أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2019
2438
التاريخ: 10-6-2018
1557
التاريخ: 30-4-2018
1758
التاريخ: 2023-11-25
1284
|
الحياة السياسية في عصر الإمام أبي جعفر (عليه السلام) فقد كانت بشعة وحرجة للغاية لا للإمام فحسب وإنّما كانت لعموم المسلمين وذلك لما فيها من الأحداث الجسام، فقد مُنيت الأمة بموجات عارمة من الفتن والاضطرابات، وقبل أن نتحدّث عنها نرى من اللازم ان نعرض لمنهج الحكم في العصر العباسي وغيره ممّا يتصل بالموضوع وفيما يلي ذلك:
منهج الحكم:
أمّا منهج الحكم في العصر العباسي فإنّه كان على غرار الحكم الأموي، لم يتغير ولم يتبدل، وقد وصفه (نكلسون) بأنّه نظام استبدادي، وانّ العباسيين حكموا البلد حكماً مطلقاً على النحو الذي كان يحكم به ملوك آل ساسان قبلهم.
لقد كان الحكم خاضعاً لرغبات ملوك العباسيين وأمرائهم، ولم يكن له أي التقاء مع القانون الإسلامي، فقد شذّت تصرّفاتهم الإدارية والاقتصادية والسياسية عمّا قنّنه الإسلام في هذه المجالات.
لقد استبدّ ملوك بني العباس بشؤون المسلمين وأقاموا فيهم حكماً إرهابياً لا يعرف الرحمة والرأفة، وهو بعيد كلّ البعد عمّا شرّعه الإسلام من الأنظمة الخلاّقة الهادفة إلى بسط العدل، ونشر المساواة، والحق بين الناس.
الخلافة والوراثة:
ولم تخضع الخلافة الإسلامية حسب قيمها الأصيلة إلى أي قانون من قوانين الوراثة ولا لأي لون من ألوان المحاباة أو الاندفاع وراء الأهواء والعواطف، فقد حارب الإسلام جميع هذه المظاهر واعتبرها من ألوان الانحطاط والتأخر الفكري للمسلمين، وأناط الخلافة بالقيم الكريمة، والمُثل العُليا، والقدرة على إدارة شؤون الأمة، فمن يتصف بها فهو المرشّح لهذا المنصب الخطير الذي تدور عليه سلامة الأمّة وسعادتها.
أما الشيعة فإنّما خصّت الخلافة بالأئمة الطاهرين من أهل البيت (عليهم السلام) لا لقرابتهم من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وانّهم ألصق الناس به وأقربهم إليه، وإنّما لمواهبهم وعبقرياتهم، وما اتصفوا به من الفضائل التي لم يتصف بها أحد غيرهم.
وأمّا الذين طبّلوا بالوراثة فهم العباسيّون، فاعتبروها القاعدة الصلبة لاستحقاقهم للخلافة لأنّهم أبناء عم الرسول (صلى الله عليه وآله) وقد بذلوا الأموال الطائلة لأجهزة الإعلام لنشر ذلك وإذاعته بين الناس.
وقد هبّت إلى الأوساط العباسي المرتزقة تتقرّب بانتقاص العلويين وتشهد بأنّ ذئاب بني العباس هم أولى بالنبي (صلى الله عليه وآله) من السادة الأطهار من آل الرسول (صلى الله عليه وآله).
ويقول الرواة: إنّ أبان بن عبد الحميد كان مُبعداً عن العباسيين لولائه لأهل البيت (عليهم السلام) فخفّ إلى البرامكة وطلب منهم أن يوصلوه إلى الرشيد فأشاروا عليه انّه لا سبيل إلى ذلك إلاّ أن يعرض في شِعره أنّ بني العباس هم ورثة النبي (صلى الله عليه وآله) وأولى بالخلافة من العلويين فأجابهم إلى ذلك ونظم قصيدة جاء فيها:
نشدت بحقّ الله من كان مسلماً أعم بما قد قلته: العجم والعرب
أعمّ رسول الله أقرب زلفة لديه أم ابن العم في رتبة النسب
وأيّهما أولى به وبعهده ومن ذا له حق التراث بما وجب
فإن كان عباس أحق بنسلكم وكان على بعد ذاك على سبب
فأبناء عباس هم يرثونه كما العم لابن العم في الإرث حجب
ولمّا قرأ قصيدته على الرشيد ملئت نفسه إعجاباً فمنحه الرضا ومنحه الأموال الطائلة.
