أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-06
2088
التاريخ: 2023-08-11
1584
التاريخ: 3-08-2015
3250
التاريخ: 3-08-2015
4787
|
ورد اسم السفياني كواحد من الشخصيات المهمّة التي تلعب دورا مؤثرا وفاعلا في حركة الظهور ، وذلك في عداد العلامات الحتمية والحركات المناهضة لثورة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف . وهو من أعمدة الشر والفساد في الأرض ولم ينفرد الشيعة بذكر السفياني ، بل ذكره علماء السنّة في كتبهم أيضا ، والأحاديث متواترة ومتّفق عليها في كتب الفريقين ، وقد جاء ذكره في المصادر المهمة لأهل السنّة المتضمّنة لأخبار السفياني ومنها : العرف الوردي للسيوطي في الجزء الثاني ص 75 ، ومجمع الزوائد للهيثمي ج 7 ص 314 ، وصحيح مسلم ج 2 ص 493 ، وعقد الدرر للشافعي في كثير من فصوله وأبوابه ، وكنز العمّال للمتّقي الهندي ج 6 ص 68 .
أما المصادر الشيعية فلا يكاد يخلو واحد منها من ذكر السفياني ، فضلا عن ما ورد في تفاصيل حركته وخروجه والأحداث التي ترافق تحركاته .
الروايات حول السفياني :
منها ما ورد عن الإمام زين العابدين عليه السّلام :
« إن أمر القائم حتم من اللّه ، وأمر السفياني حتم من اللّه ، ولا يكون قائم إلّا بسفياني »[1].
ونقل النعماني في « الغيبة » عن الإمام الصادق عليه السّلام أنه قال :
« للقائم خمس علامات : السفياني . . . . »[2] الحديث .
ونقل عنه عليه السّلام ، قال الراوي : قلت ما من علامة بين هذا الأمر . فقال :
بلى وما هي ؟ قال :
« هلاك العباسي وخروج السفياني . . . »[3] الحديث .
وفيما نقله السفير الرابع علي بن محمد السمري عن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف في البيان الذي ختمت به الغيبة الصغرى يقول عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف :
« فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة ، فهو كذاب مفتر »[4].
وعن الإمام الصادق عليه السّلام قال :
« من الأمر محتوم ، ومنه ليس بمحتوم ، ومن المحتوم ، خروج السفياني في رجب »[5].
وغيرها من الأخبار الكثيرة التي سنعرض لها في طي كلامنا عن السفياني وعلاماته وصفاته .
اسمه ونسبه :
سمّي بالسفياني لأنه من نسل أبي سفيان وذريّته . وهذا من الأمور المتّفق عليها ، كما أنه يسمى ابن آكلة الأكباد نسبة إلى جدّته هند زوجة أبي سفيان التي سميت بذلك لأنها حاولت أن تأكل كبد الحمزة سيّد الشهداء بعد شهادته في أحد .
عن الإمام علي عليه السّلام قال :
« يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، وهو رجل ربعة ( أي مربوع ) وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري . إذا رأيته حسبته أعور ، اسمه عثمان بن عنبسة وأبوه عيينة ( عنبسة ) وهو من ولد أبي سفيان ، حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها »[6].
وفي الأحاديث أنه من أولاد معاوية بن أبي سفيان ، وأشارت بعض الأحاديث إلى أنه من أولاد عنبسة بن أبي سفيان وبعضها إلى عتبة بن أبي سفيان .
والمعلوم أن أولاد أبي سفيان خمسة ، عتبة ومعاوية ويزيد وعنبسة وحنظلة .
ولعل هذا ما أوقع الخلط في النقل ، مما استدعى البعض أن يعتبر أن ( عيينة ) في الحديث تصحيفا ل ( عنبسة ) .
وفي بعض الروايات أنه من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان . كما ورد عن الإمام الباقر عليه السّلام أنه قال :
« من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان » .
أما اسمه فالمشهور عند الشيعة أنه ( عثمان ) ، أما عند علماء السنّة فاسمه ( عبد اللّه ) . وقد ورد في بعض المصادر الشيعية - وهي قليلة - أن اسمه عبد اللّه .
صفاته :
الروايات التي تحدثت عن صفات السفياني وسلوكه وأخلاقياته تشير إلى أنه يحمل كل نزعات الشر والإثم والظلم والاعتداء على الناس ، فهو إنسان ممسوخ ، من أقذر من عرفتهم الإنسانية ، فإذا ظهر يقتل الصبيان ويبقر بطون النساء ، ويقتل الأبرياء إلى غير ذلك من ظلمه وموبقاته .
عن الإمام الباقر عليه السّلام أنه قال :
« السفياني أحمر أشقر أزرق لم يعبد اللّه قط ولم ير مكة ولا المدينة قط يقول : يا رب ثاري والنار ، يا رب ثاري والنار »[7].
