أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-9-2016
999
التاريخ: 25-11-2016
876
التاريخ: 19-9-2016
929
التاريخ: 7-12-2019
1447
|
لا يجوز للإمام أن يخرج من المشعر إلا بعد طلوع الشمس وعلى من عدا الإمام أن يخرج قبل طلوعها بقليل، ويرجع إلى منى ولا يجوز وادي محسر إلا بعد طلوع الشمس، وإن أخر من عدا الإمام الخروج إلى بعد طلوع الشمس لم يكن عليه شيء ولا يجوز الخروج من المشعر قبل طلوع الفجر فإن خرج قبل طلوعه متعمدا لزمه دم شاة، و إن خرج ناسيا أو ساهيا لم يكن عليه شيء و مرخص للمرأة، والرجل إذا خاف على نفسه أن يفيضا إلى منى قبل طلوع الفجر فإذا بلغ وادي محسر، وهو وادي عظيم بين جمع ومنى، وهو إلى منى أقرب سعى فيه حتى يجوزه، و يقول: اللهم سلم عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي و اخلفني فيمن تركت بعدي فإن ترك السعي في وادي محسر رجع فيه إن تمكن منه. فإن لم يتمكن فلا شيء عليه.
وينبغي أن يأخذ على الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، وعليه بمنى يوم النحر ثلاثة مناسك: أوله: رمي الجمرة الكبرى، والثاني: الذبح، والثالث: الحلق أو التقصير.
وأما أيام التشريق فعليه كل يوم رمى الثلاث جمار على ما نرتبه، ويجوز أخذ حصاء الجمار من سائر الحرم سوى المسجد الحرام ومسجد الخيف، ومن حصا الجمار ولا يجوز أخذ الحصى من غير الحرم، ولا يجوز أن يرمى الجمار إلا بالحصى.
ويستحب أن يكون الحصا برشا، ويكره أن يكون حمأ، ويكون قدرها مثل الأنملة منقطة كحلية، ويكره أن ينكسر شيئا من الحصى بل يلتقط بعدد ما يحتاج إليه.
ويستحب أن لا يرمى الجمار إلا على طهر. فإن رماها على غير طهر لم يكن عليه شيء. فإذا أراد الرمي فعليه أن يرمى الجمرة العظمى يوم النحر بسبع حصيات يرميها خذفا يضع كل حصاة على بطن إبهامه ويدفعها بظفر السبابة ويرميها من بطن الوادي من قبل وجهها، وينبغي أن يكون بينه وبين الجمرة مقدار عشرة أذرع إلى خمس عشرة ذراعا، ويقول حين يريد أن يرمى: اللهم هؤلاء حصياتي فأحصهن على وارفعهن في عملي. ويقول مع كل حصاة: اللهم ادحر عنى الشيطان اللهم تصديقا بكتابك، وعلى سنة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) اللهم اجعله حجا مبرورا وعملا مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا، ويجوز أن يرميها راكبا وماشيا، والركوب أفضل لأن النبي (صلى الله عليه وآله) رماها راكبا ويكون مستقبلا لها مستدبر الكعبة وإن رماها عن يسارها جاز.
وجميع أفعال الحج يستحب أن يكون مستقبل القبلة من الوقوف بالموقفين ورمي الجمار إلا رمى جمرة العقبة يوم النحر فإن النبي- عليه أفضل الصلاة والسلام- رماها مستقبلها مستدبرا الكعبة. ولا يأخذ الحصى من المواضع التي يكون فيها نجاسة فإن أخذها وغسلها أجزأه، وإن لم يغسلها ترك الأفضل وأجزأه لأن الإثم يتناوله. إذا رمى فأصاب شيئا. ثم وقع على المرمى أجزأه وإن رمى فوقع على عنق بعير فنقص عنقه فأصاب الجمرة أو وقعت على ثوب إنسان فنفضه فأصاب الجمرة لم يجزه، وإذا رمى فلا يعلم هل وقعت على الجمرة أم لا؟ لا يجزيه. فإن وقعت على مكان أعلى من الجمرة وقد حرجت إليها أجزأه وإذا وضعها على الجمرة وضعا لا يجزيه، وإذا وقعت على حصاة أخرى طفرت الثانية إلى الجمرة وبقيت التي رماها في مكان تلك فلم يجزه. فإذا فرغ من رمى جمرة العقبة ذبح هديه وإن كان متمتعا فالهدى واجب عليه، وإن كان قارنا ذبح هديه الذي ساقه وإن كان مفردا لم يكن عليه شيء فإن تطوع بالأضحية كان فيه فضل كثير.
