أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
1605
التاريخ: 14-4-2020
1195
التاريخ: 22-6-2021
3141
التاريخ: 9-9-2019
1716
|
جهاد عثمان بن حنيف والي البصرة للناكثين
كتاب الإمام إلي والى البصرة
*ـالإمام علىّ ـ فى كتابه إلي عثمان لمّا بلغه مشارفة القوم البصرة ـ : من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلي عثمان بنحُنيف ، أمّا بعد ; فإنّ البغاة عاهدوا الله ثمّ نكثوا وتوجّهوا إلي مصرك ، وساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضي الله به . والله أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلا، فإذا قدموا عليك فادعُهم إلي الطاعة والرجوع إلي الوفاء بالعهد والميثاق الذى فارقونا عليه، فإن أجابوا فأحسِن جوارهم ما داموا عندك، وإن أبَوْا إلاّ التمسّك بحبل النكث والخلاف فناجزهم القتال حتي يحكم الله بينك وبينهم وهو خير الحاكمين، وكتبت كتابي هذا إليك من الربذة، وأنا معجّل المسير إليك إن شاء الله . وكتبه عبيد الله بن أبى رافع فى سنة ستّ وثلاثين .
رسل عثمان تفاوض الناكثين
*ـعن أبى مخنف فى إسناده : ولمّا قربت عائشة ومن معها من البصرة بعث إليهم عثمانُ بن حُنيف عمرانَ بن الحصين الخزاعى أبا نجيد ، وأبا الأسود الدئلى ، فلقياهم بحفر أبى موسي فقالا لهم : فيما قدِمتم ؟ فقالوا : نطلب بدم عثمان ، وأن نجعل الأمر شوري ; فإنّا غضبنا لكم من سوطه وعصاه ; أ فلا نغضب له من السيف ؟ ! !
وقالا لعائشة : أمركِ الله أن تقرّى فى بيتك ; فإنّك حبيس رسول الله وحليلته وحرمته . فقالت لأبى الأسود : قد بلغنى عنك يا أبا الأسود ما تقول فىَّ ! !
فانصرف عمران وأبو الأسود إلي ابن حنيف ، وجعل أبو الأسود يقول :
يا بن حنيف قد أُتيتَ فانفرِ *** وطاعن القوم وضارب واصبرِ
وابرز لهم مستلئماً وشمّرِ
فقال عثمان : إى وربّ الحرمين لأفعلنّ .
*ـ عن المدائني وابن دأب عن مشايخهما بالأسانيد: إنّ عائشة وطلحة والزبير لمّا ساروا من مكّة إلي البصرة أغذّوا السير مع من اتّبعهم من بنى اُميّة وعمّال عثمان وغيرهم من قريش ، حتي صاروا إلى البصرة ، فنزلوا حفر أبى موسي ، فبلغ عثمان بن حنيف وهو عامل البصرة يومئذ ، وخليفة أمير المؤمنين ،وكان عنده حُكَيم بن جَبَلة ، فقال له حُكَيم : ما الذى بلغك ؟ فقال: خُبّرت أنّ القوم قد نزلوا حفر أبى موسي، فقال له حكيم: ائذن لى أن أسير إليهم ; فإنّى رجل فى طاعة أمير المؤمنين، فقال له عثمان: توقّف عن ذلك حتي اُراسلهم، فقال له حكيم: إنّا لله، هلكتَ والله يا عثمان !
فأعرض عنه وأرسل إلي عمران بن حصين وأبى الأسود الدؤلي، فذكر لهما قدوم القوم البصرة وحلولهم حفر أبى موسي، وسألهما المسير إليهم وخطابهم عليما قصدوا به، وكفّهم عن الفتنة، فخرجا حتي دخلا علي عائشة فقالا لها :
يا اُمّ المؤمنين! ما حملك علي المسير؟ فقالت: غضبت لكما منسوط عثمان وعصاه ولا أغضب أن يقتل!