والأحاديث التي تتحدّث عن السفياني وأعماله ، وجرائمه . تقشعر منها الجلود ، وتفزع منها القلوب ، فهو من أقسى البشر قلبا ولا يعرف معنى العاطفة والرحمة ، وأكثرهم جناية وجريمة وجرأة على اللّه تعالى .
وهو أموي النسب ، سفّاك للدماء ، يقتل البشر كما تقتل الحشرات ، بلا هوادة ، ويهتك ستور النساء المسلمات بكل صلافة واستهتار ، ولا يدع حراما إلا أباحه ، ولا جريمة إلّا ارتكبها .
وهو وأصحابه قد امتلأت قلوبهم حقدا وغيظا وبغضا وعداوة لآل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لأن السفياني وارث أسلافه الأمويّين ، الذين تلطّخت أيديهم بدماء آل رسول اللّه وشيعتهم ، فهو يحاول أن يكمل تلك الجرائم المتسلسلة ، والجنايات التي اهتزّ منها عرش الرحمن ، ويضجّ أهل السماوات من فظائعه وفجائعه[8].
وتحدّثت الروايات عن نفاقه وسرد سيرته ، ومعاداته للّه تعالى ولرسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وللمهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف . والأحاديث التي رواها الفريقان عن شخصيته وأعماله واحدة ومتقاربة ومنها :
« السفياني شر ملك ، يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم ، ويستعين بهم ، فمن أبى عليه قتله . . .
يقتل السفياني من عصاه ، وينشرهم بالمناشير ، ويطبخهم بالقدور ، ستة أشهر . . . يخرج السفياني فيقاتل ، حتى يبقر بطون النساء ، ويغلي الأطفال في المراجل ( القدور الكبيرة ) . . . »[9].
وعن الإمام علي عليه السّلام في وصفه للسفياني يقول :
« . . . ثم يسير في سبعين ألف نحو العراق والكوفة والبصرة .
ثم يدور الأمصار والأقطار ، ويقتل أهل العلم ، ويحرق المصاحف ، ويخرّب المساجد ، ويستبيح الحرام ، ويأمر بضرب الملاهي والمزامير في الأسواق ، والشرب على قوارع الطريق ، ويحلّل لهم الفواحش ، ويحرّم عليهم كل ما افترضه اللّه ( عزّ وجل ) من الفرائض ، ولا يرتدع عن الظلم والجور ، بل يزداد تمردا وطغيانا .
ثم يبعث فيجمع الأطفال ، ويغلي الزيت لهم ، فيقولون : إن كان آباؤنا عصوك فما ذنبنا ؟
فيأخذ منهم اثنين ، اسمهما : حسن وحسين ، فيصلبهما ، ثم يسير إلى الكوفة ، فيفعل بهم كما فعله بالأطفال ويصلب على باب مسجدها طفلين اسمهما حسن وحسين ، فتغلي دماؤهما ، كما غلى دم يحيى بن زكريا ، فإذا رأى - السفياني - ذلك أيقن بالهلاك والبلاء ، فيخرج هاربا منها متوجها إلى الشام ، فلا يرى في طريقه أحدا يخالفه .
فإذا دخل دمشق ، اعتكف على شرب الخمر والمعاصي ، ويأمر أصحابه بذلك . . . »[10].
ومن المواصفات المهمة للسفياني نفاقه وخبثه ومحاولاته العديدة في إعطاء حركته واظهارها بمظهر الدين ، ويعطيها الطابع الإسلامي ، كما جاء في بعض الروايات أن السفياني شديد الصفرة به أثر العبادة ، وهذا يعني أنه يظهر بمظهر المتديّن ، ولكن واقع حاله كما سيأتي - أنه يخرج متنصرا يحمل الصليب في عنقه عندما يأتي من بلاد الروم ، وفي نفس الوقت يتظاهر بين المسلمين بالصلاة والتدين ، لكي يخدع المسلمين بأنه منهم .
عقيدته :
يظهر من بعض الأخبار أنه مسيحي ، أو من صنائع المسيحيين ، كما في الرواية التي نقلها الشيخ الطوسي في الغيبة قال :
« يقبل السفياني من بلاد الروم متنصرا في عنقه صليب ، وهو صاحب القوم »[11].
ويظهر من بعض الأخبار أنه من المسلمين المنحرفين المبغضين لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام .
وحقد السفياني على أهل البيت وشيعتهم هو من أبرز صفاته التي تذكرها الروايات ، بل يظهر منها أن دوره السياسي هو إثارة الفتنة المذهبية بين المسلمين وتحريك السنّة على الشيعة تحت شعار نصرة التسنّن . . . في نفس الوقت الذي هو موال لأئمة الكفر الغربيين واليهود .
