إبتناء النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع دون الأفراد وعدمه |
581
09:43 صباحاً
التاريخ: 25-8-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
1736
التاريخ: 25-8-2016
762
التاريخ: 16-10-2016
744
التاريخ: 25-8-2016
2502
|
وفيه ثلاثة أقوال :
القول الأوّل: ما ذهب إليه المحقّق الخراساني(رحمه الله) من أنّه لا ربط بين المسألتين.
القول الثاني: القول بوجود الربط بينهما ببيانين:
أحدهما: أنّ النزاع في الجواز والامتناع مبني على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع، وأمّا على القول بتعلّقها بالأفراد فلا محيص عن الامتناع، ضرورة لزوم تعلّق الحكمين بواحد شخصي حينئذ.
ثانيهما: أنّ الجواز مبني على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع لتعدّد متعلّق الأمر والنهي ذاتاً حينئذ وإن أتحد وجوداً، والقول بالامتناع على القول بتعلّق الأحكام بالأفراد لاتّحاد متعلّق الحكمين حينئذ شخصاً وخارجاً.
القول الثالث: ما أفاده المحقّق النائيني(رحمه الله) وفي تهذيب الاُصول من التفصيل بين التفاسير المتصوّرة في تلك المسألة وإنّ الابتناء موجود بناءً على بعض التفاسير وغير موجودة على بعضها الآخر وسيوافيك بيانه إن شاء الله تعالى.
أمّا القول الأوّل: فبيانه واضح، لأنّ القائل به يدّعي أنّ النزاع في المقام يرتكز على أنّ تعدّد العنوان هل يوجب تعدّد المعنون أو لا؟ من دون فرق بين أن يتعلّق الأحكام بالطبائع أو بالأفراد، لأنّه إذا تعلّق الحكم بالفرد فالبرغم من كونه واحداً في بدو النظر ولكنّه إذا كان له عنوانان وقلنا بأنّ تعدّد العنوان يوجب تعدّد المعنون يصير المتعلّق متعدّداً فيقع النزاع في جواز الاجتماع وامتناعه.
وأمّا القول بالتفصيل فقال المحقّق النائيني (رحمه الله) ما حاصله: أنّ النزاع في تلك المسألة إن كان مبنيّاً على وجود الطبيعي وعدمه فلا تبتني على ذلك مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي بل إنّ للبحث عن المسألة مجالا سواء قلنا بوجود الكلّي الطبيعي أو لم نقل، غايته أنّه بناءً على عدم وجود الطبيعي يكون المتعلّق للأحكام هو منشأ الانتزاع، ويجري فيه ما يجري على القول بوجود الطبيعي من كون الجهة تقييديّة أو تعليلية وأنّ التركيب اتّحادي أو انضمامي، لوضوح أنّ انتزاع الصّلاة لا بدّ أن يكون لجهة غير جهة انتزاع الغصب، ولكن يبعد أن يكون النزاع هناك مبنيّاً على وجود الطبيعي وعدمه، إذ الظاهر أنّ من يقول بتعلّق الأحكام بالافراد لا ينكر وجود الطبيعي، بل الذي يمكن أن يكون محلّ النزاع على وجه يرجع إلى أمر معقول هو أن يكون النزاع في سراية الأمر بالطبيعة إلى الخصوصيّات ولو على النحو الكلّي، أي خصوصيّة ما بحيث تكون الخصوصيّة داخلة تحت الطلب تبعاً، فالقائل بتعلّق الأحكام بالافراد يدّعي السراية والتبعيّة والقائل بتعلّق الأحكام بالطبائع يدّعي عدم السراية، فلو كان النزاع هناك على هذا الوجه فألحق أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي تبتني على ذلك»(1).
هذا هو إجمال ما أفاده المحقّق النائيني(رحمه الله)، وأمّا في تهذيب الاُصول فقد ذكر لمسألة تعلّق الأحكام بالطبائع أو الأفراد تفاسير ستّة، وقال بعدم وجود الربط بين المسألتين بناءً على اثنين منها، ووجود الربط بينهما بناءً على الأربعة الاُخرى(2). وتشابه مقالته مقالة المحقّق النائيني (رحمه الله)من بعض الجهات فلا بأس بتركها.
أقول: الصحيح هو التفصيل المزبور، لأنّه بناءً على التفسير الأوّل (وهو كون النزاع في تلك المسألة مبنيّاً على وجود الطبيعي وعدمه) وإن كانت الأحكام تتعلّق بالأفراد (التي هي منشأ لانتزاع الكلّي الطبيعي) ولكنّها تتعلّق بها مجرّدة عن الخصوصيّات الفرديّة في الخارج، فيمكن حينئذ أن يكون الفرد معنوناً بعنوانين ويصحّ النزاع في جواز الاجتماع وعدمه، فلا تبتني مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي على مسألة تعلّق الأحكام بالطبائع أو الأفراد، لأنّه حتّى بناءً على تعلّقها بالأفراد أيضاً يتصوّر جواز الاجتماع كما يتصوّر امتناعه، فيتصوّر جريان النزاع في الجواز وعدمه على كلا القولين.
