أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-01
1640
التاريخ: 14-9-2018
1709
التاريخ: 2023-08-24
1255
التاريخ: 2023-07-30
993
|
المنظور الفلسفي للتاريخ عند السيد موسى الصدر
من أجل أن نقف على موقع (المنظور الفلسفي للتاريخ للسيد موسى الصدر) في مجمل البناء الفلسفي للتاريخ والحضارة لابد أن نتأمل ما وصل إلينا منه، وما كتب عنه وبقدر ما تسمح به ظروف هذه الدراسة ومساحتها فلقد كشفت لنا المصادر الصدرية عن المضمون الاخلاقي للتاريخ حين عد العدالة جوهرية حركية التاريخ وصيرورته الصاعدة من التخلف إلى التقدم(1) ما دام الانسان، هو صانع ذلك التاريخ والدافع به إلى المستقبل ومحركه، بفضل مثلث العلاقة بينه وبين الله والكون (الطبيعة). على اساس أن حركة التاريخ يحكمها نظام مرهون بوعي البشر واجتهادهم وجهادهم بعدهم خلفاء لله على هذه الارض كل شيء مسخر من اجل الانسان وسعادته ورخائه. لذلك كان (الوضع التاريخي)(2) عند السيد موسى الصدر يتجلى في الانسان الذي يمتلك الاشياء ويسخرها نحو الافضل. فالتاريخ صناعة انسانية ارضية مستنيرة بنور السماء بما يعبر عن ارادة الانسان(3) الصالح العارف ببعده الكوني. نعم فالعمل التاريخي الحق هو الانسجام مع الكون(4) .
1- تكاملية التاريخ:
لا ينقطع الفعل التاريخي عند الإمام الصدر بالموت بفضل سيرورة الزمن ونفاذه من الحياة إلى الموت فالحياة الثانية عليه اخذ مفهوم الموت عنده بعدا تفاؤليا في اطار رضى (المؤمن) "فالموت عند المؤمن تحول من الأرض إلى السماء ومن المحدودية إلى اللامحدودية وتحطيم للقيود (المادية) .. الموت خلق لا انعدام ولا حياة الا بعد الموت" (5).
أ) ومعنى هذا ان التاريخ لا ينقطع بالموت انما يستمر ويتواصل لان الحياة الثانية هي الاصل والهدف والغاية النهائية لكنها اصل وغاية مرهونة باعمال الانسان في هذه الدنيا، عليه يصبح الثابت (الخلود الاخروي) مرتهن بالمتغير الدنيوي، هذه هي الدورية التاريخية في المنظور الايماني كذلك يقول سماحته (أن ظاهرة الموت ثم الحياة (تعبر) عن حقيقة التحول والتطور الكامل) فلا تحول الا مع الموت .. الموت سبيل الكمال. الموت خلود، الموت سبيل لانكشاف الحقيقية"(6) "تلك هي نظرية النشؤ والارتقاء"(7) في المفهوم الصدري. الكاشف عن الارتقاء بهذا المعنى إلى ذروته في (الاستشهاد) والمعبر عن البذل المعنوي والمبادئ من اجل الوطن (8) . هذا هو المفهوم الايجابي للموت في التاريخ.
ب) يقابله مفهوم سلبي حين يتجسد الموت (معنويا) في اطار من الواقع الاجتماعي صنيع الانسان ... والمشاكل الاجتماعية والفقر .. والمرض والجهل (والحرمان) فيجمعها تترك الانسان جسم بلا قوة ووعي فـ (الفقر موت والجهل موت فكيف نبني بمجتمع نسبته الغالبة من الفقراء والمحرومين والجهلة(9) .
