدين :
ان اللَّه سبحانه قرن شكر الوالدين بشكره ، وأوجب البر بهما ، والإحسان إليهما ، تماما كما أوجب التعبد له ، ومن هنا أجمع الفقهاء قولا واحدا على ان عقوق الوالدين من أعظم الكبائر ، وان العاق بهما فاسق لا تقبل له شهادة ، وفي الحديث الشريف : « ان العاق بوالديه لا يجد ريح الجنة » ، والمراد بالإحسان للوالدين طاعتهما ، والرفق بهما قولا وعملا .
حكي ان امرأة حملت أباها من اليمن إلى مكة على ظهرها ، وطافت في البيت العتيق ، فقال لها قائل : جزاك اللَّه خيرا ، فلقد وفيت بحقه . فقالت : كلا ، ما أنصفته ، لقد كان يحملني ، وهو يود حياتي ، وأنا أحمله الآن ، وأود موته .
2 - القربى واليتامى والمساكين :
لقد أوجبت الآية صلة الرحم ، لصلته بالوالدين ، كما أوجبت الحرص والمحافظة على اليتيم وأمواله على من كان وليا أو وصيا عليه ، وأيضا أوجبت للفقير نصيبا في أموال الأغنياء .
3 - أصل الصحة :
إذا صدر من الإنسان عمل من الأعمال ، أو قول من الأقوال يمكن حمله على وجه صحيح ، وعلى وجه فاسد ، فهل يحمل على الصحة ، أو على الفساد ، أو يجب التوقف وعدم الحكم بشيء إلا بدليل قاطع ، ومثال ذلك أن ترى رجلا مع امرأة لا تدري : هل هي زوجته أو أجنبية عنه ، أو تسمع كلاما ، وأنت لا تدري : هل أراد به المتكلم النيل منك ، أو لم يرد ذلك ؟ وقد اتفق الفقهاء على وجوب الحمل على الصحة في ذلك وأمثاله ، واستدلوا فيما استدلوا بقوله تعالى : {وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} وبقول علي أمير المؤمنين : ضع أمر أخيك على أحسنه . . وبقول الإمام جعفر الصادق : كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فان شهد عندك خمسون قامة انه قال ، وقال هو لك : اني لم أقل ، فصدقه وكذبهم .
وهذا مبدأ انساني بحت ، لأنه يكرس كرامة الإنسان ، ويؤكد علاقة التعاون والتعاطف بين الناس ، ويبتعد بهم عما يثير الكراهية والنفور . . وبهذا يتبين ان الإسلام لا يقتصر على العقيدة والعبادة ، وانه يهتم بالإنسانية وخيرها ، ويرسم لها الطرق التي تؤدي بها إلى الحياة المثمرة الناجحة .
ولكن الذين باعوا دينهم للشيطان استغلوا هذا المبدأ الانساني ، وانحرفوا به عن هدفه النبيل ، وبرروا به أعمال القراصنة والمرابين . . وبديهة - كما أشرنا - ان مبدأ الحمل على الصحة لا ينطبق على أعمال السلب والنهب ، والاحتيال والتضليل ، وما إلى ذلك مما نعلم علم اليقين انه من المحرمات والموبقات . . وانما ينطبق على ما نحتمل فيه الصدق والكذب ، والصحة والفساد .
____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص140-142.
قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل} ، الآية في بديع نظمها تبتدئ أولا بالغيبة وتنتهي إلى الخطاب حيث تقول: ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون، ثم إنها تذكر أولا الميثاق وهو أخذ للعهد، ولا يكون إلا بالقول، ثم تحكي ما أخذ عليه الميثاق فتبتدئ، فيه بالخبر، حيث تقول: لا تعبدون إلا الله، وتختتم بالإنشاء حيث تقول وقولوا للناس حسنا إلخ.