تصرّفات شاذّة:
ولمّا التزم العباسيّون بقانون الوراثة، قاموا بتصرفات شاذّة ونابية ومعادية لمصلحة الأمة وكان من بينها:
1- إسناد الخلافة إلى الذين لم يبلغوا سن الرشد، فقد عهد الرشيد بالخلافة إلى ابنه الأمين، وكان له من العمر خمس سنين، وإلى ابنه المأمون وكان عمره ثلاث عشر سنة.
وقد انحرف بذلك عمّا قرّره الإسلام من أنّ منصب الخلافة إنّما يُسند إلى من كان يتمتع بالحكمة والتجارب، وممارسة الشؤون الاجتماعية والدراية التامة بما تحتاج إليه الأمّة في جميع مجالاتها، وليس من سبيل لإسنادها للأطفال والصبيان.
2 - إسناد ولاية العهد لأكثر من واحد فإنّ في ذلك تمزيقاً لشمل الأمّة وتصديعاً لوحدتها وقد شذّ الرشيد عن ذلك فقد أسند الخلافة من بعده إلى الأمين والمأمون، وقد ألقى الصراع بينهما، وعرّض الأمة إلى الأزمات الحادة، والفتن الخطيرة.
الوزارة:
من الأجهزة الحساسة في الدولة العباسية هي الوزارة، فكانت - على الأكثر - وزارة تفويض، فكان الخليفة يعهد إلى الوزير بالتصرف في جميع شؤون دولته ويتفرغ هو للّهو والعبث والمجون، فقد استوزر المهدي العباسي يعقوب بن داود، وفوّض إليه جميع شؤون رعيّته وانصرف إلى ملذّاته، وفيه يقول الشاعر:
بنـــي أميّــة هبّـــوا طاــل نومكم *** إنّ الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا *** خليفة الله بين الناي والعود
استوزر الرشيد يحيى بن خالد البرمكي ومنحه جميع الصلاحيات واتجه نحو ملاذّه وشهواته فكانت لياليه الحمراء في بغداد شاهدة على ذلك.
وتصرّف يحيى في شؤون الدولة الواسعة الأطراف حسب رغباته، فقد أنفق الأموال الطائلة على الشعراء المادحين له، واتخذ من العمارات والضِياع التي كانت وارادتها تدرّ عليه بالملايين، وهي التي سببت قيام هارون الرشيد باعتقاله، وقتل ابنه جعفر ومصادرة جميع أموالهم.
وفي عهد المأمون أطلق يد وزيره الفضل بن سهل في أمور الدولة فتصرّف فيها حيثما شاء، وكان الوزير يكتسب الثراء الفاحش بما يقترفه من النهب والرشوات، وقد عانت الأمة من ضروب المحن والبلاء في عهدهم بما لا يوصف فكانوا الأداة الضاربة للشعب، فقد استخدمتهم الملوك لنهب ثروات الناس وإذلالهم وإرغامهم على ما يكرهون.
وكان الوزراء معرّضين للسخط والانتقام وذلك لما يقترفونه من الظلم والجور، وقد نصح دعبل الخزاعي الفضل بن مروان أحد وزراء العباسيين فأوصاه بإسداء المعروف والإحسان إلى الناس، وقد ضرب له مثلاً بثلاثة وزراء ممّن شاركوه في الاسم وسبقوه إلى كرسي الحكم، وهم الفضل بن يحيى، والفضل بن الربيع، والفضل بن سهل، فإنّهم لمّا جاروا في الحكم تعرّضوا إلى النقمة والسخط، يقول دعبل:
ألاّ أنّ في الفضـــل بن سهـــل لعِبرة *** إن اعتبر الفضل بن مروان بالفضل
وفي ابن البيـــع الفضل للفضل زاجر *** إن ازدجر الفضل بن مروان بالفضل
وللفضل في الفضل بن يحيى مواعظ *** إن اتعظ الفضـــل بن مروان بالفضل
إذا ذكـــروا يومــــاً وقد صرت رابعاً *** ذكرت بقــــدر السعي منك إلى الفضل
فابق جميــــلاً مـــن حـــديث تفز به *** ولا تدع الإحســــان والأخـــذ بالفضل
ولــــم أرَ أبياتاً مـــن الشعــــر قبلها *** جميع قوافيها علــــى الفضل والفضل
وليس لهــــا عـــيب إذا هـي أنشدت **** سوى أنّ نصحي الفضل كان من الفضل
ومن غرائب ما اقترفه الوزراء من الخيانة أنّ الخاقاني وزير المقتدر بالله العباسي ولِّيَ في يوم واحد تسعة عشر ناظراً للكوفة وأخذ من كلّ واحدة رشوة وكثير من أمثال هذه الفضائح والمنكرات عند بعض وزراء العباسيين.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|