المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الله يحب الصابرين في سبيل الله
2024-11-25
المسلم الأسير عند المشركين
2024-11-25
فداء علي في غزوة أحد
2024-11-25
حكم الحربي الذي أسلم في دار الحرب
2024-11-25
الجهاد
2024-11-25
مقبرة (رعمسيس الخامس والسادس)
2024-11-25

سعة العهد مع الله
2023-03-21
مكافحة حشرات ثمار التمر المخزونة
8-1-2016
Distributive Adjective
14-5-2021
حكم المحرم لو ارتد في اثناء الحج والعمرة.
27-4-2016
التفحص عند الاطفال
13-1-2023
Predictable allomorphy
25-1-2022


الخليفة الذي طبخ نفسه في التنور !  
  
10   01:32 صباحاً   التاريخ: 2024-11-25
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : الإمام محمد الجواد "ع" شبيه عيسى ويحيى وسليمان "ع"
الجزء والصفحة : ص215-228
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الجواد / قضايا عامة /

الواثق بن المعتصم : كان أمره فُرُطاً !

1 . هو هارون بن المعتصم ، وكان مفرطاً في الخمر والنساء وسفك الدماء ! لكنه أقل أذىً لأئمة العترة ( عليهم السلام ) ، ولعل السبب أنه كان مشغولاً بلهوه وخمره .

قال الطبري ( 7 / 338 ) يصف الواثق : ( كان أبيض مشرباً حمرة جميلاً ، رِبْعَةً حسن الجسم ، قائم العين اليسرى وفيها نُكَتُ بياض . وتوفى فيما زعم بعضهم وهو ابن ست وثلاثين سنة ، وفي قول بعضهم وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة . . وأمه أم ولد رومية يقال لها قراطيس ، واسمه هارون ، وكنيته أبو جعفر ) .

وقال اليعقوبي في تاريخه ( 2 / 483 ) : ( وكان الغالب على الواثق أحمد بن أبي دؤاد ، ومحمد بن عبد الملك ، وعمر بن فرج الرخجي . وكان على شرطه إسحاق بن إبراهيم ، وعلى حرسه إسحاق بن يحيى بن سليمان بن يحيى بن معاذ ) .

وقال المسعودي في التنبيه والإشراف / 312 : ( بويع الواثق . . في الوقت الذي توفي فيه المعتصم ، وهو يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة 227 ، وتوفي بسر من رأى يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة 232 ، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة ، وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر . . . يذهب في كثير من أموره مذاهب المأمون ) .

2 . كان ولي عهد أبيه المعتصم عندما سَمَّ الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، فصلى على جنازته ! قال أبو الفداء في تاريخه ( 2 / 33 ) : ( وفي هذه السنة ( 220 ) توفي محمد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . وهو أحد الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، وصلى عليه الواثق . وكان عمره خمساً وعشرين سنة ، ودفن ببغداد عند جده موسى بن جعفر .

ومحمد الجواد المذكور هو تاسع الأئمة الاثني عشر ، وقد تقدم ذكر أبيه علي الرضا في سنة ثلاث ومائتين ، وسنذكر الباقين إن شاء الله تعالى ) .

وقال في تاريخ بغداد ( 3 / 267 ) : ( عن محمد بن سنان قال : مضى أبو جعفر محمد بن علي وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يوماً ، وكان مولده سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة ، وقبض في يوم الثلاثاء لِسِتِّ ليالٍ خلون من ذي الحجة سنة مائتين وعشرين . . . حدثنا محمد بن سعد قال : سنة عشرين ومائتين ، فيها توفى محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ببغداد ، وكان قدمها على أبي إسحاق من المدينة فتوفي فيها يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة . وركب هارون ( الواثق ) بن أبي إسحاق فصلى عليه عند منزله في رحبة أسوار بن ميمون ناحية قنطرة البردان ، ثم حمل ودفن في مقابر قريش ) .

وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان ( 4 / 175 ) : ( محمد الجواد ، أبو جعفر ، محمد بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر المذكور قبله . المعروف بالجواد ، أحد الأئمة الاثني عشر أيضاً ، قدم إلى بغداد وافداً على المعتصم ، ومعه امرأته أم الفضل ابنة المأمون ، فتوفي بها ، وحملت امرأته إلى قصر عمها المعتصم ، فجعلت مع الحرم .

وكان يروي مسنداً عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني : يا علي ، ما خاب من استخار ولا ندم من استشار . يا علي ، عليك بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار . يا علي ، أغد باسم الله ، فإن الله بارك لأمتي في بكورها .

وكان يقول : من استفاد أخاً في الله ، فقد استفاد بيتاً في الجنة .

وقال جعفر بن محمد بن مزيد : كنت ببغداد ، فقال لي محمد بن منده بن مهريزد : هل لك أن أدخلك على محمد بن علي الرضا ؟ فقلت : نعم . قال فأدخلني عليه فسلمنا وجلسنا ، فقال له : حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن فاطمة رضي الله عنها أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ؟ قال : ذلك خاص بالحسن والحسين رضي الله عنهما . وله حكايات وأخبار كثيرة . وكانت ولادته يوم الثلاثاء خامس شهر رمضان ، وقيل منتصفه سنة خمس وتسعين ومائة ، وتوفي يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين ، وقيل تسع عشرة ومائتين ببغداد ، ودفن عند جده موسى بن جعفر رضي الله عنهم أجمعين ، في مقابر قريش ، وصلى عليه الواثق بن المعتصم ) .

وقال اليافعي في مرآة الجنان ( 2 / 60 ) : ( وفيها توفي الشريف أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ، أحد الاثني عشر إماماً ، الذين يدعي الرافضة فيهم العصمة ، وعمره خمس وعشرون سنة ، وكان المأمون قد نوه بذكره وزوجه بابنته ، وسكن بها المدينة ، وكان المأمون ينفذ إليه في السنة ألف ألف درهم . قلت : وقد تقدم أن المأمون زوج ابنته من أبيه علي الرضا ، وكان زواج الأب والابن بنتيه ، كل واحد بنتاً . وقدم الجواد إلى بغداد وافداً على المعتصم ومعه امرأته أم الفضل ابنة المأمون ، فتوفي فيها ، وحملت امرأته أم الفضل إلى قصر عمها المعتصم فجعلت مع الحرم ، وكان الجواد يروي مسنداً عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . . ولما توفي دفن عند جده موسى بن جعفر في مقابر قريش ، وصلى عليه الواثق بن المعتصم ) .

وقال ابن الجوزي في المنتظم ( 11 / 62 ) : ( ولد سنة مائة وخمس وتسعين ، وقدم من المدينة إلى بغداد وافداً على المعتصم ، ومعه امرأته أم الفضل بنت المأمون ، وكان المأمون قد زوجه إياها وأعطاه مالاً عظيماً ، وذلك أن الرشيد كان يجري على علي بن موسى بن جعفر في كل سنة ثلاث مائة ألف درهم ، ولنزله عشرين ألف درهم في كل شهر ، فقال المأمون لمحمد بن علي بن موسى : لأزيدك على مرتبة أبيك وجدك . فأجرى له ذلك ، ووصله بألف ألف درهم . وقدم بغداد فتوفي بها يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة في هذه السنة ، وركب هارون بن المعتصم وصلى عليه ، ثم حمل ودفن في مقابر قريش عند جده موسى بن جعفر ، وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني عشريوماً . وحملت امرأته إلى قصر المعتصم فجعلت في جملة الحرم ) .

وقال المسعودي في مروج الذهب ( 3 / 464 ) : ( ودفن ببغداد في الجانب الغربي من مقابر قريش ، مع جده موسى بن جعفر ، وصلى عليه الواثق . وقبض وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وقبض أبوه علي بن موسى الرضا ومحمد بن سبع سنين وثمانية أشهر ، وقيل غير ذلك ) .

