أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015
6639
التاريخ: 29-03-2015
3348
التاريخ: 4-03-2015
6086
التاريخ: 4-03-2015
2020
|
حياته
ولد أبو الحسن علي بن مؤمن الحضرمي المعروف بابن عصفور عام السيل الكبير أي سنة 597 ه. نشأ بإشبيلية و درس على كبار شيوخ العربية فيها مثل أبي الحسن بن الدباج، و الشلوبين الذي لازمه مدة عشر سنوات، و أخذ عنه جل علمه حتى صار في صفوف منافسيه، و في رعاية الأمير الهنتاني محمد بن بكر اكتسب مكانة عالية، و تردد في مدن الأندلس، مدرسا، و مؤلفا، ثم جاز إلى المغرب، فأقام في مدينة آنفا و آزمور و مراكش، ثم انتقل في أخر أيامه إلى إفريقية، في بلاط ابن زكريا حتى توفي إثر حادثة مشهورة سنة 669 ه على أشهر الأقوال. فاشتهر من تلامذته الإمام أبو حيان الأندلسي، و ابن سعيد المدلجي صاحب المغرب في حلى المغرب، و المشرق في حلي المشرق، و أبو عبد اللّه محمد بن علي الأشعاري المالقي الشهير بالشلوبين الصغير(1).
ترك ابن عصفور عدة مصنفات في النحو و التصريف و اللغة و الأدب و شرح إيضاح الفارسي و جمل الزجاجي، و له ثلاثة شروح لكتاب سيبويه و ألف كتاب البديع في شرح الحزولية.
و من أشهر مصنفاته كتاب المقرّب في النحو الذي تلقاه العلماء بالترحيب و الاغتباط، فشرحه بهاء الدين بن النحاس، و اختصره أبو حيان في كتاب التقريب. و ممن تناوله بالتعليق و النقد ابن هشام، و ابن الحاج (2)، و ابن الضايع، و لإبراهيم بن أحمد
ص273
الأنصاري الخزرجي كتاب سماه المنهج المعرّب في الرد على المقرّب (3)، و لحازم القرطاجني كتاب في الرد عليه سماه (شد الزيار على جحفلة الحمار) (4).
غير أن أهم مؤلفاته كتاب الممتع في التصريف، و لقد كان من ميزات ابن عصفور أن الاعتبار إلى علم التصريف، الذي يكاد أن يكون نسي بعد سيبويه، و المازني، و ابن جني، و ذلك أنه أعاد ترتيبه و تنظيمه في كتاب الممتع، و بسط القول في الدفاع عنه، و في إبراز أهميته، كما شرح أسباب إعراض كثير من العلماء عنه لصعوبة مسلكه.
لقد خصص ابن عصفور للتصريف كتابا مستقلا مثل ما فعل جل قدماء النحاة كالفراء و أبي عثمان المازني و ابن كيسان و ابن جني، و ابن الحاجب في الشافية. مع أن سيبويه في الكتاب جمع بين النحو و التصريف، غير أنه أخر المسائل الصرفية البحتة في آخر الكتاب، و هذا ما أشار إليه ابن عصفور في ذكره لأسباب هذا التأخير في الترتيب. و كان من حسنات ابن مالك أن أعاد الأمور إلى أوضاعها المناسبة، فلم يهتم بالتمارين غير العملية، و أدرج الأبنية المشتقة في الأفعال في نطاق العوامل. و تناول أبواب التصريف، و الجموع، و الإمالة و التصغير، و الإبدال و الإدغام، في آخر أبواب الخلاصة. و أفرد مصنفا مستقلا لتصاريف الأفعال و المصادر.
و ليس من شك أن التقديم الذي اعتمده ابن عصفور في الممتع، كان منهجيا، و مبسطا بحيث يسهل استيعابه على جمهور الدارسين. من أجل ذلك رأينا من الأنسب أن نستعرض ملخصا عن آرائه في التصريف مما ورد في هذا الكتاب الذي قال فيه: (إن التصريف أشرف شطري العربية و أغمضهما) .
