أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
1784
التاريخ: 12-10-2014
1603
التاريخ: 18-11-2014
1589
التاريخ: 11-10-2014
1769
|
هناك احتمالات ثلاثة معروفة حول مفهوم «الأُمّي» :
أوّلها : أن معناه : الذي لم يدرس.
الثّاني : أنّ معناه : المولود في أرض مكّة ، والناهض منها.
الثّالث : أنّ معناه الذي قام من بين صفوف الجماهير.
ولكن الرأي الأشهر هو التّفسير الأوّل ، وهو أكثر انسجاماً مع موارد استعمال هذه اللفظة ، ويمكن أن تكون المعاني الثلاثة مرادة برمتها أيضاً ، كما قلنا.
ثمّ إنّه لا نقاش بين المؤرخين بأنّ الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يدرس ، ولم يكتب شيئاً ، وقد قال القرآن الكريم ـ أيضاً ـ في الآية (48) من سورة العنكبوت حول وضع النّبي قبل البعثة : {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } [العنكبوت : 48]
وأساساً كان عدد العارفين بالكتابة والقراءة في المحيط الحجازي قليلا جدّاً ، حيث كان الجهل هو الحالة السائدة على الناس بحيث أن هؤلاء العارفين بالكتابة والقراءة كانوا معروفين بأعيانهم وأشخاصهم ، فقد كان عددهم في مكّة من الرجال لا يتجاوز (17) شخصاً ، ومن النساء امرأة واحدة (1).
من المسلّم أن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لو كان قد تعلّم القراءة والكتابة ـ في مثل هذه البيئة ـ لدى أستاذ لشاع ذلك وصار أمراً معروفاً للجميع ، وعلى فرض أنّنا لم نقبل بنبوته ، ولكن كيف يمكنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينفي ـ في كتابه ـ بصراحة هذا الموضوع؟ ألا يعترض عليه الناس ويقولون : إن دراستك وتعلّمك للقراءة والكتابة أمر مسلّم معروف لنا ، فكيف تنفي ذلك؟
إنّ هذه قرينة واضحة على أُميّة النّبي.
وعلى كل حال ، فإنّ وجود هذه الصفة في النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان تأكيداً على نبوته حتى ينتفي أي احتمال في إرتباطه إلاّ بالله وبعالم ما وراء الطبيعة في صعيد دعوته.
هذا بالنسبة إلى فترة ما قبل النّبوة ، وأمّا بعد البعثة فلم ينقل أحد المؤرخين أنّه تلقى القراءة أو الكتابة من أحد ، وعلى هذا بقي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أمُيّته حتى نهاية عمره.
ولكن من الخطأ الكبير أن تتصوّر أنّ عدم التعلّم عند أحد يعني عدم المعرفة بالكتابة والقراءة ، والذين فسّروا «الأّمّية» بعدم المعرفة بالكتابة والقراءة كأنّهم لم يلتفتوا إلى هذا التفاوت.
ولا مانع أبداً من أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان عارفاً بالقراءة والكتابة بتعليم الله ، ومن دون أن يتتلمذ على يد أحد من البشر ، لأنّ مثل هذه المعرفة هي بلا شك من الكمالات الإِنسانية ، ومكملة لمقام النّبوة.
ويشهد بذلك ما ورد في الأحاديث المروية عن أهل البيت(عليهم السلام) من ان النبي كان قادراً على القراءة والكتابة (2)
ولكنّه لأجل أن لا يبقى أي مجال لأدنى تشكيك في دعوته لم يكن (صلى الله عليه وآله وسلم) يستفيد من هذه المقدرة.
وقول البعض : إنّ القدرة على الكتابة والقراءة لا تعدّ كمالا ، فهما وسيلة للوصول إلى الكمالات العلميّة ، وليسا بحدّ ذاتها علماً حقيقياً ولا كمالا واقعياً فإن جوابه كامن في نفسه ، لأنّ العلم بطريق الكمال كمال أيضاً.
قد يقال : إنّه نفي في روايتين عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بصراحة تفسير «الأُمّي» بعدم القراءة والكتابة ، بل بالمنسوب إلى «أم القرى» (مكّة) (3).
ونقول في الردّ : إنّ إحدى هاتين الروايتين «مرفوعة» حسب اصطلاح علم الحديث فلا قيمة لها من حيث السند ، والرواية الأُخرى منقولة عن «جعفر بن محمّد الصوفي» وهو مجهول.
وأمّا ما تصوَّره البعض من أن الآية الثّانية من سورة الجمعة : {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة : 2] وآيات أُخرى دليل على أن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتلو القرآن على الناس من شيء مكتوب ، فهو خطأ بالغ ، لأنّ التلاوة تطلق على التلاوة من مكتوب على شيء ، كما تطلق على القراءة حفظاً ومن ظهر القلب ، واستعمال لفظة التلاوة في حق الذين يقرأون الأشعار أو الأدعية حفظاً ومن على ظهر القلب كثير.
من مجموع ما قلناه نستنتج :
1 ـ أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتلق القراءة والكتابة من أحد حتماً ، وبهذا تكون إحدى صفاته أنّه لم يدرس عند أستاذ.
2 ـ أنّنا لا نملك أي دليل معتبر على أن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرأ أو كتب شيئاً قبل النبوة ، أو بعدها.
3 ـ إنّ هذا الموضوع لا يتنافى مع تعليم الله تعالى القراءة أو الكتابة لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم).
____________________
1- فتوح البلدان ، ج3 ، ص580.
2- تفسير البرهان ج4 ، ص332 ذيل الآيات سورة الجمعة ؛ وبحار الانوار ج16 ، ص133 و 134.
3- تفسير البرهان ج5 ، ص332 ؛ وتفسير نور الثقلين ج2 ، ص78 ذيل الآية مورد البحث.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|