ومن وجب عليه الهدى ولا يقدر عليه. فإن كان معه ثمنه خلفه عند من يثق به حتى يشترى له هديا يذبح عنه في العام المقبل في ذي الحجة، وإن أصابه في مدة مقامه بمكة إلى انقضاء ذي الحجة جاز له أن يشترى به ويذبحه، وإن لم يصبه فعل ما ذكرناه. فإذا لم يقدر على الهدى ولا على ثمنه وجب عليه صيام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فالثلاثة أيام يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة. فإن فاته صوم هذه الأيام صام يوم الحصبة وهو يوم النفر ويومين بعده متواليات فإن فاته ذلك أيضا صامهن في بقية ذي الحجة فإن أهل المحرم ولم يكن صام وجب عليه دم شاة واستقر في ذمته الدم وليس له صوم. فإن مات من وجب عليه الهدى، ولم يكن معه ثمنه، ولا يكون صام أيضا صام عنه وليه الثلاثة أيام ولا يلزمه قضاء السبعة أيام بل يستحب له ذلك هذا إذا تمكن من الصوم فلم يصم. فأما إن لم يتمكن من الصوم أصلا لمرض فلا يجب القضاء عنه وإنما يستحب ذلك وإذا صام الثلاثة أيام ورجع إلى أهله صام السبعة أيام فإن جاور بمكة انتظر مدة وصول أهل بلده إلى البلد أو شهرا ثم صام بعد ذلك السبعة أيام.
ولا يجوز أن يصوم الثلاثة أيام بمكة و لا منا أيام التشريق و من فاته صوم يوم قبل التروية صام يوم التروية و عرفة ثم صام يوما آخر بعد أيام التشريق فإن فاته صوم يوم التروية فلا يصم يوم عرفة بل يصوم الثلاثة أيام بعد انقضاء أيام التشريق متتابعات وقد رويت رخصة في تقديم صوم الثلاثة أيام من أول العشر (1) والأحوط الأول لأنه ربما حصل له الهدى ومن ظن أنه إن صام يوم التروية و يوم عرفة أضعفه عن القيام بالمناسك أخرها إلى بعد انقضاء أيام التشريق، و من صام هذه الثلاثة أيام بعد أيام التشريق أو في أول العشر على ما بيناه من الرخصة فلا يصمهن إلا متتابعات، ومن لم يصم الثلاثة أيام و خرج عقيب أيام التشريق صامها في الطريق، وإن لم يتمكن من ذلك صامهن مع السبعة أيام إذا رجع أهله إذا كان ذلك قبل أن يهل المحرم. فإن أهل المحرم استقر في ذمته الدم على ما بيناه، ولا بأس بتفريق صوم السبعة أيام، ومن لم يصم الثلاثة أيام بمكة ولا في الطريق ورجع إلى بلده، وكان متمكنا من الهدى بعث به فإنه أفضل من الصوم.
ومن صام ثلاثة أيام ثم أيسر ووجد ثمن الهدى لا يلزمه الانتقال إلى الهدي ويجوز أن يصوم ما بقي عليه، والأفضل أن يشترى الهدي.
والمتمتع إذا كان مملوكا وحج بإذن مولاه كان المولى مخيرا بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم فإن أعتق العبد قبل انقضاء الوقوف بالموقفين كان عليه الهدى ولم يجزه الصوم مع الإمكان فإن لم يقدر عليه كان حكمه حكم الأحرار في الأصل على ما فصلناه، وإذا لم يصم العبد إلى انقضاء أيام التشريق. فالأفضل لمولاه أن يهدى عنه، ولا يأمره بالصوم، وإن أمره لم يكن به بأس، وإنما الخيار قبل انقضاء هذه الأيام والصوم بعد انقضاء أيام التشريق يكون أداء لا قضاء.
