أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-09-2015
1763
التاريخ: 28-09-2015
1642
التاريخ: 30-01-2015
1945
التاريخ: 11-10-2014
1798
|
قال تعالى : {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [آل عمران : 164].
في هذه الآية يدور الحديث حول أكبر النعم الإلهية ، ألا وهي نعمة «بعثة الرسول الأكرم والنبي الخاتم» (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو في الحقيقة إجابة قوية على التساؤل الذي خالج بعض الأذهان من الحديثي العهد بالإسلام بعد «معركة أُحد» وهو : لماذا لحق بنا ما لحق ، ولماذا أصبنا بما أصبنا به ؟ فيجيبهم القرآن الكريم بقوله : (لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم) أي إذا كنتم قد تحملتم كلّ هذه الخسائر ، وأصبتم بكلّ هذه المصائب ، فإن عليكم أن لا تنسوا أن الله قد أنعم عليكم بأكبر نعمة ، ألا وهي بعثه نبي يقوم بهدايتكم وتربيتكم ، وينقذكم من الضلالات وينجيكم من المتاهات ، فمهما تحملتم في سبيل الحفاظ على هذه النعمة العظمى والموهبة الكبرى ، ومهما كلفكم ذلك من ثمن ، فهو ضئيل إلى جانبها ، وحقير بالنسبة إليها.
والجدير بالإهتمام ـ في المقام ـ هو أن هذه النعمة قد شرع ذكرها بكلمة «منّ» التي قد لا تبدو جميلة ولا مستحسنة في بادئ الأمر ، ولكننا عندما نراجع مادة هذه اللفظة وأصلها اللغوي يتضح لنا الأمر غاية الوضوح ، وتوضيحه هو : ان المن ـ كما قال الراغب في مفرداته : هو ما يوزن به ، ولذلك أطلق على النعمة الثقيلة : المنة ، ويقال ذلك إذا كان ذلك بالفعل ، فيقال : منَّ فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة الجميلة الثمينة وهو حسن لا بأس فيه ، أما إذا عظّم أحد ـ في القول والادعاء
ـ ما قام به من حقير الخدمات والأفعال والصنائع فهو في غاية القبح.
وعلى هذا فإن المن المستقبح هو الذي يكون استعظاماً للصنائع والنعم في القول ، أما المنة المستحسنة فهي بذل النعم الكبرى والصنائع العظيمة.
أما تخصيص المؤمنين بالذكر في هذه الآية في حين أن الهدف من بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)هو هداية عموم البشر ، فلأن المؤمنين هم الذين سيستفيدون ـ بالنتيجة والمآل ـ من هذه النعمة العظمى فهم الذين يستأثرون بآثارها عملاً دون غيرهم.
ثمّ إن الله سبحانه يقول : (من أنفسهم) أن إحدى مميزات هذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أنه من نفس الجنس والنوع البشري ، لا من جنس الملائكة وما شابهها ، وذلك لكي يدرك كلّ احتياجات البشر بصورة دقيقة ، ولا يكون غريباً عنها ، غير عارف بها ، وحتّى يلمس آلام الأنسان وآماله ، ومشكلاته ومصائبه ، ومتطلبات الحياة ومسائلها ، ثمّ يقوم بما يجب أن يقوم به من التربية والتوجيه على ضوء هذه المعرفة.
هذا مضافاً إلى أن القسط الأكبر من برامج الأنبياء التربوية يتكون من تبليغهم
العملي بمعنى أن أعمالهم تعتبر أفضل مثل ، وخير وسيلة تربوية للآخرين ، لأن التبليغ بلسان العمل أشد تأثيراً ، وأقوى أثراً من التبليغ بأية وسيلة أُخرى ، وهذا إنما يمكن إذا كان المبلّغ من نوع البشر وجنسه بخصائصه ، ومواصفاته الجسمية ، وبذات غرائزه وبنائه الروحي.
فإذا كان الأنبياء من جنس الملائكة ـ مثلاً ـ كان للبشر الذين أرسل الأنبياء إليهم أن يقولوا : إذا كان الأنبياء لا يعصون أبداً ، فلأجل أنهم من الملائكة ليست في طبائعهم الشهوات والغرائز ، ولا الغضب ولا الحاجة.
وهكذا كانت رسالة الأنبياء ومهمتهم تتعطل وتفقد تأثيرها ، ولا تحقق أغراضها.
ولهذا اختير الأنبياء من جنس البشر ومن فصيلة الإنسان بغرائزه ، واحتياجاته ، ليمكنهم أن يكونوا أسوة لغيرهم من البشر ، وقدوة لسواهم من بني الإنسان.
ثمّ إن الله سبحانه يقول واصفاً مهمات هذا النبي العظيم : (يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) أي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقوم بثلاثة أُمور في حقّهم :
1 ـ تلاوة آيات الله على مسامعهم ، وإيقافهم على هذه الآيات والكلمات الإلهية.
2 ـ تعليمهم بمعنى إدخال هذه الحقائق في أعماق ضمائرهم وقلوبهم.
3 ـ تزكية نفوسهم ، وتنمية قابلياتهم الخلقية ، ومواهبهم الإنسانية.
ولكن حيث إن الهدف الأصلي هو «التربية» لذلك قدمت على «التعليم» مع أن الحال ـ من حيث الترتيب الطبيعي ـ تقتضي تقديم التعليم على التربية.
إن الذين يبتعدون عن الحقائق الإنسانية بالمرة ، ليس من السهل إخضاعهم
للتربية ، فلابدّ أولاً من إسماعهم آيات الله مدة من الزمن حتّى تذهب عنهم الوحشة التي وقعوا فريسة لها من قبل ، ليتسنى حينئذ إدخالهم في مرحلة التعليم ، ثمّ يمكن اقتطاف ثمار التربية بعد ذلك.
ثم إن هناك احتمالا آخر في تفسير الآية وهو أن المقصود من التزكية هو التنقية من رواسب الجاهلية والشرك ، ومن بقايا العقائد الباطلة والأفكار الخرافية ، والأخلاق الحيوانية القبيحة لأن الضمير الإنساني ما دام لم يطهر من الأدران والرواسب لم يمكن إعداده وتهيئته لتعليم الكتاب الإلهي ، والحكمة والعلم الواقعيين ، تماماً مثل اللوحة التي لا تقبل الألوان والنقوش الجميلة ما لم تنظف من النقوش القبيحة أولاً.
ولهذا السبب قدمت التزكية في الآية الحاضرة على تعليم الكتاب والحكمة التي يراد بها معارف الإسلام العالمية ، ومفاهيمه السامية.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|