وأمّا بناءً على التفسير الثاني (وهو كون النزاع في تلك المسألة في سراية الأمر بالطبيعة إلى الخصوصيّات بحيث تكون الخصوصيّة أيضاً داخلة تحت الطلب) فالربط بين المسألتين واضح، فيصحّ النزاع بناءً على تعلّقها بالطبائع ولا إشكال فيه، ولا يصحّ بناءً على تعلّقها بالافراد بل من الواضح حينئذ القول بالامتناع لأنّ المفروض حينئذ أنّ الأحكام تعلّقت بالخصوصّيات والتشخّصات الفرديّة أيضاً، وهي لا يمكن أن تصير مجمعاً لعنوانين.
إن قلت: بناءً على القول بتعلّق الأوامر بالأفراد ولحاظ الخصوصيّات الفرديّة إنّما تلاحظ
الخصوصيّات التكوينيّة الخارجيّة فحسب نظير خصوصيّة الكمّ والكيف والزمان والمكان لا الخصوصيّات الاعتباريّة التشريعيّة نظير خصوصيّة الإباحة والغصب، وحينئذ يمكن الجمع بين الأمر بالصّلاة في الدار المغصوبة والنهي عن الغصب لأنّ المفروض حينئذ أنّ خصوصيّة الغصب ليست داخلة تحت الطلب.
قلنا: المهمّ في المقام أنّ الحركة الخارجيّة المقيّدة بهذا المكان وذاك الزمان (وهو أمر تكويني) صارت مطلوبة ومحبوبة بتعلّق الأمر الصلاتي بها، فكيف تصير نفس تلك الحركة مبغوضة بتعلّق النهي بها؟ وبعبارة اُخرى: حركة خاصّة واحدة تكوينيّة صارت متعلّقة حينئذ للأمر والنهي معاً، وهو المراد من المستحيل في المقام.
إن قلت: لا إشكال في أنّ الخصوصيّات الفرديّة في جانب الأمر بناءً على تعلّق الأوامر بالافراد تكون مطلوبة على نحو التخيير، ولازمه أن تصير خصوصيّة الغصب المنهي عنها تعييناً مطلوبة للمولى في مورد اجتماع العنوانين تخييراً، ولا منافاة بين الأمر التخييري والنهي التعييني.
قلنا: قد مرّ أنّه لا فرق في امتناع الاجتماع بين أن يكون الأمر والنهي كلاهما تعيينيين أو تخييريين أو كان أحدهما تعيينياً والآخر تخييريّاً، أي أنّ الامتناع يتصوّر في التخييريين فضلا عن ما إذا كان أحدهما تعيينياً والآخر تخييريّاً.
إن قلت: بناءً على تعلّق الأمر بالأفراد تكون الخصوصيّات أيضاً مطلوبة ولكن تبعاً لا استقلالا، لأنّ الأمر بالطبيعة ـ كما صرّح به المحقّق النائيني(رحمه الله) ـ يسري إلى الخصوصيّات ولو على النحو الكلّي أي خصوصيّة ما، بحيث تكون الخصوصيّة داخلة تحت الطلب تبعاً.
وبعبارة اُخرى: إنّه يسري إلى الخصوصيّات من باب أنّ وجود المأمور به في الخارج لا يكون منفكّاً عنها، وهذا بخلاف النهي فإنّه يتعلّق بخصوصيّة الغصب أصالةً واستقلالا، ولا منافاة بين الأمر التبعي والنهي الأصلي الاستقلالي.
قلنا: إنّ الأمر والنهي لا يجتمعان في خصوصيّة واحدة سواء كانا أصليين أو تبعيين أو مختلفين، لأنّه على أيّ حال تصير الخصوصيّة مطلوبة للمولى فعلا، والمطلوبيّة الفعليّة لا تجتمع مع المبغوضيّة الفعليّة من أيّ منشأ نشأت المطلوبيّة.
ولكن والإنصاف أنّه مع ذلك كلّه يمكن أن يقال أنّه لا ربط بين المسألتين مطلقاً، لأنّه بناءً
على تعلّق الأوامر بالأفراد وتعلّقها بالخصوصّيات الفرديّة كخصوصيّة الغصب يمكن للقائل بجواز الاجتماع أن يدّعي أنّ الحركة الخاصّة في الدار المغصوبة معنونة بعنوانين، وتعدّد العنوان يوجب تعدّد المعنون، وحينئذ يمكن جواز الاجتماع كما يمكن امتناعه، فيصحّ النزاع في الجواز والامتناع.
وإن شئت قلت: الموجود في الخارج هو الحركة الخاصّة الواقعة في دار الغير، وأمّا المبغوضيّة أو عدمها فهي من باب الأحكام، وكذلك عنوان الغصب فإنّه أمر انتزاعي ذهني أو اعتباري، ومن الواضح أنّ الحركة الخاصّة تكون محلّ الانطباق لعنوان الغصب والصّلاة، فتدبّر.
_______________
1. راجع فوائد الاُصول: ج1، ص416 ـ 417.
2. راجع تهذيب الاُصول: ج1، ص381 ـ 382، طبع جماعة المدرّسين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|