وإذا أحرم بالحج ولم يكن صام ثم وجد الهدى لم يجز له الصوم فإن مات وجب أن يشترى الهدي من تركته من أصل المال لأنه دين عليه، ولا يجوز أن يذبح الهدى الواجب في الحج إلا بمنى في يوم النحر أو بعده. فإن ذبح بمكة لم يجزه وما ليس بواجب جاز ذبحه أو نحره بمكة، وإذا ساق هديا في الحج فلا يذبحه أيضا إلا بمنى فإن ساقه في العمرة نحره بمكة قبالة الكعبة بالحزورة.
وأيام النحر بمنى أربعة أيام: يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وفي غيره من البلدان ثلاثة أيام: يوم النحر ويومان بعده هذا في التطوع فأما هدي المتعة فإنه يجوز ذبحه طول ذي الحجة إلا أنه يكون بعد انقضاء هذه الأيام قضاء، والتطوع يكون قد مضى وقته، ولا قضاء فيه، ولا يجوز في الهدى الواجب إلا واحد عن واحد مع الاختيار سواء كانت بدنا أو بقرة، ويجوز عند الضرورة عن خمسة وعن سبعة وعن سبعين، وكلما قلوا كان أفضل، وإن اشتركوا عند الضرورة أجزأت عنهم سواء كانوا متفقين في النسك أو مختلفين، ولا يجوز أن يرتد بعضهم اللحم، وإذا أرادوا ذبحه أسندوه إلى واحد منهم ينوب عن الجماعة، ويسلم مشاعا اللحم إلى المساكين وإن كان تطوعا جاز أن يشتركوا فيه إذا كانوا أهل خوان واحد مع الاختيار، وإن لم يكونوا أهل خوان واحد جاز لهم مع الضرورة، ولا يجوز في الهدى ولا الأضحية العرجاء البين عرجها، ولا العوراء البين عورها ولا العجفاء (2) ولا الخرماء (3) ولا الجذاء وهي المقطوعة الاذن ولا العضباء وهي المكسورة القرن. فإن كان القرن الداخل صحيحا لم يكن به بأس وإن كان ما ظهر منه مقطوعا فلا بأس به، وإن كانت أذنه مشقوقة أو مثقوبة إذا لم يكن قد قطع منهما شيء.
ومن اشترى هديا على أنه تام فوجدها ناقصا لم يجز عنه إذا كان واجبا فإن كان تطوعا لم يكن به بأس.
ولا يجوز الهدى إذا كان خصيا ولا التضحية به. فإن كان موجوء لم يكن به بأس وهو أفضل من الشاة، والشاة أفضل من الخصى.
وأفضل الهدي البدن فإن لم يجد فمن البقر. فإن لم يجد ففحلا من الضأن.
فإن لم يجد فتيسا من المعزى، وإن لم يجد إلا شاة كان جائزا عند الضرورة، وأفضل ما يكون من البدن والبقر ذوات الأرحام ومن الغنم الفحولة، ولا يجوز من الإبل إلا من الثني فما فوقه وهو الذي تم له خمس سنين، ودخل في السادسة، وكذلك من البقر لا يجوز إلا الثني، وهو الذي تمت له سنة، ودخل في الثانية، ويجزى من الضأن الجذع لسنة.
وينبغي أن يكون الهدي سمينا فإن كان من الغنم يكون فحلا أقرن ينظر في سواد ويمشي في سواد. فإن اشترى أضحية على أنها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت عنه وإن اشتراها على أنها مهزولة فخرجت سمينة كان جائزا أيضا وإن اشتراه على أنها مهزولة فكانت كذلك لم يجزه، وحد الهزال الذي لا يجزى ألا يكون على كليته شيء من الشحم، وإذا لم يجد على هذه الصفة اشتراها كما يتسهل ولا يشترى إلا ما عرف به وهو أن يكون أحضر عرفات فإن ابتاعه على أنه عرف به فقد أجزأه ولا يلزمه أن يعرف به، وقد بينا أن الهدى لا يجوز أن يكون خصيا فإن ذبح خصيا وقدر على أن يقيم بدله لم يجزه، وعليه الإعادة، وإن لم يتمكن أجزء عنه.
