المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05



أبو زيد الفازازي  
  
8033   01:54 مساءاً   التاريخ: 23-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص373-375
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-06-2015 2421
التاريخ: 6-7-2019 3171
التاريخ: 26-1-2016 2867
التاريخ: 22-7-2016 2125

هو أبو زيد عبد الرحمن بن أبي سعيد بن يخلفتن، ولد بقرطبة، و بها منشؤه، و بمجرد أن حفظ القرآن الكريم أكبّ على حلقات الشيوخ يتزود من الحديث النبوي و روايته و الفقه و أصوله و علم الكلام و اللغة و النحو و الأدب و الشعر، و تفتحت موهبته الأدبية مبكرة، و سال ينبوع الشعر متدفقا على لسانه، و عمل في الدواوين الحكومية، و حظى بمكانة رفيعة عند أبي إسحق والى إشبيلية لأخيه الناصر الخليفة بمراكش (5٩٢-6٠٩ ه‍) و لابن أخيه المستنصر (6٠٩-6٢٠ ه‍) و عمل بدواوين عمه أبي العلاء إدريس في ولايته على إشبيلية و قرطبة، و تطورت الظروف و نودي بأبي العلاء-و هو في الأندلس-خليفة للموحدين بمراكش. و جاز الزقاق إلى عاصمته سنة 6٢6 و استقدم أبا زيد للعمل في دواوين مراكش و لباه راضيا، و لم تكد تمضى بضعة أشهر حتى لبى نداء ربه سنة 6٢٧ و يقول لسان الدين بن الخطيب في ترجمته إنه كان فاضلا سنّيا شديد الإنكار و الانحاء على أهل البدع، و كان متلبسا بالكتابة عن الولاة و الأمراء ملتزما بذلك مع كره له و حرصه على الانقطاع عنه. .

و يقول لسان الدين أيضا عن أبي زيد إنه كان آية اللّه في سرعة البديهة و ارتجال النظم  و النثر وفور مادة و موالاة استعمال. و له في الزهد عملان: عمل طبع بدار إحياء الكتب العربية في القاهرة باسم «القصائد العشرية في النصائح الدينية و الحكم الوعظية» و لعلها هي التي سماها لسان الدين المعشرات الزهدية. و يقول إنه افتتحها بقوله: «المعشرات الزهدية، و المذكرات الحقيقية الجدية ناطقة بألسنة الوجلين المشفقين، شائقة إلى مناهج السالكين المستبقين، نظمها متبرّكا بعبادتهم، متيمنا بأغراضهم و إشاراتهم، قابضا عنان الدعوى عن مداناتهم و مجاراتهم. .» . و المعشرات قصائد تشتمل كل منها على عشرة أبيات فأكثر، منظومة على جميع الحروف الهجائية. و كان له بجوار هذا الديوان ديوان ثان بنفس النسق نظمه في العبادة و النسك و سماه: «المعشّرات الحبّيّة» و افتتحها بقوله: «النفحات القلبية، و اللفحات الشوقية، منظومة على ألسنة الذاهبين وجدا، الذائبين كمدا، نظم من نسج على منوالهم» و له يناجى ربه و يدعوه ضارعا:

إليك مددت الكفّ في كلّ شدّة    و منك وجدت الّلطف في كل نائب
فحقّق رجائي فيك يا ربّ و اكفنى     شمات عدوّ أو إساءة صاحب
و كم كربة نجّيتنى من غمارها       و كانت شجا بين الحشا و التّرائب
فيا منجى المضطرّ عند دعائه     أغثنى فقد سدّت علىّ مذاهبي

  و سمّى مجموعته في المدائح النبوية «الوسائل المتقبّلة» و أضاف: «و الآثار المسلّمة المقبّلة مودعة في العشرية النبوية» نظم من اعتقدها من أزكى الأعمال، و أعدّها لما يستقبله من مدهش الأهوال، و فرّغ خواطره لها على توالى القواطع و تتابع الأشغال، و رجا بركة خاتم الرسالة، و غاية السؤدد و الجلالة. . و اللّه-سبحانه-ولىّ القبول للتوبة، و المنّان بتسويغ هذه المنة المطلوبة، فذلك يسير في جنب قدرته، و معهود رحمته الواسعة و مغفرته» و لعل هذه المجموعة هي نفسها المطبوعة في دار إحياء الكتب العربية باسم «الوسائل المتقبلة في مدح النبي صلى اللّه عليه و سلم» . و هي مخمسات على الحروف الهجائية من الهمزة إلى الياء، و المخمس قد يشتمل على عشرين دورا، و قد يقل عدد الأدوار فيه حتى أحد عشر، و من قوله في المخمس النونىّ عن رسول اللّه:

