أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-5-2017
1766
التاريخ: 5-11-2017
1827
التاريخ: 9-2-2017
1702
التاريخ: 6-11-2017
1511
|
بلغ مروان وصول أبي عون إليه بالجيوش من حلوان فاستقبله، فالتقيا بشهرزور، فاقتتلوا، فانهزم أهل الشام حتى صاروا إلى مدينة حران.
قال الهيثم: فحدثني إسماعيل بن عبد الله القسري، أخو خالد بن عبد الله قال: (دعاني مروان عند وصوله إلى حران، وكنت أخص الناس عنده، فقال لي: (يا أبا هاشم) - وما كناني قبل ذلك -.
فقلت: (لبيك يا أمير المؤمنين).
قال: (ترى ما قد نزل من الأمر، وأنت الموثوق برأيه، فما ترى ؟).
قلت: (وعلام أجمعت يا أمير المؤمنين ؟).
قال: (أجمعت على أن ارتحل بأهلي، وولدي، وخاصة أهل بيتي، ومن اتبعني من أصحابي حتى أقطع الدرب، وأصير إلى ملك الروم، فاستوثق منه بالأمان، ولا يزال يأتيني الخائف من أهل بيتي وجنودي حتى يكثف أمري، وأصيب قوة على محاربة عدوي).
قال إسماعيل: وذلك، والله، كان الرأي له عندي، غير أني ذكرت سوء أثره في قومي، ومعاداته إياهم، وتحامله عليهم، فصرفت الرأي عنه.
وقلت له: (يا أمير المؤمنين، أعيذك بالله، أن تحكم أهل الشرك في نفسك وحرمك، لأن الروم لا وفاء لهم).
قال: فما الرأي عندك ؟ قلت: الرأي أن تقطع الفرات، وتستقري مدن الشام، مدينة مدينة، فإن لك بكل مدينة صنائع ونصحاء، وتضمهم جميعا إليك، وتسير حتى تنزل ببلاد مصر، فهي أكثر أهل الأرض مالا، وخيلا، ورجالا، فتجعل الشام أمامك، وإفريقية (1) خلفك، فإن رأيت ما تحب انصرفت إلى الشام، وإن تكن الأخرى اتسع لك المهرب نحو إفريقية، فإنها أرض واسعة، نائية منفردة.
قال: صدقت، لعمري، وهو الرأي.
فسار من حران حتى قطع الفرات، وجعل يستقري مدن الشام، فيستنهضهم، فيروغون عنه، ويهابون الحرب، فلم يسر معه منهم إلى قليل.
و سار أبو عون صاحب قحطبة في أثر مروان حتى انتهى إلى الشام، وقصد دمشق، فقتل من أهلها مقتلة عظيمة، فيهم ثمانون رجلا من ولد مروان ابن الحكم.
ثم عبر الشام سائرا نحو مصر حتى وافاها، واستعد مروان فيمن كان معه، من أهل الوفاء له، وكانوا نحوا من عشرين ألف رجل، وسار مستقبلا أبا عون حتى التقى الفريقان، فاقتتلوا.
فلم يكن لأصحاب مروان ثبات، فقتل منهم خلق، وانهزم الباقون، فتبددوا، وهرب مروان على طريق إفريقية، وطلبته الخيل، فحال بينها وبينه الليل، فعبر مروان النيل في سفينة، فصار في الجانب الغربي، وكان منجما (2)، فقال لغلامه: - إني إن سلمت هذه الليلة رددت خيل خراسان على أعقابها حتى أبلغ خراسان.
ثم نزل، ودفع دابته إلى غلامه، وخلع درعه، فتوسدها، ونام لشدة ما قد كان مر به من التعب، ولم يكن معه دليل يدله على الطريق، وخاف أن يوغل في تلك المفاوز، فيضل.
وأقبل رجل من أصحاب أبي عون، يسمى (عامر بن إسماعيل) في طلب مروان، حتى أتى المكان الذي عبر فيه مروان، فدعا بسفينة، فجلس فيها، وعبر، فانتهى به السير إلى مروان، وهو مستثقل نوما، فضربه بالسيف حتى قتله.
قالوا: ولما بلغ محمد بن خالد بن عبد الله القسري، وكان مستترا بالكوفة في بجيلة، موافاة قحطبة بن شبيب حلوان بجموع أهل خراسان جمع إليه نفرا من أشراف قومه، ثم ظهر، ودعا لأبي العباس الإمام، فطلبه زياد بن صالح، عامل يزيد بن عمر، فاجتمع إليه قومه، فمنعوه، وقاموا دونه.
وبلغ ذلك يزيد بن عمر بن هبيرة، فأمد زياد بن صالح بالرجال، واجتمع إلى محمد جميع من كان بالكوفة من اليمانية والربعية، فهرب زياد بن صالح حتى لحق بيزيد بن عمر بواسط.
وكتب محمد بن خالد إلى قحطبة، وهو بحلوان، يسأله أن يوليه أمر الكوفة، ويبعث إليه عهده عليها، ففعل.
