أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017
8888
التاريخ: 22-3-2018
14837
التاريخ: 25-03-2015
4467
التاريخ: 1-04-2015
8093
|
عابوا على عمرو بن قميئة قوله:
لما رأتْ ساتيدَ ما استَعْبَرَتْ للّهِ درّ اليوم مَن لامَها
يريد: الله درُّ مَن لامها اليوم، فقدّم وأخّر. ساتيدْما: جبل بين ميافارقين وسعرت. قال عمرو هذا البيت لمّا خرج مع امرئ القيس إلى ملك الروم (1).
وهكذا لم يخرج المهلهل عن إطار ناقديه لمّا قال:
فلولا الريح أسمعَ اهلَ حَجْرٍ صليل البيضِ تقرَع بالذكورِ
فقد أخطأ المهلهل في تقدير المسافة إذ كانت بعيدة بحيث لا يمكن أن يسمع منها صليل السيوف..
ونادراً ما نجد الناقد يعلل إذا ما أصدر حكماً معيناً على نص أدبي لأن اعتماده كان في الدرجة الأُولى على الحس المرهف والذوق السليم وهذا لا يحتاج إلى تعليل دقيق، بل ربما اكتفى بتعليق ساذج بسيط يدور حول لفظة أو جملة أو مشيراً إلى تعقيد لفظي أو معنوي إذا ما وجد.
ومما أُشكل على الشعر عند العرب؟ قصور الشاعر عن أداء الصورة الواضحة عن ممدوحه وربما توهّم السامع أن ذاك إلى الذمّ أقرب منه إلى المدح، وممّا يصلح أن نستشهد به قول النابغة الذبياني يمدح فيه النعمان ابن المنذر:
تراكَ الأرض اِما مِتَّ خِفّاً وتحيى إن حَييتَ بها ثقيلا
فقال النعمان: هذا بيت إن أم تتبعه بما يوضح معناه كان الى الهجاء أقرب منه إلى المديح، فأراد ذلك النابغة فَعَسُرَ عليه، فقال: أجّلني. قال: قد أجلتك ثلاثاً فإن أنخا أتبعته ما يُوضِّح معناه، فلك مائةٌ من العصافير النجائب، وإلا فضربة بالسيف أخذت منك ما أخذت.
فأتى النابغة زهير بن أبي سلمى فأخبره الخبَر، فقال زهير: أخرج بنا إلى البرية فإن الشعر برِّيٌّ . فخرجا فتبعهما ابن لزهير يقال له كعب فقال: يا عم اردفني، فصاح به أبوه، فقال النابغة: دعَ ابن أخي يكون معنا، فأردفه فتجاولا البيت مليّا، فلم يأتهما ما يريدان، فقال كعب: فما يمنعك أن تقول:
وذاك بان حَلَلْتَ العزَّ منها فتمنع جانبيها أن يَزولا
فقال النابغة: جاء وربِّ الكعبة لسنا واللّه في شيء. قد جعلت لك يا ابنَ أخي ما جُعل لي، قال: وما جعل لك يا عم؟
قال: مائة من العصافير نجائب. قال: ماكنت لاَخذَ على شعري صفداً. فأتى النابغة النعمان بالبيت، فأخذ مائة ناقة سوداء الحدقةِ (2).
عن محمد بن سلّام قال: لم يقوِ أحدٌ من الطبقة الأولى ولا من أشباههم إلا النابغة في بيتين قوله:
مِنْ اَلِ مَيّةَ رائح أو مغتدي عَجلانَ ذا زادٍ وكيرَ مزوّدِ
زَعَمَ البوارحُ أنَّ رِحلتَنا غداً وبذاك خبّرنا الغراب الأسود
وقوله من نفس القصيدة:
سقط النّصيف ولم تردْ إسقاطَهُ فتناولته واتَّقَتنا باليدِ
بِمخَضّبٍ رخْصٍ كأن بنانه عنمٌ يكاد من اللطافة يعقَد
فقدم المدينة، فعيب ذلك عليه، فلم يأبه له حتى أسمعوه إياه في غناء؟ وأهل القرى ألطف نظراً من أهل البدو، وكانوا يكتبون لمجاورتهم أهل الكتاب، فقالوا للجارية: إذا صرتِ إلى القافية فرتِّلي، فلمّا قالت: (الغرابُ الأسودُ) و (باليدِ) علم فانتبه فلم يعد فيه، وقال: قدمت الحجازَ وفي شعري صنعة ورحلت عنها وانا أشعر الناس (3).
ومما عيب على شعر الأعشى عدم تفقّده لمصراع كل بيت حتى يشاكل ما قبله، كقوله:
أغرُّ أبيض يستسقى الغَمامُ بهِ لو قارع الناس عن أحسابِهم قَرَعا
فالمصراع الثاني غير مشاكل للأول على أنّ كل واحد من المصراعين قائم بنفسه.
وكذا قوله:
ولستُ بحلالِ التلاع مخافةً ولكن متى يسترفِدِ القوئم أرفدِ فالمصراع الثاني لا يشاكل المصراع الأول (4).
ومما عيب على شعر الأعشى قوله:
ونبئت قيساً ولم آته وقد زعموا سادَ أهلَ اليمنْ
فعابه قيس واستبدل قوله (وقد زعموا) ب(على نأيه).
لقد مرَّ علينا الإقواء في شعر النابغة وهو يعد من فحول الشعراء في الجاهلية.
