أقرأ أيضاً
التاريخ: 19/12/2022
1789
التاريخ: 2024-05-16
672
التاريخ: 7/9/2022
1032
التاريخ: 15/11/2022
1223
|
إن الهداية الإلهية قسمان: إحداهما تكوينية، والأخرى تشريعية، وجميع المخلوقات في العالم، ومن ضمنها الإنسان والحيوان، تشملهم الهداية التكوينية لله تبارك وتعالى، ولهذا السبب فهي تسير نحو تكاملها. وكل عضو في جسم الحيوان يؤدي واجبه الخاص بالهداية التكوينية لله عزوجل، وفي ظلها يستمر في نشاطه الحياتي وهكذا الأمر بالنسبة لأعضاء جسم الإنسان، فالكبد، وبهداية الله التكوينية يقوم بأعماله الكيمياوية المحيرة، كما أن رحم الأم، بالهداية التكوينية، يقوم بتنشئة الجنين.
الهداية التكوينية برنامج إلهي حكيم، تنتظم شؤون العالم على أساسه كما أنها الأمر الإلهي الواجب التنفيذ على الإنسان والحيوان وبقية المخلوقات، ولا يمكن أن يتخلف عن ذلك أي مخلوق، والقرآن الكريم يتحدث عن هذه الهداية على لسان موسى (عليه السلام) فيقول: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50].
الهداية التشريعية وحرية الانسان:
الهداية التشريعية هي عبارة عن التعاليم الدينية لله تبارك وتعالى. يؤمر الأنبياء (عليهم السلام) بإبلاغها للناس في كل عصر.
والهداية التشريعية برنامج للسعادة المادية والمعنوية للانسان، إذ تعرض عليه طريق السمو والتكامل. وهذه الهداية تختص بالإنسان العاقل الحر، ولا نصيب للحيوانات فيها. ويقول القرآن الكريم عن الهداية التشريعية، وحرية الإنسان في قبولها أو رفضها: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3].
عن حمران بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3]، قال: (إما آخذ فهو شاكر، وإما تارك فهو كافر) (11).
وجوب التكامل في الحيوان:
إن الهداية التكوينية لله (عز وجل) نظمت حياة الحيوان وطريق تكامله، فإن تنفيذ البرامج التكوينية واجب قطعاً، ولا تملك الحيوانات في قبولها أو رفضها، أية إرادة أو حرية. وأما البرنامج الخاص بالإنسان فهو الهداية التشريعية، والإنسان العاقل الحر هو الذي يستطيع اتباع الهداية الإلهية ليصل إلى ذروة كماله، كما أنه يستطيع أن يتركها فينحط إلى الحضيض.
الانسان وطريق التكامل:
إن الله تبارك وتعالى قد عين الصراط المستقيم للإنسان ولجميع الحيوانات، وفتح أمامهم طريق السمو والتكامل، مع اختلاف أن الحيوانات بغريزتها وإدراكها الطبيعي تعرف طريق تكاملها وتنساق إليه بدون إرادة منها، وقهراً تصل إلى كمالها. وأما الإنسان فإنه لا يستطيع أن يشخص ويميز بشكل طبيعي وغريزي طريق سعادته، بل عليه أن يبحث، وأن يشخص هذا الطريق بمساعدة العقل. وبما أن الإنسان حر، فإنه يستطيع أن يسير بإرادته في هذا الطريق ليصل إلى كماله الإنساني، أو أن يتركه ويضل في المتاهات حتى يسقط في التعاسة. والقرآن الكريم يقول حول الصراط المستقيم وقيادة الحق تعالى للحيوانات: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 56].
الهداية التشريعية أو الصراط المستقيم:
وحول الصراط المستقيم للإنسان وحريته في اتباع دعوة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو مخالفتها يقول القرآن الكريم: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
نستنتج أن الحيوانات سجينة في حدود غرائزها ولا تملك حرية الاختيار، ولكن الإنسان خلق عاقلاً وحراً في سلوك السبيل المستقيم أو المنحرف بينما الحيوان لا يستحق الإمتحان الإلهي، لأنه لا يملك حرية، والإنسان موجود حر ومستعد لتحمل عبء الإمتحان الإلهي. والحيوان يستفيد من الهداية التكوينية لله تبارك وتعالى، وهو مجبر على إطاعة ذلك، بينما الإنسان يمتلك الهداية التشريعة أيضاً، ويستطيع أن يقبل أو يرفض بحرية، والحيوان يسير في الصراط المستقيم بأمر إلهي ولا يستطيع الإنحراف عنه نحو المتاهات، ولكن الإنسان يهدى إلى الصراط المستقيم بواسطة دعوة الأنبياء، وهو مخير في قبولها أو رفضها.
