المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05



تفسير الاية (104-105) من سورة البقرة  
  
3867   03:18 مساءً   التاريخ: 30-11-2016
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الباء / سورة البقرة /


قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }  [البقرة: 104، 105].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لما قدم سبحانه نهي اليهود عن السحر عقبه بالنهي عن إطلاق هذه اللفظة فقال سبحانه {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا} كان المسلمون يقولون يا رسول الله راعنا أي استمع منا فحرفت اليهود هذه اللفظة فقالوا يا محمد راعنا وهم يلحدون إلى الرعونة يريدون به النقيصة والوقيعة فلما عوتبوا قالوا نقول كما يقول المسلمون فنهى الله عن ذلك بقوله {لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} وقال قتادة إنها كلمة كانت تقولها اليهود على وجه الاستهزاء وقال عطا هي كلمة كانت الأنصار تقولها في الجاهلية فنهوا عنها في الإسلام وقال السدي كان ذلك كلام يهودي بعينه يقال له رفاعة بن زيد يريد بذلك الرعونة فنهي المسلمون عن ذلك وقال الباقر (عليه السلام) هذه الكلمة سب بالعبرانية إليه كانوا يذهبون وقيل كان معناه عندهم اسمع لا سمعت وروي عن الحسن أنه كان يقرأ راعنا بالتنوين وهو شاذ لا يؤخذ به ومعنى {انظرنا} يحتمل وجوها (أحدها) انتظرنا نفهم ونتبين ما تعلمنا (والآخر) فقهنا وبين لنا يا محمد (والثالث) أقبل علينا ويجوز أن يكون معناه أنظر إلينا فحذف حرف الجر وقوله {واسمعوا} يحتمل أمرين (أحدهما) أن معناه اقبلوا ما يأمركم به قوله سمع الله لمن حمده وسمع الله دعاءك أي قبله و(الثاني) أن معناه استمعوا ما يأتيكم به الرسول عن الحسن {وللكافرين} بمحمد والقرآن {عذاب أليم} أي موجع ثم أخبر سبحانه أيضا عن اليهود فقال {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} معناه ما يحب الكافرون من أهل الكتاب ولا من المشركين بالله من عبدة الأوثان أن ينزل الله عليكم شيئا من الخير الذي هو عنده والخير الذي تمنوا أن لا ينزله الله عليهم ما أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأنزله عليه من القرآن والشرائع بغيا منهم وحسدا {والله يختص برحمته من يشاء} وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أن المراد برحمته هنا النبوة وبه قال الحسن وأبو علي والرماني وغيرهم من المفسرين قالوا يختص بالنبوة من يشاء من عباده {والله ذو الفضل العظيم} هذا خبر منه سبحانه أن كل خير نال عباده في دينهم ودنياهم فإنه من عنده ابتداء منه إليهم وتفضلا عليهم من غير استحقاق منهم لذلك عليه فهو عظيم الفضل ذو المن والطول .

____________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص 335-337.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا} . قال صاحب المجمع : (كان المسلمون يقولون : يا رسول اللَّه راعنا ، أي استمع منا ، فحرف اليهود هذه اللفظة ، وقالوا : يا محمد راعنا ، وهم يلحدون إلى الرعونة ، ويريدون به النقيصة والوقيعة ، فلما عوتبوا قالوا : نقول كما يقول المسلمون ، فنهى اللَّه عن ذلك بقوله : لا تقولوا راعنا ، وقولوا انظرنا) .

والمراد بانظرنا في الآية الكريمة ان ينظر الرسول إلى حالهم حين يتكلم ، فيتمهل كي يفهموا ويستوعبوا جميع كلامه .

تنبيه :

أول نداء جاء في سورة البقرة للناس أجمعين ، وأريد به الدعوة إلى الإسلام وعبادة اللَّه ، هو قوله تعالى في الآية 21 : {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} . والنداء الثاني كان لبني إسرائيل الطائفة الكبيرة التي تفرعت عنها الطائفة النصرانية ، وجاء النداء الثاني تذكيرا برفع النقم عن بني إسرائيل ، واغداق النعم عليهم ، وهو قوله تعالى في الآية 39 : {يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} . والنداء الثالث جاء لأمة محمد (صلى الله عليه واله) في هذه الآية : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا} . وهي تعلَّم المسلمين آداب الشريعة بعد ان أسلموا وآمنوا باللَّه ، وهذا الترتيب بين النداءات الثلاثة ترتيب طبيعي يستدعيه الواقع والاتساق من دعوة الناس أولا كل الناس إلى الايمان باللَّه ، ثم تذكير من آمن قبل البعثة بفضل اللَّه ، ثم تعليم من آمن بعدها آداب اللَّه ، وهذا ضرب من بلاغة القرآن في الابتداء بالمرحلة الأولى ، ثم الانتقال إلى ما بعدها من غير فاصل . .

