أقرأ أيضاً
التاريخ: 20/10/2022
861
التاريخ: 11-04-2015
3349
التاريخ: 2-4-2016
5794
التاريخ: 12-4-2016
3103
|
من مواعظه هذه الموعظة التي وجه فيها الخطاب لنفسه و هي من المواعظ التي ترتعد منها الفرائص و تفزع منها القلوب و هذا نصها: يا نفس حتى متى إلى الدنيا سكونك و إلى عمارتها ركونك أ ما اعتبرت بمن مضى من اسلافك و من رواته الأرض من ألّافك؟ و من فجعت به من اخوانك و نقل إلى الثرى من اقرانك؟ فهم في بطون الأرض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر
خلت دورهم منهم و اقوت عراصهم و ساقهم نحو المنايا المقادر
و خلوا عن الدنيا و ما جمعوا لها و ضمهم تحت التراب الحفائر
كم خرمت أيدي المنون من قرون و كم غيرت الأرض ببلائها و غيبت في ترابها ممن عاشرت من صنوف و شيعتهم إلى الأرماس ثم رجعت عنهم إلى عمل أهل الإفلاس
و أنت على الدنيا مكب منافس لخطابها فيها حريص مكاثر
على خطر تمشي و تصبح لاهيا أ تدري بما ذا لو عقلت تخاطر
و إن امرأ يسعى لدنياه دائبا و يذهل عن أخراه لا شك خاسر
فحتى متى على الدنيا إقبالك؟ و بشهواتها اشتغالك؟ و قد و خطك القتير و أتاك النذير و أنت عما يراد بك ساه و بلذة يومك و غدك لاه و قد رأيت انقلاب أهل الشهوات و عاينت ما حل بهم من المصيبات
و في ذكر هول الموت و القبر و البلى عن اللهو و اللذات للمرء زاجر
أبعد اقتراب الأربعين تربص و شيب قذال منذر و مكابر
كأنك معنيّ بما هو ضائر لنفسك عمدا و عن الرشد حائر
انظر إلى الأمم الماضية و الملوك الفانية كيف اختطفتهم عقبان الأيام و وافاهم الحمام فامحت من الدنيا آثارهم و بقيت فيها أخبارهم و اصبحوا رمما في التراب إلى يوم الحشر و المآب
امسوا رميما في التراب و عطلت مجالسهم منهم و أخلى مقامر
و حلوا بدار لا تزاور بينهم و أنى لسكان القبور التزاور
فما أن ترى إلا قبورا ثووا بها مسطحة تسفي عليها الأعاصر
كم من ذي منعة و سلطان و جنود و اعوان تمكن من دنياه و نال فيها ما تمناه و بنى فيها القصور و الدساكر و جمع فيها الأموال و الذخائر و مليح السراري و الحرائر
فما صدفت كف المنية إذ أتت مبادرة تهوى إليه الذخائر
و لا دفعت عنه الحصون التي بنى و حف بها أنهاره و الدساكر
و لا قارعت عنه المنية حيلة و لا طمعت في الذب عنه العساكر
أتاه من اللّه ما لا يرد و نزل به من قضائه ما لا يصد فتعالى اللّه الملك الجبار المتكبر العزيز القهار قاصم الجبارين و مبيد المتكبرين الذي ذل لعزه كل سلطان و أباد بقوته كل ديان
مليك عزيز لا يرد قضاؤه حكيم عليم نافذ الأمر قاهر
عنا كل ذي عز لعزة وجهه فكم من عزيز للمهيمن صاغر
لقد خضعت و استسلمت و تضاءلت لعزة ذي العرش الملوك الجبابر
فالبدار ... البدار و الحذار ... الحذار من الدنيا و مكايدها و ما نصبت لك من مصايدها و تحلت لك من زينتها و اظهرت لك من بهجتها و ابرزت لك من شهواتها و اخفت عنك من غوائلها و هلكاتها.
و في دون ما عاينت من فجعاتها إلى دفعها داع و بالزهد آمر
فجدّ و لا تغفل و كن متيقظا فعما قليل يترك الدار عامر
فشمر و لا تفتر فعمرك زائل و أنت إلى دار الإقامة صائر
و لا تطلب الدنيا فإن نعيمها غبه لك ضائر
فهل يحرص عليها لبيب أو يسرّ بها أريب؟ و هو على ثقة من فنائها و غير طامع في بقائها أم كيف تنام عينا من يخشى البيات و تسكن نفس من توقع في جميع أموره الممات
إلا له و لكنا نغر نفوسنا و تشغلنا اللذات عما نحاذر
و كيف يلذ العيش من هو موقف بموقف عدل يوم تبلى السرائر
كأنا نرى أن لا نشور و أننا سدى ما لنا بعد الممات مصادر
و ما عسى أن ينال صاحب الدنيا من لذتها و يتمتع به من بهجتها مع صنوف عجائبها و قوارع فجائعها و كثرة عذابه في مصابها و في طلبها و ما يكابد من اسقامها و أوصابها و آلامها
أ ما قد نرى في كل يوم و ليلة يروح علينا صرفها و يباكر
تعاورنا آفاتها و همومها و كم قد ترى يبقى لها المتعاور
فلا هو مغبوط بدنياه آمن و لا هو عن تطلابها النفس قاصر
كم قد غرت الدنيا من مخلد إليها و صرعت من مكب عليها فلم تنهضه من عثرته و لم تنقذه من صرعته و لم تشفه من ألمه و لم تبرئه من سقمه و لم تخلصه من وصمه
بل أوردته بعد عز و منعة موارد سوء ما لهن مصادر
فلما رأى أن لا نجاة و أنه هو الموت لا ينجيه منه التحاذر
تندم إذ لم تغن عنه ندامة عليه و ابكته الذنوب الكبائر
إذ بكى على ما سلف من خطاياه و تحسر على ما خلف من دنياها واستغفر حتى لا ينفعه الاستغفار و لا ينجيه الاعتذار عند هول المنية و نزول البلية.