أقول : اتفقت مصادر الطرفين على أن شهادة الإمام الجواد ( عليه السلام ) في سنة مئتين وعشرين في خلافة المعتصم ، وأنه صلى عليه ولي عهده الواثق .

وقد وقع اشتباه في رواية دلائل الإمامة للطبري / 395 ، فجاء فيها : ( وكانت سنو إمامته بقية ملك المأمون ، ثم ملك المعتصم ثماني سنين ، ثم ملك الواثق خمس سنين وثمانية أشهر . واستشهد في ملك الواثق سنة عشرين ومائتين من الهجرة ) .

ونحوها رواية في مناقب آل أبي طالب ( 3 / 487 ) : ( فكان في سني إمامته بقية ملك المأمون ، ثم ملك المعتصم والواثق ، وفي ملك الواثق استشهد .

ثم قال : قال ابن بابويه : سم المعتصم محمد بن علي . وأولاده : علي الإمام ، وموسى ، وحكيمة ، وخديجة ، وأم كلثوم ) .

ويظهر أن سبب الخطأ في هذه الرواية ، أن الواثق صلى على جنازة الإمام ( عليه السلام ) .

قال المجلسي في البحار ( 50 / 13 ) : ( كون شهادته ( عليه السلام ) في أيام خلافة الواثق مخالف للتواريخ المشهورة . . لعل صلاة الواثق في زمن أبيه ( عليه السلام ) صار سبباً لهذا الاشتباه ) .

وقال السيد الأمين في أعيان الشيعة ( 2 / 32 ) : ( وحكى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي ، في معالم العترة النبوية ، عن محمد بن سعيد ، أنه قتل في زمن الواثق بالله ، ولعله اشتباه حصل من صلاة الواثق عليه ) .

3 . كان آل أبي طالب رضي الله عنه في خلافة الواثق في الإقامة الجبرية في سامراء قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين / 394 : ( لا نعلم أحداً قُتل في أيامه ( يقصد من الطالبيين ) إلا أن علي بن محمد بن حمزة ، ذكر أن عمرو بن منيع قتل علي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين ، ولم يذكر السبب في ذلك ، فحكيناه عنه على ما ذكره ، فقتل في الواقعة التي كانت بين محمد بن مكيال ومحمد بن جعفر . هذا بالري . وكان آل أبي طالب مجتمعين بسر من رأى في أيامه ، تدرُّ الأرزاق عليهم ، حتى تفرقوا في أيام المتوكل ) .

4 . كان الواثق يعرف الإمام الهادي ( عليه السلام ) حق المعرفة ، وأن علمه من الله تعالى . روى الخطيب في تاريخه ( 12 / 56 ) : ( حدثني محمد بن يحيى المعاذي ، قال : قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق والفقهاء بحضرته : من حلق رأس آدم حين حج ؟ فتعايى القوم عن الجواب ، فقال الواثق : أنا أحضركم من ينبئكم بالخبر ، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فأحضر ، فقال : يا أبا الحسن من حلق رأس آدم ؟ فقال : سألتك بالله يا أمير المؤمنين إلا أعفيتني . قال : أقسمت عليك لتقولن . قال : أما إذا أبيت فإن أبي حدثني عن جدي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة ، فهبط بها فمسح بها رأس آدم فتناثر الشعر منه فحيث بلغ نورها صار حرماً ) .

أقول : يحتمل أن يكون الواثق أمر ابن أكثم أن يطرح على العلماء هذا السؤال ، لأنه كان مطروحاً وعجزوا عن جوابه ، فقد روى في تاريخ بغداد ( 13 / 167 ) : ( سمعت يوسف السمتي يقول : قال مقاتل بن سليمان بمكة : سلوني ما دون العرش ! فقام قيس القياس فقال : من حلق رأس آدم في حجته ؟ فبقي ! ) .

