أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-22
968
التاريخ: 29-5-2022
3122
التاريخ: 5-5-2022
1690
التاريخ: 29-6-2016
4826
|
تسري السعادة في خط دائري، وليس في خط مستقيم. وهذا يعني أنك لا تستطيع أن (تحصل) على السعادة إلا إذا (أعطيتها) لغيرك.
فالسعادة كالحب، لا تأخذه، إلا إذا أعطيته. فأنت لا يمكنك أن تحب من يبغضك. كما لا يمكنك أن تبغض من يحبك، فلا يمكنك أن تصبح سعيداً إن لم تسعد الآخرين.
من هنا قيل: إن الشخص الذي يمنح السعادة بسخاء يبقى لديه مخزون كبير منه، فهي مصدر من مصادر القوة التي تتضاعف عندما تمنحها.
يقول الإمام علي عليه السلام: «إن أحسن الناس عيشاً، من حسن عيش الناس في عيشه»(1).
فبوسعك مضاعفة السعادة بمشاطرتها الآخرين من دون أن ينقص منها شيء.
وهكذا فإن السعادة ترفض الاحتكار.. وهي تزدهر بالعطاء.
يقول أحد الكتاب: « سقيتُ زهرة في حديقتي كان قد برح بها العطش، فلم تقل لي شكراً ، ولكنها انتعشت، فانتعشت معها روحي».
فلا سعادة إلا إذا اشترك فيها أكثر من شخص، كما لا ألم إلا إذا تحمله شخص واحد.. فالسعادة كالقبلة، لا نظفر بها إلا بالمشاركة.
وفي الحقيقة فإن سعادتك هو انعكاس لسعادة الآخرين، ولذلك تشعر بالتعاسة إذا كنت وحيداً، وتهنأ بسعادة وحبور إذا رافقت غيرك فيما يسعد به الناس.
ولكي يثبت لك ذلك جرب أن تطعم طيراً، أو تسقي وردة، أو تصلح ساقية، وسوف تكتشف مدى السعادة التي سوف شعر بها.
وإذا كان الأمر مثيراً فيما يرتبط بالحيوان والنبات والجماد، فكيف سيكون بالنسبة إلى الإنسان؟!.
إن شرارة دافئة سوف تسري في أوصالك كلما قمت بعمل طيب تجاه الآخرين، سواء تلقيت الشكر عليه، أم لا.
وأعتقد أن ثمة سعادة أكبر يشعر بها أولئك الذين يقومون بعمل طيب ويبقونه سراً.
ولقد قرأت عن رجل كان يتردد على إحدى دور الأيتام بعد ظهر كل يوم أربعاء، ليقضي ساعة من الزمن يرفه خلالها عن الصغار البائسين. وذلك عن طريق ذكر القصص والمغامرات لهم، وملاعبتهم بشتى الألعاب المسلية، وبالقيام ببعض الخدع لهم، الأمر الذي كان يخفف به عن كواهل أولئك المكلفين رعايتهم.
ولما سئلت مديرة الميتم عن هذا الرجل أجابت أنها لا تعلم عنه شيئاً، ولا من هو، ولكن مجرد وصوله إلى الميتم يبعث السرور في نفوس الصغار الذين يسرعون إلى استقباله بالهتاف والتصفيق، وكان يجيب الفضوليين الذين يحاولون كشف هويته بقوله: «لا أهمية لذلك!».
ومن الطينة الطيبة نفسها يمكن اعتبار ذلك الغريب الذي ظهر ذات يوم في أحد المستشفيات قائلاً: «أنا أعرف أن هناك كثيراً من الأعمال العادية والشاقة التي تحتاجون إلى من يساعدكم في القيام بها، فدعوني أساعدكم في بعضها»، وطوال أربعة أشهر راح هذا الرجل يقوم بمختلف الأعمال الشاقة والبسيطة، داخل المستشفى وخارجه على السواء، بلذة لا تعادلها لذة، ولما سئل عن اسمه ابتسم، وهز رأسه، وقال :«إذا عرفتم من أنا فستشعرون أنكم مدينون لي، وهذا يفسد كل شيء عندي».
ولم يعرف المسؤولون عنه شيئاً إلا بعد أن غادر المستشفى في نهاية الشهور الأربعة.. فقد كان مديراً لإحدى المؤسسات التجارية الكبرى، أحيل إلى التقاعد مؤخراً، وتوفيت زوجته، فشاء أن يملأ فراغ شهور البطالة الإجبارية بعمل مفيد، مفرح، معيداً بذلك الغبطة إلى نفسه، وناشراً هذه الغبطة فيما حوله. وأعتقد أن هذا هو عمل الخير الصامت، وهو أمر عفوي وطبيعي لدى المؤمنين لأنهم يعملون في سبيل الله تعالى الذي يقول: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197].
