أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-31
1522
التاريخ: 21-05-2015
20408
التاريخ: 21-05-2015
3056
التاريخ: 21-05-2015
4834
|
الواثق بن المعتصم : كان أمره فُرُطاً !
1 . هو هارون بن المعتصم ، وكان مفرطاً في الخمر والنساء وسفك الدماء ! لكنه أقل أذىً لأئمة العترة ( عليهم السلام ) ، ولعل السبب أنه كان مشغولاً بلهوه وخمره .
قال الطبري ( 7 / 338 ) يصف الواثق : ( كان أبيض مشرباً حمرة جميلاً ، رِبْعَةً حسن الجسم ، قائم العين اليسرى وفيها نُكَتُ بياض . وتوفى فيما زعم بعضهم وهو ابن ست وثلاثين سنة ، وفي قول بعضهم وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة . . وأمه أم ولد رومية يقال لها قراطيس ، واسمه هارون ، وكنيته أبو جعفر ) .
وقال اليعقوبي في تاريخه ( 2 / 483 ) : ( وكان الغالب على الواثق أحمد بن أبي دؤاد ، ومحمد بن عبد الملك ، وعمر بن فرج الرخجي . وكان على شرطه إسحاق بن إبراهيم ، وعلى حرسه إسحاق بن يحيى بن سليمان بن يحيى بن معاذ ) .
وقال المسعودي في التنبيه والإشراف / 312 : ( بويع الواثق . . في الوقت الذي توفي فيه المعتصم ، وهو يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة 227 ، وتوفي بسر من رأى يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة 232 ، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة ، وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر . . . يذهب في كثير من أموره مذاهب المأمون ) .
2 . كان ولي عهد أبيه المعتصم عندما سَمَّ الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، فصلى على جنازته ! قال أبو الفداء في تاريخه ( 2 / 33 ) : ( وفي هذه السنة ( 220 ) توفي محمد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . وهو أحد الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، وصلى عليه الواثق . وكان عمره خمساً وعشرين سنة ، ودفن ببغداد عند جده موسى بن جعفر .
ومحمد الجواد المذكور هو تاسع الأئمة الاثني عشر ، وقد تقدم ذكر أبيه علي الرضا في سنة ثلاث ومائتين ، وسنذكر الباقين إن شاء الله تعالى ) .
وقال في تاريخ بغداد ( 3 / 267 ) : ( عن محمد بن سنان قال : مضى أبو جعفر محمد بن علي وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يوماً ، وكان مولده سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة ، وقبض في يوم الثلاثاء لِسِتِّ ليالٍ خلون من ذي الحجة سنة مائتين وعشرين . . . حدثنا محمد بن سعد قال : سنة عشرين ومائتين ، فيها توفى محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ببغداد ، وكان قدمها على أبي إسحاق من المدينة فتوفي فيها يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة . وركب هارون ( الواثق ) بن أبي إسحاق فصلى عليه عند منزله في رحبة أسوار بن ميمون ناحية قنطرة البردان ، ثم حمل ودفن في مقابر قريش ) .
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان ( 4 / 175 ) : ( محمد الجواد ، أبو جعفر ، محمد بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر المذكور قبله . المعروف بالجواد ، أحد الأئمة الاثني عشر أيضاً ، قدم إلى بغداد وافداً على المعتصم ، ومعه امرأته أم الفضل ابنة المأمون ، فتوفي بها ، وحملت امرأته إلى قصر عمها المعتصم ، فجعلت مع الحرم .
وكان يروي مسنداً عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني : يا علي ، ما خاب من استخار ولا ندم من استشار . يا علي ، عليك بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار . يا علي ، أغد باسم الله ، فإن الله بارك لأمتي في بكورها .
وكان يقول : من استفاد أخاً في الله ، فقد استفاد بيتاً في الجنة .
وقال جعفر بن محمد بن مزيد : كنت ببغداد ، فقال لي محمد بن منده بن مهريزد : هل لك أن أدخلك على محمد بن علي الرضا ؟ فقلت : نعم . قال فأدخلني عليه فسلمنا وجلسنا ، فقال له : حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن فاطمة رضي الله عنها أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ؟ قال : ذلك خاص بالحسن والحسين رضي الله عنهما . وله حكايات وأخبار كثيرة . وكانت ولادته يوم الثلاثاء خامس شهر رمضان ، وقيل منتصفه سنة خمس وتسعين ومائة ، وتوفي يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين ، وقيل تسع عشرة ومائتين ببغداد ، ودفن عند جده موسى بن جعفر رضي الله عنهم أجمعين ، في مقابر قريش ، وصلى عليه الواثق بن المعتصم ) .