ومن اشترى هديا. ثم أراد أن يشترى أسمن منه اشتراه، وباع الأول إنشاء وإن ذبحهما كان أفضل، ولا يجوز أن يذبح ما يلزم الحاج على اختلاف ضروبه من الهدى والكفارات إلا بمنى، وما يلزم منه في إحرام العمرة فلا ينحره إلا بمكة.
ومن اشترى هديه فهلك فإن كان واجبا وجب عليه إن يقيم بدله، وإن كان تطوعا فلا شيء عليه، والهدى الواجب لا يجوز أن يأكل منه، وهو كلما يلزمه من النذور والكفارات، وإن كان تطوعا فلا بأس بأكله منه.
وإذا هلك الهدى قبل أن يبلغ محله نحره أو ذبحه وغمر النعل في الدم وضرب به صفحة سنامه ليعلم بذلك أنه هدى.
وإذا انكسر الهدي جاز بيعه والتصدق بثمنه ويقيم آخر بدله، وإن ساقه على ما به إلى المنحر فقد أجزأه.
وإذا سرق الهدى من موضع حصين أجزء عن صاحبه وإن أقام بدله كان أفضل ومن وجد هديا ضالا عرفه يوم النحر، والثاني والثالث. فإن وجد صاحبه وإلا ذبح عنه، وقد أجزأ عن صاحبه إذا ذبح بمنى فإن ذبح بغيرها لم يجزه.
وإذا عطب في موضع لا يوجد فيه من يتصدق عليه نحر وكتب كتابا ويوضع عليه ليعلم من مر به أنه صدقة.
فإذا ضاع هديه واشترى بدله ثم وجد الأول كان بالخيار إنشاء ذبح الأول وإنشاء ذبح الأخير إلا أنه متى ذبح الأول جاز له بيع الأخير، ومتى ذبح الأخير لزمه أن يذبح الأول، ولا يجوز له بيعه هذا إذا كان قد أشعره أو قلده فإن لم يكن أشعره ولا قلده جاز له بيع الأول إذا ذبح الثاني.
ومن اشترى هديا وذبحه فاستعرفه رجل، وذكر أنه هديه ضل عنه، وأقام بذلك شاهدين كان له لحمه، ولا يجزى عن واحد منهما.
وإذا نتج الهدى كان حكم ولده حكمه في وجوب نحره أو ذبحه، ولا بأس بركوب الهدي وشرب لبنه ما لم يضربه ولا بولده. فإذا أراد نحر البدنة نحرها وهي قائمة من قبل اليمين ويربط يديها ما بين الخف إلى الركبة ويطعن في لبتها.
ويستحب أن يتولى الذبح أو النحر بنفسه فإن لم يحسنه جعل يده مع يد الذابح، ويسمى الله ويقول: وجهت وجهي. إلى قوله: وأنا من المسلمين. ثم يقول:
اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر اللهم تقبل مني. ثم يمر السكين، ولا ينخعه حتى يموت، ومن أخطأ في الذبيحة فذكر غير صاحبها أجزأت عنه بالنية، وينبغي أن يبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق، و في العقيقة بالحلق قبل الذبح، فإن قدم الحلق على الذبح ناسيا لم يكن عليه شيء.
و من السنة أن يأكل من هديه لمتعته، و يطعم القانع، و المعتر يأكل ثلثه، و يطعم القانع و المعتر ثلثه، و يهدى للأصدقاء ثلثه.
وقد بينا أن الهدى المضمون لا يجوز أن يأكل منه و هو ما كان حيرانا فإن اضطر إليه جاز أن يأكل منه، و إن أكله من غير ضرورة كان عليه قيمته، و يجوز أكل لحم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، و اذخارها، و لا يجوز أن يخرج من منى من لحم ما يضحيه، و لا بأس بإخراج السنام منه، و لا بأس أيضا بإخراج لحم قد ضحاه غيره.
ويستحب أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي و الأضاحي بل يتصدق بها كلها و لا يجوز أن يعطيها الجزار فإن أراد أن يخرج شيئا منها لحاجته إلى ذلك تصدق بثمنه و لا يجوز أن يحلق رأسه و لا أن يزور البيت إلا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدى محله، و هو أن يحصل في رحله. فإذا حصل في رحله بمنى و أراد أن يحلق جاز له ذلك، و و إنشاء ذبح الأخير إلا أنه متى ذبح الأول جاز له بيع الأخير، و متى ذبح الأخير لزمه أن يذبح الأول، و لا يجوز له بيعه هذا إذا كان قد أشعره أو قلده فإن لم يكن أشعره و لا قلده جاز له بيع الأول إذا ذبح الثاني.