وقد بشر بالعمل الصالح الذي لا يتم الإعلان عنه كل الأنبياء والأولياء، وطالبوا به إلى جنب العمل الصالح المعلن على أساس: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:271].
ومن هنا فإن من أراد أن يسعد فعليه أن يسعد الآخرين، مع قطع النظر عن معرفة أولئك عنه، أو جهلهم به، ولا يجوز أن نجعل شكر الأطراف الأخرى، وعرفانهم شرطاً مسبقاً لإسداء المعروف إليهم.
فالعمل يفقد الكثير من قيمته إذا كان الدافع إليه الرغبة في الحصول على التقدير.
من هنا فإن إسعاد الآخرين بصمت هو أكثر مردوداً في إسعاد النفس من النوع المعلن عنه.
فليس مهماً أن يعرف الآخرون أنك سبب إسعادهم، بل المهم أن تعرف أنت ذلك.
وهذا أكبر سبب لسعادتك لأنه هو الجزء الأفضل من حياة الإنسان.
يقول الإمام علي عليه السلام: «من السعادة التوفيق لصالح الأعمال»(2).
ويقول عليه السلام أيضاً: «الكتمان طرف من السعادة»(3).
فالسعادة مخزون من الفيض الإلهي، وحصتك منه هو بمقدار ما تحمله لغيرك. فإذا لم تقم بنقله لغيرك فلن تحصل منه على شيء.
يقول أيمرسون:
«إن السعادة عطر لا تستطيع أن تعطر به غيرك، دون أن تنهال منه قطرات عليك».
إن صالح الأعمال - ومنه بالطبع العطاء للآخرين - من أفضل وسائل إسعاد النفس.
صحيح أن السعادة ليس لها مصدر واحد؛ إلا أن العمل الصالح هو من أكثرها إثارة وجمالاً.
يقول أحد الشباب وقد غامر بحياته في سبيل إنقاذ عائلة من الغرق: «كنت أتمشى على ساحل البحر في إسطنبول بتركيا، حينما شاهدت صبياً يعدو على الرصيف البحري وهو يصرخ: هنالك شخص يغرق أخبروا الشرطة..
فالتفت إلى زميلي وقلت له أبحث عن أقرب تلفون وأخبر الشرطة، وهرعت نحو طرف الرصيف الذي يمتد في عمق بحر مرمرة. وبعد سباحة في العمق شاهدت مركباً شراعياً من دون ربان يتجه نحو الشاطئ، وعلى بعد مائة متر إلى غرب الرصيف كانت امرأة تتخبط في الماء مع ولدين صغيرين، وعلى بعد مئات الأمتار داخل البحر، ظهر لي خيال رجل كبقعة صغيرة في الأفق..
لقد كانت عائلة تسمى «المحمية» قد استأجروا المركب وفيما الأم وابنتها وابنها كانوا يتلاعبون بالماء، قذفت موجة مفاجئة المركب إلى البحر، وسبح الأب في اتجاه المركب، لكن الريح نفخت في الأشرعة وشد الجزر البحري المركب إلى العمق.. وحين أدرك الأب بعد المسافة التي قطعها في ملاحقة المركب أعياه الإرهاق فبات عاجزاً عن العودة، وصار يسبح ثم يطفو في محاولة لاستجماع قواه.
ويضيف صاحبي: لما وصلت إلى الأم والطفلين، كانت الأم بخير لكنها نادت: أنقذ زوجي.
وفي الحقيقة إنني جيد في السباحة، ولكنه ليس لي خبرة في أساليب الإنقاذ، لكنني اعتمدت على الله تعالى وانطلقت بقوة نحو الأب الذي يبدو أن السباحة قد أعيته.
لقد استغرقت السباحة إلى الرجل نحو نصف ساعة، ولما وصلت إليه رأيته متعباً جداً، وبقوى منهكة لففت يدي تحت إبطه وحول عنقه وباشرت رحلة العودة، وبعد فترة قصيرة غمرتنا المياه، لكن الله تعالى أنقذنا، وقد استمدت منه العون، فأعطاني القوة للمثابرة.
وحينما اقتربت من الرصيف اضطررت عدة مرات إلى الوقوف هنيهة على الأرض، فيما وضعت الغريق على كتفي لإبقاء وجهه خارج الماء حتى يتنفس.