فأراد الواثق أن يظهر لهم علم الإمام الهادي ( عليه السلام ) وهو غلامٌ ! لأن خلافة الواثق بدأت سنة 227 ، وكان عمر الإمام الهادي ( عليه السلام ) يومها خمس عشرة سنة ، لأنه ولد سنة 212 ! وكان عمره ( عليه السلام ) عند شهادة أبيه الجواد نحو سبع سنين ، وقد أجمع الشيعة على إمامته ورجعوا إليه ، وفيهم من كبار علماء الأمة وفقهائها ، لأنهم رأوا منه من العلم والمعجزات ، ما يقطع الشك ويوجب اليقين .

ولا عجب أن يعتقد الواثق بإمامة الهادي ( عليه السلام ) لأنه شاهد عمه المأمون يثبت للعباسيين أن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ، وليس بالتعلم من الناس !

5 . قال الواثق إنه مستعد لإعطاء نصف ملكه لإعادة شباب إسحاق المغني ! قال أبو الفرج في الأغاني ( 5 / 187 ) : ( حدثني أحمد بن حمدون قال : سمعت الواثق يقول : ما غنّاني إسحاق قط إلا ظننت أنه قد زيد لي في ملكي . . ولو أن العمر والشباب والنشاط مما يشترى لاشتريتهن له ( لإسحاق ) بشطر ملكي ) .

وقال في الأغاني ( 9 / 203 ) : ( لما خرج المعتصم إلى عَمُّوريَّة ، استخلف الواثق بسرَّ من رأى ، فكانت أموره كلَّها كأمور أبيه . فوجه إلى الجلساء والمغنين أن يبكِّروا إليه يوماً حدَّد لهم ، ووجه إلى إسحاق فحضر الجميع . فقال لهم الواثق : إني عزمت على الصبوح ( شرب الخمر صباحاً ) ولست أجلس على سرير حتى أختلط بكم ونكون كالشئ الواحد ، فأجلسوا معي حلقة وليكن كلُّ جليس إلى جانبه مغنٍّ ، فجلسوا كذلك فقال الواثق : أنا أبدأ ؛ فأخذ عوداً فغنى وشربوا ، وغنى مَن بعده ، وغنى مَن بعده ، حتى انتهى إلى إسحاق فأعطي العود فلم يأخذه ، فقال : دعوه . ثم غنوا دوراً آخر ، فلما بلغ الغناء إلى إسحاق لم يغنِّ ، وفعل هذا ثلاث مرات ، فوثب الواثق فجلس على سريره وأمر الناس فأدخلوا فما قال لأحد منهم أجلس . ثم قال : عليَّ بإسحاق ! فلما رآه قال : يا خوزيّ يا كلب ! أتَنَزَّلُ لك وأغني وترتفع عني ! أترى لو أني قتلتك كان المعتصم يقيدني بك ! إبطحوه ! فبطح فضرب ثلاثين مقرعة ضرباً خفيفاً ، وحلف ألَّا يغني سائر يومه سواه ، فاعتذر ! وتكلَّمت الجماعة فيه ، فأخذ العود ) .

وفي الأغاني ( 9 / 204 ) : ( دعا بنا الواثق مع صلاة الغداة وهو يستاك فقال : خذوا هذا الصوت ، ونحن عشرون غلاماً كلَّنا يغني ويضرب ، ثم ألقى علينا . . . )

وفي الأغاني ( 7 / 146 ) : ( كان الواثق يلاعب حسين بن الضحاك بالنَّرد ، وخاقان غلام الواثق واقف على رأسه ، وكان الواثق يتحظَّاه ، فجعل يلعب وينظر إليه ) .