ولعل الوجه في ذلك كله أن الآيات المتعرضة لحال بني إسرائيل لما بدئت بالخطاب لمكان اشتمالها على التقريع والتوبيخ وجرت عليه كان سياق الكلام فيها الخطاب ثم لما تبدل الخطاب بالغيبة بعد قصة البقرة لنكتة داعية إليها كما مر حتى انتهت إلى هذه الآية، فبدئت أيضا بالغيبة لكن الميثاق حيث كان بالقول وبني على حكايته حكي بالخطاب فقيل: لا تعبدون إلا الله إلخ، وهو نهي في صورة الخبر.
وإنما فعل ذلك دلالة على شدة الاهتمام به، كان الناهي لا يشك في عدم تحقق ما نهى عنه في الخارج، ولا يرتاب في أن المكلف المأخوذ عليه الميثاق سوف لا ينتهي عن نهيه، فلا يوقع الفعل قطعا وكذا قوله: وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين، كل ذلك أمر في صورة الخبر.
ثم إن الانتقال إلى الخطاب من قبل الحكاية أعطى فرصة للانتقال إلى أصل الكلام، وهو خطاب بني إسرائيل لمكان الاتصال في قوله: {وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة ثم توليتم} إلخ وانتظم بذلك السياق.
قوله تعالى: {وبالوالدين إحسانا} ، أمر أو خبر بمعنى الأمر والتقدير وأحسنوا بالوالدين إحسانا، وذي القربى واليتامى والمساكين، أو التقدير: وتحسنون بالوالدين إحسانا، إلخ، وقد رتب موارد الإحسان أخذا من الأهم والأقرب إلى المهم والأبعد فقرابة الإنسان أقرب إليه من غيرهم، والوالدان وهما الأصل الذي تتكي عليه وتقوم به شجرة وجوده أقرب من غيرهما من الأرحام، وفي غير القرابة أيضا اليتامى أحق بالإحسان لصغرهم وفقدهم من يقوم بأمرهم من المساكين.
هذا وقوله: {واليتامى} ، اليتيم من مات أبوه، ولا يقال لمن ماتت أمه يتيم.
وقيل اليتيم في الإنسان إنما تكون من جهة الأب وفي غير الإنسان من سائر الحيوان من جهة الأم وقوله تعالى: {والمساكين} ، جمع مسكين وهو الفقير العادم الذليل.
وقوله تعالى: {حسنا} مصدر بمعنى الصفة جيء به للمبالغة.
وفي بعض القراءات {حسنا}، بفتح الحاء والسين صفة مشبهة.
والمعنى قولوا للناس قولا حسنا، وهو كناية عن حسن المعاشرة مع الناس، كافرهم، ومؤمنهم ولا ينافي حكم القتال حتى تكون آية القتال ناسخة له لأن مورد القتال غير مورد المعاشرة فلا ينافي الأمر بحسن المعاشرة كما أن القول الخشن في مقام التأديب لا ينافي حسن المعاشرة.
______________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص183-184.
النّاكثون
تقدم ذكر ميثاق بني إسرائيل، ولكن الآيات السابقة لم تتعرض إلى تفاصيل هذا الميثاق على النحو المذكور في هذه الآية. يشير سبحانه في هذه الآية إلى مواد هذا الميثاق، وهي بأجمعها ـ أو معظمها ـ من المبادىء الثابتة في الأديان الإِلهية. وموجودة بشكل من الأشكال في كل الأديان السماوية.
القرآن يندّد في هذه الآيات بشدّة باليهود لنقضهم هذه العهود، ويتوعدهم نتيجة لهذا النقض بالخزي في الحياة الدنيا والعذاب في الآخرة.
بنود هذا العهد الذي أقرّ به بنو إسرائيل:
1 ـ التوحيد وإخلاص العبودية لله {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَني إسْرَائيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله}.
2 ـ الإحسان إلى الوالدين: {وَبِالْوَالِدَيْنَ إِحْسَاناً}.
3 ـ الإحسان إلى الأقارب واليتامى والفقراء: {وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ}.
4 ـ التعامل الصحيح مع الآخرين: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}.
5 ـ إقامة الصلاة: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ}.
6 ـ إيتاء الزكاة: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}.
ثم تذكر الآية الكريمة نقض القوم للميثاق وعدم وفائهم بالعهد: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاّ قَلِيلا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}...
___________________
الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص234-235.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|