لبّى وفد الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة دعوة المُلتقى العلمي الذي أقامته الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة/ أكاديمية الوارث للتنمية البشرية والدراسات الاستراتيجية بعنوان: (أثر القيادة الصالحة في نهضة الأمم وتقدمها .. السيد السيستاني "دام ظله الوارف" أنموذجاً)، بحضور رئيس ديوان الوقف الشيعي الدكتور حيدر حسن الشمّري، والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي "دامت توفيقاته"، وكوكبة من الشخصيات العلمية والأكاديمية والحوزوية.
وشهد المُلتقى إلقاء كلمات عدّة بيّنت أهمية الشخصية القيادية عبر التاريخ التي تبنت المنهج الإسلامي، وتسليط الضوء على جوانب مهمة لشخصية قيادية معاصرة ممثلةً بالمرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني "دام ظله الوارف".
كما استعرضت أدوار المرجعية الدينية ومواقفها وثوابتها المشرّفة في تاريخ العراق، وكذلك تناولت نظرة المرجعية الدينية للواقع العراقي وعقليتها الفذّة وبصيرتها المتوقدة ورؤيتها المعمقة وسعيها في توجيه مسارات المجتمع باتجاه الحوار والتسامح والاعتدال، وحرصها الشديد على أن ينال كلّ العراقيين حقوقهم، وأن لا يكون هنالك تمييز لشريحة معينة على حساب بقية شرائح الأمة.
وجاء في كلمة رئيس الديوان الوقف الشيعي قائلاً: إنَّ الحديث عن القيادة الصالحة يعني الحديث عن القدوة والمثال في المجتمع، وهو من أهم الأهداف المنشودة في المجتمعات التي تبحث عن سعادتها، وتحقيق أهدافها، وقد اعتنت الحضارات برموزها الذين كانوا قدوة لهم في مجال معيَّن من مجالات الحياة المختلفة، والأمثلة في ذلك كثيرة، وقد مضىت على بعضها آلاف السنين، ولكنَّ أسماءها ومبادئها لا زالت عالقة في الأذهان، تتوارثها الأجيال بالتقليد المتوارث تارة، وبالدراسة والتحليل تارة أخرى .. وقد أكد الله عز وجل على دور القيادة والقائد في الأمة وما يجب أنْ يتمتع به من صفات تكون حافزًا لاقتداء الآخرين به، وقد ضرب أمثلة صريحة في القرآن الكريم تؤكد ذلك، قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ)، فالرسالة الإيمانية واضحة في وجوب اتخاذ النبي إبراهيم (عليه السلام) والذين آمنوا به وصدَّقوا رسالته أسوة وقدوة لهم في العقيدة، وبناء الشخصية الإيمانية، والمجتمع الإيماني الصالح.
وأضاف: (أما في عصر غيبة إمامنا الحجة بن الحسن المهدي (عجل الله فرجه) فقد غدت المسؤوليةُ كبيرةً على علماء الأمة في أداء ذلك الدور الكبير في المجتمع، وهذا ما يفهم من التوقيع الصادر عنه (عليه السلام): (وأمَّا الحوادثُ الواقعةُ فارجعُوا  فيهَا إلى رواةِ حديثِنَا، فإنَّهُم حُجَّتِي عليكُمْ وأنا حُجّةُ اللهِ)، وفي الحديث قول صريح في بيان منزلة العلماء الذين ينقلون علوم أهل البيت إلى الأمة، بل تأكيد منه على الرجوع إليهم والاقتداء بهم، فكانت مرجعية الأمة بعد الغيبة إلى الفقهاء الأعلام العدول، ولا زالت تسير على وفق منهج رصين راسخ، قائم على أسسٍ منبثقة من القرآن والسنة الشريفة، تُعَرِّف الناس أحكام الله تعالى، وما فيها من صلاحها، فالأمة الصالحة هي التي تبحث عن القدوة الصالحة وتتمسك به عقيدةً ومنهجًا).