فقالا لها: وما أنتِ من سوط عثمان وعصاه وإنّما أنت حبيسة رسول الله؟ نذكّركِ الله أن تُهراق الدماء بسببك . فقالت : وهل من أحد يقاتلنى ؟ فقال لها أبو الأسود : نعم والله قتالاً أهونه شديد !
ثمّ خرجا من عندها ، فدخلا علي الزبير فقالا : يا أبا عبد الله ! ننشدك الله أن تُهراق الدماء بسببك! فقال لهما: ارجعا من حيث جئتما، لا تُفسِدا علينا ، فأيسا منه وخرجا حتي دخلا علي طلحة فقالا له : ننشدك الله أن تُهراق الدماء بسببك ! فقال لهما طلحة: أ يحبّ علىّ بن أبى طالب أنّه إذا غلب علي أمر المدينة أنّ الأمر له ، وأنّه لا أمر إلاّ أمره ؟ والله ليعلمنّ، فانصرِفا من حيث جئتما . فانصرَفا من عنده إلي عثمان بن حنيف فأخبراه الخبر .
ابو الاسود الدؤلي وعمران بن الحصين الخزاعى
*- وروي ابن أبى سبرة عن عيسي بن أبى عيسي عن الشعبي أنّ أبا الأسود الدؤلي وعمران لمّا دخلا علي عائشة قالا لها : ما الذى أقدمك هذا البلد وأنت حبيسة رسول الله ، وقد أمرك أن تقرّى فى بيتك ؟ فقالت: غضبت لكم من السوط والعصا، ولا أغضب لعثمان من السيف! فقالا لها : ننشدك الله أن تُهراق الدماء بسببك ، وأن تحملي الناس بعضهم علي بعض ، فقالت لهما : إنّما جئت لاُصلح بين الناس . وقالت لعمران بن الحصين : هل أنت مبلّغ عثمان بن حنيف رسالة ؟ فقال : لا اُبلّغه عنك إلاّ خيراً . فقال لها أبو الأسود : أنا اُبلّغه عنك فهاتى ، قالت : قل له : يا طليق ابن أبى عامر بلغنى أنّك تريد لقائى لتقاتلنى ! فقال لها أبو الأسود : نعم والله ليقاتلنّك . فقالت : وأنت أيضا أيّها الدؤلى ؟ ! يبلغنى عنك ما يبلغنى ، قم فانصرف عنّى .
فخرجا من عندها إلي طلحة فقالا له : يا أبا محمّد ! أ لم يجتمع الناس إلي بيعة ابن عمّ رسول الله الذى فضّله الله تعالي كذا وكذا ؟ وجعلا يعدّان مناقب أمير المؤمنين وفضائله وحقوقه ، فوقع طلحة بعلىّ وسبّه ونال منه وقال : إنّه ليس أحد مثله ، أمَ والله ليعلمنّ غِبّذلك ، فخرجا من عنده وهما يقولان : غَضِب هذا الدنىء ، ثمّ دخلا علي الزبير فكلّماه مثل كلامهما لصاحبه ، فوقع أيضاً فى علىّ وسبّه ، وقال لقوم كانوا بمحضر منه : صبّحوهم قبل أن يمسوكم ، فخرجا من عنده حتي صارا إلي عثمان بن حنيف فأخبراه الخبر ، فأذن عثمان للناس بالحرب .
*ـعن أبى مخنف : أرسل [ عثمانبن حنيف ] إلي أبى الأسود الدؤلى وعمران بن الحصين الخزاعى ، فأمرهما أن يسيرا حتييأتياه بعلم القوم وما الذى أقدمهم ، فانطلقا حتي إذا أتيا حفر أبى موسي وبه معسكر القوم ، فدخلا علي عائشة ، فنالاها ووعظاها وأذكراها وناشداها الله ، فقالت لهما : القَيا طلحة والزبير .
