المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
مسائل في زكاة الفطرة
2024-11-06
شروط الزكاة وما تجب فيه
2024-11-06
آفاق المستقبل في ضوء التحديات
2024-11-06
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / حرمة الربا.
2024-11-06
تربية الماشية في ألمانيا
2024-11-06
أنواع الشهادة
2024-11-06

لكِ أختي المسلمة
22-12-2021
ما هي فلسفة الدعاء بتعجيل فرج الإمام المهديّ عليه‌ السلام ؟
27/10/2022
اتصال تربوي
25-7-2019
حمزة بن محمد الجعفري
26-7-2017
حقوق الإدارة في عقد استئجار الإدارة لخدمات الأشخاص
10-4-2017
التناقض
25-4-2018


قصة استطرادية  
  
1289   01:46 صباحاً   التاريخ: 30/11/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، ص:193-195
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10/11/2022 1179
التاريخ: 2024-05-02 510
التاريخ: 18-4-2022 1563
التاريخ: 2024-05-28 773

قصة استطرادية

ونقلت من كتاب " قطب السرور " (1) لابن الرقيق المغربي، ما ملخصه (2) :

(193)

وممن أدركته وعاشرته عبد الوهاب بن حسين بن جعفر الحاجب، وذكرته هنا لأنه ملحق بالأمراء المتقدمين غير خارج منهم ولا مقصر عنهم، بل كان واحد عصره في الغناء الرائق، والأدب الرائع، والشعر الرقيق، واللفظ الأنيق، ورقة الطبع، وإصابة النادر، والتشبيه المصيب، والبديهة التي لا يلحق فيها؛ مع شرف النفس، وعلو الهمة، وكان قد قطع عمره، وأفنى دهره، في اللهو واللعب، والفكاهة والطرب، وكان أعلم الناس بضرب العود، واختلاف طرائقه، وصنعة اللحون، وكثيرا ما يقول المعاني اللطيفة في الأبيات الحسنة، ويصوغ عليها الألحان المطربة البديعة المعجبة، اختراعا منه وحذقا، وكانت له في ذلك قريحة وطبع، وكان إذا لم يزره أحد من إخوانه أحضر مائدته وشرابه عشرة من أهل بيته، منهم ولده وعبد الله ابن أخيه وبعض غلمانه، وكلهم يغني فيجيد، فلا يزالون يغنون بين يديه حتى يطرب، فيدعو بالعود ونغني لنفسه ولهم، وكان بشارة الزامر الذي يزمر عليه من حذاق زمرة المشرق؛ وكان بعيد الهمة سمحا بما يجد، تغل عليه ضياعه كل عام أموالا جليلة، فلا تحول السنة حتى ينفد جميع ذلك ويستسلف غيره، فكان لا يطرأ من المشرق مغن إلا سأل من يقصد بهذا الشأن، فيدل عليه، فمن وصله منهم استقبله بصنوف البر والإكرام، وكساه وخلطه بنفسه ولم يدعه إلى أحد من الناس، فلا يزال معه في صبوح وغبوق، وهو مجدد له كل يوم كرامة، حتى يأخذ جميع ما معه من صوت مطرب أو حكاية نادرة.

وجلس يوما وقد زاره رجلان من إخوانه، وحضر أقرباؤه، فطعموا وشربوا وأخذوا في الغناء، فارتج المجلس، إذ دخل عليه بعض غلمانه فقال: بالباب رجل غريب عليه ثياب السفر، ذكر أنه ضيف، فأمر بإدخاله، فإذا رجل أسمر سناط (3) ، رث الهيئة، فسلم عليه، قال: أين بلد الرجل؟

 (194)

قال: البصرة، فرحب به، وأمره بالجلوس، فجلس مع الغلمان في صفة، وأتي بطعام فأكل وسقي أقداحا، ودار الغناء في المجلس، حتى انتهى إلى آخرهم، فلما سكتوا اندفع يغني بصوت ندي وطبع حسن:

ألا يا دار ما الهجر ... لسكانك من شاني

سقيت الغيث من دار ... وإن هيجت أشجاني

ولو شئت لما استسقي ... ت غيثا غير أجفاني

بنفسي حل أهلوك ... وإن بانوا بسلواني

وما الدهر بمأمون ... على تشتيت خلاني فطرب عبد الوهاب وصاح، وتبين الحذق في إشارته، والطيب في طبعه، وقال: يا غلام، خذ بيده إلى الحمام، وعجل علي به فأدخل الحمام، ونظف، ثم دعا عبد الوهاب بخلعة من ثيابه فألقيت عليه، ورفعه فأجلسه عن يساره، وأقبل عليه وبسطه، فغنى له:

قومي امزجي التبر باللجين ... واحتملي الرطل باليدين

واغتنمي غفلة الليالي ... فربما أيقظت لحين

فقد لعمري أقر منا ... هلال شوال كل عين

ذات الخلاخيل أبصرته ... كنصف خلخالها اللجيني فطرب وشرب، واستزاده، فغناه:

من لي على رغم الحسود بقهوة ... بكر ربيبة حانة عذراء

موج من الذهب المذاب تضمه ... كأس كقشر الدرة البيضاء

والنجم في أفق السماء كأنه ... عين تخالس غفلة الرقباء فشرب عبد الوهاب ثم قال: زدني، فغناه:

(195)

وأنت الذي أشرقت عيني بمائها ... وعلمتها بالهجر أن تهجر الغمضا

وأغرقتها بالدمع حتى جفونها ... لينكر من فقد الكرى بعضها بعضا فمر يوم من أحسن الأيام وأطيبها، ووصله وأحسن إليه، ولم يزل عنده مقربا مكرما، وكان خليعا ماجنا مشتهرا بالنبيذ، فخلاه وما أحب، ثم وصف له الأندلس وطيبها، وكثرة خمورها، فمضى إليها ومات بها، وعلى نحو هذه الحال كان يفعل بكل طارئ يطرأ من المشرق، ولو ذكرتهم لطال بهم الكتاب، انتهى.

وغرضي من إيراد هذه الحكاية هنا كونه وصف للمشرقي الأندلس وطيبها، وذلك أمر لا يشك فيه ولا يرتاب، والله المسئول في حسن المتاب.

__________

 (1) قطب السرور في وصف الأنبذة والخمور. (انظر تكملة بروكلمان 1: 252 ومنه جزء بخزانة الرباط).

(2) ورد النص في " المقتطفات " : 43 وما بعدها.

(3) سناط: ليس في عارضيه.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.