ت) يريد السيد موسى الصدر أن يقول بجدلية الانسان (الكوني) الذي يكمل الدائرة الارض والسماء والدنيا والاخرة والحياة والموت والطبيعة وما وراء الطبيعة او اقل المتغير والخالد فالانسان مع الله خالد منه واليه والموت مرحلة من مراحل حياته ينتقل من هذه المرحلة إلى مرحلة اخرى اوسع واعم فالانسان المؤمن خالد او يشعر بالخلود بينما الانسان يفتقر للأيمان الحقيقي يشعر بالنهاية والتوقف – الموت والتلاشي(10) .
ث) بمعنى اخر أن الموت الايجابي هو المستقبل اللانهائي او اقل أن المستقبل هو "الحياة وضع الانسان بعد الموت .. النعيم للأخيار (11). اما اذا كانت علاقة الانسان مع الله سلبية فهو عند السيد موسى الصدر الخسران والنهاية والموت السلبي والانقطاع الذي يستشعره وغير المؤمن(12) وهذا يعني الاخذ بتقابلية الاعمال التاريخية(13) بمفهومها المقدس الايجابي والسلبي ما دام مفهوم قداسة الاعمال التاريخيه لا يحققه الا الانسان الذي يتجه نحو الخير المعنوي الاسمى وان ما عند الله خير وابقى .. حب الخير يعني حب المعنويات لا حب الماديات (14).
ج) لقد جاء تفسيره العقلاني النقدي للتاريخ تحت مصطلح السراط المستقيم المعتدل المتوسط التكاملي لما ينطوي عليه هذا المفهوم تاريخيا (15) من تجنب للتطرف والانحراف.
ح) واذا كان التاريخ لا يتقدم عند السيد موسى الصدر الا بالعمل الانساني الرائع فان معيقات ذلك التاريخ يسميها (اليوم) بجبهة الهدم والطغيان والظلم(16) ومعنى هذا أن التاريخ لا يتحرك الا بتفاؤل وثقة ولنتحرك العقول والابدي ولنمشي حتى على الشوك ولنصبر حتى على الاتهام ولنقدم للمسيرة هذه المنطلقات ولنتجاوز الجمود ونترجم حاجات المحرومين إلى منجزات ولنبدا مسيرة التغيير الايجابي(17) فالتاريخ لا يدفعه الا المواقف الكبيرة المواقف البطولية(18) واقصاء الحرمان من حياة الناس(19) لانه في جوهره عامل معيق لحركة التاريخ ومعطل لقدرات الملايين من الناس(20) .
خ) لهذا السبب قال السيد الصدر لمحاوريه عام 1973 أن حركة التاريخ تدور حول محور واحد هو الانسان وارادة الانسان (21) وقال تعليقا على فكرة المستقبل كما يراه للناس سأعمل واطالب المواطنين ان يعملوا لصناعة المستقبل ولبناء المستقبل لا اكتشاف المستقبل. أن حركة التاريخ وجبر التاريخ وعقارب ساعة التاريخ كلها تدور حول محور واحد هو الانسان هو ارادة الانسان(22) وبهذا تجاوز الاطار الماوراني الذي عادة ما يغلف الخطابات الدينية في تفسيرها للتاريخ والزمن والمستقبل على الرغم من ايمانه بالبعد المقدس للزمن.
د) فالبعد المقدس للزمن الارضي يجده الصدر نقطة مركزية يلتقي عندها الخالد والمتطور فثمة ايم مقدسة كما نوجد اماكن مقدسة في المفهوم الحركي للزمن مثل ليلة القدر وشهر رمضان وايام الحج في ذي الحجة ودليله في ذلك الخطاب المقدس: القران الكريم(23) والقداسة لما هو كوني فيما هو متغير تلخصها موازنة ليلة القدر ب الف شهر مما تعدون بدلالات الايمان القلبي من جانب المتغير البشري والوحدة الكونية التي تتفوق على حساباتنا المادة(24) الكاشفة عن العلاقة المتمثلة بين (الله والنبي والوحي)(25) غلبة الروم – فالنص الخالد يوثق للآتي بمعنى أن القران يوجه في كل عصر وفي كل زمن مهما سبق الامر(26) وذلك من صور المعجزة الالهية والعناية الربانية لتأكيد موضوع الاستخلاف.
