المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الآفات التي تصيب الطماطم ومكافحتها
2024-12-01
هل يجوز للمكلف ان يستنيب غيره للجهاد
2024-11-30
جواز استيجار المشركين للجهاد
2024-11-30
معاونة المجاهدين
2024-11-30
السلطة التي كان في يدها إصدار الحكم، ونوع العقاب الذي كان يوقع
2024-11-30
طريقة المحاكمة
2024-11-30



[موعظة السجاد لنفسه والناس]  
  
3363   03:10 مساءاً   التاريخ: 2-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏2،ص63-68.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

من مواعظه هذه الموعظة التي وجه فيها الخطاب لنفسه و هي من المواعظ التي ترتعد منها الفرائص و تفزع منها القلوب و هذا نصها: يا نفس حتى متى إلى الدنيا سكونك و إلى عمارتها ركونك أ ما اعتبرت بمن مضى من اسلافك و من رواته الأرض من ألّافك؟ و من فجعت به من اخوانك و نقل إلى الثرى من اقرانك؟ فهم في بطون الأرض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر

خلت دورهم منهم و اقوت عراصهم‏     و ساقهم نحو المنايا المقادر

و خلوا عن الدنيا و ما جمعوا لها         و ضمهم تحت التراب الحفائر

كم خرمت أيدي المنون من قرون و كم غيرت الأرض ببلائها و غيبت في ترابها ممن عاشرت من صنوف و شيعتهم إلى الأرماس ثم رجعت عنهم إلى عمل أهل الإفلاس

و أنت على الدنيا مكب منافس‏         لخطابها فيها حريص مكاثر

 على خطر تمشي و تصبح لاهيا                   أ تدري بما ذا لو عقلت تخاطر

     و إن امرأ يسعى لدنياه دائبا          و يذهل عن أخراه لا شك خاسر

فحتى متى على الدنيا إقبالك؟ و بشهواتها اشتغالك؟ و قد و خطك القتير  و أتاك النذير و أنت عما يراد بك ساه و بلذة يومك و غدك لاه و قد رأيت انقلاب أهل الشهوات و عاينت ما حل بهم من المصيبات

و في ذكر هول الموت و القبر و البلى‏             عن اللهو و اللذات للمرء زاجر

أبعد اقتراب الأربعين تربص‏               و شيب قذال منذر و مكابر

كأنك معنيّ بما هو ضائر                   لنفسك عمدا و عن الرشد حائر

انظر إلى الأمم الماضية و الملوك الفانية كيف اختطفتهم عقبان الأيام و وافاهم الحمام فامحت من الدنيا آثارهم و بقيت فيها أخبارهم و اصبحوا رمما في التراب إلى يوم الحشر و المآب

امسوا رميما في التراب و عطلت‏                   مجالسهم منهم و أخلى مقامر

و حلوا بدار لا تزاور بينهم‏                و أنى لسكان القبور التزاور

فما أن ترى إلا قبورا ثووا بها             مسطحة تسفي عليها الأعاصر

كم من ذي منعة و سلطان و جنود و اعوان تمكن من دنياه و نال فيها ما تمناه و بنى فيها القصور و الدساكر  و جمع فيها الأموال و الذخائر و مليح السراري و الحرائر

فما صدفت كف المنية إذ أتت‏              مبادرة تهوى إليه الذخائر

و لا دفعت عنه الحصون التي بنى‏                  و حف بها أنهاره و الدساكر

و لا قارعت عنه المنية حيلة               و لا طمعت في الذب عنه العساكر

أتاه من اللّه ما لا يرد و نزل به من قضائه ما لا يصد فتعالى اللّه الملك الجبار المتكبر العزيز القهار قاصم الجبارين و مبيد المتكبرين الذي ذل لعزه كل سلطان و أباد بقوته كل ديان

مليك عزيز لا يرد قضاؤه‏                  حكيم عليم نافذ الأمر قاهر

عنا كل ذي عز لعزة وجهه‏                فكم من عزيز للمهيمن صاغر

لقد خضعت و استسلمت و تضاءلت‏                لعزة ذي العرش الملوك الجبابر

فالبدار ... البدار  و الحذار ... الحذار من الدنيا و مكايدها و ما نصبت لك من‏ مصايدها و تحلت لك من زينتها و اظهرت لك من بهجتها و ابرزت لك من شهواتها و اخفت عنك من غوائلها و هلكاتها.