عن الإمام الصادق عليه السّلام أنه قال :
« إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين ، تعادينا في اللّه . . . قلنا صدق اللّه وقالوا كذب اللّه . . . قاتل أبو سفيان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقاتل معاوية بن أبي سفيان عليا بن أبي طالب عليه السّلام وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السّلام والسفياني يقاتل القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف »[12] « 1 » .
وعنه عليه السّلام قال :
« كأنّي بالسفياني - أو بصاحب السفياني - قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة فنادى مناديه : من جاء برأس ( من ) شيعة علي فله ألف درهم ! أما إن إمارتكم يومئذ إلّا لأولاد البغايا . . . » .
وفي حديث آخر :
« وتقبل خيل السفياني في طلب خراسان ، فيقتلون شيعة آل محمد بالكوفة ، ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي » .
وهذا الحقد القابع في قلب السفياني أمر طبيعي أن يبرز ويظهر في أفعاله وهو الذي يخرج لقتال الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ليوقف زحفه باتجاه بيت المقدس ، وهو الذي يحمل ثقافة العالم الغربي واليهود أعداء الدين والإنسانية .
ومما يدل على ولائه للغربيين أن جماعته بعد هزيمته وهزيمة اليهود وقتله ، يهربون إلى الروم ثم يسترجعهم أصحاب المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ويقتلونهم .
وهذا هو قضاء اللّه وحكمه في كل من يريد الوقوف في وجه الرسالة في زمن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف المؤيد بنصر اللّه وقوته وعزّته .
زمان خروجه وملكه :
روى الشيخ الطوسي عن الإمام الصادق عليه السّلام قال :
« خروج الثلاثة : الخراساني والسفياني واليماني ، في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد . . . »[13].
وروى الشيخ الصدوق عن زمان خروج السفياني حديثا عن الإمام الصادق عليه السّلام قال :
« إن أمر السفياني من المحتوم وخروجه في رجب . . . »[14] .
وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف بنحو تسعة أشهر ، لأنه عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم في تلك السنة .
ويعني أيضا أن سيطرة السفياني على بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته .
وعن مدّة خروجه روى المجلسي في البحار عن الإمام الصادق عليه السّلام قال :
« السفياني من المحتوم وخروجه من أول خروجه إلى آخره خمسة عشر شهرا ، ستة أشهر يقاتل فيها فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوما »[15].
والمراد من الكور كما في حديث هشام بن سالم حيث ذكر له الإمام عليه السّلام الكور الخمس بزعم هشام هي : دمشق وفلسطين والأردن وحمص وحلب[16].
وعن مكان خروجه روى الشيخ الصدوق عن أبي منصور البجلي ، قال :
سألت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام عن اسم السفياني فقال :
« وما تصنع باسمه ، إذا ملك كور الشام الخمس : دمشق وحمص وفلسطين والأردن وقنسرين ، فتوقعوا الفرج قلت : يملك تسعة أشهر ؟ قال : لا . ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما »[17].
فهذه الرواية وبضميمة الرواية المنقولة عن الإمام عليه السّلام والتي فيها أن السفياني يخرج من الوادي اليابس يتبيّن لنا أن مكان خروج السفياني هو الوادي اليابس الواقع في الكور الخمس .
وروى النعماني عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام في حديث طويل يقول :
« لا بدّ لبني فلان - يعني بني العباس - من أن يملكوا ، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرّق ملكهم وتشتّت أمرهم ، حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني ، هذا من المشرق وهذا من المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان هذا من هنا ، وهذا من هنا ، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما . أما أنهم لا يبقون منهم أحدا . . . خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة . في شهر واحد ، نظام كنظام الخرز ، يتبع بعضه بعضا . . . »[18].
وروى عنه أيضا أنه قال :
« لا بدّ أن يملك بنو العباس . فإذا ملكوا واختلفوا وتشتت أمرهم ، خرج عليهم الخراساني والسفياني ، هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان ، هذا من ههنا وهذا من ههنا ، حتى يكون هلاكهم على أيدينا ، أما إنهما لا يبقون منهم أحدا أبدا »[19] .
تفصيل حركة السفياني :
تقع أهم الأحداث التي تواكب حركة السفياني في بلاد الشام التي تكون المحور الأساس للمعارك التي يخوضها ضد خصومه ، حيث تدل بعض الأحاديث على أن الشيعة في منطقة الشام لا يكونون هم العدو الأساسي للسفياني عند خروجه ، بل جماعة الأبقع والأصهب الذين هم أعداء للشيعة وللسفياني معا .
فعن الإمام الباقر عليه السّلام قال :
« فتلك السنّة فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب ، فأول أرض تخرب الشام ، يختلفون على ثلاث رايات : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني »[20].