ومن اشترى هديا و ذبحه فاستعرفه رجل، و ذكر أنه هديه ضل عنه، و أقام بذلك شاهدين كان له لحمه، و لا يجزى عن واحد منهما.
وإذا نتج الهدى كان حكم ولده حكمه في وجوب نحره أو ذبحه، و لا بأس بركوب الهدي و شرب لبنه ما لم يضربه و لا بولده. فإذا أراد نحر البدنة نحرها و هي قائمة من قبل اليمين و يربط يديها ما بين الخف إلى الركبة و يطعن في لبتها.
ويستحب أن يتولى الذبح أو النحر بنفسه فإن لم يحسنه جعل يده مع يد الذابح، و يسمى الله و يقول: وجهت وجهي. إلى قوله: و أنا من المسلمين. ثم يقول:
اللهم منك و لك بسم الله و الله أكبر اللهم تقبل مني. ثم يمر السكين، و لا ينخعه حتى يموت، و من أخطأ في الذبيحة فذكر غير صاحبها أجزأت عنه بالنية، و ينبغي أن يبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق، و في العقيقة بالحلق قبل الذبح، فإن قدم الحلق على الذبح ناسيا لم يكن عليه شيء.
ومن السنة أن يأكل من هديه لمتعته، و يطعم القانع، و المعتر يأكل ثلثه، و يطعم القانع و المعتر ثلثه، و يهدى للأصدقاء ثلثه.
وقد بينا أن الهدى المضمون لا يجوز أن يأكل منه و هو ما كان حيرانا فإن اضطر إليه جاز أن يأكل منه، و إن أكله من غير ضرورة كان عليه قيمته، و يجوز أكل لحم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، و اذخارها، و لا يجوز أن يخرج من منى من لحم ما يضحيه، و لا بأس بإخراج السنام منه، و لا بأس أيضا بإخراج لحم قد ضحاه غيره.
ويستحب أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي و الأضاحي بل يتصدق بها كلها و لا يجوز أن يعطيها الجزار فإن أراد أن يخرج شيئا منها لحاجته إلى ذلك تصدق بثمنه و لا يجوز أن يحلق رأسه و لا أن يزور البيت إلا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدى محله، و هو أن يحصل في رحله. فإذا حصل في رحله بمنى وأراد أن يحلق جاز له ذلك، و الأفضل إلا يحلق حتى يذبح.
ومتى حلق قبل أن يحصل الهدى في رحله لم يكن عليه شيء.
ومن وجبت عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجدها كان عليه سبع شياه فإن لم يجد صام ثمانية عشر يوما إما بمكة أو إذا رجع إلى أهله.
والصبي إذا حج به متمتعا وجب على وليه أن يذبح عنه.
ومن لم يتمكن من شراء الهدي إلا ببيع ما يتجمل به من ثيابه لم يلزمه ذلك وأجزأه الصوم. والهدى مجز عن الأضحية والجمع بينهما أفضل.
ومن نذر أن ينحر بدنة فإن سما الموضع الذي ينحر فيه فعليه الوفاء به، و إن لم يسم الموضع لا يجوز أن ينحرها إلا بفناء الكعبة.
ويكره أن يذبح شيئا تولي تربيته بل ينبغي أن يشتريه في الحال.
الهدى على ثلاثة أضرب: تطوع و نذر شيء بعينه ابتداء و تعين هدى واجب في ذمته. فإن كان تطوعا مثل أن خرج حاجا أو معتمرا فساق معه هديا بنية أنه ينحره في منى أو بمكة من غير أن يشعره أو يقلده فهذا على ملكه يتصرف فيه كيف شاء من بيع و هبة و له ولده و شرب لبنه، و إن هلك فلا شيء عليه.