ولما اقتربت من الشاطئ شاهدت مجموعة من الناس قد تجمعوا وهم يتفرجون علينا، وعلى العائلة الغريقة، وهنا شاهدت مركب الشرطة وفيه بقية أفراد العائلة يبحرون نحونا.
ولما وصلوا إلي كنت قد وصلت إلى الشاطئ تماماً، وهنا شعرت بسعادة لم أشعر بمثلها في حياتي كلها.
وفيما كان الناس يصرخون مبتهجين ويشجعونني على عملي هذا كنت أبكي من الفرح، فلقد أنقذت حياة إنسان كان يعيل عائلته.
وأضاف صديقي: لا أعتقد أن هنالك شيء في هذه الحياة يمكن أن يساوي مثل هذه الأعمال في أن يغمرك بالسعادة، ليس فقط في تلك اللحظات بل في عمرك كله».
وصدق الأحنف بن قيس الذي قال: «إن الله تعالى جعل أسعد عباده عنه، وأرشدهم لديه، وأحظاهم يوم القيامة: أبذلهم للمعروف يداً، وأكثرهم على الأخوان فضلاً، وأحسنهم له على ذلك شكراً».
فمن سنن الوجود - كما يقول أحد الحكماء - أن السعادة والحرية، ودعة النفس - وهي من أعز النعم الإلهية - لا نظفر بها إلا إذا منحناها للآخرين.
أما ما هو الطريق إلى أن نمنح الآخرين السعادة، فبما يلي:
أولا: قرر العطاء للناس وخدمتهم
وعندما تقرر أن تساعد الآخرين، فإنك وستجد الكثير من الطرق لذلك فالمجال أمامك واسع جداً لتكون خدوماً، فمن ذلك مثلاً ما ذكره أحدهم أنه عندما قرر خدمة الناس وجد كل شيء عنده تحول إلى وسيلة لذلك. يقول الرجل: «وجدت أنه يمكنني فتح بيتي لصديق، أو ربما لشخص غريب يحتاج لمأوى. واحياناً أخرى أترك مقعدي لرجل مسن في القطار، أو أتحدث إلى مجموعة منا لناس، أو أكتب كتاباً، أو أتبرع لمدرسة بنتي، أو أقدم شيكاً مالياً للصدقة، أو ألتقط حجراً من الطريق».
وواضح أن خدمة الآخرين ليس بأن نقوم بذلك مرة واحدة فحسب؛ ولكن خدمة الآخرين يجب أن تكون عملية متواصلة، وأسلوب تفكير حياتي مستمر حتى في قضايا تافهة، فمثلاً إذا كانت القمامة بحاجة إلى إلقائها في الخارج فاذهب وأخرجها أنت، حتى وإن لم يكن دورك.
وإذا كان هناك شخص تعرفه في ورطة فحاول نجاته.. وهكذا.
إن طريقة أن تكون خدوماً سهلة جداً، إنها ليست إلا هذه التصرفات البسيطة الهادئة غير الملحوظة، والتي يمكنك القيام بها كل يوم، كتشجيع زوجتك في إحدى محاولاتها الجديدة، أو الاستماع إلى الآخرين.
إن من الضروري أن تجعل خدمة الناس من مكونات شخصيتك، وذلك عن طريق جعل مساعدة الآخرين عملاً يومياً تؤديه.
هناك مقولة قديمة تقول: «إن العطاء هو نفس الجائزة»، وهذا حقيقي بالفعل. فعندما تعطى فأنت تأخذ أيضاً، وما تأخذه يتناسب مع ما تعطيه، فكلما أعطيت أكثر بأساليبك الفريدة، فإنك تنتابك مشاعر السلام الداخلي أكثر مما تتخيل، فإن الجميع في هذه العملية فائزون خصوصاً أنت.
ثانياً: انفتح على الناس حتى ولو لم تكن تعرفهم
هناك توازناً دائماً بين مواقفنا تجاه الآخرين ودرجة سعادتنا، لذلك ليس من المألوف أن نجد شخصاً مطأطأ الرأس يشيح بوجهه بعيداً عن الناس، ويكون في نفس الوقت مرحاً وينعم بالسلام الداخلي.
إن الانفتاح على الناس من الأسباب الرئيسية للشعور بالرضا والأمن، وهما من أهم عوامل السعادة.