بدا قمرا مسراه شرق و مغرب     و خصّت بمثواه المدينة يثرب
و كان له في سدّة النور مضرب       نجىّ لربّ العالمين مقرّب (1)
حبيب فيدنو كلّ حين و يستدنى
من العالم الأعلى و ما هو منهم      شبيه بهم في الوصف زاك لديهم
رحيم بكلّ الخلق دان إليهم      نصيح لأهل الأرض حان عليهم
أضاء لهم صبحا و صاب لهم مزنا (2)

  و هو يقول إن الرسول صلى اللّه عليه و سلم قمر استضاءت بأشعة نوره المشارق و المغارب، و خصّت به داره يثرب، شرف لها ما بعده شرف، و نزل في السماء، حين صعد إليها بمعراجه، عند سدرة المنتهى، نجيّا لرب العالمين مقربا إليه حبيبا، بل أقرب محبوب إليه. و إنه لمن عالم الملائكة الأعلى و إن لم يكن منهم، لشبهه بهم في الوصف و طهارته و إنه للرحمة المسداة إلى الخلق مع النصح الخالص لوجه ربه و مع الحنو و العطف، بل إنه شمس يضىء الوجود صبحا و ينسكب عليه غيثا غدقا. و لأبي زيد وراء هذا الديوان نبويات كثيرة أنشد منها المقري في النفح شذورا، من ذلك قوله في الرسول:

تقدّم كلّ العالمين إلى مدى     تظلّ به الأوهام ظالعة حسرى (3)
و عفىّ رسوم الكافرين و أهلها      فلا قيصر من بعد ذاك و لا كسرى
و خصّ بتشريف على الناس كلّهم      بنور سماء ناقلوه عن الإسرا
ترقّى إلى السّبع الطّباق ترقّيا       حقيقا و لم يعبر سفينا و لا جسرا
فسبحان من أسرى إليه بعبده         و بورك في الساري و بورك في المسرى

   و هو يقول إن الرسول صلى اللّه عليه و سلم تقدم عند ربه إلى مدى لا تستطيع الأوهام أن ترتفع إليه مهما صعّدت و مهما تلهفت. و قد محا رسوم الكفار كأن لم تكن شيئا مذكورا، فلا كسرى إذ سلبت منه كل بلاده و أصبحت من ديار الإسلام، و لا قيصر فقد سلبت الجوهرتان المتلألئتان في تاجه: مصر و الشام. و خصّه اللّه بتشريف على الناس ما بعده تشريف، خصه بالإسراء ليلا إلى بيت المقدس و ترقيه إلى السموات السبع و نزوله عند سدرة المنتهى يناجي ربه، فسبحان الذي أسرى بعبده. مرددا بذلك ما جاء في أول سورة الإسراء.

و يقول بورك في الرسول الساري و في المسرى و الإسراء. و يردد أبو زيد في مديحه النبوي معجزات الرسول المادية و معجزته الكبرى الخارقة معجزة القرآن الكريم و بلاغته التي ليس لها سابقة و لا لاحقة، و دائما يذكر أنه خير الأنبياء و أفضلهم، و أكثرهم برا بأصحابه، و يحمل مرارا على أعدائه من الملحدين، و يقول إنهم انحرفوا عن شاطئ النجاة فتردّوا في بحار هلاك ما بعده هلاك.

ـــــــــــــــــــــــــ

١) سدة النور: يريد بها سدرة المنتهى المذكورة في سورة النجم و أن عندها الجنة التي تأوى إليها أرواح الشهداء و الملائكة.

2) المزن: السحاب الغدق الممطر.

3) ظالعة: عرجاء. حسرى: متلهفة.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.