أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2017
2404
التاريخ: 3-9-2017
2627
التاريخ: 8-8-2017
2551
التاريخ: 8-8-2017
2549
|
إنّ من الممكن جدّاً وليس بمحال. على اللّه تعالى، أن ينشىء كياناً لا تقترب منه العيوب، أو يخلق إنساناً لا يقترف الذنوب، ولقد أوجد جلّ شأنه ذواتاً مقدّسة، ونفوساً طاهرة، وجبت فيهم العصمة من الآثام، وتنزّهوا عن كُلِّ رجس: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] .
وقد اتفق أرباب الحديث والتراجم على حصر هؤلاء المنزّهين بالخمسة أصحاب الكساء، وهم: محمّد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين (عليهم السلام).
ثُمّ أثبت أصحاب السيرة ما يضحك الثكلى ويلحق بالخرافات، فكان للغيرِ مجالُ الطعن والمناقشة، ذكروا أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا بلغ من العمر سنتين، وكان خلف البيوت عند بني سعد مع أتراب له، أتاه رجلان عليهما ثياب بيض، مع أحدهما طست من ذهب، مملوء ثلجاً، فشقّا بطنه وقلبه، واستخرجا منه علقة سوداء هي مغمز الشيطان.
وطربوا لذلك حيث إنّ اللّه بلطفه وكرمه قدّس نبيّه الكريم من هذه العلقة.
ولكن ما أدري لماذا صنع به هذه العملية الدامية وهو طفل صغير لا يقوى على تحمّل الآلام ومعانات الجروح الدامية؟! ألم يكن في وسع القدرة الإلهية إيجاد ذات مقدّسة طاهرة من الأرجاس حتّى عن هذه العلقة المفسّرة بمغمز الشيطان؟ كيف لا وقد خلقه اللّه من نور قدسه، وبرّأه من جلال عظمته، واصطفاه من بين رسله، وفضّله على العالمين، وفي الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ اللّه خلقني من صفوة نوره، ودعاني فأطعته.
وحينئذ فهل يتصور نقص في النور الأقدس؟! تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً.
تِلكَ نَفسٌ عَزّت عَلى اللّهِ قَدَراً ... فارتَضاهَا لِنفسهِ واصَطفَاهَا
حَازَ مِنْ جَوهَرِ التَقدّسِ ذَاتَاً ... تاهت الأنبياء فِي مَعناهَا
لا تَجل فِي صِفاتِ أحمدَ فِكَراً ... فَهي الصُورةُ التيِ لَن تَراهَا
وأغرب من ذلك جواب السبكي عن هذه المشكلة بأنّ اللّه أراد أن يخلق نبيّه ـ أولاً ـ كاملاً لا نقصان فيه عن سائر الناس حتّى في مثل هذه العلقة، لكونها من الأجزاء، ثُمّ بعد ذلك طهّره منها.
والعجب عدّ هذه العلقة من أجزاء بدن الإنسان التي يوجب فقدها نقصان الخلقة، وقد تنزّه عنها جلال النبوّة!
على أنّه أثبت ولادة النّبي مختوناً، وهذا أظهر في النقصان عمّا وجد عليه البشر من العلقة، لكونها غير مرئية.
وجواب الحلبي في السيرة ج1 ص115 بأنّه إنّما ولد مختوناً لئلاّ يطلع عليه المحرم وتنكشف عورته، لا يرفع إشكال النقصان عمّا عليه الناس.
وكيف كان فقد ثبت إمكان أن يخلق اللّه تعالى ذواتاً مقدّسة، مُنزّهة عن الأرجاس، معصومة عن الخطأ، وقد يجب ذلك كما في الهداة المعصومين، لكي يهدي بهم الناس .
وأمّا في غيرهم من الأطهار فلا يجب، ولكنّه غير ممتنع، فمن الممكن أن يمنح الباري سبحانه أفذاذاً من البشر فيكونوا قدوة لمن هم دونهم، وتكون بهم الأُسوة في عمل الصالحات، وإن كان في مرتبة نازلة عن منزلة الأنبياء المعصومين، فإنّهم وإن بلغوا بسبب التفكير والذكر المتواصل والتصفية والرياضة إلى حيث لا يبارحون طريق الطاعة ولا يسلكون إلى المعصية طريقاً، لكنّهم في حاجة إلى مَن يسلك بهم السبيل الواضح، ويميّز لهم موارد الطاعة وموادها عن مساقط العصيان والتهلكة، بخلاف الحجج المقيّضين لإنقاذ البشر، المعنيّون بالعصمة هاهنا.