 {ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} . ليس غريبا ولا عجيبا ان يكره المشركون واليهود والنصارى ، ومعهم المنافقون - أن يكرهوا جميعا نزول القرآن على محمد ، وأن يخصه اللَّه والذين معه بالفضل والهداية ، والصلاح والإصلاح ، وانما العجيب ان لا يكرهوا ذلك .

{واللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ} . قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : المراد بالرحمة هنا النبوة .

الحسد والحاسد :

الحسد بما هومن لواحق طبيعة الإنسان الا من عصم اللَّه ، لا يختص بالمشركين ، ولا باليهود والنصارى ، بل يشمل كثيرا من المسلمين ، بل ومن علماء الدين ، بل وبعض من يتصدى لمنصب المرجعية الدينية الأعلى ، مع العلم بأن هذا المنصب أقرب المناصب كلها إلى منصب المعصوم . . وقد قال اللَّه والأنبياء والأئمة والحكماء كثيرا عن الحسد ، من ذلك قول الإمام الصادق (عليه السلام) : الحسد أصله عمى القلب ، والجحود بفضل اللَّه ، وهما جناحان للكفر . وأبلغ ما رأيت في وصف الحساد قول سيد البلغاء ، وإمام الحكماء علي أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث عبر عنهم :

(بحسدة الرخاء ، ومؤكدي البلاء) . وقال : (بكفيك من الحاسد أن يغتم وقت سرورك) .

ولعل من المفيد أن ننقل هذه الصورة الرائعة للحاسد بقلم بعض الحكماء ، قال : ان مثل الحاسد مثل من يصوب حجرا إلى مقتل عدوه ، فيعود الحجر إلى عين الرامي اليمنى فيقتلعها ، فيغتاظ ، ويرميه ثانية بأشد من الرمية الأولى ، فيعود الحجر إلى اليسرى ويعميها ، فيمتلئ حقدا وحنقا ، ويرمي بالحجر الثالث بقوة وحماس ، فيرجع إلى رأسه فيشجه ، وعدوّه في حصن حصين .

 

ومحال أن يتوب الحاسد من حسده ، لأن الحسد تماما كالجبن والبخل ، فكيف يتوب البخيل . والجبان ؟ . ومن أجل هذا أمر اللَّه نبيه الكريم أن يقول للحساد : {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} .

______________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص166-168.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا}، أول مورد في القرآن ورد فيه خطاب المؤمنين بلفظة يا أيها الذين آمنوا، وهو واقع في القرآن خطابا في نحو من خمسة وثمانين موضعا والتعبير عن المؤمنين بلفظة الذين آمنوا بنحو الخطاب أو بغير الخطاب مما يختص بهذه الأمة (2) ، وأما الأمم السابقة فيعبر عنهم بلفظة القوم كقوله: قوم نوح وقوم هود وقوله: {قال يا قوم أ رأيتم إن كنت على بينة} الآية وقوله: {أصحاب مدين وأصحاب الرس}، وبني إسرائيل، ويا بني إسرائيل، فالتعبير بلفظة الذين آمنوا مما يختص التشرف به بهذه الأمة، غير أن التدبر في كلامه تعالى يعطي أن التعبير بلفظة الذين آمنوا يراد به في كلامه تعالى غير ما يراد بلفظة المؤمنين كقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ } [النور: 31] ، بحسب المصداق، قال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [غافر: 7-8 ] ، فجعل استغفار الملائكة وحملة العرش أولا للذين آمنوا ثم بدله ثانيا من قوله: {للذين تابوا واتبعوا}، والتوبة هي الرجوع، ثم علق دعاءهم بالذين آمنوا وعطف عليهم آباءهم وذرياتهم ولوكان هؤلاء المحكي عنهم بالذين آمنوا هم أهل الإيمان برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كيف ما كانوا، كان الذين آمنوا شاملا للجميع من الآباء والأبناء والأزواج ولم يبق للعطف والتفرقة محل وكان الجميع في عرض واحد ووقعوا في صف واحد.

