المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



العقيدة و الدين في الجزيرة العربية  
  
2945   11:43 صباحاً   التاريخ: 2-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص52-55.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2014 9169
التاريخ: 2-4-2017 2880
التاريخ: 22-11-2015 3269
التاريخ: 28-5-2017 3101

عند ما رفع إبراهيم الخليل لواء التوحيد في البيئة الحجازية واعاد بناء الكعبة المعظمة ورفع قواعدها بمعونة ابنه اسماعيل تبعه في ذلك طائفة من الناس ممن أنار اللّه به قلوبهم الاّ انه من غير المعلوم إلى ايّ مدى استطاع ذلك النبي العظيم أن يعمّم دين التوحيد ويبسط لواءه على الجميع ويؤلف صفوفاً متراصة وجبهة عريضة قوية من الموحدين غير ان من المعلوم انه اصبحت تلك المنطقة مسرحاً للوثنية ولعبادة الاشياء المختلفة مع الايام فقد كانت الطبقة المثقفة من العرب تعبد الكواكب والقمر فهذا هو المؤرخ العربي الشهير الكلبي الّذي توفى عام 206 هجرية يكتب في هذا الصدد قائلا كان بنومليح من خزاعة يعبدون الجن وكانت حمير تعبد الشمس و كنانة تعبد القمر و تميم الدبران و لخم و جذام المشتري و طي سُهيلا و قيس الشِعرى و أسد عطارداً.

أما الدهماء والذين كانوا يشكلون اغلبية سكان الجزيرة فقد كانوا يعبدون ـ مضافاً إلى الصنم الخاص بالقبيلة أو العائلة ـ ثلاثمائة وستين صنماً وكانوا ينسبون أحداث كل يوم من أيام السنة إلى واحد منها.

وقد دخَلَتْ عبادةُ الأصنام والأوثان في مكة بعد إبراهيم الخليل (عليه‌ السلام) على يد عمرو بن لحي ولكنها لم تكن في بداية أمرها بتلك الصورة الّتي وصلت إليها في ما بعد فقد كانوا يعتبرونها في بداية الامر شفعاء إلى اللّه ووسطاء بينه وبينهم ولكنهم تجاوزوا هذا الحد في ما بعد حتّى صاروا يعتقدون شيئاً فشيئاً بانها اصحاب قدرة ذاتية مستقلة وأنها بالتالي آلهة وأرباب.

وكانت الاصنام المنصوبة حول الكعبة تحظى باحترام جميع الطوائف العربية ولكن الاصنام الخاصة بالقبائل فقد كانت موضع احترام جماعة خاصة فقط ولأجل أن تبقى حرمة هذه الأصنام والأوثان الخاصة محفوظة لا يمسها أحد بسوء كانوا ينشؤون لها أماكن وبيوت خاصة وكانت سدانة هذه البيوت والمعابد تنتقل من جيل إلى آخر بالوراثة.

أما الآصنام العائلية فقد كانت العوائل تقتنيها للعبادة كل يوم وليلة فاذا أراد احدهم السفر كان اخر ما يصنعه في منزله هو ان يتمسح به أيضاً.

وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها واتخذهُ رَبّاً وجعَلَ ثلاثة أثافيّ لقدْره وإذا ارتحل تركه .. وكان من شَغَفَ أهلِ مكة وَحُبّهم للكعبة والحرم أنه كان لا يسافر منهم أحدٌ إلا حَمَل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً للحرم وحباً له فحيثما حلّوا نصبوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها ويمكن أن تكون هذه هي الأنصاب الّتي فُسرت بالأحجار العادية غير المنحوتة وتقابلها الأوثان وهي الاحجار المنحوتة على هيئة خاصة وأما الأصنام فهي المعمولة من خَشَب أو ذهب أوفضة على صورة انسان.

لقد بلغ خضوعُ العرب أمام الاصنام والأوثان حداً عجيباً جداً فقد كانوا يعتقدون بأنهم يستطيعون كسبَ رضاها بتقديم القرابين اليها وكانوا بعد نحر الهدايا يلطخون وجوه الاصنام ورؤوسها بدماء تلك الهدايا وكانوا يستشيرونها في مهام امورهم وجلائل شؤونهم فاذا ارادوا الوقوف على مستقبل الأمر الّذي تصدّوْا له ومعرفة عاقبته أخيرٌ هو أم شرٌ استقسمَ لهم أمين القداح بقدحي (الأمر والنهي) وهيَ قطع كُتِبَ على بَعضها (إفْعَلْ) وعلى بعضها الآخر (لا تَفْعَلْ) فيمدُّ أمين القداح يده ويجيل القداح ويخرج واحداً فانْ طَلَع الآمر فعل أو الناهي ترك.