وقال اليافعي في مرآة الجنان ( 2 / 60 ) : ( وفيها توفي الشريف أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ، أحد الاثني عشر إماماً ، الذين يدعي الرافضة فيهم العصمة ، وعمره خمس وعشرون سنة ، وكان المأمون قد نوه بذكره وزوجه بابنته ، وسكن بها المدينة ، وكان المأمون ينفذ إليه في السنة ألف ألف درهم . قلت : وقد تقدم أن المأمون زوج ابنته من أبيه علي الرضا ، وكان زواج الأب والابن بنتيه ، كل واحد بنتاً . وقدم الجواد إلى بغداد وافداً على المعتصم ومعه امرأته أم الفضل ابنة المأمون ، فتوفي فيها ، وحملت امرأته أم الفضل إلى قصر عمها المعتصم فجعلت مع الحرم ، وكان الجواد يروي مسنداً عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . . ولما توفي دفن عند جده موسى بن جعفر في مقابر قريش ، وصلى عليه الواثق بن المعتصم ) .
وقال ابن الجوزي في المنتظم ( 11 / 62 ) : ( ولد سنة مائة وخمس وتسعين ، وقدم من المدينة إلى بغداد وافداً على المعتصم ، ومعه امرأته أم الفضل بنت المأمون ، وكان المأمون قد زوجه إياها وأعطاه مالاً عظيماً ، وذلك أن الرشيد كان يجري على علي بن موسى بن جعفر في كل سنة ثلاث مائة ألف درهم ، ولنزله عشرين ألف درهم في كل شهر ، فقال المأمون لمحمد بن علي بن موسى : لأزيدك على مرتبة أبيك وجدك . فأجرى له ذلك ، ووصله بألف ألف درهم . وقدم بغداد فتوفي بها يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة في هذه السنة ، وركب هارون بن المعتصم وصلى عليه ، ثم حمل ودفن في مقابر قريش عند جده موسى بن جعفر ، وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني عشريوماً . وحملت امرأته إلى قصر المعتصم فجعلت في جملة الحرم ) .
وقال المسعودي في مروج الذهب ( 3 / 464 ) : ( ودفن ببغداد في الجانب الغربي من مقابر قريش ، مع جده موسى بن جعفر ، وصلى عليه الواثق . وقبض وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وقبض أبوه علي بن موسى الرضا ومحمد بن سبع سنين وثمانية أشهر ، وقيل غير ذلك ) .
أقول : اتفقت مصادر الطرفين على أن شهادة الإمام الجواد ( عليه السلام ) في سنة مئتين وعشرين في خلافة المعتصم ، وأنه صلى عليه ولي عهده الواثق .
وقد وقع اشتباه في رواية دلائل الإمامة للطبري / 395 ، فجاء فيها : ( وكانت سنو إمامته بقية ملك المأمون ، ثم ملك المعتصم ثماني سنين ، ثم ملك الواثق خمس سنين وثمانية أشهر . واستشهد في ملك الواثق سنة عشرين ومائتين من الهجرة ) .
ونحوها رواية في مناقب آل أبي طالب ( 3 / 487 ) : ( فكان في سني إمامته بقية ملك المأمون ، ثم ملك المعتصم والواثق ، وفي ملك الواثق استشهد .
ثم قال : قال ابن بابويه : سم المعتصم محمد بن علي . وأولاده : علي الإمام ، وموسى ، وحكيمة ، وخديجة ، وأم كلثوم ) .
ويظهر أن سبب الخطأ في هذه الرواية ، أن الواثق صلى على جنازة الإمام ( عليه السلام ) .
قال المجلسي في البحار ( 50 / 13 ) : ( كون شهادته ( عليه السلام ) في أيام خلافة الواثق مخالف للتواريخ المشهورة . . لعل صلاة الواثق في زمن أبيه ( عليه السلام ) صار سبباً لهذا الاشتباه ) .
وقال السيد الأمين في أعيان الشيعة ( 2 / 32 ) : ( وحكى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي ، في معالم العترة النبوية ، عن محمد بن سعيد ، أنه قتل في زمن الواثق بالله ، ولعله اشتباه حصل من صلاة الواثق عليه ) .
