أقرأ أيضاً
التاريخ: 25/11/2022
2220
التاريخ: 2023/02/08
1874
التاريخ: 17-04-2015
3628
التاريخ: 3/12/2022
1385
|
بعد الوقوف على مظاهر الفساد والانحراف التي عمّت ميادين الحياة في عصر الإمام الصادق ( عليه السّلام ) نستطيع ان ندرك عمق المأساة التي كان الإمام ( عليه السّلام ) قد واكبها منذ نشأته حتى هذا التأريخ .
وفي هذا الظرف الذي خفّت فيه المراقبة بسبب ضعف الدولة الأموية ووجد الإمام ( عليه السّلام ) أنّ جانبا كبيرا من الاسلام قد أقصي عن واقع الحياة وأنّ قيم الجاهلية قد عادت تظهر للوجود ، وأن الصيغ الغريبة عن الدين أخذت تدخل في فهم القرآن والسنة الشريفة وتسبّبت في تغيير مضمون الرسالة وجوهرها ، لاحظ أن الأمر أخذ يزداد تفاقما في أواخر العهد الأموي الذي نمت فيه مدارس فكرية وتيارات سياسية بعيدة عن الاسلام ، وكان يرى ( عليه السّلام ) أن الأكثرية الساحقة من الأمة قد ركنت إلى الطمع بسبب ما شاهدته من صور الظلم والتعسّف الذي قد ارتكب بحق كل من كان يعترض على سياسة الحكّام المنحرفين عن الدين . كل هذه الأمور قد لاحظها الإمام ( عليه السّلام ) بدقّة وبدأ يعالجها بكل أناة . لنقرأ معا حوار سدير الصيرفي مع الإمام ( عليه السّلام ) :
قال سدير الصيرفي : دخلت على أبي عبد اللّه ( عليه السّلام ) فقلت له : واللّه ما يسعك القعود . فقال ( عليه السّلام ) : ولم يا سدير ؟ قلت : لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك ، واللّه لو كان لأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) مالك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عديّ .
فقال : يا سدير ! وكم عسى أن يكونوا ؟ قلت : مائة ألف . قال : مائة الف ! قلت : نعم ، ومائتي ألف ؟ فقال : ومائتي ألف ؟ قلت : نعم ، ونصف الدنيا . قال :
فسكت عني ثم قال : يخفّ عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع[1] ؟ قلت : نعم . فأمر بحمار وبغل أن يسرجا ، فبادرت ، فركبت الحمار فقال : يا سدير ! أترى ، إنزل بنا نصلّي ، ثم قال : هذه أرض سبخة لا تجوز الصلاة فيها فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء ، ونظر إلى غلام يرعى جداء[2].
فقال : واللّه يا سدير ! لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود .
ونزلنا وصلّينا فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء ، فعددتها فإذا هي سبعة عشر ![3].
فالإمام ( عليه السّلام ) إزاء هذا الواقع المملوء بالفساد والضياع قد وجد أن الأمر أحوج ما يكون إلى إيجاد تيّار اسلامي أصيل يحمل قيم الرسالة التي جاء بها الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ولا بدّ أيضا أن يتم عزل الأمة عن الحكومات الظالمة لئلّا تكون مرتعا لمظالمها ، فعن طريق غرس القيم الاسلامية وايجاد تيار فاعل يساهم في اجتثاث المظالم أو تقليلها يمكن التحرّك لاصلاح الواقع الفاسد حيث إنه قد يرغم الولاة على العدل استجابة لإرادة قطاع كبير من الأمة حينما يرفض هذا القطاع الكبير الاستبداد ويدعو إلى العدل بوعي اسلامي عميق .
لقد تخلّى الإمام الصادق ( عليه السّلام ) عن ممارسة العمل المسلح ضد الحكّام المنحرفين بشكل مباشر وكان موقفه هذا تعبيرا واقعيا عن اختلاف صيغ العمل السياسي التي تحددها الظروف الموضوعية وإدراكا عميقا لطبيعة العمل التغييري .
فالإمام ( عليه السّلام ) حاول أن ينشر قيمه ومفاهيمه ودعوته بعيدا عن التصريحات السياسية الثوريّة واتّجه نحو بناء تيار شعبي عامّ في الأمة كما ركّز على بناء الجماعة الصالحة الممثّلة لخطّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) والإشراف عليها وتنظيم أساليب عملها في مواجهة الانحراف المستشري بحيث يجعلها كتلة مترابطة في العمل والتغيير وإعداد أرضية صالحة تؤدّي إلى قلب الواقع الفاسد على المدى القريب أو البعيد .
وقد استهدف الإمام ( عليه السّلام ) في نشاطه الرسالي لونين من الانحراف :
اللون الأول : الانحراف السياسي المتمثّل في زعامة الدولة ، واللون الثاني : الانحراف العقائدي والفكري والأخلاقي ثم الانحراف السياسي عند الامّة .
كما اتّجه الإمام ( عليه السّلام ) في حركته التغييرية الشاملة إلى حقلين مهمّين :
أحدهما : الانفتاح العام والشامل على طوائف الأمة واتجاهاتها السياسية والفكرية .
ثانيهما : مواصلة بناء جامعة أهل البيت ( عليهم السّلام ) العلمية .
وأما حقل النشاط الخاصّ بمحاوره المتعددة فيتلخّص في إكمال بناء الجماعة الصالحة .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|