فمن كانت عصمته واجبة ـ كما في المعصومين ـ سمّيت عصمته استكفائية ; لأنّه لا يحتاج في سلوكه إلى الغير، لكونه في غنىً عن أيّ حجّة، لتوفّر ما أُفيض عليهم من العلم والبصائر، ومن لم تكن فيه العصمة واجبة وكان محتاجاً إلى غيره في سلوكه وطاعته سُمّيت عصمته غير استكفائية، على تفاوت في مراتبهم من حيث المعرفة والعلم واليقين.
وحينئذ ليس من البدع إذا قلنا: إنّ (قمر بني هاشم) كان متحلياً بهذه الحلية، بعد أن يكون مصاغاً من نور القداسة الذي لا يمازجه أيّ شين، وعلى هذا كان معتقد شيخ الطائفة وإمامها
الحجّة الشيخ محمّد طه نجف (قدس سره)، فإنّه قال بترجمة العبّاس من كتاب (إتقان المقال) ص75: " هو أجلّ من أن يذكر في المقام، بل المناسب أن يذكر عند ذكر أهل بيته المعصومين عليه وعليهم أفضل التحية والسلام ".
فتراه لم يقل عند ذكر رجالات أهل بيته الأعاظم، بل أثبت المعصومين منهم، وليس هذا العدول إلاّ لأنّه يرتأي أن يجعله في صفهم، ويعده منهم.
وتابعه على ذلك العلاّمة ميرزا محمّد علي الأُوردبادي فقال من قصيدته المتقدّمة:
أجل عباسُ الكِتَابَ والهُدى ... والِعَلَم والدِينَ وأصحَاب العَبا
عَن أن يُطِيشَ سَهمُهُ فَينثَنِي ... والإثمَ قَد أثقَلَ مِنهُ مَنكِبَا
لِم نَشتَرِط فِي ابنِ النّبيِّ عُصمة ... ولا نَقولُ: إنّه قَد أذنَبَا
وَلا أَقولُ غَيرَ مَا قَالَ بِهِ ... (طَه الإمامُ) فِي الرِجَالِ النُجبَا
فَالفِعَلُ مِنهُ حُجةُ كَقولِهِ ... فِي الكُلِّ يَروِي عَن ذَويِهِ النُقَبَا
وهذه النظرية في أبي الفضل لم ينكرها عالم من علماء الشيعة، نعرفه بالثقافة العلميّة، والتقدّم بالأفكار الناضجة، وقد استضأنا من أُرجوزة آية اللّه الحجّة الشيخ محمّد حسين الأصفهاني (رحمه الله) التي ستقرأها في فصل المديح حقائق راهنة، وكرائم نفيسة، سمت بأبي الفضل إلى أوج العظمة، وأخذت به إلى حظائر القدس، وصعدت به إلى أعلى مرتبة من العصمّة.
وممّا يزيدنا بصيرة في عصمته ما ذكرناه سابقاً في شرح قول الصادق: " لعن اللّه أُمة استحلّت منك المحارم وانتهكت في قتلك حرمة الإسلام ".
فإنّ حُرمة الإسلام لا تنتهك بقتل أي مسلم مهما كان عظيماً، ومهما كان أثره في الإسلام مشكوراً، إلاّ أن يكون هو الإمام المعصوم، فلو لم يبلغ العبّاس المراتب السماوية في العلم والعمل لمقام أهل البيت لما استحقّ هذا الخطاب، وهذا معنى العصمة. نعم، هي غير واجبة، وممّا يستأنس منه العصمة له ما تقدّم من قول السجّاد (عليه السلام): " وإنّ لعمّي العبّاس منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة " .
ويدخل في عموم لفظ الشهداء صريحة بيت الوحي " أبو الحسن علي الأكبر " الذي أفضنا القول في عصمّته.
وإذا كان العبّاس غير معصوم كيف يغبطه المعصوم على ما أُعطي من رفعة ومقام عالي؟ لأنّ المعصوم لا يغبط غيره، فلا بدّ أن للعبّاس أعلى مرتبة من العصمة كما عرفت، ومن هنا غبط منزلته التي أعدت له جميع الشهداء، حتّى من كان معصوماً كعلي الأكبر وأمثاله، غير الأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|