وفي الأغاني ( 5 / 254 ) : ( كنت جالساً بين يدي الواثق وهو ولي عهد ، إذ خرجت وصيفة من القصركأنها خوط بان ، أحسن من رأته عيني قط ، تَقَدَّم عدةَ وصائف بأيديهن المذابُّ ( المكشات ) والمناديل ونحو ذلك ، فنظرت إليها نظر دهش وهو يرمقني ، فلمّا تبيّن إلحاح نظري قال : مالك يا أبا محمد قد انقطع كلامك وبانت الحيرة فيك ! فتلجلجت فقال لي : رمتك والله هذه الوصيفة فأصابت قلبك ! فقلت : غير ملوم . . فقال إصنع فيها لحناً ، فإن جاء كما نريد وأطربنا فالوصيفة لك ، فصنعت فيه لحناً وغنيته إياه ، فاصطبح عليه وشرب بقيّة يومه وليلته حتى سكر ، ولم يقترح عليَّ غيره ، وانصرفت بالجارية ) .

وفي الأغاني ( 5 / 194 ) : ( قال له : يا سيدي ، هذان غلامان اشتُريا لي من خراسان يغنيان بالفارسية ، فقال : غنِّيا ، فضربنا ضرباً فارسياً وغنينا غناء فهليذياً ، فطرب الواثق وقال : أحسنتما ، فهل تغنيان بالعربية ؟ قلنا : نعم ، واندفعنا نغني ما أخذناه عن إسحاق ) .

أقول : كانت أم المنصور العباسي فارسية وقد عاش مدة في إيران فكان يجيد الفارسية وكذا أكثر الخلفاء العباسيين . والفهليذي : هو الفهلوي ويستعمله الفرس اليوم بالباء وهو منسوب إلى ملوكهم البهلويين .

كما كان الواثق يحتفل بعيد النوروز . ففي الأغاني ( 19 / 161 ) : ( دعانا الواثق في يوم نوروز ، فلما دخلت عليه غنيته في شعر قلته ، وصنعت فيه لحناً وهو :

هيِّ للنيروز جاماً ومداماً وندامى * يحمدون الله والواثق هارون الإماما

قال : فطرب واستحسن الغناء وشرب عليه حتى سكر ، وأمر لي بثلاثين ألف درهم ) .

وفي الأغاني ( 9 / 200 ) : ( كان الواثق أعلم الخلفاء بالغناء ، وبلغت صنعته مائة صوت ، وكان أحذق من غنى بضرب العود ) .

وفي الأغاني ( 9 / 202 ) : ( كان الواثق يحبُّ خادماً له ، كان أهدي إليه من مصر فغاضبه يوماً وهجره . . . كان الواثق يهوى خادماً له فقال فيه . . . )

وفي الأغاني ( 5 / 280 ) : ( حدثني إسحاق قال : لما خرجت مع الواثق إلى النجف درنا بالحيرة ومررنا بدياراتها ، فرأيت دير مريم بالحيرة ، فأعجبني موقعه وحسن بنائه فقلت . . . فقال الواثق : لا نصطبح والله غداً إلا فيه ، وأمر بأن يعد فيه ما يصلح من الليل وباكرناه فاصطبحنا فيه على هذا الصوت ) .

وفي الأغاني ( 5 / 233 ) : عن إسحاق الموصلي المغني ، قال : ( ما وصلني أحد من الخلفاء قطُّ بمثل ما وصلني به الواثق . ولقد انحدرت معه إلى النجف فقلت له : يا أمير المؤمنين ، قد قلت في النجف قصيدة ، فقال : هاتها ، فأنشدته :

يا راكب العيس لا تعجل بنا وقِفِ * نُحَيِّ داراً لسعدى ثم ننصرفِ

حتى أتيت على قولي :

لم ينزل الناس في سهلٍ ولا جبلٍ * أصفى هواء ولا أغذي من النجفِ

حُفَّت ببرٍّ وبحر من جوانبها * فالبرُّ في طرفٍ والبحر في طرف

وما يزال نسيمٌ من يمانية * يأتيك منها بِرَيَّا روضةٍ أنِفِ

فقال : صدقت يا إسحاق ، هي كذلك ) .