فالذي يبين شرفه احتياج جميع المشتغلين باللغة العربية من نحوي و لغوي؟ لأنه ميزان اللغة العربية، و إنه لا يوصل إلى معرفة الاشتقاق إلا به، و يذكر أن جماعة من المتكلمين امتنعوا من وصف اللّه سبحانه ب «حنّان» لأنه من الحنين و الحنة من صفات البشر الخاصة بهم، تعالى اللّه عن ذلك، و كذلك امتنعوا أيضا من وصفه بسخي لأن أصله من الأرض الخاوية و هي الرخوة، و امتنعوا من وصفه بالدّاري-و إن كان من العلم-لأن أصله من الدّريّة، و هي شيء يضعه الصائد لضرب من الحيلة و الخديعة.
و الذي يدل على غموضه كثرة ما يوجد من السقطات فيه لجلة العلماء، و ذكر أن أبا عبيد قال: إن «مندوحة» مشتقة من «انداح» و هو فاسد لأن انداح انفعل و نونه زائدة،
ص274
و مندوحة مفعولة، من الندح و هو جانب الجبل، و ذكر عن أبي العباس ثعلب قوله إن «تنورا» وزنه تفعول من النار، و الصواب إنه فعول (5).
ثم قال: إنه كان ينبغي أن يقدم علم التصريف على غيره من علوم العربية، إذ هو معرفة ذوات الكلم في أنفسها من غير تركيب، و معرفة الشيء في نفسه قبل أن يتركب ينبغي أن تكون مقدمة على معرفة أحواله التي تكون له بعد التركيب، إلا أنه أخر للطفه و دقته. ثم قال: فإني، لما رأيت النحويين قد هابوا لغموضه علم التصريف فتركوا التأليف فيه و التصنيف، إلا القليل منهم، فإنهم قد وضعوا فيه ما لا يبرد غليلا، و لا يحصّل لطالبه مأمولا، لاختلال ترتيبه و تداخل تبويبه، وضعت في ذلك كتابا، رفعت فيه من علم التصريف شرائعه، و ملكته عاصيه و طائعه، و ذللته للفهم بحسن الترتيب و كثرة التهذيب لألفاظه و التقريب (6).
و كما سبقت الإشارة إليه، فإن أبرز ما امتاز به ابن عصفور هو محاولته لتقريب علم التصريف و تنظيمه. في كتابه هذا ادعى أنه «جامع لمسائل التصريف مع حسن الترتيب و كثرة التهذيب، ممتنع عن القدح، مشبه للروض في وشي ألوانه، و تعمم أفنانه، و إشراق أنواره، و للعقد في التئام وصوله و انتظام فصوله« . و لم يكن ابن عصفور هو وحده الذي افتتن بعمله في التصريف. بل إن أبا حيان قال عنه: إنه أحسن ما وضع في هذا الفن ترتيبا و ألخصه تهذيبا، و أجمعه تقسيما، و أقربه تفهيما» . ثم لخصه في كتاب المبدع، غير أن هذا الإطراء لم يمنع أبا حيان من نقد ابن عصفور و النيل منه حتى اتهمه بجهل كتاب اللّه (7).
و يقول ابن عصفور إن التصريف «ينقسم قسمين، أحدهما جعل الكلمة على عدة صيغ لمعان خاصة، كالتصغير، و النسب، و التثنية و الجمع، و صيغ المشتقات» . و لم يتناول هذا القسم في الممتع، مكتفيا بما كتب منه في المصنفات النحوية. ثانيهما تغيير بنية الكلمة دون دلالة على معنى طارئ عن هذا التغيير، مثل الإعلال و الإبدال و الإدغام (8).
ص275
______________________
(1) راجع السيوطي بغية الوعاة، 2 / 210 و نفح الطيب 2 / 270.
(2) أحمد بن محمد بن أحمد الأزدي الإشبيلي (537-668 ه) قرأ على الشلوبين و الدباج، راجع ترجمته في بغية الوعاة، ج 1/ 359.
(3) راجع بغية الوعاة، 1 / 406.
(4) نفح الطيب، 4 / 148 عن حسن موسى الشاعر.
(5) المقرب، 1 / 27-29.
(6) المصدر نفسه، ص 22.
(7) فخر الدين قباوة، مقدمة الممتع، ص 12 نقلا عن المبدع لأبي حيان.
(8) الممتع، 1/ 31.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|