3 . كان آل أبي طالب رضي الله عنه في خلافة الواثق في الإقامة الجبرية في سامراء قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين / 394 : ( لا نعلم أحداً قُتل في أيامه ( يقصد من الطالبيين ) إلا أن علي بن محمد بن حمزة ، ذكر أن عمرو بن منيع قتل علي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين ، ولم يذكر السبب في ذلك ، فحكيناه عنه على ما ذكره ، فقتل في الواقعة التي كانت بين محمد بن مكيال ومحمد بن جعفر . هذا بالري . وكان آل أبي طالب مجتمعين بسر من رأى في أيامه ، تدرُّ الأرزاق عليهم ، حتى تفرقوا في أيام المتوكل ) .
4 . كان الواثق يعرف الإمام الهادي ( عليه السلام ) حق المعرفة ، وأن علمه من الله تعالى . روى الخطيب في تاريخه ( 12 / 56 ) : ( حدثني محمد بن يحيى المعاذي ، قال : قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق والفقهاء بحضرته : من حلق رأس آدم حين حج ؟ فتعايى القوم عن الجواب ، فقال الواثق : أنا أحضركم من ينبئكم بالخبر ، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فأحضر ، فقال : يا أبا الحسن من حلق رأس آدم ؟ فقال : سألتك بالله يا أمير المؤمنين إلا أعفيتني . قال : أقسمت عليك لتقولن . قال : أما إذا أبيت فإن أبي حدثني عن جدي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة ، فهبط بها فمسح بها رأس آدم فتناثر الشعر منه فحيث بلغ نورها صار حرماً ) .
أقول : يحتمل أن يكون الواثق أمر ابن أكثم أن يطرح على العلماء هذا السؤال ، لأنه كان مطروحاً وعجزوا عن جوابه ، فقد روى في تاريخ بغداد ( 13 / 167 ) : ( سمعت يوسف السمتي يقول : قال مقاتل بن سليمان بمكة : سلوني ما دون العرش ! فقام قيس القياس فقال : من حلق رأس آدم في حجته ؟ فبقي ! ) .
فأراد الواثق أن يظهر لهم علم الإمام الهادي ( عليه السلام ) وهو غلامٌ ! لأن خلافة الواثق بدأت سنة 227 ، وكان عمر الإمام الهادي ( عليه السلام ) يومها خمس عشرة سنة ، لأنه ولد سنة 212 ! وكان عمره ( عليه السلام ) عند شهادة أبيه الجواد نحو سبع سنين ، وقد أجمع الشيعة على إمامته ورجعوا إليه ، وفيهم من كبار علماء الأمة وفقهائها ، لأنهم رأوا منه من العلم والمعجزات ، ما يقطع الشك ويوجب اليقين .
ولا عجب أن يعتقد الواثق بإمامة الهادي ( عليه السلام ) لأنه شاهد عمه المأمون يثبت للعباسيين أن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ، وليس بالتعلم من الناس !
5 . قال الواثق إنه مستعد لإعطاء نصف ملكه لإعادة شباب إسحاق المغني ! قال أبو الفرج في الأغاني ( 5 / 187 ) : ( حدثني أحمد بن حمدون قال : سمعت الواثق يقول : ما غنّاني إسحاق قط إلا ظننت أنه قد زيد لي في ملكي . . ولو أن العمر والشباب والنشاط مما يشترى لاشتريتهن له ( لإسحاق ) بشطر ملكي ) .
وقال في الأغاني ( 9 / 203 ) : ( لما خرج المعتصم إلى عَمُّوريَّة ، استخلف الواثق بسرَّ من رأى ، فكانت أموره كلَّها كأمور أبيه . فوجه إلى الجلساء والمغنين أن يبكِّروا إليه يوماً حدَّد لهم ، ووجه إلى إسحاق فحضر الجميع . فقال لهم الواثق : إني عزمت على الصبوح ( شرب الخمر صباحاً ) ولست أجلس على سرير حتى أختلط بكم ونكون كالشئ الواحد ، فأجلسوا معي حلقة وليكن كلُّ جليس إلى جانبه مغنٍّ ، فجلسوا كذلك فقال الواثق : أنا أبدأ ؛ فأخذ عوداً فغنى وشربوا ، وغنى مَن بعده ، وغنى مَن بعده ، حتى انتهى إلى إسحاق فأعطي العود فلم يأخذه ، فقال : دعوه . ثم غنوا دوراً آخر ، فلما بلغ الغناء إلى إسحاق لم يغنِّ ، وفعل هذا ثلاث مرات ، فوثب الواثق فجلس على سريره وأمر الناس فأدخلوا فما قال لأحد منهم أجلس . ثم قال : عليَّ بإسحاق ! فلما رآه قال : يا خوزيّ يا كلب ! أتَنَزَّلُ لك وأغني وترتفع عني ! أترى لو أني قتلتك كان المعتصم يقيدني بك ! إبطحوه ! فبطح فضرب ثلاثين مقرعة ضرباً خفيفاً ، وحلف ألَّا يغني سائر يومه سواه ، فاعتذر ! وتكلَّمت الجماعة فيه ، فأخذ العود ) .
وفي الأغاني ( 9 / 204 ) : ( دعا بنا الواثق مع صلاة الغداة وهو يستاك فقال : خذوا هذا الصوت ، ونحن عشرون غلاماً كلَّنا يغني ويضرب ، ثم ألقى علينا . . . )
وفي الأغاني ( 7 / 146 ) : ( كان الواثق يلاعب حسين بن الضحاك بالنَّرد ، وخاقان غلام الواثق واقف على رأسه ، وكان الواثق يتحظَّاه ، فجعل يلعب وينظر إليه ) .
وفي الأغاني ( 5 / 254 ) : ( كنت جالساً بين يدي الواثق وهو ولي عهد ، إذ خرجت وصيفة من القصركأنها خوط بان ، أحسن من رأته عيني قط ، تَقَدَّم عدةَ وصائف بأيديهن المذابُّ ( المكشات ) والمناديل ونحو ذلك ، فنظرت إليها نظر دهش وهو يرمقني ، فلمّا تبيّن إلحاح نظري قال : مالك يا أبا محمد قد انقطع كلامك وبانت الحيرة فيك ! فتلجلجت فقال لي : رمتك والله هذه الوصيفة فأصابت قلبك ! فقلت : غير ملوم . . فقال إصنع فيها لحناً ، فإن جاء كما نريد وأطربنا فالوصيفة لك ، فصنعت فيه لحناً وغنيته إياه ، فاصطبح عليه وشرب بقيّة يومه وليلته حتى سكر ، ولم يقترح عليَّ غيره ، وانصرفت بالجارية ) .
وفي الأغاني ( 5 / 194 ) : ( قال له : يا سيدي ، هذان غلامان اشتُريا لي من خراسان يغنيان بالفارسية ، فقال : غنِّيا ، فضربنا ضرباً فارسياً وغنينا غناء فهليذياً ، فطرب الواثق وقال : أحسنتما ، فهل تغنيان بالعربية ؟ قلنا : نعم ، واندفعنا نغني ما أخذناه عن إسحاق ) .
أقول : كانت أم المنصور العباسي فارسية وقد عاش مدة في إيران فكان يجيد الفارسية وكذا أكثر الخلفاء العباسيين . والفهليذي : هو الفهلوي ويستعمله الفرس اليوم بالباء وهو منسوب إلى ملوكهم البهلويين .
كما كان الواثق يحتفل بعيد النوروز . ففي الأغاني ( 19 / 161 ) : ( دعانا الواثق في يوم نوروز ، فلما دخلت عليه غنيته في شعر قلته ، وصنعت فيه لحناً وهو :
هيِّ للنيروز جاماً ومداماً وندامى * يحمدون الله والواثق هارون الإماما
قال : فطرب واستحسن الغناء وشرب عليه حتى سكر ، وأمر لي بثلاثين ألف درهم ) .
وفي الأغاني ( 9 / 200 ) : ( كان الواثق أعلم الخلفاء بالغناء ، وبلغت صنعته مائة صوت ، وكان أحذق من غنى بضرب العود ) .
وفي الأغاني ( 9 / 202 ) : ( كان الواثق يحبُّ خادماً له ، كان أهدي إليه من مصر فغاضبه يوماً وهجره . . . كان الواثق يهوى خادماً له فقال فيه . . . )
وفي الأغاني ( 5 / 280 ) : ( حدثني إسحاق قال : لما خرجت مع الواثق إلى النجف درنا بالحيرة ومررنا بدياراتها ، فرأيت دير مريم بالحيرة ، فأعجبني موقعه وحسن بنائه فقلت . . . فقال الواثق : لا نصطبح والله غداً إلا فيه ، وأمر بأن يعد فيه ما يصلح من الليل وباكرناه فاصطبحنا فيه على هذا الصوت ) .