فإذا نظرت إلى الآخرين كاناس مثلك وعاملتهم ليس فقط باحترام وعطف، ولكن بالتواصل معهم فإنك لا بد ستلاحظ أن هناك بعض التغييرات الطيبة تطرأ على شخصيتك، سوف تبدأ في إدراك أن الناس مثلك تماماً وإن معظمهم لديهم عائلاتهم والناس الذين يحبونهم، ومعظمهم لديهم أيضاً اهتماماتهم والأشياء التي يحبونها والأشياء التي لا يحبونها والأشياء التي يخافون منها.. الخ.
أيضاً فسوف تلاحظ أن الناس يصبحون لطفاء معك بشرط أن تحافظ على تواصلك معهم، وعندما تدرك أن الناس جميعاً متشابهون، فهنا سوف ترى البراءة في عيون الناس جميعاً. ودائماً فإن رؤية البراءة في عيون الناس تكون مصحوبة بشعور عميق بالسلام الداخلي.
ثالثاً: أنظر إلى الناس وكان المطلوب منك أن تكون رحيماً بهم
تذكر دائماً أن الشفقة شعور عاطفي، وهي تعني الاستعداد لأن تضع نفسك في مكان شخص آخر، وأن تكف عن التركيز على نفسك، وأن تتخيل كيف يكون عليه الحال، أن تكون في مأزق شخص آخر، وأن تشعر فوراً بالحب تجاه هذا الشخص. إن الشفقة هي إدراك أن مشكلات الآخرين، وآلامهم وإحباطاتهم هي حقيقة – تماماً كما هو الحال معنا، بل قد تكون أسوأ بكثير. وعند إدراك هذه الحقيقة، ومحاولتنا لتقديم يد العون لهم، فإننا نفتح قلوبنا ونزيد بشدة من شعورنا بالعرفان بالجميل.
إن الشفقة هي شيء يمكن تنميته بالممارسة، وهي تشتمل على أمرين: النية والفعل؛ والنية ببساطة أن تفتح قلبك للآخرين، وأن تمد الآخرين بما يحتاجون مهما كان. أما الفعل فهو ببساطة ما تفعله لتنفيذ ذلك، فقد تتبرع بقدر قليل من المال أو الجهد (أو كليهما) بصفة مستمرة لقضية تمس قلبك، أو قد تمنح ابتسامة لطيفة أو تحية خالصة من القلب لمن تقابلهم في الشارع. فليس من الهام جداً ما تفعله، المهم هو أن تفعل شيئاً ما. وكما كانت تقول الأم تريزا: «لا نستطيع أن نفعل أشياء عظيمة في هذه الدنيا، يمكننا فقط أن نفعل أشياء صغيرة، ولكن بحب شديد».
والشفقة تنمى بالعرفان بالجميل، وذلك بشد انتباهنا بعيداً عن الأشياء الصغيرة التي ينظر الكثيرون منا إليها بغير سبب بجدية شديدة فعندما تقتطع جزءاً من وقتك لتتأمل في معجزة الحياة - المعجزة التي تتمثل في مجرد قدرتك على قراءة هذا الكتاب (نعمة البصر والحب وما إلى ذلك) - قد ساعد ذلك على أن تتذكر أن العدد من الأشياء التي تنظر إليها على أنها من (الأمور الكبيرة) إنما هي مجرد أمور صغيرة حولتها أنت إلى أمور كبيرة.
رابعا: عندما تقدم المعروف للناس فلا تتوقع جزاء في قباله
إن الذي يطلب الجزاء على خدماته للناس لن يحصل على الشعور بالرضا الذي هو لباب السعادة الحقة.
فما يقوله بعضهم مثلاً: «أنا قدمت لفلان خدمة فعليه أن يرد جميلي عليه» أو تقول المرأة عن صديقتها: «أنا اعتنيت بطفلتها الأسبوع الماضي فعليها أن تفعل مثل ذلك لطفلي هذا الأسبوع»، هذا النوع من التفكير يعني أن صاحبه يريد مقابلاً لأعماله الطيبة بدلا من أن يتذكر بأن العطاء في حد ذاته مكافئة.
يقول أحد الكتاب:
«عندما تقدم عملاً طيباً لشخص ما، لمجرد رغبتك في خدمته، فستلاحظ شعوراً جميلاً بالسكينة والهدوء. وكما تؤدي التمارين الرياضية المرهقة إلى إفراز مادة الأندروفين في المخ ما يؤدي إلى شعورك بارتياح جسماني، فإن أعمال الخير تؤدي إلى إفراز نظير ذلك عاطفياً. إن مكافأتك تتمثل في الشعور الذي يغمرك عندما تدرك أنك قد أسهمت في أحد أعمال الخير، ولست في حاجة إلى شيء في المقابل ولا حتى إلى كلمة شكر. وفي واقع الحال إنك لا تحتاج لأن تعلم من أسديت له المعروف بفعلك إياه.