فأتى المسجد الأعظم في جمع كثير من اليمانية، وقد أظهروا السواد، وذلك يوم عاشوراء من المحرم سنة اثنتين وثلاثين ومائة (3).
وقال محمد بن خالد فيما كان من قتلة الوليد بن يزيد بن عبد الملك:
قتلنا الفاسق المختال لما أضاع الحق، واتبع الضلال يقول لخالد ألا حمته بنو قحطان إن كانوا رجالا فكيف رأى غداة غدت عليه كراديس يشبهها الجبال (4) ألا أبلغ بني مروان عني بأن الملك قد أودي، فزالا وسار يزيد بن عمر بن هبيرة إلى الكوفة يريد محمد بن خالد، فدخل محمد على أبي سلمة الداعي، فأخبره بفصول ابن هبيرة نحوه، وتخوفه أن لا يقوى بكثرة جموعه.
فقال له أبو سلمة: إنه قد كان منك من الدعاء إلى الإمام أبي العباس ما لا ينساه لك، فلا تفسد ذلك بقتلك نفسك، ومن معك، ودع الكوفة، فإنها في يديك، وسر بمن معك حتى تنضم إلى قحطبة.
قال محمد: لست بخارج من الكوفة حتى أبلي عذرا في محاربة ابن هبيرة.
فاستعد بمن كان معه بالكوفة من اليمن وربيعة، وسار مستقبلا لابن هبيرة حتى التقى.
فنادى محمد بن خالد من كان مع ابن هبيرة من قومه: (تبا لكم، أنسيتم قتل أبي خالد، وتحامل بني أمية عليكم، ومنعهم إياكم أعطياتكم ؟ يا بني عم، قد أزال الله ملك بني أمية، وأدال منهم، فانضموا إلى ابن عمكم، فإن هذا قحطبة بحلوان في جموع أهل خراسان، وقد قتل مروان، فلم تقتلون أنفسكم ؟ وإن الأمير قحطبة قد ولاني الكوفة، وهذا عهدي عليها، فليكن لكم أثر في هذه الدولة).
فلما سمعوا ذلك مالوا إليه جميعا، ولم يبق مع ابن هبيرة إلا قيس وتميم.
فلما رأى ذلك ولى منهزما بمن معه حتى وافى واسط، ووجه في نقل الميرة (5) إليها، واستعد للحصار.
وانصرف محمد بن خالد إلى الكوفة، فخطب الناس، ودعا لأبي العباس، وأخذ بيعة أهل الكوفة.
وأقبل قحطبة من حلوان حتى وافى العراق، فنزل (دمما) (6) - وهي فيما بين بغداد والأنبار - وذلك قبل أن تبنى بغداد، وإنما كانت قرية، يقوم بها سوق في كل شهر مرة، فأقام معسكرا بها.
فقال علي بن سليمان الأزدي يذكر محمد بن خالد وسبقه إلى الدعاء إلى بني هاشم: يا حاديينا بالطريق قوما بيعملات كالقسي رسما (7) تنجو بأحواز الفلاة مقدما إلى امرئ أكرم من تكرما محمد لما سما وأقدما ثار بكوفان بها معلما في عصبة تطلب أمرا مبرما حتى علا منبرها معمما أكرم بما فاز به وأعظما إذ كان عنها الناس كلا نوما * * *
وإن قحطبة عند مسيرة إلى العراق استخلف على أرض الجبل يوسف بن عقيل الطائي، وأقبل ابن هبيرة حتى صار على شاطئ الفرات الغربي، وهو في نحو من ثلاثين ألف رجل.
وأقبل قحطبة حتى نزل في الجانب الشرقي، فأقام ثلاثا، ثم نادى في جنوده، أن أقحموا خيلكم الماء، فاقتحموها، وقحطبة أمام أصحابه.
ولما عبر أصحاب قحطبة قاتلهم ابن هبيرة، فلم يقم لهم، فانهزم حتى أتى واسطا، فتحصن فيها، وفقد قحطبة بن شبيب فلم يدر أين ذهب.
ويزعم بعض الناس أن فرسه غاص به فغرق، وتولى أمر الناس ابنه الحسن ابن قحطبة.
ولما تحصن ابن هبيرة بواسط خلف الحسن بن قحطبة عليه بعض قواده في عشرين ألف رجل، وسار نحو الكوفة، وقد أخذها محمد بن خالد، فوافاها الحسن بن قحطبة، وبها الإمام أبو العباس.
__________
(1) تذكر إفريقية في كتب التاريخ العربي، ويقصد بها بلاد شمال إفريقية.
(2) له دراية: علم النجوم والفلك.
(3) الموافق أغسطس من سنة 749 م.
(4) الكردسة بالضم عظيمة من الخيل، وكل عظمين التقيا في مفصل، والكردوسان قيس ومعاوية، ابنا مالك بن حنظلة.
(5) الطعام.
(6) كان قرية كبيرة على فم نهر عيسى قرب الفرات.
(7) اليعملة الناقة النجيبة المعتملة المطبوعة، والجمل يعمل، وناقة عملة بينة العمالة فارهة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|