ويستفاد هذا المعنى أيضا من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21] ، فلوكان ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان مصداقا للذين آمنوا في كلامه تعالى لم يبق للإلحاق وجه، ولوكان قوله: {واتبعتهم ذريتهم} قرينة على إرادة أشخاص خاصة من الذين آمنوا وهم كل جمع من المؤمنين بالنسبة إلى ذريتهم، المؤمنين لم يبق للإلحاق أيضا وجه، ولا لقوله، وما ألتناهم من عملهم من شيء، وجه صحيح إلا في الطبقة الأخيرة التي لا ذرية بعدهم يتبعونهم بإيمان فهم يلحقون بآبائهم، وهذا وإن كان معنى معقولا إلا أن سياق الآية وهو سياق التشريف يأبى ذلك لعود المعنى على ذلك التقدير إلى مثل معنى قولنا: المؤمنون بعضهم من بعض أو بعضهم يلحق ببعض وهم جميعا في صف واحد من غير شرافة للبعض على البعض ولا للمتقدم على المتأخر فإن الملاك هو الإيمان وهو في الجميع واحد وهذا مخالف لسياق الآية الدال على نوع كرامة وتشريف للسابق بإلحاق ذريته به، فقوله: {واتبعتهم ذريتهم بإيمان}، قرينة على إرادة أشخاص خاصة بقوله: {الذين آمنوا}، وهم السابقون الأولون في الإيمان برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المهاجرين والأنصار في يوم العسرة فكلمة الذين آمنوا كلمة تشريف يراد بها هؤلاء، ويشعر بذلك أيضا قوله تعالى: {للفقراء المهاجرين، إلى أن قال: والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم}، إلى أن قال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] ، فلوكان مصداق قوله: {الذين آمنوا}، عين مصداق قوله {الذين سبقونا بالإيمان}، كان من وضع الظاهر موضع المضمر من غير وجه ظاهر.

ويشعر بما مر أيضا قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29] ، إلى أن قال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29].

فقد تحصل أن الكلمة كلمة تشريف تختص بالسابقين الأولين من المؤمنين، ولا يبعد جريان نظير الكلام في لفظة الذين كفروا فيراد به السابقون في الكفر برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مشركي مكة وأترابهم كما يشعر به أمثال قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6].

فإن قلت: فعلى ما مر يختص الخطاب بالذين آمنوا بعده خاصة من الحاضرين في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أن القوم ذكروا أن هذه خطابات عامة لزمان الحضور وغيره والحاضرين الموجودين في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرهم وخاصة بناء على تقريب الخطاب بنحو القضية الحقيقية.

قلت: نعم هو خطاب تشريفي يختص بالبعض لكن ذلك لا يوجب اختصاص التكاليف المتضمن لها الخطاب بهم فإن لسعة التكليف وضيقه أسبابا غير ما يوجب سعة الخطاب وضيقه من الأسباب، كما أن التكاليف المجردة عن الخطاب عامة وسيعة من غير خطاب، فعلى هذا يكون تصدير بعض التكاليف بخطاب يا أيها الذين آمنوا من قبيل تصدير بعض آخر من الخطابات بلفظ يا أيها النبي، ويا أيها الرسول مبنيا على التشريف، والتكليف عام، والمراد وسيع، ومع هذا كله لا يوجب ما ذكرناه من الاختصاص التشريفي عدم إطلاق لفظة الذين آمنوا على غير هؤلاء المختصين بالتشريف أصلا إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137] ، وقوله تعالى: حكاية عن نوح: {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [هود: 29].

قوله تعالى: {لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا}، أي بدلوا قول راعنا من قول انظرنا ولئن لم تفعلوا ذلك كان ذلك منكم كفرا وللكافرين عذاب أليم ففيه نهي شديد عن قول راعنا وهذه كلمة ذكرتها آية أخرى وبينت معناها في الجملة وهي قوله تعالى { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} [النساء: 46] ، ومنه يعلم أن اليهود كانت تريد بقولهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) راعنا نحوا من معنى قوله: اسمع غير مسمع ولذلك ورد النهي عن خطاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك وحينئذ ينطبق على ما نقل: أن المسلمين كانوا يخاطبون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك إذا ألقى إليهم كلاما يقولون راعنا يا رسول الله - يريدون أمهلنا وانظرنا حتى نفهم ما تقول - وكانت اللفظة تفيد في لغة اليهود معنى الشتم فاغتنم اليهود ذلك فكانوا يخاطبون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك يظهرون التأدب معه وهم يريدون الشتم ومعناه عندهم اسمع لا أسمعت فنزل.

{من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا}، الآية ونهى الله المؤمنين عن الكلمة وأمرهم أن يقولوا ما في معناه وهو انظرنا فقال: لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا.