وفي الأغاني ( 5 / 233 ) : عن إسحاق الموصلي المغني ، قال : ( ما وصلني أحد من الخلفاء قطُّ بمثل ما وصلني به الواثق . ولقد انحدرت معه إلى النجف فقلت له : يا أمير المؤمنين ، قد قلت في النجف قصيدة ، فقال : هاتها ، فأنشدته :
يا راكب العيس لا تعجل بنا وقِفِ * نُحَيِّ داراً لسعدى ثم ننصرفِ
حتى أتيت على قولي :
لم ينزل الناس في سهلٍ ولا جبلٍ * أصفى هواء ولا أغذي من النجفِ
حُفَّت ببرٍّ وبحر من جوانبها * فالبرُّ في طرفٍ والبحر في طرف
وما يزال نسيمٌ من يمانية * يأتيك منها بِرَيَّا روضةٍ أنِفِ
فقال : صدقت يا إسحاق ، هي كذلك ) .
وفي الأغاني ( 18 / 403 ) : ( اصطبح الواثق في يوم مطير واتصل شربه وشربنا معه حتى سقطنا لجنوبنا صرعى ، وهو معنا على حالنا ، فما حرك أحد منا عن مضجعه ، وخدم الخاصة يطوفون علينا ويتفقدوننا ، وبذلك أمرهم وقال : لا تحرّكوا أحداً عن موضعه ، فكان هو أول من أفاق منا ، فقام وأمر بإنباهنا فأنبهنا فقمنا فتوضأنا وأصلحنا من شأننا ، وجئت إليه وهو جالس وفي يده كأس ، وهو يروم شربها والخمار يمنعه ، فقال لي : يا إسحاق ، أنشدني في هذا المعنى شيئاً فأنشدته . . فطرب وقال : أحسن والله أشجع وأحسنت يا أبا محمد أعِد بحياتي ، فأعدتها وشرب كأسه ، وأمر لي بألف دينار ) .
6 . مات الواثق وهو شاب ، بسبب إفراطه في الطعام والجنس ، وغباء أطبائه ! قال ابن الأثير في الكامل ( 7 / 29 ) : ( في هذه السنة توفي الواثق بالله أبو جعفر هارون بن محمد المعتصم ، في ذي الحجة لست بقين منه ، وكانت علته الاستسقاء ، وعولج بالإقعاد في تَنُّورٍ مُسَخَّن ، فوجد لذلك خفة ، فأمرهم من الغد بالزيادة في إسخانه ففعل ذلك وقعد فيه أكثر من اليوم الأول ، فحمي عليه فأخرج منه في محفة ، وحضر عنده أحمد بن أبي دؤاد ومحمد بن عبد الملك الزيات وعمر بن فرج ، فمات فيها فلم يشعروا بموته حتى ضرب بوجهه المحفة ) !
وفي المنتظم لابن الجوزي ( 11 / 186 ) : ( كان الواثق يحب النساء وكثرة الجماع ، فوجه يوماً إلى ميخائيل الطبيب ، فدعا به فدخل عليه وهو نائم في مشرفة له وعليه قطيفة خز ، فوقف بين يديه ، فقال : يا ميخائيل أبغني دواء للباه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بدنك فلا تهده بالجماع ، فإن كثرة الجماع تهد البدن ولا سيما إذا تكلف الرجل ذلك ، فاتق الله في بدنك وأبق عليك ، فليس لك من بدنك عوض ، فقال له : لا بد منه ، ثم رفع القطيفة عنه ، فإذا بين فخذيه وصيفة قد ضمها إليه ، ذكر من جمالها وهيئتها أمراً عجيباً ، فقال : من يصبر عن مثل هذه ؟ قال : فإن كان ولا بد فعليك بلحم السبع ، وأمر أن يؤخذ لك منه رطل فيغلي سبع غليات بخل خمر عتيق ، فإذا جلست على شرابك أمرت أن يضرب لك منه ثلاثة دراهم ، فانتقلت به على شرابك في ثلاث ليال ، فإنك تجد فيه بغيتك ، واتق الله في نفسك ولا تسرف فيها ، ولا تجاوز ما أمرتك به . فلهى عنه أياماً ، فبينا هو ذات ليلة جالس قال : علي بلحم السبع الساعة ، فأخرج له سبع من الجب وذبح من ساعته ، وأمر فكبب له منه ، ثم أمر فأغلي له منه بالخل ، ثم قدم له منه ، فأخذ يتنقل منه على شرابه ، وأتت عليه الأيام والليالي فسَقِيَ بطنه ( أصيب بمرض الاستسقاء ) فجمع له الأطباء ، فأجمع رأيهم على أنه لا دواء له إلا أن يسجر تنور بحطب الزيتون ، ويسخن حتى يمتلئ جمراً ، فإذا امتلأ كسح ما في جوفه فألقي على ظهره ، وحشي جوفه بالرطبة ، ويقعد فيه ثلاث ساعات من النهار ، فإذا استسقى ماء لم يسق ، فإذا مضت ثلاث ساعات كوامل أخرج وأجلس جلسة مقتضبة على نحو ما أمروا به ، فإذا أصابه الروح وجد لذلك وجعاً شديداً ، وطلب أن يرد إلى التنور ، فترك على تلك الحال ، ولا يرد إلى تلك التنور ، حتى تمضي ساعات من النهار ، فإنه إذا مضت ساعات من النهار جرى ذلك الماء ، وخرج من مخارج البول . وإن سقي ماء أو ردَّ إلى التنور كان تلفه فيه .