فقاما من عندها ولقيا الزبير فكلّماه ، فقال لهما : إنّا جئنا للطلب بدم عثمان وندعوا الناس إلي أن يردّوا أمر الخلافة شوري ; ليختار الناس لأنفسهم ، فقالا له : إنّ عثمان لم يُقتل بالبصرة ليُطلب دمه فيها ، وأنت تعلم قتلة عثمان من هم وأين هم ، وإنّك وصاحبك وعائشة كنتم أشدّ الناس عليه ، وأعظمهم إغراء بدمه ، فأقيدوا من أنفسكم .
وأمّا إعادة أمر الخلافة شوري ; فكيف وقد بايعتم عليّاً طائعَين غير مكرهَين ؟ وأنت يا أبا عبد الله لم يبعد العهد بقيامك دون هذا الرجل يوم مات رسول الله وأنت آخذ قائم سيفك تقول : ما أحد أحقّ بالخلافة منه ، ولا أوليبها منه ، وامتنعت من بيعة أبى بكر ، فأين ذلك الفعل من هذا القول ؟ !
فقال لهما: اذهبا فالقَيا طلحة، فقاما إلي طلحة، فوجداه أخشن الملمس ، شديد العريكة ، قوىّ العزم فى إثارة الفتنة وإضرام نار الحرب ، فانصرفا إلي عثمان بن حنيف فأخبراه ، وقال له أبو الأسود :
يابن حنيف قد اُتيتَ فانفرِ *** وطاعن القوم وجالدوا صبرِ
وابرز لها مستلئماً وشَمِّرِ
فقال ابن حنيف : أى والحرمين لأفعلنّ .
*ـذكروا أنّ طلحة والزبير لمّا نزلا البصرة ، قال عثمان بن حنيف : نعذر إليهما برجلين ، فدعا عمرانَ بن الحصين صاحب رسول الله ، وأبا الأسود الدؤلي ، فأرسلهما إلي طلحة والزبير ، فذهبا إليهما فنادَيا : يا طلحة ! فأجابهما .
فتكلّم أبو الأسود الدؤلي، فقال: يا أبا محمّد! إنّكم قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا فى قتله ، وبايعتم عليّاً غير مؤامرين فى بيعته ، فلم نغضب لعثمان إذ قتل ، ولم نغضب لعلىّ إذ بويع ، ثمّ بدا لكم ، فأردتم خلع علىّ ، ونحن علي الأمر الأوّل ، فعليكم المخرج ممّا دخلتم فيه .
ثمّ تكلّم عمران، فقال : يا طلحة ! إنّكم قتلتم عثمان ولم نغضب له إذ لم تغضبوا ، ثمّ بايعتم عليّاً وبايعنا من بايعتم ; فإن كان قتل عثمان صواباً فمسيركم لماذا ؟ وإن كان خطأ فحظّكم منه الأوفر ، ونصيبكم منه الأوفي .
فقال طلحة : يا هذان ! إنّ صاحبكما لا يري أنّ معه فى هذا الأمر غيره ، وليس علي هذا بايعناه ، وايم الله ليسفكنّ دمه . فقال أبو الأسود : يا عمران ! أمّا هذا فقد صرّح أنّه إنّما غضب للملك .
ثمّ أتيا الزبير فقالا : يا أبا عبد الله ! إنّا أتينا طلحة . قال الزبير : إنّ طلحة وإياي كروح فى جسدين ، وإنّه والله يا هذان ، قد كانت منّا في عثمان فلتات ، احتجنا فيها إلي المعاذير ، ولو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا نصرناه .
ابن حنيف يميل الى المسالمة
*ـشرح نهج البلاغة عن ابن عبّاس: إنّ الزبير وطلحة أغذّا السير بعائشة حتي انتهوا إلي حفر أبى موسي الأشعرى وهو قريب من البصرة، وكتبا إلي عثمان بن حنيف الأنصارى ـ وهو عامل علىّ علي البصرة ـ أن أخلِلنا دار الإمارة ، فلمّا وصل كتابهما إليه بعث [إلى] الأحنف بن قيس فقال له : إنّ هؤلاء القوم قدموا علينا ومعهم زوجة رسول الله ، والناس إليها سراع كما تري .
فقال الأحنف: إنّهم جاؤوك بها للطلب بدم عثمان ، وهم الذين ألّبوا علي عثمان الناسَ ، وسفكوا دمه ، وأراهم والله لا يُزايلون حتي يُلقوا العداوة بيننا ويسفكوا دماءنا ،وأظنّهم والله سيركبون منك خاصّة ما لا قِبَل لك به إن لم تتأهّب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة ; فانّك اليوم الوالى عليهم ، وأنت فيهم مطاع ، فسِر إليهم بالناس ، وبادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة ; فيكون الناس لهم أطوع منهم لك .
فقال عثمان بن حنيف: الرأي ما رأيت ، لكنني أكره الشرّ وأنأ بدأهم به ، وأرجو العافية والسلامة إلي أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين ورأيه فأعمل به .
ثمّ أتاه بعد الأحنف حكيمُ بن جبلّة العبدى من بنى عمرو بن وديعة، فأقرأه كتاب طلحة والزبير، فقال له مثل قول الأحنف، وأجابه عثمان بمثل جوابه للأحنف، فقال له حكيم: فأْذن لى حتي أسير إليهم بالناس، فإن دخلوا فى طاعة أمير المؤمنين وإلاّ نابذتهم علي سواء، فقال عثمان: لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم بنفسي. قال حكيم: أما والله إن دخلوا عليك هذا المصر لينتقلنّ قلوب كثير من الناس إليهم، وليزيلنّك عن مجلسك هذا وأنت أعلم، فأبي عليه عثمان .
القتال حول دار الامارة
*ـأنساب الأشراف : ونادي عثمان بن حنيف في الناس فتسلّحوا ، وأقبل طلحة والزبير وعائشة حتي دخلوا المربد ممّا يلى بنى سليم ،وجاء أهل البصرة مع عثمان ركباناً ومشاة ، وخطب طلحة فقال : إنّ عثمان بن عفان كان من أهل السابقة والفضيلة من المهاجرين الأوّلين ، وأحدث أحداثاً نقمناها عليه ،فباينّاه ونافرناه ، ثمّ أعتب حين استعتبناه ، فعدا عليه امرؤ ابتزّ هذه الاُمّة أمرها بغير رضيً ولا مشورة ، فقتلَه ، وساعده علي ذلك رجال غير أبرار ولا أتقياء ،فقتلوه بريئاً تائباً مسلماً ، فنحن ندعوكم إلي الطلب بدمه ; فإنّه الخليفة المظلوم . وتكلّم الزبير بنحو من هذا الكلام .
فاختلف الناس فقال قائلون : نطقا بالحقّ ، وقال آخرون : كذب اولَهما كانا أشدّ الناس علي عثمان ! ! وارتفعت الأصوات .
واُتى بعائشة علي جملها فى هودجها فقالت : صَهْ صَهْ، فخطبت بلسان ذلق وصوت جهوري فأسكتلها الناس فقالت : إنّ عثمان خليفتكم قُتل مظلوما ًبعد أن تاب إلي ربّه ، وخرج من ذنبه ، والله ما بلغ من فعله ما يُستحلّ به دمه ; فينبغى فى الحقّ أن يؤخذ قتلته فيُقتلوا به ، ويُجعل الأمر شوري . فقال قائلون : صدقتِ . وقال آخرون : كذبتِ حتي تضاربوا بالنعال وتمايزوا ، فصاروا فرقتين : فرقة مع عائشة وأصحابها ، وفرقة مع ابن حنيف ، وكان علي خيل ابن حنيف حكيم بن جبلة ،فجعل يحمل ويقول :
خيلى إلىّ إنّها قريشُ *** ليردينها نعيمها والطيشُ
وتأهّبوا للقتال ، فانتهوا إلي الزابوقة، وأصبح عثمان بن حنيف ، فزحف إليهم ، فقاتلهم أشدّ قتال ، فكثرت بينهم القتلي ، وفشت فيهم الجراح . ثمّ إنّ الناس تداعوا إلى الصلح ، فكتبوا بينهم كتاباً بالموادعة إلي قدوم علىّ علي أن لا يعرض بعضهم لبعض في سوق ولا مشرعة ، وأنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة وبيت المال والمسجد ، وأنّ طلحة والزبير ينزلان ومن معهما حيث شاؤوا ، ثمّ انصرف الناس وألقَوا السلاح .
مصالحة والى البصرة والناكثين
*ـ: ثمّ إنّهم تداعوا إلي الصلح ، ودخل بينهم الناس لما رأوا من عظيم ما ابتُلوا به ، فتصالحوا علي أنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة والمسجد وبيت المال ، ولطلحة والزبير وعائشة ما شاؤوا من البصرة ولا يهاجمون حتى يقدم أمير المؤمنين، فإن أحبّوا عند ذلك الدخول فى طاعته ، وإن أحبّوا أن يقاتلوا ،وكتبوا بذلك كتاباً بينهم ، وأوثقوا فيه العهود وأكّدوها ، وأشهدوا الناس علي ذلك ،ووُضع السلاح ، وأمن عثمان بن حنيف علي نفسه وتفرّق الناس عنه .
*ـعن أبى مخنفـ فى بيان نصّ معاهدة الصلح ـ : هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصاري ومن معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ، وطلحة والزبير ومن معهما من المؤمنين والمسلمين من شيعتهما ; أنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة والرحبة والمسجد وبيت المال والمنبر ، وأنّ لطلحة والزبير ومن معهما أن ينزلوا حيث شاؤوا من البصرة ، ولا يضارّب عضهم بعضاً فى طريق ولا فُرْضة ولا سوق ولا شرعة ولا مرفق حتي يقدم أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ، فإن أحبّوا دخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة ، وإن أحبّوا لحق كلّ قوم بهواهم وما أحبّوا من قتال أو سلم أو خروج أو إقامة ، وعلي الفريقين بما كتبوا عهد الله وميثاقه ، وأشدّ ما أخذه علي نبىّ من أنبيائه من عهد وذمّة . وختم الكتاب ، ورجع عثمان بن حنيف حتي دخل دار الإمارة ، وقال لأصحابه : الحقوا رحمكم الله بأهلكم ، وضعوا سلاحكم ، وداووا جرحاكم ، فمكثوا كذلك أيّاماً .
غدر الناكثين ونقض الصلح
*ـعن أبى مخنف : ثمّ إنّ طلحة والزبير قالا : إن قدم علىّ ونحن علي هذه الحال من القلّة والضعف ليأخذنّ بأعناقنا، فأجمَعا علي مراسلة القبائل واستمالة العرب ، فأرسلا إلي وجوه الناس وأهل الرياسة والشرف يدعوانهم إلي الطلب بدم عثمان وخلع علىّ وإخراج ابن حنيف من البصرة ،فبايعهم علي ذلك الأزد وضبّة وقيس بن عيلان كلّها إلاّ الرجل والرجلين من القبيلة كرهوا أمرهم فتواروا عنهم ، وأرسلوا إلي هلال بن وكيع التميمي ، فلم يأتِهم ، فجاءه طلحة والزبير إلي داره ، فتواري عنهما ، فقالت له اُمّه : ما رأيت مثلك ! أتاك شيخا قريش، فتواريت عنهما ، فلم تزل به حتي ظهر لهما ، وبايعهما ومعه بنو عمرو بن تميم كلّهم وبنو حنظلة إلاّ بنى يربوع ; فإنّ عامّتهم كانوا شيعة لعلىّ، وبايعهم بنو دارم كلّهم إلاّ نفراً من بنى مجاشع ذوى دين وفضل . فلمّا استوسق لطلحة والزبير أمرهما خرجا فى ليلة مظلمة ذات ريح ومطر ومعهما أصحابهما قد ألبسوهم الدروع وظاهروا فوقها بالثياب، فانتهوا إلي المسجد وقت صلاة الفجر ، وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه ،واُقيمت الصلاة ، فتقدّم عثمان ليصلّى بهم ، فأخّره أصحاب طلحة والزبير وقدّموا الزبير .
*ـقال المسعودي فى ذكر أصحاب الجمل ـ : فأتَوا البصرة ، فخرج إليهم عثمان بن حنيف فمانعهم ، وجري بينهم قتال ، ثمّإنّهم اصطلحوا بعد ذلك علي كفّ الحرب إلي قدوم علىّ .
فلمّا كان فى بعض الليالي بيّتوا عثمان بن حنيف ، فأسروه وضربوه ونتفوا لحيته ، ثمّ إنّ القوم استرجعوا وخافوا علي مخلّفيهم بالمدينة من أخيه سهل بن حنيف وغيره من الأنصار ، فخلّوا عنه .
وأرادوا بيت المال، فمانعهم الخزّان والموكّلون به وهم السبابِجة، فقُتل منهم سبعون رجلاً غير من جُرح، وخمسون من السبعين ضُربت رقابهم صبراً من بعد الأسر ، وهؤلاء أوّل منقُتل ظلماً فى الإسلام وصبراً .
وقتلوا حُكَيم بن جَبَلة العبدى ، وكان من سادات عبد القيس ،وزهّاد ربيعة ونسّاكها .
*ـعن الزهري فى ذكر أصحاب الجمل ـ : فقدموا البصرة وعليها عثمان بن حنيف ، فقال لهم عثمان : ما نقمتم علي صاحبكم ؟
فقالوا : لم نره أولي بها منّا ، وقد صنع ما صنع .
قال : فإنّ الرجل أمرني ، فأكتب إليه فاُعلمه ما جئتم له ، علي أن اُصلّى بالناس حتي يأتينا كتابه ، فوقفوا عليه وكتب .
فلم يلبث إلاّ يومين حتي وثبوا عليه فقاتلوه بالزابوقة عند مدينة الرزق،
فظهروا وأخذوا عثمان ، فأرادوا قتله ، ثمّ خَشُوا غضب الأنصار ،فنالوه فى شعره وجسده .
*ـعن أبى مخنف: صاروا [أهل البصرة] فرقتين: فرقة مع عائشة وأصحابها، وفرقة مع ابن حنيف . . . وتأهّبوا للقتال ، فانتهوا إلي الزابوقة ، وأصبح عثمان بن حنيف ، فزحف إليهم ، فقاتلهم أشدّ قتال ، فكثرت بينهم القتلى ، وفشت فيهم الجراح .
ثمّ إنّ الناس تداعوا إلي الصلح، فكتبوا بينهم كتاباً بالموادعة إلي قدوم علىّ، علي أن لا يعرض بعضهم لبعض فى سوق ولا مشرعة، وأنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة وبيت المال والمسجد، وأنّ طلحة والزبير ينزلان ومن معهما حيث شاؤوا، ثمّ انصرف الناس وألقَوا السلاح .
وتناظر طلحة والزبير، فقال طلحة: والله لئن قدم علىٌّ البصرة ليأخذنّ بأعناقنا، فعزما علي تبييت ابن حنيف وهو لا يشعر، وواطآ أصحابهما علي ذلك، حتي إذا كانت ليلة ريح وظلمة جاؤوا إلي ابن حنيف وهو يصلّى بالناس العشاء الآخرة فأخذوه وأمروا به فوطئ وطئاً شديداً، ونتفوا لحيته وشاربيه، فقال لهما: إنّسهلاً حىّ بالمدينة والله لئن شاكني شوكة ليضعنّ السيف فى بنى أبيكما ; يخاطب بذلك طلحة والزبير ، فكفّا عنه وحبساه .