ولعل أهم الأخبار التي تتحدّث عن الصراع بين السفياني وخصومه من الذين لا يوالون الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، خبران :
الأول : ما نقله الشيخ الطوسي عن عمار بن ياسر أنه قال :
« إن دولة أهل بيت نبيّكم في آخر الزمان ، ولها إمارات . . . إلى أن قال : ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك : رجل أبقع ورجل أصهب ورجل من أهل بيت أبي سفيان ، يخرج من كلب ، ويحضر الناس بدمشق ويخرج أهل المغرب إلى مصر . فإذا دخلوا فتلك إمارة السفياني . ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد ، وتنزل الترك الحيرة ، وتنزل الروم فلسطين . ويسبق عبد اللّه عبد اللّه حتى يلتقي جنودهما بقرقيسيا على النهر ويكون قتال عظيم . ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء . ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني . فيسبق اليماني ، ويحوز السفياني ما جمعوا . ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ويقتل رجلا من مسميهم . ثم يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح .
وإذا رأى أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان ، فالحقوا بمكة . فعند ذلك تقتل النفس الزكية ، وأخوه بمكة ضيعة ، فينادي مناد من السماء : أيها الناس أميركم فلان . وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلماف وجورا »[21] « 1 » .
الثاني : ما أخرجه النعماني بسنده إلى جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السّلام في حديث طويل يقول فيه :
« يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات ، راية الأصهب وراية الأبقع وراية السفياني . فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون . فيقتله السفياني ومن يتبعه ، ويقتل الأصهب . ثم لا يكون له همّة إلّا الإقبال نحو العراق . . . »[22] « 2 » .
فعلى ما يظهر من هذه الروايات وجود صراع على السلطة بين هؤلاء الثلاثة : الأبقع - أي المبقّع الوجه - وهو صاحب السلطة في بلاد الشام ، أو صاحب ثورة ما ، والأصهب - أي الأصفر الوجه - الذي ينافس ويثور عليه في خارج الدولة ، فلا يستطيع أحدهما أن ينتصر على الآخر ، فيستغل السفياني هذه الفرصة ويقوم بثورته من الخارج وينتصر عليهما وكما يبدو من الروايات أن الأصهب والأبقع معاديان للإسلام ، ومواليان لأعدائه من القوى الكافرة .
وفي حديث لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يصف فيه هذه الفتنة التي تقع في الشام يقول فيه :
« تكون قبل المهدي فتنة تحصر الناس حصرا ، فلا تسبّوا أهل الشام ، بل ظلمتهم فإن الأبدال منهم ، وسيرسل اللّه سيبا من السماء فيفرّقهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم . ثم يبعث اللّه المهدي في اثني عشر ألفا أن قلّوا ، وخمسة عشر ألفا إن كثروا ، وعلامتهم أمت أمت ، على ثلاث رايات ، يقاتلهم أهل سبع رايات ، ليس من صاحب راية إلّا وهو يطمع بالملك ، ثم يظهر المهدي فيردّ إلى المسلمين إلفتهم ونعمتهم »[23].
فهناك إذن وفقا لهذه الرواية وغيرها في الكثير من الروايات فتنة تصيب أهل الشام ، تكون قبل خروج السفياني ، وتذكر الأحاديث بأنها طويلة ومدّتها اثنتا عشرة سنة ، أو ثماني عشرة سنة ، ثم يكون قتال شديد بين ثلاث رايات لأصحاب الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف شعارها « يا منصور أمت أمت » وسبع رايات هم أتباع لسبعة زعماء متفقين على قتال الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأصحابه ، ولكنهم غير متفقين فيما بينهم ، لأن كل واحد منهم يطمع بالملك والرئاسة . وهذا لا يمنع أن يكون رئيسهم جميعا السفياني .
ووفقا لما تقدّم في زمن خروج السفياني أنه يقوم بمعادلة تثبيت سلطانه في الفترة الأولى لخروجه ، ثم يبدأ بالغزو وخوض المعارك في العراق والحجاز ضد الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأنصاره ، ثم يتراجع عن العراق والحجاز ليبدأ مرحلة الدفاع أمام زحف جيش المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ممّا يبقى في يده من بلاد الشام ، وعن القدس .
وتكون أكبر معارك السفياني على الإطلاق هي معركة فتح فلسطين التي تكون مع الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، ويكون وراء السفياني فيها اليهود والروم ، وتنتهي بهزيمته وقتله ، وانتصار الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف أرواحنا فداه ، وفتحه فلسطين ودخوله القدس .
ونظرا لما لحركة السفياني من الأحداث التي تنجم عن خروجه ، ووقوفه في مواجهة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف . نرى أنه من المناسب الإسهاب في الحديث عن حركته وما يجري فيها من أحداث وتطورات . ونحن إذ نفصّل في هذا الأمر مقتبسين كل ما فيه مما ذكره سماحة الشيخ علي الكوراني في كتابه عصر الظهور ، حيث أجاد في الحديث عن هذه الحركة الخبيثة لواحد من أكبر أعداء الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف[24].
ومن الواضح وجود تسلسل في هذه الأحداث التي ترافق خروج السفياني بدءا من ظهوره إلى يوم قتله على يد جيش الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، وهذا التسلسل في الأحداث نستعرضه في الأمور التالية :
معركة قرقيسيا الكبرى :
تبدأ حركة السفياني كما في الروايات من خارج منطقة دمشق وذلك بعد سيطرته الكاملة على منطقة الشام . من مكان اسمه حوران أو درعا على الحدود السورية الأردنية ، وقد سمّت الروايات منطقة خروجه بالوادي اليابس والأسود .
عن الإمام علي عليه السّلام قال :
« يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، وهو رجل ربعة ، وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري ، إذا رأيته حسبته أعور .
اسمه عثمان وأبو عنبسة ( عيينة ) وهو من ولد أبي سفيان . . . حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها »[25].
ويسيطر السفياني على المنطقة سيطرة تامة ، ويتغلب على جميع خصومه ( جماعة الأبقع والأصهب . . . ) .
وكما في الحديث :
« فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم اللّه من الخروج معه »[26].
ثم يبدأ بعد ذلك مهمته الخارجية ، فيعدّ جيشه الكبير لمواجهة الإيرانيين الممهّدين على اعتبار أن ظهور أصحاب الرايات السود الإيرانيين يكون قبل ظهور السفياني بمدّة . وتكون قواتهم قبل حركته في بلاد الشام ، ويظهر قائدهم السيد الخراساني وقائد قواته شعيب بن صالح مقارنا لخروج السفياني ، وذكرت بعض الروايات أنهما يظهران قبله بأكثر من خمس سنوات .
أما السفياني فيكون همّه الأساسي ما جاء في هذا الحديث :
« فلا يكون له همّة إلا الإقبال نحو العراق ، ويمرّ جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها ، فيقتل من الجبارين مائة ألف . . . »[27].
وهذه المعركة تحصل أثناء توجّه السفياني إلى العراق مقصده الأساس للسيطرة عليه ومقاومة زحف الإيرانيين - أصحاب الرايات السود - ولكن تعترضه معركة قرقيسيا في الطريق إلى العراق بسبب حادث غريب وهو ظهور « كنز » في مجرى نهر الفرات أو عند مجراه ، حيث تحاول عدة أطراف السيطرة عليه ، وتنشب الحرب هناك فيقتل منهم أكثر من مائة ألف ، ثم لا ينتصر طرف منهم نصرا حاسما ، ولا يسيطر أحد منهم على الكنز .
وقرقيسيا هي مدينة صغيرة عند مصب نهر الخابور في نهر الفرات ، وهي اليوم أطلال قرب مدينة دير الزور السورية . فهي قريبة من الحدود السورية العراقية ، وقريبة نسبيا من الحدود السورية التركية .
ومن الأحاديث التي تشير إلى هذه المعركة ما ورد عن الإمام الصادق عليه السّلام قال :
« إن للّه مائدة ( وفي رواية مأدبة ) بقرقيسيا ، يطّلع مطّلع من السماء فينادي يا طير السماء ويا سباع الأرض هلمّوا إلى الشبع من لحوم الجبّارين »[28].
فكأن هذه المعركة هي حكمة تدبير إلهي لإشغال الظالمين ببعضهم البعض ، تمهيدا لإضعافهم في مواجهة جيش الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .
أما الكنز المختلف عليه ، فقد وورد ذكره في العديد من الروايات منها :
« ينحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضة ، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة ، فإن أدركتموه فلا تقربوه »[29].
« . . . الفتنة الرابعة ثمانية عشر عاما ، ثم تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب ، تنكب عليه الأمة فيقتل من كل تسعة سبعة »[30].
أما الطرف المقابل للسفياني في هذه المعركة فأكثر الأحاديث تذكر أنهم الترك . ولكن ما هو المقصود من الترك هنا ؟
الأقرب : أن يكونوا الجيش التركي ، ولكن توجد مؤشرات عديدة تؤيد احتمال أن يكون المقصود بالترك هنا الروس ، أو أنهم يساندون الأتراك في هذه المعركة .
وتبقى القوى المؤيدة للإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف - اليمانيون والإيرانيون - في هذا الوقت بمنأى عن هذا الصراع حيث لا يتدخلون في حرب قرقيسيا ، لأنها حرب بين أعدائهم .
السفياني والعراق :
ذكرنا فيما سبق أن الهدف الأول للسفياني هو احتلال العراق لمواجهة جيش الإمام عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وكل المؤيدين والداعمين له .
في حين يكون العراق منقسما على نفسه بين مؤيد للإمام ومؤيد للسفياني .
وتكون عملية دخول السفياني وجيشه إلى العراق مصحوبة بالقتل والتدمير ، مستهدفة للشيعة بشكل أساس ، حيث يقوم بقتلهم والاعتداء عليهم والفتك بهم .
وفي وصفه لما يجري في أثناء دخول السفياني إلى العراق يقول الإمام الصادق عليه السّلام :
« كأنّي بالسفياني ( أو بصاحب السفياني ) قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه : من جاء برأس ( من ) شيعة علي فله ألف درهم . فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم ، أما إن إمارتكم لا تكون يومئذ إلّا لأولاد البغايا . . . وكأني أنظر إلى صاحب البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه ، فيغمز بكم رجلا رجلا . . . أما إنّه لا يكون إلّا ابن بغيّ »[31] « 1 » .
ومع أن السفياني يقوم بهذه الأعمال الفظيعة والشنيعة بحق أتباع أهل البيت عليهم السّلام لكنه لا يستطيع إحكام سيطرته على العراق ، حيث لا تمضي أسابيع قليلة على قواته إلا وتصاب بالذعر من خبر وصول قوات الممهدين الخراسانيين واليمانيين الذين يبادرون مسرعين إلى العراق ، فتقرر قوات السفياني الانسحاب أمامهم ولا تخوض معهم إلّا معارك جانبية في عدة مواضع تنهزم فيها .
السفياني والحجاز :
يتحرك السفياني باتجاه الحجاز لنفس الهدف الذي من أجله سار إلى العراق ، فيوجّه قواته إلى المدينة المنوّرة ثم إلى مكة المكرّمة ، وفي الوقت ذاته ينتظر الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف تحقيق وعد اللّه عزّ وجل ومعجزته الموعودة على لسان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهي الخسف بجيش السفياني بالبيداء قرب مكة .
ويدخل جيش السفياني إلى المدينة المنورة بحثا عن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأنصاره ويرتكب فيها الجرائم ، وتذكر الروايات أن الإمام عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف يكون في هذا الوقت في المدينة ثم يخرج منها إلى مكة على سنّة موسى عليه السّلام خائفا يترقّب ، ثم يأذن اللّه تعالى له بالظهور .
وقد ورد ذلك عن الإمام الباقر عليه السّلام في حديث رواه جابر الجعفي وفيه يقول :
« . . . ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة ، فينفر ( أي : يخرج ) المهدي منها إلى مكّة ، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة فيبعث جيشا على أثره ، فلا يدركه حتى يدخل - الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف - مكة خائفا يترقّب ، على سنّة موسى بن عمران »[32] « 1 » .
وعن جرائمه ومجازره في المدينة روى حذيفة بن اليمان حديثا عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ذكر فيه فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب وقال :
« فبينما هم كذلك يخرج عليهم السفياني . . . فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق ، وآخر إلى المدينة . . .
ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها ، ثم يخرجون متوجّهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث اللّه جبرئيل فيقول يا جبرئيل إذهب فأبدهم . فيضربها برجله ضربة يخسف بهم عندها ، ولا يفلت منهم إلا رجلان من جهينة »[33] « 2 » .
وهذان الرجلان يذهب واحد منهم إلى الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ليبشّره بهلاك العدو ، ورجل يذهب إلى السفياني ليخبره بمصير جيشه .
وأهم حدث يجري في تلك المرحلة هو الخسف الذي يقع بجيش السفياني وقد ذكرت المصادر هذا الحدث وتحدّثت عن تفاصيله الكثيرة وفقا لما جاء في الكثير من الروايات منها :
ما ورد عن الإمام علي عليه السّلام قال :
« المهدي . . . يكون مبدؤه من قبل المشرق ، فإذا كان ذلك خرج السفياني . . . ويأتي المدينة بجيش جرّار ، حتى إذا انته إلى بيداء المدينة خسف اللّه به . وذلك قول اللّه عزّ وجل : ( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب ) »[34].
وروى أبو حمزة الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين والحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب عليه السّلام يقولان :
« هو جيش البيداء ، يؤخذون من تحت أقدامهم »[35].
نهاية السفياني :
بعد هزيمة السفياني على يد جيش الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف في الحجاز ، يقوم الإمام عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وبعد تحقق الخسف في البيداء ، بإحكام سيطرته على المنطقة ومنها يتوجه إلى العراق ، وهناك تتوجه إليه الناس بالبيعة ، وفي الرواية .
« تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة . فإذا ظهر المهدي بعثت إليه بالبيعة »[36].
وتتحدّث الروايات عن معركة أخرى تدور مرة ثانية مع جيش السفياني وفيها يعيّن الإمام عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف شعيب بن صالح قائد قوات الإيرانيين قائدا عاما لقواته عليه السّلام .
وبعدها يتوجه جيش الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ناحية إيران ، وتذكر الروايات معركة باب إصطخر ، وهي مدينة قديمة في جنوب إيران في منطقة الأهواز .
ومن الروايات التي ذكرت هذه المعركة وما قبلها :
عن الإمام علي عليه السّلام قال :
« إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان ، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي - لكي يبايعوه - فيلتقي - أي الإمام - هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح . فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر فيكون بينهم ملحمة عظيمة ، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني . . . فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه » . وبهذا يبدأ السفياني بالتراجع على أثر الهزيمة التي تتلوها هزيمة أخرى ، لينتهي عهده وعمره في المعركة الأخيرة والحاسمة وهي معركة تحرير القدس .
فبعد الانتصارات التي يحققها الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، واتّساع قواعده الشعبية ، والتفاف الناس من حوله ، وتفرّقهم عن السفياني ، يزحف الإمام عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف بجيشه إلى بلاد الشام حتى يعسكر في « مرج عذراء » في ضاحية من ضواحي دمشق ، ويقوم السفياني بإخلاء عاصمته دمشق ويتراجع إلى داخل فلسطين ، ويتخذ من « وادي الرملة »[37] عاصمة أو مقرّا لقيادته التي ورد أن قوات الروم تنزل فيها .
وفي هذا الوقت ينضم إلى الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف أبدال أهل الشام ومؤمنوها ، ويلتحق به أناس كثيرون منهم أفرادا في جيش السفياني ، والظاهرة المهمة التي ينبغي الوقوف عندها وهي التي تبيّن ضعف السفياني وتراجعه ، اللقاء الذي يحصل بينه وبين الإمام عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .
يقول الإمام الباقر عليه السّلام :
« . . . إن السفياني - إذا بلغه خبر توجّه الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف إليه من ناحية الكوفة - يتحرّك بجيشه حتى يلتقي بجيش الإمام ، فيخرج ويقول : أخرجوا إليّ ابن عمّي[38] ؟
فيخرج الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ويلتقي بالسفياني ويجري بينهما حوار ينتهي إلى مبايعة السفياني للإمام عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .
ثم ينصرف السفياني إلى أصحابه[39] فيقولون له : ما صنعت ؟
فيقول : أسلمت وبايعت !
فيقولون : قبّح اللّه رأيك ، بينما أنت خليفة متبوع صرت تابعا ؟
فيستقيل السفياني وينكث البيعة ويستعدّ لمحاربة الإمام .
وفي الصباح تقع الحرب بين الجيشين ويقتتلون يومهم ذلك ثم إن اللّه تعالى ينصر الإمام المهدي وأصحابه عليهم ، فيقتلوهم حتى يفنوهم »[40].
وفي رواية أخرى :
« إن السفياني يعتبر ممّا جرى على جيشه المرسل إلى مكّة ، وكيف ابتلعتهم الأرض ، فيحاول أن ينقاد للإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف فيبايع ثم ينكث البيعة وينقض العهد ، ويتمرّد على الإمام ويقاتله . وتدور معركة طاحنة تمتد محاورها من عكا إلى صور إلى أنطاكية في الساحل ، ومن دمشق إلى طبرية إلى القدس في الداخل . . . ويشتدّ غضب اللّه عزّ وجل على السفياني وحلفائه ، وتظهر للإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف الكثير من المعجزات والكرامات الباهرة ، وتنقلب الأمور على السفياني . وعلى كل من يقف خلفه من اليهود والروم وتنزل بهم الهزيمة . ويتحقق وعد اللّه عزّ وجل بتحرير القدس على يد الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف من شرّ اليهود . وتكون نهاية السفياني أن يقبض عليه أحد جنود الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف فيقتلونه عند بحيرة طبرية أو عند مدخل القدس كما تذكر الروايات ، والتي يشير بعضها إلى أن السفياني يؤخذ أسيرا فيأمر الإمام عليه السّلام به فيذبح على بلاط باب إيليا »[41].
وقد ورد في مقتل السفياني ونهايته عدة أخبار نذكر منها :
ما رواه المجلسي عن الإمام الباقر عليه السّلام أنه قال :
« يكون لصاحب هذا الأمر غيبة . . . إلى أن يقول : لأصحابه سيروا إلى هذه الطاغية ، فيدعو إلى كتاب اللّه وسنّة نبية صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيعطيه السفياني في البيعة سلما ، فيقول له كلب - وهم أخواله - ما هذا ؟ ما صنعت ؟ واللّه ما نبايعك على هذا أبدا . . . فيقول : ما أصنع ، فيقولون : استقله ! . . . فيستقيله .