قوله تعالى: {وللكافرين عذاب أليم}، يريد المتمردين من هذا النهي وهذا أحد الموارد التي أطلق فيها الكفر على ترك التكاليف الفرعية.

قوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب}، لوكان المراد بأهل الكتاب اليهود خاصة كما هو الظاهر لكون الخطابات السابقة مسوقة لهم فتوصيفهم بأهل الكتاب يفيد الإشارة إلى العلة، وهو أنهم لكونهم أهل كتاب ما يودون نزول الكتاب على المؤمنين لاستلزامه بطلان اختصاصهم بأهلية الكتاب مع أن ذلك ضنة منهم بما لا يملكونه، ومعارضة مع الله سبحانه في سعة رحمته وعظم فضله، ولوكان المراد عموم أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهو تعميم بعد التخصيص لاشتراك الفريقين في بعض الخصائل، وهم على غيظ من الإسلام، وربما يؤيد هذا الوجه بعض الآيات اللاحقة كقوله تعالى: { وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 111] ، وقوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} [البقرة: 113] .

2-خطاب المؤمنين ب {يا ايها الذين امنوا} ورد في السور المباركة التالية  البقرة -12مرة – ال عمران 6 مرات – النساء 9 – المائدة 16- الاعراف مرة واحدة – الانفال 6 مرات – التوبة 5 مرات – الكهف مرة واحدة -  النور 3 مرات – الاحزاب 7 مرات – محمد – مرتان – الحجرات 5 مرات – الحديد مرتان- المجادلة مرتان – الحشر مرة واحدة – الممتحنة 3 مرات – الصف 3 مرات – الجمعة مرة واحدة – المنافقون مرة واحدة – التغابن مرة واحدة – التحريم مرتان - . فمجموع الخطاب ب { ايها الذين امنوا } 79 مرة وكلها سور مدنية ما عدا الاعراف والكهف .

وفي كل منهما ذكر الخطاب مرة واحدة . وجرم المحقق قدس سره على مكية سورة الكهف اما الاعراف فقد قال : والسورة (اي الاعراف) ، مكية الا آيات اختلف منها ومنه يظهر التأمل فيما ذكره قدس سره من ان الخطاب ب { ايها الذين امنوا} في سورة البقرة اول مورد في القران يرد هذا الخطاب.

___________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص205-209.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

لا توفروا للأعداء فرصة الطعن :

الآية الكريمة تخاطب المسلمين قائلة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

ممّا سبق من سبب نزول هذه الآية الكريمة نستنتج أنّ على المسلمين أن لا يوفروا للأعداء فرصة الطعن بهم، وأن لا يتيحوا لهم بفعل أو قول ذريعة يسيئون بها إلى الجماعة المسلمة. عليهم أن يتجنبوا حتى ترديد عبارة يستغلها العدو لصالحه. الآية تصرّح بالنهي عن قول عبارة تمكن الأعداء أن يستثمروا أحد معانيها لتضعيف معنويات المسلمين، وتأمرهم باستعمال كلمة اُخرى غير تلك الكلمة القابلة للتحريف ولطعن الأعداء.

حين يشدّد الإِسلام إلى هذا الحد في هذه المسألة البسيطة، فإن تكليف المسلمين في المسائل الكبرى واضح، عليهم في مواقفهم من المسائل العالمية أن يسدوا الطريق أمام طعن الأعداء، وأن لا يفتحوا ثغرة ينفذ منها المفسدون الداخليون والأجانب للإِساءة إلى سمعة الإِسلام والمسلمين.

جدير بالذكر أن عبارة راعنا ـ إضافة إلى ما فيها من معنى آخر استغله اليهود ـ فيها نوع من سوء الأدب، لأنّها من باب المفاعلة، وباب المفاعلة يفيد المبادلة والإِشتراك، وهي لذلك تعني: راعنا لنراعيك، وقد نهى القرآن عن ترديدها(2).

الآية التالية تكشف عن حقيقة ما يكنّه مجموعة من أهل الكتاب والمشركين من حقد وعداء للجماعة المؤمنة: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْر مِنْ رَبِّكُمْ}، وسوآء ودّ هؤلاء أم لم يودّوا فرحمة الله لها سنّة إلهية ولا تخضع للميول والأهواء: {وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} .

الحاقدون لم يطيقوا أن يروا ما شمل الله المسلمين من فضل ونعمة، وما منّ عليهم من رسالة عظيمة، ولكن فضل الله عظيم.

__________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص270-271.

2 ـ تفسير الفخر الرازي، والمنار، ذيل الآية المذكورة.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .