أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2015
6619
التاريخ: 26-11-2015
6027
التاريخ: 26-11-2015
181714
التاريخ: 26-11-2014
5593
|
من الأصول الأولية التي تبتني عليها البرهمية ومثلها البوذية والصابئية هو التناسخ وهو أن العالم محكوم بالكون والفساد دائما فهذا العالم المشهود لنا وكذا ما فيه من الأجزاء مكون عن عالم مثله سابق عليه وهكذا إلى غير النهاية ، وسيفسد هذا العالم كما لا يزال يفسد أجزاؤه ويتكون منه عالم آخر وهكذا إلى غير النهاية ، والإنسان يعيش في كل من هذه العوالم على ما اكتسبه في عالم يسبقه فمن عمل صالحا واكتسب ملكة حسنة فستتعلق نفسه بعد مفارقة البدن بالموت ببدن سعيد ويعيش على السعادة ، وهو ثوابه ، ومن أخلد إلى الأرض واتبع هواه فسوف يعيش بعد الموت في بدن شقي ويقاسي فيه أنواع العذاب إلا من عرف البرهم واتحد به فإنه ينجو من الولادة الثانية ويعود ذاتا أزلية أبدية هي عين البهاء والسرور والحياة والقدرة والعلم لا سبيل للفناء والبطلان إليها.
ولذلك كان من الواجب الديني على الإنسان أن يؤمن بالبرهم وهو الله أصل كل شيء ويتقرب إليه بالقرابين والعبادات ، ويتحلى بالأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة فإن عزفت نفسه الدنيا وتخلق بكرائم الأخلاق وتحلى بصوالح الأعمال وعرف البرهم بمعرفة نفسه صار برهمنا واتحد بالبرهم وصار هو هو ، وهو السعادة الكبرى والحياة البحتة ، وإلا فليؤمن بالبرهم وليعمل صالحا حتى يسعد في حياته التالية وهي آخرته.
لكن البرهم لما كان ذاتا مطلقة محيطا بكل شيء غير محاط لشيء كان أعلى وأجل من أن يعرفه الإنسان إلا بنوع من نفي النقائص أو يناله بعبادة أو قربان فمن الواجب علينا أن نتقرب بالعبادة إلى أوليائه وأقوياء خلقه حتى يكونوا شفعاء لنا عنده ، وهؤلاء هم الآلهة الذين يعبدون من دون الله بعبادة أصنامهم ، وهم على كثرتهم إما من الملائكة أو من الجن أو من أرواح المكملين من البراهمة ، وإنما يعبد الجن خوفا من شرهم ، وغيرهم طمعا في رحمتهم وخوفا من سخطهم ومنهم الأزواج والبنون والبنات لله تعالى.
فهذه جمل ما تتضمنه البرهمية ويعلمه علماء المذهب من البراهمة.
لكن الذي يتحصل من أوبانيشاد" (1) وهو القسم الرابع من كتاب "ويدا" المقدس ربما لم يوافق ما تقدم من كليات عقائدهم وإن أوله علماء المذهب من البراهمة.
فإن الباحث الناقد يجد أن رسائل "أوبانيشاد" المعلمة للمعارف الإلهية وإن كانت تصف العالم الألوهي والشئون المتعلقة به من الأسماء والصفات والأفعال من إبداء وإعادة وخلق ورزق وإحياء وأماته وغير ذلك بما يوصف به الأمور الجسمانية المادية كالانقسام والتبعض والسكون والحركة والانتقال والحلول والاتحاد والعظم والصغر وسائر الأحوال الجسمانية المادية إلا أنها تصرح في مواضع منها أن برهم (2) ذات مطلقة متعالية من أن يحيط به حد له الأسماء الحسنى والصفات العليا من حياة وعلم وقدرة ، منزه عن نعوت النقص وأعراض المادة والجسم ليس كمثله شيء.
وتصرح (3) بأنه تعالى إحدى الذات لم يولد من شيء ولم يلد شيئا وليس له كفو ومثل البتة.
وتصرح (4) بأن الحق أن لا يعبد غيره تعالى ولا يتقرب إلى غيره بقربان بل الحري بالعبادة هو وحده لا شريك له.
وتصرح (5) كثيرا بالقيامة وأنه الأجل الذي ينتهي إليه الخلقة ، وتصف ثواب الأعمال وعقابها بعد الموت بما لا يأبى الانطباق على البرزخ من دون أن يتعين حمله على التناسخ.
ولا خبر في هذه الأبحاث الإلهية الموردة فيها عن الأوثان والأصنام وتوجيه العبادات وتقديم القرابين إليها.
وهذه التي نقلناها من "أوبانيشاد" - وما تركناه أكثر - حقائق سامية ومعارف حقة تطمئن إليها الفطرة الإنسانية السليمة ، وهي - كما ترى - تنفي جميع أصول الوثنية الموردة في أول البحث.
والذي يهدي إليه عميق النظر أنها كانت حقائق عالية كشفها آحاد من أهل ولاية الله ثم أخبروا بما وجدوا بعض تلامذتهم الآخذين منهم غير أنهم تكلموا غالبا بالرمز واستعملوا في تعاليمهم الأمثال.
ثم جعل ما أخذ من هؤلاء أساسا تبتني عليه سنة الحياة التي هي الدين المجتمع عليه عامة الناس ، وهي معارف دقيقة لا يحتملها إلا الآحاد من أهل المعرفة لارتفاع سطحها عن الحس والخيال اللذين هما حظ العامة من الإدراك وكمال صعوبة إدراكها على العقول الراجلة غير المتدربة في المعارف الحقة.
واختصاص نيلها بالأقلين من الناس وحرمان الأكثرين من ذلك وهي دين إنساني أول المحذور فإن الفطرة أنشأت العالم الإنساني مغروزة على الاجتماع المدني ، وانفصال بعضهم عن بعض في سنة الحياة وهي الدين إلغاء لسنة الفطرة وطريقة الخلقة.
على أن في ذلك تركا لطريق العقل وهو أحد الطرق الثلاث الوحي والكشف والعقل ، وأعمها وأهمها بالنظر إلى حياة الإنسان الدنيوية فالوحي لا يناله إلا أهل العصمة من الأنبياء المكرمين ، والكشف لا يكرم به إلا الآحاد من أهل الإخلاص واليقين ، والناس حتى أهل الوحي والكشف في حاجة مبرمة إلى تعاطي الحجة العقلية في جميع شئون الحياة الدنيوية ولا غنى لها عن ذلك ، وفي إهمال هذا الطريق تسليط التقليد الإجباري على جميع شئون المجتمع الحيوية من اعتقادات وأخلاق وأعمال ، وفي ذلك سقوط الإنسانية.
على أن في ذلك إنفاذا لسنة الاستعباد في المجتمع الإنساني ويشهد بذلك التجارب التاريخي المديد في الأمم البشرية التي عاشت في دين الوثنية أو جرت فيهم سنن الاستعباد باتخاذ أرباب من دون الله.
____________________
1- أوبانيشاد كالخاتمة لكتب (ويدا) المقدسة وهى رسائل متفرقة مأثورة من كبار رجال الدين من عرفائهم القدماء لأقدمين تحتوى جمل ما حصلوه من المعارف الإلهية بالكشف ويعتبرها البراهمة وحيا سماويا.
2- هذا كثير الورود يعثر عليه الراجع في أغلب فصول أوبانيشاد.
3- (لم يولد منه شيء ولم يتولد من شيء وليس له كفوا أحد) اوبانيشاد (شيت استر) ادهيا السادس آية 8 (السر الأكبر).
4- قال شبت استر : (اعمل الصالحات لتلك الذات النورانية إلى أي ملك أقدم القربان وأترك تلك الذات الظاهرة؟)
وبانيشاد شيت استر. ادهيا الرابع آية 13.
5- وهذا كثير الورود في فصول اوبانيشاد يعثر عليه المراجع.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|