ثم يقول له القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف : خذ حذرك ، فإنّني أدّيت إليك ، وأنا مقاتلك ، فيصبح ، فيقاتلهم . فيمنحه اللّه أكتافهم . ويأخذ السفياني أسيرا ، فينطلق به يذبحه بيده . . . »[42].
ومنها ما رواه صاحب إسعاف الراغبين قال :
« وإن السفياني يبعث إليه من الشام جيشا ، فيخسف بهم البيداء فلا ينجو منهم إلا المخبر .
فيسير إليه السفياني بمن معه ، ويسير إلى السفياني بمن معه ، فتكون النصرة للمهدي ، ويذبح السفياني »[43].
وبهذا ينتهي عهد طاغية جبار ظل يحارب الدعوة للإسلام مدة تزيد على الخمسة عشر شهرا ، قام خلالها بارتكاب أبشع الجرائم ، وسفك الدماء ، وانتهاك الحرمات .
وهذه هي نهاية كل ظالم وطاغية في آخر الزمان[44]
[1] البحار ، ج 53 ، ص 182 .
[2] الغيبة للنعماني ، ص 133 .
[3] المصدر نفسه ، ص 139 .
[4] الاحتجاج ، الطبرسي ، ج 2 ، ص 7 .
[5] الغيبة ، للنعماني ، ص 300 ، بحار الأنوار ، ج 52 ، ص 248 .
[6] البحار ، ج 52 ، ص 205 .
[7] البحار ، ج 52 ، ص 254 سر الغيبة ، النعماني ، ص 164 .
[8] الإمام المهدي من المهد إلى الظهور ، القزويني ، ص 342 .
[9] عصر الظهور ، الشيخ علي كوراني ، ص 106 ، نقلا عن الفتن لابن حماد ، ص 76 - 84 .
[10] عقد الدرر ، الشافعي ، ص 93 - 94 .
[11] الغيبة ، الطوسي ، ص 278 .
[12] البحار ، المجلسي ، ج 52 ، ص 190 .
[13] الغيبة ، الطوسي ، ص 271 .
[14] إكمال الدين ، الصدوق ، ج 2 ، ص 650 .
[15] البحار ، المجلسي ، ج 52 ، ص 248 .
[16] المصدر نفسه ، ج 52 ، ص 252 .
[17] إكمال الدين ، الصدوق ، ج 2 ، ص 651 .
[18] الغيبة ، النعماني ، ص 135 - 137 .
[19] المصدر نفسه .
[20] البحار ، ج 2 ، ص 212 .
[21] الغيبة ، النعماني ، ص 278 .
[22] المصدر نفسه ، 149 .
[23] بشارة الإسلام ، ص 183 .
[24] راجع عصر الظهور ، الشيخ علي الكوراني ، فصل بلاد الشام وحركة السفياني ، ص 91 .
[25] البحار ، ج 52 ، ص 205 .
[26] المصدر نفسه ، ص 252 .
[27] المصدر السابق ، ص 237 .
[28] المصدر نفسه ، ص 246 .
[29] الفتن ، ابن حماد ، ص 91 - 92 .
[30] المصدر نفسه .
[31] البحار ، ج 52 ، ص 215 .
[32] بحار الأنوار ، ج 52 ، ص 237 .
[33] المصدر نفسه ، ص 186 .
[34] الغيبة ، النعماني ، ص 163 .
[35] البحار ، ج 52 ، ص 186 .
[36] المصدر نفسه ، ص 217 .
[37] الرملة : بلدة في فلسطين شمال شرقي القدس .
[38] وذلك باعتبار أن بني أمية كانوا يعتبرون أنفسهم أولاد عم لبني هاشم ، وقد ذكرنا أن السفياني نسبه ينتهي إلى بني أمية .
[39] وفي رواية : أنه ينصرف على أخواله من قبيلة كلب .
[40] عقد الدرر ، السلمي الشافعي ، ص 85 .
[41] صخرة عند مدخل مدينة القدس .
[42] البحار ، ج 13 ، ص 189 .
[43] راجع المصدر ، ص 139 .
[44] ولمزيد من التفصيل حول السفياني وما ورد في حركته راجع الموسوعات الحديثية كالبحار ج 52 ، وإكمال الدين ، وعصر الظهور للشيخ علي كوراني ، بلاد الشام وحركة السفياني ، وتاريخ الغيبة الكبرى وتاريخ ما بعد الظهور للسيد محمد الصدر .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|