الثاني: هدى أوجبه بالنذر ابتداء بعينه مثل أن قال: لله علي أن أهدى هذه الشاة أو هذه البقرة أو هذه الناقة. فإذا قال هذا زال ملكه عنها و انقطع تصرفه في حق نفسه فيها، و هي أمانة للمساكين في يده و عليه أن يسوقها إلى المنحر فإن وصل نحر و إن عطب في الطريق نحره حيث عطب و جعل عليه علامة على ما قدمناه ليعرف أنها هدى للمساكين، فإذا وجدها المساكين حل لهم التصرف فيها، و إن هلكت فلا شيء عليه، و إن نتجت هذه الناقة ساق معها ولدها و هي و الولد للمساكين. فإن ضعف عن المشي معها حمله على امه و لبنها إن كان وفقا لرى الفصيل و قدر حاجته. فالولد أحق به فإن شرب منه شيئا ضمنه، و إن كان أكثر من حاجة الفصيل فالحكم فيه و في الفصيل إذا هلك واحد، و هو بالخيار بين أن يتصدق به، و بين أن يشربه و لا شيء عليه، و الأفضل أن يتصدق به.
الثالث: ما وجب في ذمته عن نذر أو ارتكاب محظور كاللباس و الطيب و الثوب و الصيد أو مثل دم المتعة فمتى عينه في هدى بعينه تعين فيه فإذا عينه زال ملكه عنه و انقطع تصرفه فيه و عليه أن يسوقه إلى المنحر فإن وصل نحره أجزأه، و إن عطب في الطريق أو هلك سقط التعين و كان عليه إخراج الذي في ذمته.
وإذا نتجت فحكم ولدها حكمها، و كل هدي كان جبرانا أو نذرا مطلقا كان أو معينا لا يجوز الأكل منه، و ما كان تطوعا أو هدي التمتع جاز الأكل منه إذا وصل الهدى الواجب إلى المحل و المتطوع به قدم الواجب الذبح أولا فإنه أفضل و أحوط. قد بينا أن الأفضل أن يتولى الذبح بنفسه فإن لم يفعل جعل يده مع يد الذابح فإن لم يفعل حضره.
ويستحب أن يفرق اللحم بنفسه و يجوز الاستنابة فيه فإن نحره و خلا بينه و بين المساكين كان أيضا جائزا، إذا نذر هديا بعينه زال ملكه، و لا يجوز له بيعه، و إخراج بدله على ما بيناه. فإذا فرغ من الذبح حلق بعده إن كان صرورة و لا يجزيه غير الحلق، و قد تقدم معناه، و إن كان حج حجة الإسلام جاز له التقصير، و الحلق أفضل.
فإن لبد شعره لم يجزه غير الحلق على كل حال و من ترك الحلق عامدا أو التقصير حتى يزور البيت كان عليه دم شاة، و إن فعله ناسيا لم يكن عليه شيء و عليه إعادة الطواف.
ومن رحل من مني قبل الحلق رجع إليها و لا يحلق إلا بها مع الاختيار فإن لم يمكنه حلق رأسه مكانه و أنفذ شعره إلى منى ليدفن بها فإن لم يمكنه فلا شيء عليه، و يكفي المرأة التقصير و ليس عليها حلق و يجزيها من التقصير مثل أنملة.
وإذا أراد الحلق بدأ بناصيته من القرن الأيمن و حلقه إلى العظمين، و يقول إذا حلق: اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيمة، و من لا شعر على رأسه أمر الموسى عليه، و أجزأه فإذا حلق رأسه أو قصر فقد حل له كل شيء أحرم منه إلا النساء و الطيب، و هو التحلل الأول إن كان متمتعا و إن كان غير متمتع حل له الطيب أيضا و لا تحل له النساء.
فإذا طاف المتمتع طواف الزيارة حل له الطيب و لا يحل له النساء و هو التحلل الثاني، فإذا طاف طواف النساء حلت له النساء، و هو التحلل الثالث الذي لا يبقى بعده شيء من حكم الإحرام.
ويستحب ألا يلبس المخيط إلا بعد الفراغ من طواف الزيارة و ليس ذلك بمحظور.
وكذلك يستحب ألا يمس الطيب إلا بعد طواف النساء و ليس ذلك بمحظور.
أيضا على ما فصلناه.
