أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-08-2015
679
التاريخ: 25-10-2014
578
التاريخ: 25-10-2014
521
التاريخ: 25-10-2014
1471
|
... ينبغي أن نبين ما يصح تعلق إرادته به وكراهته وما لا يصح ذلك فيه.
وكون المريد مؤثرا مختص بحدوث الفعل، لكون هذه الحال وجها لوقوع الفعل على صفة دون صفة، ووجه الفعل كيفية لحدوثه، فيجب أن يكون ما أثره مصاحبا لحدوثه، فإذا اختص تأثيرها بالحدوث.
والمحدثات على ضربين:
أفعاله تعالى، وهو على ضربين:
مفعول لغرض يخصه، كالواجب في حكمته، والاحسان إلى خلقه، وكلاهما مراد، لأن العالم بالفعل المخلى (1) بينه وبين إرادته القاصد بفعله غرضا يخصه لا بد من كونه مريدا له، لولا ذلك لم يكن بأن يفعله لذلك الغرض دون غيره.
والثاني: مفعول لغرض يخص غيره كالإرادة، وما هذه حاله لا يجب كونه مرادا، لأن الداعي إلى المراد داع إلى إرادته، فهي كالجزء منه، فلا يفتقر إلى إرادة يخصها.
ولا يصح أن يكره شيئا من أفعاله، لأن كونه سبحانه كارها لشيء يقتضي قبحه، وهو لا يفعل القبيح، ولأن الواقع من مقدوراته تعالى قد بينا وجوب كونه تعالى مريدا (له)، فلا يجوز أن يكون كارها (له)، لأن ذلك يقتضي كونه مريدا
كارها لشيء واحد، وهو محال.
وأفعال عباده سبحانه على ضربين: واقع عن إلجاء، وإيثار.
وما وقع بإلجائه تعالى لا بد من كونه مريدا له، لأنه بإلجاء في حكم فعله، ولا بد من وقوع ما هذه حاله، لكونه جاريا مجرى فعله الذي لا بد من وقوعه متى أراده، فلا مجوز إلجاؤه إلى قبيح، لأن ذلك مقتض لكونه فاعلا له، وقد بينا فساد ذلك.
وما وقع بإلجاء غيره تعالى حكمه حكم ما اختاره العبد الملجأ من حسن وقبح، وسنبينه.
وعلى كلا الوجهين لا تجد من كون الملجأ مريدا لما ألجئ إليه، إذ معنى كونه ملجأ توفر دواعيه لخوف الضرر، أو لرجاء النفع، وخلوص الدواعي إلى الفعل يقتضي كون القادر مريدا.
والواقع عن إيثار على ضروب: واجب، وندب، وقبيح، ومباح.
فالواجب والندب مرادان له تعالى بغير شبهة، لأنه قد أمر بهما ورغب فيهما " والأمر لا يكون أمرا إلا بالإرادة، لعلمنا بوجود جنسه وصيغته وليس بأمر، ولتجدد إرادته تعالى لذلك حال الأمر به، وتعلقها بالمراد المكلف فعله على جهة الإيثار له المصحح لغرض المجري بالتكليف إليه، لافتقار ما يجب فعله أو تركه أو الترغيب فيه في كونه كذلك إلى تعلق إرادته سبحانه على وقوعه على هذا الوجه.
ولا يجوز أن يكره شيئا مما أراده من أفعال عباده الواجبة والمندوبة، لأن كراهيته تقتضي قبح المكروه، وقد علمنا حسن هذه الأفعال عبادة الواجبة (2) تعالى مريد لما على ما دللناه عليه، فلا يجوز أن يكون كارها لما، لأن ذلك يقتضي كونه تعالى مريدا كارها للشيء الواحد مع استحالته.
وأما القبيح فهو سبحانه كاره له، لأنه قد نهى عنه، والنهي لا يكون نهيا إلا بالكراهة، لوجود الجنس والصيغة فيما ليس بنهي، ولأنه تعالى لا يجوز أن يريد القبيح لما بينته، ولا يجوز أن يكون غير مريد له ولا كاره، لأن ذلك يخرجه عن حد التكليف، فلم يبق إلا كونه كارها له، وإذا ثبت أنه تعالى كاره لقبائح العباد، لم يجز أن يريد شيئا منها، لأن ذلك يقتضي كونه مريدا كارها لها، مع فساد ذلك.
وأيضا فإن إرادة القبيح قبيحة، لأن كل من علمها إرادة قبيح علم قبحها، يوضح ذلك: توجه ذم العقلاء إلى مريد القبيح كفاعله، فلو أراد تعالى القبيح لم يرده إلا بإرادة يفعلها على ما بيناه من وقوف كونه مريدا على فعله الإرادة له، وهذا يقتضي كونه فاعلا للقبح، وقد بينا فساد ذلك.
وتعلق المجبرة في كونه تعالى غير مريد لها لم يقع من الطاعات، ومريدا لما يقع من القبائح، بأنه لو أراد ما لا يقع فوقع ما لا يريد وارتفع ما أراد للحقه نقص، كالملك المريد من عبيده نصرته متى لم يقع منهم، ما أراد كان مغلوبا ظاهر السقوط، لأن وقوع المكروه وارتفاع المراد إنما يدل على نقص المريد الكاره إذا كان في ذلك نفع له وفي خلافه ضرر عليه، وهو قادر على المنع مما كره والحمل على ما أراد، كإرادة الملك من أنصاره الذب عن دولته وكراهية القعود عن نصرته، فيه نفع له وفي خلافه ضرر عليه، فمتى لم يقع ما أراد ويرتفع ما كونه لحقه نقص، لتعلق الضرر به وعجزه عن دفعه عنه.
والتكليف بخلاف ذلك، لأنه لا يتعلق به تعالى منه نفع ولا ضرر بل هما مختصان بالمكلف، وإن كان فعل ما أراده وترك ما كرهه مختصا بنفع المأمور المنهي، وكان هذا النفع مختصا بوقوع ذلك وارتفاع هذا بإيثاره، وهو قادر على إلجائه إلى فعل المراد وترك المكروه، كإرادة سلطان الإسلام وأنصاره من أهل الذمة الإيمان، وكراهيتهم منهم الكفر، لما لهم في ذلك من النفع المختص بإيثارهم دون إلجائهم، مع كونهم قادرين على إلجائهم إليه واصطلامهم دونه، لم يكن في ذلك نقص على المريد الكاره، ولم يصفه أحد بالغلبة.
وهذه صفة ما أراده تعالى وكرهه من عباده، لأن نفعه مختص بهم وهو موقوف على حصول ذلك عن إيثارهم دون قهرهم، مع كونه سبحانه قادرا عليه وإن لم يفعله، فلا يجوز وصفه تعالى - لوقوع القبائح التي كرهها، وارتفاع الطاعات التي أرادها منهم - بصفة نقص، تعالى عن ذلك، ولا وصفهم بأنهم غالبون له تعالى، كما لا يصف أحد أهل الذمة بكونهم غالبين لسلطان الإسلام وأنصاره، لإيجادهم خلاف ما أراد منهم.
وأما المباح من أفعالهم فلا يصح كونه مريدا له ولا كارها، لأن كونه مرادا يقتضي كونه طاعة، وكونه مكروها يقتضي كونه قبيحا، وذلك يخرجه عن صفة الإباحة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في النسخة: " المحلى ".
(2) كذا في النسخة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|