وخلاصة القول ان الوثنيّة كانت العقيدة الرائجة في الجزيرة العربية وقد تفشَّتْ فيهم في مظاهرَ متنوعة ومتعددة وكانت الكعبة المعظمة ـ في الحقيقة ـ محطَّ أصنام العرب الجاهلية وآلهتهم المنحوتة فقد كان لكل قبيلة في هذا البيت صنم وبلغ عدد الاصنام الموضوعة في ذلك المكان المقدس (360) صنماً في مختلف الاشكال والهيئات والصور بل كان النصارى أيضاً قد نقشوا على جدران البيت وأعمدته صوراً لمريم والمسيح والملائكة وقصّة ابراهيم.

وكان من جملة تلك الأصنام : اللات و العُزّى و مناة الّتي كانت تعتبرها قريش بنات اللّه ويختص عبادتها بقريش.

وكانت اللات تعتبر اُمُّ الالهة وكان موضعها بالقرب من الطائف وكانت من الحجر الابيض واما مناة فكانت في عقيدتهم إلاهة المصير وربَّة الموت والاجل وكان موضعها بين مكة و المدينة .

ولقد اصطحب ابو سفيان معه يوم اُحد : اللات و العزّى .

ويروى انه مرض ذات يوم أبو أُحيحة وهو رجل من بني اُمية مرضه الّذي مات فيه فدخل عليه ابو لهب يعوده فوجده يبكي فقال : ما يبكيك يا أبا احيحة؟ أمن الموت تبكي ولابد منه؟ قال : لا ولكني اخاف ان لا تُعبَد العزى بعدي! قال ابو لهب : واللّه ما عُبدَت حياتك (اي لأ جلك) ولا تُترك عبادتُها بعدك لموتك!! فقال أبو اُحيحة : الآن علمتُ ان لي خليفة .

ولم تكن هذه هي كل الأَصنام الّتي كانت تعظِّمها وتعبُدُها العربُ بل كانت لقريش اصنامٌ في جوف الكعبة وحولها وكان اعظمها هُبَل كما انه لم يكن لكل قبيلة صنم خاص فحسب بل كانت كل عائلة تعبد صنماً خاصاً بها مضافاً إلى صنم القبيلة وكانت المعبودات تتراوح بين الكواكب والشمس والقمر والحجر والخشب والتراب والتمر والتماثيل المنحوتة المختلفة في الشكل والهيكل والاسم المنصوبة في الكعبة أو في سائر المعابد.

لقد كانت الاصنام جميعها أو أغلبها معظَّمة عند العرب يتقربون عندها بالذبائح ويقرّبون لها القرابين وجرت عادة بعض القبائل آنذاك أن تختار من بين أفرادها كل سنة شخصاً في مراسيم خاصة ثم تذبحه عند أقدام اصنامها وتقبر جسده على مقربة من المذبح.

هذا العرض المختصر يكشف لنا كيف أن ارض الجزيرة العربية برمتها كانت قد اصبحت مسرحاً للأصنام ومستودعاً ضخماً للأوثان وكيف تحولت هذه البقعة من العالم ببيوتها وازقتها وصحاريها وحتّى بيت اللّه المحرم كانت قد تحولت إلى مخزن للنُصُب المؤلَّهة والتماثيل المعبودة ويتجلى هذا الأمر من قول شاعرهم الّذي اسلم وراح يستنكر ما كان عليه من عبادة الاصنام المتعددة الخارجة عن الاحصاء والعدّ إذ قال :

أَرَبّا واحِداً أمْ ألف رَب             أدينُ إذا تقسَّمَتِ الاُمورُ

عَزلتُ اللاتَ والعزى جميعاً       كذلك يَفعَلُ الجَلِدُ الصَبُور

فلا عُزّى أدين ولا ابنتيها         ولا صَنَميْ بني عمرو أزُورُ

ولا غنماً أزورُ وكان ربّاً          لنا في الدهر إذ حلمي يسيرُ

ولكن أعبدُ الرحمان رَبِّي                   لِيَغْفِرَ ذَنبِي الربُّ الغفُورُ

وقد حدثت بسبب الاختلاف والتعددية في عبادة الاصنام والاوثان المؤلَّهة السخيفة الباطلة تناقضاتٌ وصراعاتٌ وحروب ومناحرات قد جرّت بالتالي ويلات ومآس وخسائر مادية ومعنوية كبرى على تلك الجماعة المتوحشة الضالة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.