أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
1026
التاريخ: 31-10-2017
958
التاريخ: 31-3-2017
646
التاريخ: 3-08-2015
1007
|
[قال الشيخ في الرد على ما يقوله بعض اليهود: من أن النسخ يؤدي إلى البداء] .. ولا يقدح في ثبوت النبوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يقوله بعض اليهود: من أن النسخ يؤدي إلى البداء.
لأن الفعل لا يكون بداء إلا أن يكون المأمور به هو المنهي عنه بعينه، وأن يكون المكلف واحدا، والوقت واحدا، والوجه واحدا، لأنه لا وجه للنهي عن المأمور به مع تكامل الشرائط المذكورة إلا أن الآمر ظهر له ما كان مستترا، وهذا مستحيل فيه تعالى، لكونه عالما لنفسه، ومتى اختل شرط واحد لم يكن بداء بغير شبهة، بل تكليف حسن.
وما أتى به نبينا عليه السلام ليس ببداء، لأن المنهي عنه به عليه السلام غير المأمور به موسى، والمكلف غير المكلف، والوقت غير الوقت، والوجه والصفة غير الوجه والصفة، وإنما هو تكليف اقتضت المصلحة بيانه.
وقد بينا أن الوجه في البعثة بيان المصالح من المفاسد، وما هو كذلك موقوف على ما يعلمه سبحانه، فمتى علم اختصاص المصلحة بفعل أو ترك مدة، وكون ذلك بعد انقضائها مفسدة أو لا مصلحة فيه، فلا بد من اختصاص المصلحة بفعل أو ترك مدة، وكون ذلك بعد انقضائها مفسدة أو لا مصلحة فيه، فلا بد من إسقاطه، وإلا كان نبوته مفسدة أو ظلما لا يجوزان عليه سبحانه.
ولذلك متى علم سبحانه في عمل معين كونه مصلحة لمكلف ومفسدة لآخر وجب أمر أحدها به ونهي الآخر عنه، وإن علم في فعل معين كونه مصلحة لمكلف وفي فعل آخر مفسدة له فلا بد من أمره بأحدهما ونهيه عن الآخر، وإن علم أن الفعل في وقت مصلحة وفي آخر مفسدة فلا بد من أمره به في وقت المصلحة ونهيه عن مثله في وقت المفسدة، وإن علم أن إيقاع الفعل على وجه يكون مصلحة وعلى آخر يكون مفسدة فلا بد من الأمر بإيقاعه على وجه المصلحة والنهي عن وجه المفسدة.
الدلالة على حسن التكليف مع هذه الوجوه قبح ذم من كلف مع تكاملها أو بعضها، ولأن تجويز قبح التكليف والحال هذه ينقض النبوات، لأنه لا وجه لها إلا ما ذكرناه، ولا انفصال من الملحدة والبراهمة فيما يقدحون به من اختصاص الامساك بالسبت دون الأحد، ووجوب العبادة في وقت معين وقبحها في غيره، وتحليل مثل المحرم في وقتي الصوم والافطار وفي تحريمه مثل المحلل على كل حال، كالشحم والمختلط باللحم والمتميز منه، ووجوب السبت على من بعث إليه موسى دون غيره ممن تقدم أو عامر أو تأخر إلا بإسناد ذلك إلى المصلحة الموقوفة على ما يعلمه سبحانه.
وإذا تقرر هذا، وكان ما أتى به نبينا عليه السلام من الشرائع مغايرا لأعيان ما كلفوه، وفي غير وقته، وعلى غير وجهه، وبغير مكلفيه حسب ما بيناه ثبت حسنه ووجوبه، لكونه مصلحة معلومة بصدق المبين.
أما إن قيل: بينوا لنا ما النسخ لنعلم تميزه من البداء؟
قيل: هو كل دليل رفع، مثل الحكم الشرعي الثابت بالنص بدليل لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه.
وقلنا: رفع مثله.
لأن رفع عين المأمور به بداء.
وقلنا: شرعي.
لأنه لا مدخل للنسخ في العقليات.
وقلنا: ثابتا.
لأنه لا يرفع ما لم يجب مثله.
وقلنا: بدليل.
لأن سقوط التكليف بعجز أو منع أو فقد آلة أو غير ذلك من الموانع لا يكون نسخا.
وقلنا: مع تراخيه عنه.
لأن المقارن لا يكون نسخا، لو قال تعالى: صل مدة سنة كل يوم ركعتين، لم يكن سقوط هذا التكليف بانقضاء الحول نسخا.
ومتى تكاملت هذه الشروط كان نسخا، والمرفوع منسوخا، والرافع ناسخا.
وتأمل كل ناسخ ومنسوخ في شرعنا يوضح عن تكامل هذه الشروط فيه.
وامتناعهم من النظر في دعوتنا وتحرزهم من تخويفنا - بدعواهم أن موسى عليه السلام أمرهم بإمساك السبت أبدا وتكذيب من نسخه - إخلال بواجب التحرز، واعتصام بغير حجة، لأنه لا طريق لهم إلى العلم بصحة هذا الخبر، بل لا طريق لهم إلى إثباته واحدا، وإنما يخبرون عن اعتقادات متوارثة عن تقليد، لافتقار ثبوت النقل المتواتر وما ورد من طريق الآحاد إلى العلم بأعيان الأزمنة وتعيين الناقلين في كل زمان، لأن الجهل بالزمان يقتضي الجهل بمن فيه وتعذر العلم به، وفقد العلم بثبوت الناقلين فيه يمنع من العلم بالتواتر والآحاد بغير إشكال.