وقد قيل لأبي عمرو بن العلاء: هل أقوى أحد من فحول شعراء الجاهلية كما أقوى النابغة؟ قال: نعم، بشر بن أبي خازم قال:
ألم ترَ أنّ طولَ الدّهر يسْلي ويُنسي مثل ما نُسيتْ جُذام
وكانوا قومَنا فبغوا علينا فسُقنَاهم إلى البلدِ الشَّامي
وزاد أبو عبيدة في حديثه، فقال له أخوه سواده: أكفَأتَ وأسَأت. قال: وما ذاك؟
قال: قلت: كما نسيتْ جُذامُ، ثم قلت إلى البلد الشاَمي: فقال: قد بيّنت خطئي، ولست بعائد.
روي عن الأصمعي أنه قال أنشدت الرشيد أبيات النابغة الجعدي التي يقول فيها:
فَتىً تَمَّ فيه ما يَسرُّ صديقَة عَلى أنّ فيهِ مَا يَسوءُ الأعادِيا
فتىً كمُلَتْ أعراقه غير آنه جوادٌ فلا يُبقى مِنَ المالِ بَاقيا
أشمّ طويل الساعدين شمردلٌ إذا لم يَرحْ للمجدِ أَصبحَ غاديا
فقال الرشيد: ويله، ولِمَ لم يروِّحه المجد كما أغداه؟ الا قال إذا راح للمعروف أصبح غادياً، فقلتُ: أنت والله يا أمير المؤمنين في هذا أعلم منه بالشعر(5).
وقد انكروا على لبيد قوله:
لو يقوم الفيلُ أو فيّالُه زلّ عن مثل مقامي وزَحلْ
زحل: زل عن مكانه.
قالوا: ليس للفيّال من الخطابة والبيان ولا من القوة ما يجعله مثلاً لنفسه، إنما ذهب إلى أن الفيل أقوى البهائم، فظن أن فياله أقوى الناس(6). وقد اخذ العلماء على طرفة قوله(7):
أسْذ غَيْلٍ فإذا ما شَرِبوا وَهَبوا كُلَّ أموْنٍ وَطِمِرّ
قالوا: إنه جعل هباتهم عند الاَفة التي تدخل عقولهم، وليس هذا من الفخر في شيء.
وقد عابوا على حسّان قوله(8):
وَنَشرَبها فتترُكنا مُلوكاً واُسْداً ما يُنَهْنِهُنا اللِّقاء
فعدّوه أعيب من قولة طرفة؛ لأنه حصر شجاعتهم وَجودهم في وقت يغيب عنهم الوعي والإرادة.
كما استهجنوا قول الشامخ بن ضرار (9):
إذا بَلَّغْتِني وَحَمَلْتِ رَحِلي عَرَابةَ فاشْرِقي بِدَمِ الوَتيْنِ
فقد عابه أحيحة بن الحلاج وقال له بئس المجازاة جازيتها وبمثل هذا اُخذ على أبي دهبل الجمحي في قوله (ْ10):
يا ناقُ سِيْرِيْ واشْرِقِي بدَمٍ إذا جِئتِ المغيرة
وبمثله استقبحوا قول ذي الرمّة (11)
إذا ابنَ أبي موسى بِلالاً بَلَغْتِهِ فقام بفاسٍ بين جنبيكِ جازِرُ
وقد عاب الاصمعي قول الشاعر (12):
وإذا الدرّ زانَ حسْنَ وجوهٍ كانَ للدّرِ حسْن وَجْهِكِ زَيْنا
وَتَزيدِينَ طيِّبَ الطِّيبِ طِيباً أن تَمَسِّيْهِ أيْنَ مِثْلكِ أَيْنَا
قائلاً: ما يساويان لقعة بعرة، وأجود الشعر ما صدق فيه قائله، وانتظم المعنى كقول امريء القيس (13):
اَلَمْ ترَياني كلَّما جِئْت طارِقاً وَجَدْث بِها طِيباً وانْ لَمْ تَطَيَّب
وقد عاب عبد الملك بن مروان قول جرير عندما قال (14):
هَذا ابن عَمّي في دمشق خَليفَة لو شئت ساقَكم اِليَ قطينا
فقال له: جعلتني شرطيّاً لك، أما قلت: لو شاء ساقكم إليَّ قطينا.
ومما عيب على نصيب قوله (ْ15):
أهيمُ بدعدٍ مَا حَييتُ فإنْ أَمتْ فَوا حزناً مَنْ ذا يَهيم بها بَعْدي
فقال بعض من حضر في مجلس عبد الملك بن مروان: اساء القول؟ أيحزن لمن يهيم بعده؟ فقال عبد الملك: فلو كنت قائلاً ما كنت تقول؟ فقال:
اُهيم بدعدٍ ما حِييْت فإن أَمُتْ أوكِّل بدعْدٍ مَنْ يَهيم بها بعدي
فقال عبد الملك: أنت و اللّه أسوء قولاً، فلما قيل له فما كنت أنت قائلاً
يا أمير قال أقول:
تحبكُم نفسي حياتي فإن أمت فلا صلحتْ دعد لذي خلة بعدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر معجم البلدان: 3/ 168.
(2) الجمهرة ص 36 والموشح ص 58.
(3) الموشح 46.
(4) الموشح: 72.
(5) الموشح: 93.
(6) الموشح 101.
(7) الموشح ص 78، خزانة الادب 1/ 2 1 4.
(8) ديوان حسان ص 3.
(9) الاغاني ج9/ 128.
(10) خزانة الادب 3/ 34.
(11) ديوان ذي الرمة ص 238.
(12) الموشح ص 344، الشعر والشعراء ص 756.
(13) الشعر والشعراء ص 488.
(14) المصدر السابق ص 94.
(15) الصناعتين ص 120 والشعر والشعراء ص 373.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|