إن توقعنا بتبادل أعمال الخير يتعارض مع هذا الشعور بالطمأنينة، فعندما تملأ الأفكار رؤوسنا نتدخل في شعورنا بالطمأنينة، وكذلك عندما ننغمس تماماً في التفكير فيما نحتاج إليه أو نرغبه. ويكمن الحل في أن تلاحظ أفكارك القائلة: «أرغب في الحصول على شيء بالمقابل»، ثم تتخلص من هذه الأفكار بلطف، وعندما تختفي هذه الأفكار سيعود إليك شعورك الإيجابي تارة أخرى.
إن تقديم العون للآخرين، مثل قيام الزوج بتنظيف المطبخ، أو عندما تقوم الزوجة بتنظيم مكتب زوجها، أو عندما يعود الزوج إلى البيت مبكراً للتخفيف عن زوجته والقيام بالاعتناء بالأطفال، هذا النوع من الأعمال لو أسداها صاحبها من دون مقابل فسوف يؤدي به إلى أن يمتلأ حبوراً في نفسه.
خامساً: تختص من الأنانية وحب الامتياز على الآخرين
فمن يريد دائماً أن يكون أعظم من الناس، وأكبر منهم فهو لن يشعر بالهدوء والطمأنينة، بل يشعر بدل ذلك بالحاجة الملحة إلى كسب انتباه الآخرين.
إن الحاجة المفرطة لجلب الأنظار نابع من تلك الأنانية الخفية التي تصيح دائماً بصاحبها لكي يقول في قرارة نفسه: «أنظروا فأنا إنسان متميز، وما أقوله أفضل مما يقوله غيري، وما أفعله أفضل مما يفعله الآخرون».
وهي نفسها الأنانية التي تدفع الشخص لكي يقاطع حديث شخص آخر، أو ينتظر بفارغ الصبر دوره في الحديث حتى يعيد الحوار والانتباه إلى شخصه. وينخرط معظمنا، بدرجات متفاوتة في هذه العادة، لسوء حظنا، فإنك بذلك تقلل بشدة من استمتاع الشخص الآخر بمشاركتك في الحديث، ويؤدي قيامك بذلك، إلى خلق فواصل بينك وبين الآخرين. وبذلك يخسر الجميع.
في المرة القادمة عندما يقص عليك شخص ما قصة أو يحكي لك عن إنجازاته، لاحظ كيف أنك تميل لأن تقول شيئاً عن نفسك رداً عليه.
وعلى الرغم من أن هذه العادة يصعب التخلص منها، فإنه ليس من المستحيل ذلك، ولا شك أن التخلص يبعث في النفس السكينة ويمنح الثقة الكاملة في القدرة على التخلي عن رغبتك لجذب الانتباه، وبدلاً منها أن تقاسم شخصاً آخر سعادته بمجده، وبدلاً من أن تندفع وتقول: «لقد فعلت المثل ذات مرة» أو «خمن ما فعلته أنا اليوم»، أغلق فمك وأنظر ماذا يحدث. فلتقل فقط «هذا رائع» او «من فضلك قص علي المزيد». إن الشخص الذي تتحدث إليه سوف يشعر بمزيد من السعادة، لأنك كنت حاضر الذهن بدرجة أكبر، ولأنك كنت تصغي بحرص أكثر، فإنه سوف لا يشعر بالتنافس بينكما. والنتيجة أن الشخص سوف يشعر بمزيد من الارتياح، ويزيد من ثقته بنفسه ويجعل حديثه أكثر تشويقاً، كما أنك أنت أيضاً سوف تشعر بمزيد من الارتياح لأنك لن تتوتر انتظاراً لدورك في الحديث.
ومن البديهي أن هناك حالات يكون من المناسب فيها تبادل الخبرة بين الجانبين، وأن تتقاسم مع الشخص الآخر المجد والانتباه بدلاً من أن تتخلى عن كليهما كلياً. والكلام هنا هو حول الحاجة القهرية لنزعهما من الآخرين. ومن المضحك، أنه عندما تتخلى عن رغبتك في الشعور بالتفوق فإن الانتباه الذي اعتدت الاحتياج إليه من الآخرين يحل محله ثقة كاملة بالذات تنبع من ترك الانتباه والمجد ليزهو به الآخرون.
_______________________________________
(١) غرر الحكم ودرر الكلم: 2/605.
(2) غرر الحكم ودرر الكلم.
(3) البحار: ج٧٨ ص12.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|