و في دون ما عاينت من فجعاتها                   إلى دفعها داع و بالزهد آمر

فجدّ و لا تغفل و كن متيقظا                فعما قليل يترك الدار عامر

فشمر و لا تفتر فعمرك زائل‏               و أنت إلى دار الإقامة صائر

و لا تطلب الدنيا فإن نعيمها                غبه لك ضائر

فهل يحرص عليها لبيب أو يسرّ بها أريب؟ و هو على ثقة من فنائها و غير طامع في بقائها أم كيف تنام عينا من يخشى البيات و تسكن نفس من توقع في جميع أموره الممات

إلا له و لكنا نغر نفوسنا          و تشغلنا اللذات عما نحاذر

و كيف يلذ العيش من هو موقف‏                   بموقف عدل يوم تبلى السرائر

كأنا نرى أن لا نشور و أننا                سدى ما لنا بعد الممات مصادر

و ما عسى أن ينال صاحب الدنيا من لذتها و يتمتع به من بهجتها مع صنوف عجائبها و قوارع فجائعها و كثرة عذابه في مصابها و في طلبها و ما يكابد من اسقامها و أوصابها و آلامها

أ ما قد نرى في كل يوم و ليلة            يروح علينا صرفها و يباكر

تعاورنا آفاتها و همومها                   و كم قد ترى يبقى لها المتعاور

فلا هو مغبوط بدنياه آمن‏                  و لا هو عن تطلابها النفس قاصر

كم قد غرت الدنيا من مخلد إليها و صرعت من مكب عليها فلم تنهضه من عثرته و لم تنقذه من صرعته و لم تشفه من ألمه و لم تبرئه من سقمه و لم تخلصه من وصمه

بل أوردته بعد عز و منعة                 موارد سوء ما لهن مصادر

فلما رأى أن لا نجاة و أنه‏                  هو الموت لا ينجيه منه التحاذر

تندم إذ لم تغن عنه ندامة                  عليه و ابكته الذنوب الكبائر

إذ بكى على ما سلف من خطاياه و تحسر على ما خلف من دنياها واستغفر حتى لا ينفعه الاستغفار و لا ينجيه الاعتذار عند هول المنية و نزول البلية.

احاطت به أحزانه و همومه‏               و ابلس لما اعجزته المقادر

فليس له من كربة الموت فارج‏            و ليس له مما يحاذر ناصر

و قد جشأت خوف المنية نفسه‏           ترددها منه اللها و الحناجر

                  

هنالك خف عواده و اسلمه أهله و عواده و ارتفعت البرية بالعويل و قد أيسوا من العليل فغمضوا بايديهم عينيه و مدوا عند خروج روحه رجليه و تخلى عنه الصديق و الصاحب الشقيق

فكم موجع يبكي عليه مفجع‏               و مستنجد صبرا و ما هو صابر

و مسترجع داع له اللّه مخلصا             يعدد منه كل ما هو ذاكر

و كم شامت مستبشر بوفاته‏               و عما قليل للذي صار صائر

فشقت جيوبها نساؤه و لطمت خدودها إماؤه و اعول لفقده جيرانه و توجع لرزيته اخوانه ثم اقبلوا على جهازه و شمروا لابرازه كأنه لم يكن بينهم العزيز المفدى و لا الحبيب المبدى

و حل احب القوم كان بقربه‏                يحث على تجهيزه و يبادر

و شمر من قد احضروه لغسله‏            و وجه لما فاض للقبر حافر

و كفن في ثوبين و اجتمعت له‏            لتشييعه اخوانه و العشائر

فلو رأيت الأصغر من أولاده و قد غلب الحزن على فؤاده و يخشى من الجزع عليه و خضبت الدموع عينيه و هو يندب أباه و يقول: يا ويلاه وا حرباه