فإذا فرغ من مناسكه بمنى يوم النحر توجه إلى مكة لزيارة البيت يوم النحر و لا يؤخره إلا لعذر فإن أخره لعذر زار من الغد و لا يؤخره أكثر من ذلك إذا كان متمتعا فإن كان مفردا أو قارنا جاز أن يؤخره إلى أى وقت شاء و الأفضل التقديم غير أنه لا يحل له النساء.
ويستحب الغسل لمن أراد زيارة البيت قبل دخول المسجد و الطواف و تقليم الأظفار و أخذ الشارب. فإذا فعل ذلك زار، و يجوز أن يغتسل بمنى ثم يجيء إلى مكة فيطوف بذلك الغسل، و لا بأس أن يغتسل بالنهار و يطوف بالليل ما لم يحدث.
فإن أحدث أو نام أعاد الغسل استحبابا ليطوف على غسل.
والغسل مستحب للمرأة أيضا قبل الطواف.
وإذا أراد أن يدخل المسجد وقف على بابه و قال: اللهم أعني على نسكك.
إلى آخر الدعاء. ثم يدخل المسجد و يأتي الحجر الأسود فيستلمه و يقبله فإن لم يستطع استلمه بيده و قبل يده. فإن لم يتمكن من ذلك استقبله و كبر و قال: ما قال حين طاف يوم قدم مكة. ثم يطوف أسبوعا على ما مضى شرحه، و يصلى عند المقام ركعتين. ثم يرجع إلى الحجر الأسود فيقبله إن استطاع و إلا استقبله و كبر. ثم يخرج إلى الصفا فيصنع عنده ما صنع يوم دخل مكة و يطوف بين الصفا و المروة سبعة أشواط. يبدأ بالصفا و يختم بالمروة على ما مضي وصفه. فإذا فعل ذلك فقد حل له كل شيء أحرم منه إلا النساء. ثم يرجع إلى البيت فيطوف به طواف النساء أسبوعا و يصلي ركعتين عند المقام و قد حلت له النساء فإذا فرغ من الطواف فليرجع إلى منى و لا يبيت ليالي التشريق إلا بمنى. فإن بات في غيرها كان عليه دم شاة، وإن بات بمكة ليالي التشريق مشتغلا بالطواف و العبادة لم يكن عليه شيء و إن كان بغير ذلك كان عليه ما ذكرناه، و إن خرج من منى بعد نصف الليل جاز له أن يبيت بغيرها غير أنه لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر، و إن تمكن ألا يخرج منها إلا بعد طلوع الفجر كان أفضل.
من بات عن منى ليلة كان عليه دم شاة على ما قدمناه، و إن بات عنها ليلتين كان عليه دمان. فإن بات ليلة الثالثة لا يلزمه شيء لأن له النفر في الأول، و النفر الأول يوم الثاني من أيام التشريق بلا خلاف. و النفر الثاني يوم الثالث من أيام التشريق و قد روى في بعض الأخبار أن من بات ثلاث ليال عن منى فعليه ثلاث دماء و ذلك محمول على الاستحباب أو على من لم ينفر في النفر الأول حتى غابت الشمس فإنه إذا غابت الشمس ليس له أن ينفر فإن نفر فعليه دم.
والأفضل إلا يبرح الإنسان من منى أيام التشريق فإن أراد أن يأتي مكة للطواف بالبيت تطوعا جاز، و الأفضل ما قدمناه.
والواجب عليه أن يرمي ثلاثة أيام التشريق الثاني من النحر و الثالث و الرابع كل يوم إحدى و عشرين حصاة ثلاث جمار كل جمرة منها سبع حصيات و يكون ذلك عند الزوال فإنه أفضل فإن رماها بين طلوع الشمس إلى غروبها لم يكن به بأس فإذا أراد أن يرمي بدء بالجمرة الاولى و رماها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهن خذفا على ما قدمناه، و يكبر مع كل حصاة و يدعو بما قدمناه. ثم يقوم عن يسار الطريق و يستقبل القبلة و يحمد الله و يثنى عليه و يصلى على النبي (صلى الله عليه و آله) ثم يتقدم قليلا و يدعو و يسئله أن يتقبل منه. ثم يتقدم أيضا و يرمى الجمرة الثانية و يصنع عندها كما صنع عند الأولى و يقف و يدعو. ثم يمضي إلى الثالثة فيرميها كما رمى الأولتين و لا يقف عندها فإن غابت الشمس و لم يكن رمى فلا يرميها ليلا بل يقضيها من الغد فإذا كان من الغد رمى ليومه مرة قضاء لما فاته و يفصل بينهما بساعة.