ذ) والانسان الخلفية هو الذي يحكم معادلة التاريخ والجغرافية والوعي ويتحمل المسؤلية ويتصرف بوعي الانسان مخير لا مسير(27) . وحين يكون ذلك الانسان عالما عارفا بمعنى أن الخط البياني لحركة التاريخ عند السيد الصدر مقترن بالعلم والمعرفة وبعدهما وسيلة الانسان في تسخير الاشياء في مجال كوني لا يقتصر على الكرة الارضية(28).
لهذه الاسباب عد السيد موسى الصدر العمل التاريخي الحق هو في الانسجام مع الكون(29) والخروج من الظلمات إلى النور (30) وهكذا يقرر الانسان الحق مصيره ومستقبله من خلال اعماله الجليلة والعكس صحيح انطلاقا من شهادة النص المقدس أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم(31) محذرا الناس من مفهوم الموت السلبي الانحطاط الحضاري والانتكفاء التاريخي فالامم عند السيد موسى الصدر مثل الافراد تحيا وتموت اذا فقدت الاسس الضرورية للبقاء بسبب الشرك والظلم وهدر الطاقات(32) فموت الامة يعني عنده الموت لمقوماتها .. وليس ابادتها ماديا كما جرى لقوم شعيب(33) .
_________________
(1) السيد موسى الصدر، تقرير إلى المحرومين (مركز الامام الصدر)، بيروت 2000 ص 2 وص30
(2) السيد موسى الصدر "دراسات للحياة" (مركز الإمام الصدر) بيروت 1999 ص 180.
(3) السيد موسى الصدر: حوار تصادمي بيروت ب ت ص 7 – 19
(4) الإمام السيد موسى الصدر: احاديث السحر (معالم التربية القرانية 2) تحقيق حسين شرف الدين (مركز الإمام الصدر) ط بيروت 1999 ص 92
(5) الإمام الصدر: حوارات صحفية تاسيسا لمجتمع مقاوم لمركز الإمام الصدر للابحاث والدراسات، ط1 بيروت، 2000 ص 6.
(6) ايضاً ص 7.
(7) نجيب جمال الدين: الشيعة على المفترق او موسى الصدر بيروت 1967. ص 150 – 151.
(8) الإمام الصدر: دراسات للحياة تحقيق ونشر حسين شرف الدين، مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات، ط 1 بيروت 1999 ص 36 – 37
(9) ايضاً ص 100 – 105.
(10) الصدر: دراسات للحياة ص 161- 163.
(11) ايضاً: ص 183 – 184
(12) ايضاً ص 164 – 168
(13) ايضا ص 205.
(14) ايضا ص 206
(15) الصدر: حوار تصادمي .. ص 19.
(16) الصدر: إلى المحرومين ص 9.
(17) الإمام السيد موسى الصدر.
(18) ايضاً ص 13.
(19) ايضا ص 17 و20.
(20) ايضاً ص 5.
(21) الصدر: حورالت صحفية 1 تاسيسا لمجتمع مقاوم ص 284.
(22) ايضا ص 288.
(23) الإمام الصدر: احاديث السحر (معالم التربية القرانية تحقيق حسين شرف الدين مركز الإمام ط 1 بيروت 1999 ص 11 و182 -186 وص 218 – 222.
(24) الإمام موسى الصدر: دراسات للحياة ص 273.
(25) الامام موسى الصدر: احاديث السحر ص 14 – 15.
(26) ايضا ص 31.
(27) ايضا ص 32.
(28) ايضا ص 34.
(29) ايضا ص 92.
(30) ايضا ص 136.
(31) سورة الرعد: 11/13.
(32) الإمام السيد الصدر: احاديث السحر ص 102.
(33) ايضا ص 107 – 110.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|