لعاينت من قبح المنية منظرا               يهال لمرآة و يرتاع ناظر

أكابر أولاد يهيج اكتئابهم‏                  إذا ما تناساه البنون الاصاغر

و ربه نسوان عليه جوازع‏                مدامعهم فوق الخدود غوازر

ثم أخرج من سعة قصره إلى ضيق قبره فلما استقر في اللحد و هيل عليه اللبن احتوشته اعماله و احاطت به خطاياه و ضاق ذرعا بما رآه ثم حثوا بأيديهم عليه التراب و اكثروا البكاء عليه و الانتحاب ثم وقفوا ساعة عليه و ايسوا من النظر إليه و تركوه رهنا بما كسب و طلب

فولوا عليه معولين و كلهم‏                لمثل الذي لاقى اخوه محاذر

كشاء رتاع آمنين بدالها          بمديته بادي الذراعين حاسر

فريعت و لم ترتع قليلا و اجفلت‏           فلما نأى عنها الذي هو حاذر ...

عادت إلى مرعاها و نسيت ما في اختها دهاها ا فبأفعال الانعام اقتدينا؟ أم على عادتها جرينا؟ عد إلى ذكر المنقول إلى دار البلى و اعتبر بموضعه تحت الثرى المدفوع إلى هول ما ترى

ثوى مفردا في لحده و توزعت‏            مواريثه أولاده و الأصاهر

و احنوا على أمواله يقسمونها            فلا حامد منهم عليها و شاكر

فيا عامر الدنيا و يا ساعيا لها             و يا آمنا من أن تدور الدوائر

كيف أمنت هذه الحالة و أنت صائر إليها لا محالة؟ أم كيف ضيعت حياتك و هي مطيتك إلى مماتك؟ أم كيف تشبع من طعامك و أنت منتظر حمامك؟ أم كيف تهنأ بالشهوات و هي مطية الآفات

و لم تتزود للرحيل و قد دنا                و أنت على حال و شيك مسافر

فيا لهف نفسي كم أسوف توبتي‏          و عمري فان و الردى لي ناظر

و كل الذي اسلفت في الصحف مثبت‏               يجازي عليه عادل الحكم قادر

فكم ترقع بآخرتك دنياك و تركب غيك و هواك أراك ضعيف اليقين يا مؤثر الدنيا على الدين أ بهذا أمرك الرحمن؟ أم على هذا انزل القرآن؟ أ ما تذكر أمامك من شدة الحساب و شر المآب أ ما تذكر حال من جمع و ثمر و رفع البناء و زخرف و عمر أ ما صار جمعهم بورا و مساكنهم قبورا

تخرب ما يبقى و تعمر فانيا                فلا ذاك موفور و لا ذاك عامر

و هل لك إن وافاك حتفك بغتة             و لم تكتسب خيرا لدى اللّه عاذر

أ ترضى بأن تفنى الحياة و تنقضي‏                 و دينك منقوص و مالك وافر

و انتهت هذه الموعظة و قد صورت واقع الحياة الدنيا و ما يؤول إليه أمر الانسان من النزوح عن هذه الدنيا التي هو احرص ما يكون عليها فقد هام بحبها و تعلق بشهواتها و مباهجها مع علمه بمفارقتها إلى قبر مظلم ضيق تتقطع فيه أوصاله و تنحسر فيه أخباره و لا يبقى معه إلا عمله فإن كان صالحا فلا يأنس إلا به و إن كان شرا فلا يخاف إلا منه , و نحن لا يخالجنا شك في مضامين هذه الموعظة إلا أنا نشك فيها من جهة ركاكة بعض ألفاظها خصوصا ما اشتملت عليه من النظم و هي لا تتناسب مع بلاغة الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي هو من أبلغ أئمة البلاغة في العالم العربي و الاسلامي فهو صاحب الصحيفة السجادية التي لم تعرف العربية أبلغ و أفصح منها.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.