ويستحب أن يكون الذي يرمي لأمسه بكرة و الذي ليومه عند الزوال فإن فاته رمى يومين رماها كلها يوم النفر، و لا شيء عليه، و قد رخص للعليل و الخائف و الرعاة و العبيد الرمي ليلا.
ومن نسي رمى الجمار إلى أن أتى مكة عاد إلى منى و رماها و لا شيء عليه.
وحكم المرأة في جميع ما ذكرناه حكم الرجل سواء. فإن لم يذكر حتى يخرج من مكة فلا شيء عليه فإن حج في العام المقبل أعاد ما كان فاته من رمي الجمار فإن لم يحج أمر وليه أن يرمي عنه. فإن لم يكن له ولي استعان بمن يرمي عنه من المسلمين، و من فاته رمي يوم قضاه من الغد على ما قلناه، و يبدء بالفائت أولا فإن بدأ بالذي قضاه من الغد ليومه لم يجزه عن يومه و لا عن أمسه، و إن يرمي جمرة واحدة بأربع عشرة حصاة سبع ليومه و سبع لأمسه بطلت الأولى و كانت الثانية لأمسه.
والترتيب واجب في الرمي يجب أن يبدء بالجمرة العظمى. ثم الوسطى. ثم جمرة العقبة فمن خالف شيئا منها أو رماها منكوسة كان عليه الإعادة و من بدء بالجمرة العقبة ثم الوسطى، ثم الأولى أعاد على الوسطى، ثم جمرة العقبة. فإن نسي فرمي من الجمرة الأولى بثلاث حصيات، ثم رمي الجمرتين الآخرتين على التمام أعاد الرمي عليها كلها و إن كان قد رمي من الجمرة الأولى بأربع حصيات و رمي الجمرتين على التمام أعاد على الاولى بثلاث حصيات، و كذلك إن رمى من الوسطى أقل من الأربعة أعاد عليها و على ما بعدها، و إن رماها بأربعة أتمها و لا إعادة عليه في الثانية و إن رمي الأولتين على التمام، و رمى الثالثة ناقصة تممها على كل حال لأنه لا يترتب عليها رمي آخر و من رمي جمرة بست حصيات و ضاعت عنه واحدة أعاد عليها بحصاة و إن كان من الغد فإن لم يدر من أي الجمار ضاعت رمى كل جمرة بحصاة و لا يجوز أن يأخذ من حصى الجمار فيرمى بها، فإن رمى بحصاة فوقعت في محمله أعاد مكانها حصاة أخرى فإن أصابت إنسانا أو دابة. ثم وقعت على الجمرة أجزأه.
و يجوز أن يرمي راكبا و ماشيا، و يجوز الرمي عن العليل و المبطون و المغمى عليه و الصبي و لا بد من إذنه إذا كان عقله ثابتا.
و يستحب أن يترك الحصى في كفه ثم يؤخذ و يرمي.
و ينبغي أن يكبر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلوات من الفرائض يبدأ بالتكبير يوم النحر بعد الظهر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث و في الأمصار عقيب عشرة صلوات يبدأ عقيب الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثاني من أيام التشريق و يقول في التكبير: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر على ما هدانا و له الشكر على ما أولانا، و رزقنا من بهيمة الأنعام، و من أصحابنا من قال: إن التكبير واجب، و منهم من قال: إنه مسنون و هو الأظهر، و لا يكبر عقيب النوافل و لا في الطرقات و الشوارع لأجل هذه الأيام خصوصا، و لا يكبر أيضا قبل يوم النحر في شيء من أيام العشر بحال.
__________________________
(1) المروية في الكافي باب صوم المتمتع إذا لم يجد الهدى ج 4 ص 507 الرقم 2 عن زرارة عن أحدهما، أنه قال: من لم يجد هديا و أحب أن يقدم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس.
(2) العجفاء: المهزول.
(3) و الخرماء قال في المجمع: هي التي تقطع وترة أنفها قطعا لا يبلغ الجذع، و الاخرم أيضا، مشقوق الاذن.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|