أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-03
612
التاريخ: 2023-03-28
1236
التاريخ: 5-10-2016
2390
التاريخ: 5-10-2016
1688
|
المكر، و الحيلة ، و الخدعة ، و النكر، و الدهاء : ألفاظ مترادفة ، و هي في اللغة قد تطلق على شدة الفطانة ، و أرباب العقول يطلقونها على استنباط بعض الأمور من المآخذ الخفية البعيدة على ما تجاوز عن مقتضى استقامة القريحة ، و لذا جعلوها ضدا للذكاء و سرعة الفهم ، و العرف خصصها باستنباط هذه الأمور إذا كانت موجبة لإصابة مكروه إلى الغير من حيث لا يعلم ، و ربما فسر بذلك في اللغة أيضا ، و هذا المعنى هو المراد هنا.
و لتركبه من إصابة المكروه إلى الغير و من التلبيس عليه ، يكون ضده استنباط الأمور المؤدية إلى الخيرية ، و النصيحة لكل مسلم ، و استواء العلانية للسريرية.
ثم فرق المكر و مرادفاته عن التلبيس و الغش و الغدر و أمثالها ، إما باعتبار خفاء المقدمات و بعدها فيها دونها , أو بتخصيص الأولى بنفس استنباط الأمور المذكورة و الثانية بارتكابها ، و لذا عدت الأولى من رذائل القوة الوهمية أو العاقلة للعذر المذكور، و الثانية من رذائل الشهوية و ربما كان استعمالهما على الترادف ، و أطلق كل منهما على ما تطلق عليه الأخرى.
هذا و للمكر مراتب شتى و درجات لا تحصى من حيث الظهور و الخفاء ، فربما لم يكن فيه كثير دقة و خفاء فيشعر به من له أدنى شعور، و ربما كان في غاية الغموض و الخفاء بحيث لم يتفطن به الأذكياء.
و من حيث الموارد و المواضع كالباعث لظهور المحبة و الصداقة و اطمئنان عاقل ، ثم التهجم عليه بالإيذاء و المكروه ، و الباعث لظهور الأمانة و الديانة و تسليم الناس أموالهم و نفائسهم إليه على سبيل الوديعة أو المشاركة أو المعاملة، ثم أخذها و سرقها على نحو آخر من وجوه المكر، و كالباعث لظهور ورعه و عدالته و اتخاذ الناس إياه إماما أو أميرا فيفسد عليهم باطنا دينهم و دنياهم.
ثم المكر من المهلكات العظيمة ، لأنه أظهر صفات الشيطان ، و المتصف به أعظم جنوده ، و معصيته أشد من معصية إصابة المكروه إلى الغير في العلانية ، إذ المطلع بإرادة الغير إيذاءه يحتاط و يحافظ نفسه عنه ، فربما دفع أذيته ، و أما الغافل فليس في مقام الاحتياط ، لظنه أن هذا المكار المحيل محب و ناصح له ، فيصل إليه ضره و كيده في لباس الصداقة و المحبة.
فمن أحضر طعاما مسموما عند الغير مريدا إهلاكه فهو أخبث نفسا و أشد معصية ممن شهر سيفه علانية مريدا قتله ، إذ الثاني أظهر ما في باطنه و اعلم هذا الغير بإرادته ، فيجزم بأنه عدو محارب له فيتعرض لصرف شره و منع ضره ، فربما تمكن من دفعه ، و أما الأول فظاهره في مقام الإحسان و باطنه في مقام الإيذاء و العدوان ، و الغافل المسكين لا خبر له عن خباثة باطنه ، فيقطع بأنه يحسن إليه ، فلا يكون معه في مقام الدفع و الاحتياط ، بل في مقام المحبة و الوداد ، فيقتله و هو يعلم أنه يحسن إليه ، و يهلكه و هو في مقام الخجل منه.
و بالجملة : هذه الرذيلة أخبث الرذائل و أشدها معصية ، و لذلك قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ): «ليس منا من ماكر مسلما».
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «لو لا أن المكر و الخديعة في النار لكنت أمكر الناس»
و كان (عليه السلام) كثيرا ما يتنفس الصعداء و يقول : «وا ويلاه يمكرون بي و يعلمون أني بمكرهم عالم و أعرف منهم بوجوه المكر، و لكني أعلم أن المكر و الخديعة في النار فأصبر على مكروههم و لا ارتكب مثل ما ارتكبوا» .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|