فأمر بتنور فسجر بحطب الزيتون حتى امتلأ جمراً ، وأخرج ما فيه وجعل على ظهره ، ثم حشي بالرطبة وعري وأجلس فيه ، فأقبل يصيح ويستغيث ويقول : أحرقتموني ، إسقوني ماء ، وقد وكل به من يمنعه الماء ، ولا يدعه أن يقوم من موضعه الَّذي أقعد فيه ، ولا يحرك . فسقط بدنه كله وصار فيه مفاجات ( فقاعات ) مثل أكبر البطيخ وأعظمه ، فترك على حالته حتى مضت له ثلاث ساعات من النهار ، ثم أخرج وقد كاد يحترق ، أو يقول القائل في رأي العين قد احترق ، فأجلسه الأطباء ، فلما وجد روح الهواء اشتد به الوجع والألم ، وأقبل يصيح ويخور خوران الثور ، ويقول : ردوني إلى التنور فإني إن لم أرد مت ، فاجتمع نساؤه وخواصه لما رأوا ما به من شدة الألم والوجع وكثرة الصياح ، فرجوا أن يكون فرجه في أن يرد إلى التنور ، فردُّوه إلى التنور ، فلما وجد مس النار سكن صياحه وتقطرت النفاخات التي كانت خرجت ببدنه وخمدت ، وبرد في جوف التنور فأخرج من التنور وقد احترق وصار أسود كالفحم ، فلم تمض ساعة حتى قضى ! توفي الواثق بسامراء يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة ، وكانت خلافته خمس سنين وسبعة أشهر وخمسة أيام ) .
وروى التنوخي في نشوار المحاضرة ( 2 / 73 ) عن أبي أحمد الواثقي ، قال : ( كنت أخدم الواثق وأخدم تخته في علَّته التي مات فيها . . . فتلف الواثق تلفاً لم تشك جماعتنا فيه ، فتقدمت فشددت لحييه وغمّضته وسجّيته ووجهته إلى القبلة وجاء الفرّاشون وأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزانة ، لأن جميعه مثبت عليهم . وترك وحده في البيت فقال لي ابن أبي دؤاد القاضي : إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة ، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن ، فأحبُّ أن تكون أنت ذلك الرجل وقد كنت من أخصهم به في حياته . . قلت : دعوني وامضوا . فرددت باب المجلس وجلست في الصحن عند الباب أحفظه ، وكان المجلس في بستان عظيم أجربة ، وهو بين بستانين . فحسست بعد ساعة في البيت ، بحركة عظيمة أفزعتني ، فدخلت أنظر ما هي فإذا بحرذون قد أقبل من جانب البستان وقد جاء حتى استل عيني الواثق ، فأكلهما . فقلت : لا إله إلَّا الله ، هذه العين التي فتحها منذ ساعة ، فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة . قال : وجاؤا فغسلوه بعد ساعة ، فسألني ابن أبي دؤاد عن سبب عينيه فأخبرته . قال : والحرذون ، دابة أكبر من اليربوع قليلاً ) .
7 . ووصف دعبل الخزاعي رضي الله عنه شعور المسلمين تجاه الواثق ، فقال !
الحمد لله لا صبرٌ ولا جلدٌ * ولا عزاءٌ إذا أهل البلا رقدوا
خليفةٌ مات لم يحزن له أحدٌ * وآخرٌ قام لم يفرح به أحدُ
( الأغاني : 20 / 312 ) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
بمساحة تزيد على (4) آلاف م²... قسم المشاريع الهندسية والفنية في العتبة الحسينية يواصل العمل في مشروع مستشفى العراق الدولي للمحاكاة
|
|
|