أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2017
2245
التاريخ: 2023-04-13
968
التاريخ: 20-6-2017
1835
التاريخ: 2024-11-05
323
|
ظهور الامارات المتعددة (الطولونية، الاخشيدية، الحمدانية) وخروجها من مركزية الخلافة
أ - الامارة الطولونية (254-293هـ/868-905م)
بدات الامارة الطولونية بالظهور سنة (254هـ/868م) عند تولي احمد بن طولون (254-270هـ/868-884م) الامارة على مصر (1). وبعد ان ساءت اوضاع الثغور كتب الخليفة المعتمد (256-279هـ/870-892م) الى احمد بن طولون لتدبر امر الثغور الشامية ، وحاول ابن طولون دخول مدينة طرسوس سنة (264هـ/877م) بجمع غفير من جماعته، فغلت الاسعار ، وضاقت المكان لكثرة اصحابه مما اجبر اهل طرسوس على التكلم معه وقالوا له :"عافاك الله قد ضاق بأصحابك بلدنا، وتعذرت بك معيشتنا، ونقص سعرنا ، فاما اقمت في عدة يسيرة تحملها بلدنا والا رحلت عنا " ، فجاء جوابه برفق وتأني وبالدعاء لأهل طرسوس ثم الرحيل والعودة الى مصر (2).
وفي سنة (268هـ/881م) قاد الصائفة من ناحية الثغور الشامية خلف الفرغاني عامل ابن طولون فقتل من الروم كثيراً وغنم وعاد (3). وان علاقتها مع الخلافة العباسية والامارات الاخرى كانت ضعيفة لبعض الوقت، ولكنها اهتمت بجبهة الثغور بشكل كبير.
وفي سنة (269هـ/882م) وثب خلف صاحب ابن طولون بالثغور الشامية على يازمان الخادم وهو مولى الفتح بن خاقان وقام بحبسه فقام اهل طرسوس بتخليص يازمان فهرب خلف ابن طولون، وترك اهل طرسوس الدعاء لابن طولون فسار إليهم فاعتصم اهل طرسوس ومعهم يازمان وقاموا بسد الابواب جميعها ما عدا باب الجهاد وباب البحر وفتحوا الماء على ابن طولون فهرب الى اذنه ثم انصرف الى مدينة انطاكية (4). وبدات الامارة الطولونية بالضعف تدريجياً لتولي عدة امراء بعد ابن طولون مما ادى الى انهيارها سنة (293هـ/905م).
ب - الامارة الاخشيدية (323-358هـ/935-969م)
تولى محمد الاخشيد بن طغج (323-334هـ/935-945م) امارة الاخشيديين، واتصل الروم البيزنطيون به عن طريق الامبراطور ارمانوس الاول (919-944م) الذي أرسل كتاباً للإخشيد يطلب فيه فداء اسراه في سنة (324هـ/936م) واجابه عليها الاخشيد محمد بن طغج "نحن على بينة لهم من امرهم وثبات من حسن العاقبة وعظيم المثوبة عالمين بحالهم …" (5).
ان هذه الامارة انشغلت ردحاً من الزمن بمشاكلها الداخلية لذلك لا توجد الا ملاحظة واحدة عن تبادل الاسرى بين الاخشيد والامبراطورية البيزنطية، وعاشت في السنوات الاخرى صراعاً مع الحمدانيين انتهت بمعاهدة سلمت بموجبها جبهة الثغور لهم (6). وبموت الاخشيد محمد بن طغج سنة (334هـ/945م)، صاحب ديار مصر ومؤسس الامارة الاخشيدية، بدات هذه الامارة بالضعف ثم انهيارها في سنة (358هـ/969م) في عهد ابي الفوارس احمد بن علي (357-358هـ/968-969م) (7) ، وتولى فيما بعد سيف الدولة الحمداني امارة الدولة الحمدانية .
ج - الامارة الحمدانية (293-392هـ/905-1001م)
قامت الامارة الحمدانية في الموصل سنة (293هـ/905م) واستمرت الى سنة (392هـ/1001م) بسقوطها في حلب ، واهمية الامارة الحمدانية لا تكمن في كونها مجرد امارة مستقلة من تلك الامارات الكثيرة التي ظهرت ابان ضعف سلطة الخلافة المركزية فحسب ، بل لكونها احدى الامارات القلائل التي قامت على حساب الخلافة العباسية ، ولانها وقفت سداً منيعاً بوجه الروم البيزنطيين الذي استهدفوا الخلافة العباسية (8) .
وتعد الامارة الحمدانية من اقوى الامارات آنذاك لوجود سيف الدولة الحمداني الذي يعد مؤسس هذه الامارة .
وتكاد تكون الامارة الحمدانية هي الممثلة للخلافة العباسية في هذه المدة ، واخذت نطاقاً اوسع وهو جبهة الشام والموصل حصراً ، ودخلت في حروب مستمرة مع الامبراطورية البيزنطية بما يقارب اربعين معركة (9) ، مما ادى الى وقوع اعداد كبيرة من الاسرى والسبايا بين الطرفين . ولم تظهر الخلافة بمظهرها الداعم للحمدانيين لابل ان البويهيين المتسلطين حاربوا هذه الامارة واشغلوها عن واجبها (10). وكانت الخلافة العباسية تنظر الى قيام الامارة الحمدانية نظرة ارتياح فقط، وذلك لقيامها بصد غارات الروم البيزنطيين بل انهم اشترطوا عليهم القيام بالجهاد والدفاع عن الثغور، وبالفعل تمكنت هذه القوة الاسلامية الجديدة من كسر زهو الروم البيزنطيين وغرورهم (11). وقد تولى القائد البيزنطي نقفور فوكاس الهجوم على اراضي الخلافة العباسية وبدأ هجومه بحراً على جزيرة كريت التي ما لبثت ان سقطت امام الهجمات البيزنطية (12).