وهذان الأمران متعذران على اليهود، لأنه لا يمكن أحدا منهم دعوى حصول النص بأعيان الأزمنة متصلة بوجود اليهود فيها إلى زمن موسى، وإن ادعاه طولب بالحجة، ولن يجدها بضرورة ولا دلالة، والأزمان المعلوم وجود اليهود فيها لا سبيل لهم إلى إثبات ناقلين من جملتهم آحاد فضلا عن متواترين.
وإذا تعذر الأمران لم يبق لاعتقادهم صحة هذا الإخبار إلا التقليد الذي لا يؤمن مخوفا ولا يقتضي تحرزا.
ولأن وجوب التحرز من تخويفنا ضروري، والعلم بما تخوف منه ممكن لكل ناظر في الأدلة، وما يدعى على موسى إذا لم يكن إثباته على ما أوضحناه قبح التكليف معه، وهو سبحانه لا يكلف على وجه يقبح، فيجب لذلك القطع على سقوط تكليف شرعهم وفرض التمسك به بخبر غير ثابت بعلم ولا ظن، مع الخوف العظيم من المتمسك به.
على أن الخبر المذكور من جنس الأقوال المحتملة للاشتراط والتخصيص والتقييد والتجوز بغير إشكال، والمعجز بخلاف ذلك، فلو فرضنا صحته لوجب تخصصه أو اشتراطه أو تقييده أو نقله عن حقيقة إلى المجاز لثبوت النسخ لشرعهم بالمعجز الذي لا يحتمل التأويل، إذ لا فرق بين تخصيص القول أو اشتراطه أو نقله عن أصله بالدليل الأصلي واللفظ والعقلي، بل العقلي آكد، وإذا جاز نقل الألفاظ عن موضعها بمثلها، فبالأدلة العقلية أجوز.
على أن موسى عليه السلام إن كان قال هذا لم يخل من أحد وجهين:
إما أن يريد الامتناع بالنسخ وتكذيب من أتى به وإن كان صادقا بالمعجز.
أو يريد ذلك مع فقد علم التصديق.
وإرادة الأول لا يجوز لكونه قادحا في نبوته، بل في جميع النبوات، لوقوف صحتها على ظهور العلم بالمعجز وفساد كونه دالا في موضع دون موضع.
فلم يبق إلا أنه عليه السلام إن كان قال ذلك فعلى الوجه الثاني الذي لا ينفعهم ولا يضرنا.
وليس لهم أن يتعذروا مما لزمناهم: بفقد دليل على نبوة من ادعى نسخ شرعهم.
لأن فقد ذلك ليس بمعلوم ضرورة، فيجب عليهم أن يجتنبوا السكون إلى ما هم عليه حتى ينظروا فيما يدعوا إليه ويخافوا منه، ومتى فعلوا الواجب عليهم علموا صحة نبوة نبينا عليه السلام وفساد ما يدينون به، لأنا قد دللنا بثبوت الأدلة الواضحة على نبوءته عليه السلام، وإلا يفعلوا يؤتون في فقد العلم بالحق من قبل أنفسهم وبسوء اختيارهم والحجة لازمة لهم.
ثم يقال لهم: دلوا على نبوءة من تزعمون أنكم على شرعه.
فإن فزعوا إلى ترتيب العبارة عن الاستدلال بالتواتر بمعجزات موسى عليه السلام، طولبوا بإثبات صفات التواتر، فإنهم لا يجدون سبيلا إليها حسب
ما أوضحناه، وإذا تعذر ذلك سقط دعواهم ولزمتهم الحجة.
ثم يسلم لهم دعوى التواتر وتقابلوا بالنصارى، فلا يجدون محيصا عن التزام النصرانية وتصديق عيسى، أو تكذيبه وموسى عليهما السلام، إذ إثبات أحد الأمرين والامتناع من تساويهما لا يمكن.
وكل شيء يقدحون به في نقل النصارى يقابلون بمثله من البراهمة، وللنصارى أكبر المزية، لحصول العلم للأكل مخالط باتصال وجودهم في الأزمنة إلى من شاهد المعجزات وتعذر مثل ذلك فيهم، ولا انفصال لهم من النصارى بضلالهم في إلهية المسيح عليه السلام، أو القول بالنبوة، أو الاتحاد، لتميز (1) النقل من الاعتقاد بصحة دخول الشبهة في الاعتقاد وارتفاعها عن التواتر، وثبوت صدق المتواترين وإن كانوا ضلالا أو اعتقدوا عند هذا النقل ضلالا.
ألا ترى إلى وجود كثير من العقلاء قد ضلوا عند ظهور المعجزات على الأنبياء والأئمة عليهم السلام، فاعتقدوا لذلك إلهيتهم، ولم يمنع ذلك من صدقهم فيها، لانفصال أحد الأمرين من الآخر.
وإلزامهم على هذه الطريقة نبوة نبينا عليه السلام لتواتر المسلمين في الحقيقة بالمعجزات الظاهرة عقيب دعواه أبلغ في الحجة، لأنه لا يمكنهم القدح في نقل المسلمين بشئ مما قدحنا به في نقلهم وما قدحوا به على النصارى.
وهذا كاف، والمنة لله.
____________
(1) في النسخة: " ولو تميز ".
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|