أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-27
836
التاريخ: 2024-10-14
244
التاريخ: 2024-07-27
488
التاريخ: 16-8-2022
1309
|
نستفيد مما جاء في القرآن الكريم بأن الدين الإسلامي هو دين الفطرة، أي أنه يتلائم وينسجم مائة بالمائة مع خلقة الإنسان ومصيره، وعمق روحه.
قال الباري تعالى في محكم كتابه المجيد:
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30].
لقد جعل الله تبارك وتعالى الدين الإسلامي ديناً وسطاً، أي لا يوجد فيه إفراط ولا تفريط، وعليه يكون مطابقاً مائة بالمائة للفطرة الإلهية، ولهذا السبب كان هذا الدين قيماً أو بالأحرى أبدياً قائماً على مـرور الـدهــور والأزمان.
وهذه الآية الشريفة كأنما تريد أن تقول: لأن هذا الدين ديناً وسطاً، ولكونه يتلائم والفطرة إذن هو باقٍ وعليه يكون رسول الإسلام خاتم الأنبياء.
معنى الفطرة:
الفطرة :
هي الخلقة التي يكون عليها كل موجود أول خلقه؛ أو الطبيعة السليمة التي لم تُشَب بعيب؛ والفطرة السليمة في اصطلاح الفلاسفة: استعداد لإصابة الحكم والتمييز بين الحق والباطل.
معلوماتنا تنقسم إلى قسمين: الأول فكري نكتسبه من التعليم نظير مـا يقوله المعلم أثناء الدرس ويكتسبه التلميذ منه، أو مثلما أقوله لكم في هذا الاجتماع المقدس وأنتم تكسبون بعض المعلومات مما أقول.
هذا هو قسم من المعلومات التي يمتلكها الإنسان، وهي التي ترتبط بالعقل البشري؛ أما القسم الآخر من المعلومات التي لا ترتبط بالعقل هي تلك التي حصل عليها مع قيام وجوده في هذه الدنيا، وترتبط بالغـرائـز والميول، نظير أن يكون جائعاً فيأكل حتى يشبع، وعطشاناً فيشرب الماء حتى يرتوي؛ أي المبادئ والأفكار الموجودة في النفس قبل التجربة.
إن إدراك الجوع والعطش نوع من المعلومات لا يمكن احتسابها ضمن دائرة التعليم والتعلم، بل نوع من المعلومات التي يبحث عنها الإنسان فيجدها.
أي أن الإنسان ومن خلال هذه الغرائز التي زرعها رب العالمين فيه يتأتى له إدارك الجوع وإدراك الشبع، وبعبارة أخرى يجد الإنسان الجوع والعطش ثم يجد الشبع والارتواء بعد الأكل والشرب؛ وهذه الغرائز تقسم إلى قسمين.
القسم الأول: غرائز يشترك فيها مع الحيوانات، وقد تكون بعض الغرائز أقوى في الحيوان مما عليه في الإنسان من مثل الأكل والشرب.
القسم الثاني: غرائز تبرز بعد أن تُنبه لتدخل الإرادة في توجيهها وجهةً خاصة، وهي ما تسمى بغرائز الفطرة.
فالفطرة هي نوع من أنواع الغرائز تبرز وفق الأفكار الموجودة في العقل البشري، ووفق حدة التنبيه على العكس من تلك التي تبرز من حيث لا يشعر الإنسان بها، وبدون إلفات أو تنبيه بل تبرز من غير إرادة.
فطرة التعلق بالله:
من جملة ما جُبِلَ عليه الإنسان من فِطرات، وهُنَّ كثار، فطرة التعلّق بالله، وفطرة البحث عن الله تبارك وتعالى؛ فالإنسان بطبيعته باحث عن الله في ذاته، ومتعلق بالله تبارك وتعالى من حيث لا يشعر؛ ولو تأتى هتك الستر والحجاب، بالإضافة إلى انعدام الصفات الرذيلة في الإنسان، لوجدنا إنساناً يبحث عن الله تعالى مثلما يبحث الظمآن عن الماء، وهذه المسألة ليست بمسألة تعليم ولا تعلم بل مسألة وجدانية تكمن في أعماق النفس البشرية منذ أن خُلق البشر.
