وهي عملية واسعة تنتقل بموجبها الطاقة من العروض المنخفضة الدافئة الى العروض العليا الباردة ولولا وجود هذه الدورة لأصبحت العروض المنخفضة شديدة الحرارة والعروض العليا شديدة البرودة بحيث لا يمكن للكائنات الحية العيش فيهما. وعلى الرغم من ان فكرة الدورة العامة للرياح بسيطة جدا لكونها تعمل بتأثير اختلاف درجات الحرارة بين دوائر العرض المختلفة الا ان الانحرافات التي تتعرض الرياح أثناء انتقالها بين تلك العروض هو الذي جعل العلماء يحاولون تفسير أسباب انحراف تلك الرياح مما ادى في النهاية إلى ظهور العديد من النظريات المتعلقة بالدورة العامة للرياح والتي سنعرضها حسب ترتيبها الزمني.

اولا: نظرية ادموند هالي

يعد النموذج الذي قدمه العالم الفلكي ادموند هالي (E Halley) في عام 1686م اول النماذج التي وضعت للحركة الجوية، فبموجب هذه النظرية فان للكرة الارضية خليتان تتحرك فيها الرياح واحدة في نصف الارض الشمالي والثانية في نصف الارض الجنوبي معتمدا على توزيعات الاشعاع الشمسي على سطح الارض والتوزيعات الحرارية، فنتيجة لشدة التسخين في العروض المنخفضة سيتمدد الهواء ويصعد بشكل تيارات ليهبط في العروض العليا وبالمقابل سيتحرك الهواء في العروض العليا الباردة ليحل محل الهواء الصاعد في خط الاستواء غير ان هالي لم يتمكن من تفسير سبب هبوب الرياح التجارية من الشمال الشرقي او من الجنوب الشرقي لكونه لم يأخذ دوران الارض بعين الاعتبار وفي عام 1735م اوضح العالم البريطاني جورج هادلي (Hadley) التأثير الذي يمارسه دوران الارض في الرياح المتحركة فوقها مفسرا هبوب الرياح التجارية من الشمال الشرقي (في نصف الارض الشمالي) او من الجنوب الشرقي (في نصف الارض الجنوبي) نحو خط الاستواء وفي عام 1856م قدم فرل (Ferrel) انموذجا أفضل من سابقيه حيث يتألف من ثلاث حجيرات طويلة الشكل تظهر فيها احزمة الرياح الغربية كما ان تور بيرجيرون (Bergeron) في عام 1928م اقترح ايضا نموذجا يتالف من ثلاث خلايا. وقد عدل روسي (Rossby) في عام 1941م دورة فرل ودورة بيرجيرون مقدما تعديلا حراريا حركيا مفسرا الحركة الجوية العامة ضمن النموذج مؤلف من ثلاث خلايا هي:

1 ـ خلية مباشرة (خلية مدارية بين خط الاستواء ودرجة عرض 30 وهي خلية حرارية (خلية هادلي).

2. خلية غير مباشرة خلية العروض الوسطى بين خطي عرض 30ـ 60  درجة.

3 خلية مباشرة (خلية قطبية).

ويلاحظ ان مناطق تلاقي الخلايا الثلاث تتكون فيها أربع منظومات ضغطية تحيط تقريبا بالكرة الارضية اثنتان منها منخفضات جوية واثنتان مرتفعات جوية، فالتقاء الخليتين المدارية في خط الاستواء يكونان المنخفض الاستوائي والتقاء الخلية المدارية مع خلية فول يكونان المرتفع شبه المداري والتقاء خلية فول مع الخلية القطبية يكونان المرتفع القطبي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ  علي حسن موسى اساسيات علم المناخ دار الفكر ، دمشق، سورية، 2004، ص 101 .

2ـ علي حسن موسى المناخ والارصاد الجوية، منشورات جامعة دمشق، 2002-2003 ص 277.