المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

دفع اشكال في حب المال و الجاه‏
22-2-2019
الشروط القانونية اللازمة لإبرام عقد التأمين
17-3-2016
وقت وجوب وإخراج زكاة الفطرة
5-10-2018
الطبع والختم
1-07-2015
Introduction to Genes and Chromosomes
23-2-2021
superordinate (adj.)
2023-11-24


هل القواعد النقدية ثابتة في كل عصر..؟  
  
1877   01:39 مساءً   التاريخ: 23-3-2018
المؤلف : د. عبد الرسول الغفاري
الكتاب أو المصدر : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة : ص :15-18
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-1-2020 1987
التاريخ: 22-3-2018 9829
التاريخ: 14-08-2015 3928
التاريخ: 4-6-2017 54642

لقد عرفت أن النقد يستند بالدرجة الأولى إلى الذوق السليم والحس المرهف، كما ان هناك قواعد قد يتبعها الناقد اثناء دراسته للنص الأدبي لينتهي من خلالها الى أحكام تليق بالنص، جودة أم رداءة.

لكن الى ايّ مدى يمكن القول بأن تلك القواعد ثابتة ومنطقية؟ وهل يمكن اعطاء نموذج افضل فنجعله اثراً خالداً من بين الاَثار والنصوص؟ فيما تقدّم اتضح لك بأن النقد يسعى وراء الأدب " والأدب بكل فنونه واساليبه يرتبط بمشاعر وعواطف الأديب الذي بدوره يحمل هموم وآلام وتطلعات الامة، فما عسى ان يفعل هذا الأديب وهو بين ظهرانيها؟!

فالقواعد النقدية التي قد تجد منها ما هو اساسي لابدّ من وجودها في كل زمان ومكان، ولابد للناقد ان يلمّ بها لأنها مادته الأساسية واداته العملية في تحديد قيمة النص الأدبي.

فمن تلك القواعد: الاطلاع على المؤثرات الطبيعية التي ساهمت في تكوين شخصية الأديب، وهكذا قل بالنسبة إلى عنصر الأخلاق، وصدق الشعور وصحة التفكير، وجمال التصوير وقوة التأثير.

وهناك قواعِدٌ ثانوية أو فرعية أو قل عنها إنما ترتبط مع النص زماناً ومكاناً وسرعان ما تزول اهميتها، فقواعد كهذه لا تحتل تلك المكانة والأهمية السابقة.

قد نجد من بين الدارسين وكتّاب النقد الأدبي وممن تأثّر بالنظريات الغربية، مَن يحاول أن يطبّق تلك القواعد والاسس النقدية للتراث القديم للأدب اليوناني أو الروماني على الأدب العربي، وهذا اجحاف وظلم؛ لأن الأدب العربي نشأ في عقلية وبيئة معينة تختلف تمام الاختلاف عن نشوء الأدب اليوناني القديم.

اضف الى هذا ان قواعد النقد الأدبي لا تفرض على الأدب فرضاً، ولا يمكن للأديب ان يلتزم قواعد واسس فنيّة لامّة ليس له بها اي ارتباط عاطفي أو اجتماعي أو ثقافي ناهيك عن الفوارق النفسية والطبيعية و...

فالقواعد يجب أن تستنبط من أجمل النصوص وابدعها واكثرها خلوداً وتأثيراً في النفوس ولولا تلك الخصائص التي اكسبتها القوة والجمال، لما وجدت لها اي ميزة تتفوّق بها على بقيّة الأدب وسائر النتاج الأدبي.

النتاج الأدبي

كل نتاج أدبي انما هو صورة حيّة عن تجربة ذاتية مادتها الشعور والعاطفة والأديب لا ينفك في انتاجه من المؤثرات الخارجيّة التي عملت فيه واثارت احاسيسه ومشاعره ليعطي تجربة صادقة عن الحياة بصورها المختلفة. فالشاعر عندما يصور لنا روضة غناء انّما يعمل فيه الاحساس الوجداني، فيصوّر جمال الروض وازهاره، ونقاء هوائه، وصفو مائه، وعذوبته، وحسن منظره،... إنما هي انفعالات داخلية في نفس الشاعر وعاطفة ميّالة الى الوصف مع شعور صادق تستلهم سرباً من الألفاظ لتركّب معاني ذات مفاهيم جميلة فيها الحركة والتنقل من شيء غير محسوس عند السامع الى شيء تخيّله في ذهنه ليبرزكما هو عند مصوّره.

لهذا ما كان مؤّرخو الأدب العربي يدرسون حياة الشاعر أو الكاتب من الوجهة التاريخية والأدبية وما اثر فيها من مؤثرات نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو دينية فحسب وإنّما يدرسون هذه الجوانب عند الأديب حتى تبرز لنا مواطن الإبداع والجمال الفني، ومدى تأثير ذلك على ذوق السامع أو ما يثير منه احاسيسه ومشاعره.

ثم الدراسة المتشعّبة للأديب تضع امامنا شخصيّته بصورة جلية واضحة وهل انه تفرّد بنتاجه الأدبي أم شاركه فيه غيره من حيث نوع الفن وقوته وجودته وسماته البارزة كي يحتلّ ذلك الأديب مكانته الأدبية بين اقرانه وكي يوضع في الطبقة التي ينبغي أن يكون فيها لهذا سوف نجد ان نقاد الأدب وعلى رأسهم الاصمعي حدّد مفهوم الفحل كي يتميّز الشاعر الجيّد عمن سواه.

ثم إذا عرفنا بعض تلك الخصوصيات للأديب سوف نعرف أهم القواعد والأسس النقدية التي لابدّ أن يعرفها الناقد.

وربّما توهم البعض فحمّل الأديب اثقال الامة من تطوّر أو تخلّف، وهذا امر تعسّفي الى حدّ ما، كما ان الأدب ليس غاية مناقشته النظريات الاقتصادية وإبداء الآراء الفلسفية واظهار المبادئ العقلية والاسس الطبيعية.

بل ان الأدب صورة حيّة عن مشاعر صادقة للإنسان يعدّ جزءًا من مجتمع أثّرت فيه تيارات متعددة فاستلهم من خياله لغة خاصة ليعطينا من خلالها تجربة ذاتية، سواء أثرت فينا هذه التجربة أم لم تؤثّر، وسواء كانت تحكي عن الحياة الخارجية الصادقة أم أنها خيال خصب ليس إلًا.

نعم الأديب لا يقصى عن بيئته وحضارة مجتمعه كما ان للأدب غاية انسانية شريفة وله من الأبعاد الحيوية بحيث يُحرّك ضمير الأمّة، وهذا بالخصوص فيما لو كان الأديب يساير طموحات مجتمعة ويتحسّس اَلامه وامنياته، فالتجربة الشعورية هنا تكون صادقة إذا كان لقاحها الانفعال بمؤثرات الأحداث والطبيعة.

وكلّما كانت تجربته الشعورية تتجه نحو الكمال كلّما حلّق بنتاجه الى التسامي والخلود حتى يضطرنا أن نشاركه في أحاسيسه ومشاعره لأنه نقل الينا الحدث نقلاً هادفاً يكمن في نتاجه الإثارة فتعمل في نفوسنا وتقودنا الى الانفعال التام.

لهذا فان النقد الأدبي يهتم بتلك المشاعر، ومدى عمق التجربة في نفس الأديب، وصدق أداته في التعبير وسلامتها من العيوب، ويهتم بالقوة الإبداعية وهي القدرة الفنية الكامنة في النص الأدبي لتثير في سامعيها الانفعال الصادق والاستجابة الحقيقة للنص.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.