احاطت به أحزانه و همومه و ابلس لما اعجزته المقادر
فليس له من كربة الموت فارج و ليس له مما يحاذر ناصر
و قد جشأت خوف المنية نفسه ترددها منه اللها و الحناجر
هنالك خف عواده و اسلمه أهله و عواده و ارتفعت البرية بالعويل و قد أيسوا من العليل فغمضوا بايديهم عينيه و مدوا عند خروج روحه رجليه و تخلى عنه الصديق و الصاحب الشقيق
فكم موجع يبكي عليه مفجع و مستنجد صبرا و ما هو صابر
و مسترجع داع له اللّه مخلصا يعدد منه كل ما هو ذاكر
و كم شامت مستبشر بوفاته و عما قليل للذي صار صائر
فشقت جيوبها نساؤه و لطمت خدودها إماؤه و اعول لفقده جيرانه و توجع لرزيته اخوانه ثم اقبلوا على جهازه و شمروا لابرازه كأنه لم يكن بينهم العزيز المفدى و لا الحبيب المبدى
و حل احب القوم كان بقربه يحث على تجهيزه و يبادر
و شمر من قد احضروه لغسله و وجه لما فاض للقبر حافر
و كفن في ثوبين و اجتمعت له لتشييعه اخوانه و العشائر
فلو رأيت الأصغر من أولاده و قد غلب الحزن على فؤاده و يخشى من الجزع عليه و خضبت الدموع عينيه و هو يندب أباه و يقول: يا ويلاه وا حرباه
لعاينت من قبح المنية منظرا يهال لمرآة و يرتاع ناظر
أكابر أولاد يهيج اكتئابهم إذا ما تناساه البنون الاصاغر
و ربه نسوان عليه جوازع مدامعهم فوق الخدود غوازر
ثم أخرج من سعة قصره إلى ضيق قبره فلما استقر في اللحد و هيل عليه اللبن احتوشته اعماله و احاطت به خطاياه و ضاق ذرعا بما رآه ثم حثوا بأيديهم عليه التراب و اكثروا البكاء عليه و الانتحاب ثم وقفوا ساعة عليه و ايسوا من النظر إليه و تركوه رهنا بما كسب و طلب
فولوا عليه معولين و كلهم لمثل الذي لاقى اخوه محاذر
كشاء رتاع آمنين بدالها بمديته بادي الذراعين حاسر
فريعت و لم ترتع قليلا و اجفلت فلما نأى عنها الذي هو حاذر ...
عادت إلى مرعاها و نسيت ما في اختها دهاها ا فبأفعال الانعام اقتدينا؟ أم على عادتها جرينا؟ عد إلى ذكر المنقول إلى دار البلى و اعتبر بموضعه تحت الثرى المدفوع إلى هول ما ترى
ثوى مفردا في لحده و توزعت مواريثه أولاده و الأصاهر
و احنوا على أمواله يقسمونها فلا حامد منهم عليها و شاكر
فيا عامر الدنيا و يا ساعيا لها و يا آمنا من أن تدور الدوائر
كيف أمنت هذه الحالة و أنت صائر إليها لا محالة؟ أم كيف ضيعت حياتك و هي مطيتك إلى مماتك؟ أم كيف تشبع من طعامك و أنت منتظر حمامك؟ أم كيف تهنأ بالشهوات و هي مطية الآفات
و لم تتزود للرحيل و قد دنا و أنت على حال و شيك مسافر
فيا لهف نفسي كم أسوف توبتي و عمري فان و الردى لي ناظر
و كل الذي اسلفت في الصحف مثبت يجازي عليه عادل الحكم قادر
فكم ترقع بآخرتك دنياك و تركب غيك و هواك أراك ضعيف اليقين يا مؤثر الدنيا على الدين أ بهذا أمرك الرحمن؟ أم على هذا انزل القرآن؟ أ ما تذكر أمامك من شدة الحساب و شر المآب أ ما تذكر حال من جمع و ثمر و رفع البناء و زخرف و عمر أ ما صار جمعهم بورا و مساكنهم قبورا
تخرب ما يبقى و تعمر فانيا فلا ذاك موفور و لا ذاك عامر
و هل لك إن وافاك حتفك بغتة و لم تكتسب خيرا لدى اللّه عاذر
أ ترضى بأن تفنى الحياة و تنقضي و دينك منقوص و مالك وافر
و انتهت هذه الموعظة و قد صورت واقع الحياة الدنيا و ما يؤول إليه أمر الانسان من النزوح عن هذه الدنيا التي هو احرص ما يكون عليها فقد هام بحبها و تعلق بشهواتها و مباهجها مع علمه بمفارقتها إلى قبر مظلم ضيق تتقطع فيه أوصاله و تنحسر فيه أخباره و لا يبقى معه إلا عمله فإن كان صالحا فلا يأنس إلا به و إن كان شرا فلا يخاف إلا منه , و نحن لا يخالجنا شك في مضامين هذه الموعظة إلا أنا نشك فيها من جهة ركاكة بعض ألفاظها خصوصا ما اشتملت عليه من النظم و هي لا تتناسب مع بلاغة الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي هو من أبلغ أئمة البلاغة في العالم العربي و الاسلامي فهو صاحب الصحيفة السجادية التي لم تعرف العربية أبلغ و أفصح منها.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|