وفي الأغاني ( 18 / 403 ) : ( اصطبح الواثق في يوم مطير واتصل شربه وشربنا معه حتى سقطنا لجنوبنا صرعى ، وهو معنا على حالنا ، فما حرك أحد منا عن مضجعه ، وخدم الخاصة يطوفون علينا ويتفقدوننا ، وبذلك أمرهم وقال : لا تحرّكوا أحداً عن موضعه ، فكان هو أول من أفاق منا ، فقام وأمر بإنباهنا فأنبهنا فقمنا فتوضأنا وأصلحنا من شأننا ، وجئت إليه وهو جالس وفي يده كأس ، وهو يروم شربها والخمار يمنعه ، فقال لي : يا إسحاق ، أنشدني في هذا المعنى شيئاً فأنشدته . . فطرب وقال : أحسن والله أشجع وأحسنت يا أبا محمد أعِد بحياتي ، فأعدتها وشرب كأسه ، وأمر لي بألف دينار ) .

6 . مات الواثق وهو شاب ، بسبب إفراطه في الطعام والجنس ، وغباء أطبائه ! قال ابن الأثير في الكامل ( 7 / 29 ) : ( في هذه السنة توفي الواثق بالله أبو جعفر هارون بن محمد المعتصم ، في ذي الحجة لست بقين منه ، وكانت علته الاستسقاء ، وعولج بالإقعاد في تَنُّورٍ مُسَخَّن ، فوجد لذلك خفة ، فأمرهم من الغد بالزيادة في إسخانه ففعل ذلك وقعد فيه أكثر من اليوم الأول ، فحمي عليه فأخرج منه في محفة ، وحضر عنده أحمد بن أبي دؤاد ومحمد بن عبد الملك الزيات وعمر بن فرج ، فمات فيها فلم يشعروا بموته حتى ضرب بوجهه المحفة ) !

وفي المنتظم لابن الجوزي ( 11 / 186 ) : ( كان الواثق يحب النساء وكثرة الجماع ، فوجه يوماً إلى ميخائيل الطبيب ، فدعا به فدخل عليه وهو نائم في مشرفة له وعليه قطيفة خز ، فوقف بين يديه ، فقال : يا ميخائيل أبغني دواء للباه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بدنك فلا تهده بالجماع ، فإن كثرة الجماع تهد البدن ولا سيما إذا تكلف الرجل ذلك ، فاتق الله في بدنك وأبق عليك ، فليس لك من بدنك عوض ، فقال له : لا بد منه ، ثم رفع القطيفة عنه ، فإذا بين فخذيه وصيفة قد ضمها إليه ، ذكر من جمالها وهيئتها أمراً عجيباً ، فقال : من يصبر عن مثل هذه ؟ قال : فإن كان ولا بد فعليك بلحم السبع ، وأمر أن يؤخذ لك منه رطل فيغلي سبع غليات بخل خمر عتيق ، فإذا جلست على شرابك أمرت أن يضرب لك منه ثلاثة دراهم ، فانتقلت به على شرابك في ثلاث ليال ، فإنك تجد فيه بغيتك ، واتق الله في نفسك ولا تسرف فيها ، ولا تجاوز ما أمرتك به . فلهى عنه أياماً ، فبينا هو ذات ليلة جالس قال : علي بلحم السبع الساعة ، فأخرج له سبع من الجب وذبح من ساعته ، وأمر فكبب له منه ، ثم أمر فأغلي له منه بالخل ، ثم قدم له منه ، فأخذ يتنقل منه على شرابه ، وأتت عليه الأيام والليالي فسَقِيَ بطنه ( أصيب بمرض الاستسقاء ) فجمع له الأطباء ، فأجمع رأيهم على أنه لا دواء له إلا أن يسجر تنور بحطب الزيتون ، ويسخن حتى يمتلئ جمراً ، فإذا امتلأ كسح ما في جوفه فألقي على ظهره ، وحشي جوفه بالرطبة ، ويقعد فيه ثلاث ساعات من النهار ، فإذا استسقى ماء لم يسق ، فإذا مضت ثلاث ساعات كوامل أخرج وأجلس جلسة مقتضبة على نحو ما أمروا به ، فإذا أصابه الروح وجد لذلك وجعاً شديداً ، وطلب أن يرد إلى التنور ، فترك على تلك الحال ، ولا يرد إلى تلك التنور ، حتى تمضي ساعات من النهار ، فإنه إذا مضت ساعات من النهار جرى ذلك الماء ، وخرج من مخارج البول . وإن سقي ماء أو ردَّ إلى التنور كان تلفه فيه .