وتصدى سيف الدولة الحمداني لتحركات الروم البيزنطيين، فبدا حملاته سنة (326هـ/937م) بان استولى على عدة حصون والتحم معهم في عدة معارك (13).
وشرع سيف الدولة بمجرد عودته الى حلب بأعداد حمله كبيرة لمهاجمة الاراضي البيزنطية سنة (339هـ/950م) واشترك معه ما يقرب من اربعة الاف رجل من قواته (14). وسعى الروم البيزنطيون الى عقد هدنة مع سيف الدولة بسبب الهزائم المتكررة التي لحقت
بهم (15). وهكذا استمرت الحرب بين سيف الدولة والروم البيزنطيين، تشتعل تارة، وتهدا تارة اخرى، ويتغلب سيف الدولة مرة، ويتغلب الروم البيزنطيون مرة اخرى.
هذه هي أبرز الحركات التي ظهرت في الدولتين العباسية والبيزنطية، وفي اغلب الحركات انها تؤثر سلباً في الدولة وتثير لها الكثير من المشاكل السياسية، ولكن هناك حركات كظهور الامارة الحمدانية فان تأثيرها كان ايجابياً في الخلافة العباسية لانها وقفت بوجه الخطر البيزنطي.
ان ضعف جبهة الثغور، الذي كان نتيجة لضعف الخلافة في تلك المدة، واماراتها المحلية في بلاد الشام، مما ادى الى نهوض الامبراطورية البيزنطية وقاد الى نتائج خطيرة بما يخص مشكلة الاسرى والسبايا. فضلاً عن ان بيزنطة شهدت ذروة مجدها وقوتها سنة (253-449هـ/867-1057م) ، في حين شهدت المدة نفسها اقصى درجات الضعف والتدهور في الخلافة العباسية ، ففي سنة (359هـ/970م) استولى الامبراطور باسيل الثاني (963-976م) على مدينة انطاكية بالسيف ، ثم قصد حلب ، فاضطر حاكمها قرغويه ان يصالحهم على مال يحمله اليهم كل سنة من حلب وحمص وحماة وغيرها (16) ، كجزية عن كل صغير وكبير من سكان المواضع التي وقعت الهدنة عليها ، دينار ، قيمته ستة عشر درهماً اسلامياً ، ويحمل اليهم في كل سنة عن البلاد التي وقعت الهدنة عليها سبعمئة الف درهم (17) .
فضلاً عن الصراع الذي وقع بين الامارتين الحمدانية والاخشيدية وكانت الخلافة العباسية تشجع الامارة الحمدانية لقيامها بصد غارات الروم البيزنطيين، الذين تمكنوا بالفعل من التصدي للروم البيزنطيين بقيادة سيف الدولة الحمداني (18). فالمشاكل الاقتصادية في الدولتين مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتطور العلاقات، تحسنها وتدهورها. وبذلت الدولتان كل ما بوسعهما من الاموال في سبيل عقد المعاهدات لتخليص اسراهم ولكف اذى الدولة الاخرى ومنعها من الدخول في اراضيها.
_______________
(1) الطبري ، تاريخ ، 6/11/157.
(2) ابو محمد عبد الله بن محمد البلوي ، سيرة احمد بن طولون ، تحقيق : محمد كرد علي ، (دمشق : المكتبة العربية ، 1939) ، ص97 ؛ وينظر : الطائي ، المرجع السابق ، ص103.
(3) الطبري ، تاريخ ، 6/ 11/295 ؛ وينظر الملحق رقم (1).
(4) الطبري، تاريخ، 6/11/296؛ البلوي، المصدر السابق، ص310؛ ابن الاثير، المصدر السابق، 7/396.
(5) القلقشندي، المصدر السابق ، 7/16 ؛ ابن الفراء ، المصدر السابق ، ص41.
(6) المصدر نفسه؛ مسكويه؛ المصدر السابق، 2/180؛ ابن العديم، المصدر السابق، 1/119.
(7) ابن الاثير ، المصدر السابق ، 8/410.
(8) فيصل السامر، الدولة الحمدانية في الموصل وحلب، ط1، (بغداد: مطبعة الايمان ،1970)،1/3.
(9) ابن العديم ، المصدر السابق ، 1/120-144.
(10) ابن الاثير ، المصدر السابق ، 8/97.
(11) السامر ، المرجع السابق ، 2/142.
(12) ابن تغري ، المصدر السابق ، 3/303.
(13) ابن الجوزي ، المصدر السابق ، 6/330 ؛ ابن تغري ، المصدر السابق ، 3/270.
(14) ابن العديم ، المصدر السابق ، 1/121.
(15) المصدر نفسه ، 1/124 ؛ شهاب الدين احمد بن عبد الوهاب النويري ، نهاية الارب في فنون الادب ، تحقيق: علي محمد البجاوي ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1976) ، 26/145.
(16) ابن الوردي ، المصدر السابق ، 1/409.
(17) ابن العديم ، المصدر السابق ، 1/163 ؛ كانار ، المرجع السابق ، ص419.
(18) مسكويه ، المصدر السابق ، 2/ 180 ؛ ابن العديم ، المصدر السابق ، 1/111 ؛ السامر ، المرجع السابق ، 2/142 ؛ للمزيد عن الصراع بين الامارتين ينظر : الطائي ، المرجع السابق ، ص104-107.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|