لا يوجد من لم يصل به الأمر إلى حالة من الضيق؛ حيث يصل الإنسان في بعض أوقاته إلى أن يقطع يده عن الجميع ليمد يده إلى الله تعالى فقط ؛ بعد أن يعتقد أن لا ملجأ من تلك الحالة إلا إلى الله جلت حكمته، وعندها يضحى الإنسان باحثاً عن المنجي الوحيد مثلما يبحث الظامئ عمّا يبل به شفتيه من ماء، وهذه الحالة بينها القرآن المجيد في الآية المباركة التي تقول : {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65].
إن هذه الآية الشريفة تبين لنا الحالة العصيبة التي يصل فيها الإنسان إلى التوحيد، حين يُرى داعياً الله تعالى مخلصاً بأن ينجيه ممـا هـو فيه، وعندها يُدرك أن الله سميع، بصير، رؤوف، كـريـم وقـديـر، وأنّـه القـدرة المطلقة، والعلم المطلق، والرأفة المطلقة.
فالبشر إجمالاً يُسمع منادياً ربه في البلايا والمصائب من حيث لا يشعـر فتراه يقول: إلهي إنك قادر على أن تنجيني مما أنا فيه، إلهي إنك تعلم حالي، فالطف بي كما فعلت ذلك من قبل إلهي أنت الرؤوف، أنت الجواد، أنت ... أنت.
على أية حال، إن البلايا والمصائب تستجمع جميع الكمالات في الشخص المبتلي، وحينها يمجد الله تعالى. ويسمى حينئذ موحداً؛ وعلى حد قول الله تعالى: «مُخلصاً» في دعائه.
إن (124) ألف نبي ورسول وما أُنْزِلَ إليهم من كتب، كان كل ذلك من أجل إحياء هذه الفطرة؛ الفطرة التي تبرز جليّة عند البلايا والرزايا والمصائب، ليصل الإنسان من خلالها إلى المقام أو المكان الذي يُبقيه دائماً يبحث عن الله، ويبقيه دائماً متعلقاً بالله تبارك وتعالى.
وبعبارة أخرى، إن جميع الأنبياء والرسل، وكل هذه المساجد، وما فيها من المنابر، وكلّ هذه العبادات هي من أجل تذكير الإنسان بربه الذي خلقه فسوّاه في أحسن تقويم؛ وهذا ما أشارت إليه الآية الشريفة التي جاء فيها:
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].
فهذه الآية المباركة تعني: إذا أضحى المحراب والمنبر مذكراً للبشر بربه دائماً، وأضحت الأنبياء والرسل وكتبهم باعثاً على عدم نسيان رب الأرباب، تعلّق البشر بربه تعلّق العاشق بمعشوقه، وأصبح يراه بعين قلبه، عندها لا تراه يرفع يديه بالدعاء والطلب والحاجة إلا إليه سبحانه، وبهذا يصل إلى المقام الذي وعده الله به:
{رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37].
فبلوغ المقام السامي والرفيع لا يبقي على أستارٍ ولا على حجب، فلا التجارة تمنعه عن ذكر الله ولا البيع ولا أي شيءٍ آخر، كونه أصبح يرى الله ويُدرك وجوده، ومن لم ير الله بعين قلبه عُدّ كالجائع الذي لا يدرك جوعه وهذا محال؛ إذن هناك شيء غير طبيعي ألا وهو وجود حجاب أو ستر يحول دون حكومة الله على قلب الفرد، وهذا الحجاب هو اللهو، والتجارة، وحبّ الدنيا، وما إلى ذلك؛ ولكن لو أزيح هذا الحجاب من على ذلك القلب لرأى البشر ربه، ولعاد إلى فطرته التي فُطِرَ عليها، بل ولأضحى باحثاً عن الله تعالى في كلّ ما يرى أو يسمع.
إن هذه المسائل لا تدلل على أنها مرتبطة بالتعليم أو التعلّم، وليس لها علاقة بالنظم ولا ببراهين الصديقين والحدوث والإمكان، بل إنها مرتبطة فقط بالوجدان.
من المعلوم لدينا ولديكم بأن الإنسان حينما يجدُ ضالّته أو يجدُ ربّه الذي يبحث عنه في كلّ آثاره، يكون كالإنسان الظامئ المدرك لحالة الظمأ، والخارج عليها بحالة الارتواء بعد شربه للماء؛ لذا يتصاغر الإنسان مقابل ربه بعد أن يجده أقرب إليه من حبل الوريد.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|