فأمر بتنور فسجر بحطب الزيتون حتى امتلأ جمراً ، وأخرج ما فيه وجعل على ظهره ، ثم حشي بالرطبة وعري وأجلس فيه ، فأقبل يصيح ويستغيث ويقول : أحرقتموني ، إسقوني ماء ، وقد وكل به من يمنعه الماء ، ولا يدعه أن يقوم من موضعه الَّذي أقعد فيه ، ولا يحرك . فسقط بدنه كله وصار فيه مفاجات ( فقاعات ) مثل أكبر البطيخ وأعظمه ، فترك على حالته حتى مضت له ثلاث ساعات من النهار ، ثم أخرج وقد كاد يحترق ، أو يقول القائل في رأي العين قد احترق ، فأجلسه الأطباء ، فلما وجد روح الهواء اشتد به الوجع والألم ، وأقبل يصيح ويخور خوران الثور ، ويقول : ردوني إلى التنور فإني إن لم أرد مت ، فاجتمع نساؤه وخواصه لما رأوا ما به من شدة الألم والوجع وكثرة الصياح ، فرجوا أن يكون فرجه في أن يرد إلى التنور ، فردُّوه إلى التنور ، فلما وجد مس النار سكن صياحه وتقطرت النفاخات التي كانت خرجت ببدنه وخمدت ، وبرد في جوف التنور فأخرج من التنور وقد احترق وصار أسود كالفحم ، فلم تمض ساعة حتى قضى ! توفي الواثق بسامراء يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة ، وكانت خلافته خمس سنين وسبعة أشهر وخمسة أيام ) .

وروى التنوخي في نشوار المحاضرة ( 2 / 73 ) عن أبي أحمد الواثقي ، قال : ( كنت أخدم الواثق وأخدم تخته في علَّته التي مات فيها . . . فتلف الواثق تلفاً لم تشك جماعتنا فيه ، فتقدمت فشددت لحييه وغمّضته وسجّيته ووجهته إلى القبلة وجاء الفرّاشون وأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزانة ، لأن جميعه مثبت عليهم . وترك وحده في البيت فقال لي ابن أبي دؤاد القاضي : إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة ، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن ، فأحبُّ أن تكون أنت ذلك الرجل وقد كنت من أخصهم به في حياته . . قلت : دعوني وامضوا . فرددت باب المجلس وجلست في الصحن عند الباب أحفظه ، وكان المجلس في بستان عظيم أجربة ، وهو بين بستانين . فحسست بعد ساعة في البيت ، بحركة عظيمة أفزعتني ، فدخلت أنظر ما هي فإذا بحرذون قد أقبل من جانب البستان وقد جاء حتى استل عيني الواثق ، فأكلهما . فقلت : لا إله إلَّا الله ، هذه العين التي فتحها منذ ساعة ، فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة . قال : وجاؤا فغسلوه بعد ساعة ، فسألني ابن أبي دؤاد عن سبب عينيه فأخبرته . قال : والحرذون ، دابة أكبر من اليربوع قليلاً ) .

7 . ووصف دعبل الخزاعي رضي الله عنه شعور المسلمين تجاه الواثق ، فقال !

الحمد لله لا صبرٌ ولا جلدٌ * ولا عزاءٌ إذا أهل البلا رقدوا

خليفةٌ مات لم يحزن له أحدٌ * وآخرٌ قام لم يفرح به أحدُ

( الأغاني : 20 / 312 ) .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.