رفض وقبول الهداية التشريعية:
إن الحرية هي أكبر العطايا الإلهية الموجودة لدى الإنسان، وهي للأشخاص الراشدين سبب للرقي والتكامل، بينما هي للأشخاص المنحطين سبب للسقوط والضياع. والحرية إذا استخدمت في طرق العلم والتقوى لرقي وسمو الإنسان، وإن هذا الإنسان يصبح أكبر من أي مخلوق وفي أعلى عليين. وبالعكس فلو أن الحرية استخدمت للشهوات الشريرة والافتراس الحيواني، يصبح الإنسان عندئذ في أحط مكانة، وفي أسفل السافلين: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 4 - 6].
قيمة الايمان والعمل:
لكي تتضح أكثر حرية الإنسان والقيود المفروضة على الحيوانات، ولأجل أن تطلع جميع الأجيال بصورة عامة وجيل الشباب بصورة خاصة على ضرورة تعديل الرغبات وتحديد حرية الانسان يجب ان نقدم شرحا حول بعض الميول المشتركة بين الإنسان والحيوان والاختلاف الموجود بينهما.
طلب اللذة لدى الانسان والحيوان:
من الميول الطبيعية عند الإنسان والحيوان الحاجة إلى اللذة والبحث عنها فالإنسان والحيوان على حد سواء يتحركان وينشطان بهدف كسب اللذة وإشباع الشهوات النفسية ويسعيان لبلوغ هذا المراد والحصول على النشوة مع اختلاف واحد هو أن الحيوان محصور في إطار غرائزه، ولا يملك حرية العمل، فإنه مجبر على البقاء في اللذائذ الطبيعية، وبمقدار طبيعي، ومن الطرق الطبيعية، ولا يستطيع الخروج من الحدود الطبيعية للحصول على لذاته. وأما الإنسان الذي يملك عقلا وذكاء، وحرية عمل، فإنه يمتع نفسه بأنواع اللذات الطبيعية والمصطنعة ومن طرقها الطبيعية وغير الطبيعية.
الحيوان واللذات الطبيعية:
ينال الحيوان غذاءه وحاجته الجنسية بشكل طبيعي وطبقاً لبرنامج الخلق. فتتغذى الطيور من البذور، والمواشي من العلف والحيوانات المفترسة من اللحوم، فتلتذ بذلك، وكذلك في الأعمال الجنسية الغريزية، فكل حيوان، بما جبل عليه من طبيعة يقارب زوجه ويشبع غريزته الجنسية، وأما الإنسان الحر، فإنه لا يقتنع في غذائه وعمله الجنسي بالبرامج الطبيعية، بل إنه لكي يحصل على لذة أكثر يقوم بأعمال غير طبيعية وبأشكال مختلفة لإشباع غرائزه.
الانسان واللذات غير الطبيعية:
والإنسان كالحيوان، يتغذى على التمر والعنب والتفاح بشكل طبيعي، ولكنه يصنع من هذه الفواكه شراباً ليحصل على لذة السكر أيضاً كما أنه يستفيد من الخشخاش والأعشاب الأخرى، ولكنه يستخرج منها المورفين والحشيش والماريجوانا، و(LSD) ليحصل على لذة أكثر والإنسان كالحيوان يشبع غريزته الجنسية بالطريق الطبيعي، ولكنه لكي يحصل على لذة أكثر يسير نحو الإنحراف الجنسي ليستحصل على مطالبه من الطرق غير المشروعة، وغير الطبيعية.
إن طلب الحيوان للذة، المتمثل في إطار الغرائز، لا يولد خطرا، لأن إرادة الله سبحانه وتعالى جعل الميول الغريزية لدى الحيوان محدودة، طبقاً لمصلحة الحيوان الفردية والنوعية وبمقياس محدود. ولكن الإنسان الذي له حرية العمل ويستطيع الحصول على اللذات الطبيعية وغير الطبيعية، عليه أن يضبط لذاته طبقاً للموازين الأخلاقية والقانونية، ويشبع ميوله في حدود المصلحة العامة، وينصرف عن اللذات المضرة والخطرة، وإلا أدى ذلك إلى شقائه وشقاء المجتمع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ تفسير البرهان، ص 1163.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|