وبعثا عبد الله بن الزبير فى جماعة إلي بيت المال وعليه قوم من السبابجة يكونون أربعين ، ويقال : أربعمائة ، فامتنعوا من تسليمه دون قدوم علىّ ، فقتلوهم ورئيسهم أبا سلمة الزُّطّى ، وكان عبداً صالحاً .
*ـقال ابن قتيبة: ذكروا أنّه لمّا اختلف القوم اصطلحوا علي أنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة ومسجدها وبيت المال ، وأن ينز لأصحابه حيث شاؤوا من البصرة ، وأن ينزل طلحة والزبير وأصحابهما حيث شاؤوا حتي يقدم علىّ ; فإن اجتمعوا دخلوا فيما دخل فيه الناس ، وإن يتفرّقوا يلحق كلّ قوم بأهوائهم، عليهم بذلك عهد الله وميثاقه ، وذمّة نبيّه ، وأشهدوا شهوداً من الفريقين جميعاً .
فانصرف عثمان ، فدخل دار الإمارة ، وأمر أصحابه أن يلحقوا بمنازلهم ، ويضعوا سلاحهم ، وافترق الناس . . . فمكث عثمان بن حنيف فى الدار أيّاماً ، ثمّ إنّ طلحة والزبير ومروان بن الحكم أتَوه نصف الليل فى جماعة معهم ـفى ليلة مظلمة سوداء مطيرة ـ وعثمان نائم ، فقتلوا أربعين رجلاً من الحرس ، فخرج عثمان بن حنيف ، فشدّ عليه مروان فأسرَه ، وقتل أصحابه .
*ـفى ذكر ما حدث بعد مصالحة عثمان بن حنيف وأصحاب الجمل ـ : طلب طلحةُ والزبير غُدْرَته ، حتي كانت ليلة مظلمة ذات رياح، فخرج طلحة والزبير وأصحابهما حتي أتَوا دار الإمارة وعثمان بن حنيف غافل عنهم ،وعلي الباب السبابجة يحرسون بيوت الأموال ـ وكانوا قوماً من الزُّطّ قد استبصروا وأكل السجود جباههم ، وائتمنهم عثمان علي بيت المال ودار الإمارة ـ فأكبّ عليهم القوم وأخذوهم من أربع جوانبهم ، ووضعوا فيهم السيف ،فقتلوا منهم أربعين رجلاً صبراً ! يتولّي منهم ذلك الزبير خاصّة، ثمّ هجموا علي عثمان فأوثقوه رباطاً، وعمدوا إلي لحيته ـ وكان شيخاً كثّ اللحية ـفنتفوها حتي لم يبق منها شىء ولا شعرة واحدة . وقال طلحة: عذِّبوا الفاسق ،وانتفوا
أمر عائشة بقتل الصحابي عثمان بن حنيف
*ـ: قال طلحة والزبير لعائشة [بعدما أخذا عثمان بن حنيف] : ما تأمرين فى عثمان ؟ فإنّه لِما به. فقالت: اقتلوه قتله الله! وكانت عندها امرأة من أهل البصرة فقالت لها: يا اُمّاه! أين يُذهَب بكِ؟! أ تأمرين بقتل عثمان بن حنيف، وأخوه سهل خليفة علي المدينة ، ومكانه من الأوس والخزرج ما قد علمتِ ! والله، لئن فعلت ِذلك لتكوننّ له صولة بالمدينة يقتل فيها ذراري قريش.
فناب إلي عائشة رأيها وقالت : لا تقتلوه ، ولكن احبسوه وضيّقوا عليه حتي أري رأيي .
فحُبس أيّاماً ثمّ بدا لهم فى حبسه، وخافوا من أخيه أن يحبس مشايخهم بالمدينة ويُوقع بهم، فتركوا حبسه . .
*ـعن سهل بن سعد: لمّا أخذوا عثمان بن حنيف، أرسلوا أبان بن عثمان إلي عائشة يستشيرونها فى أمره، قالت: اقتلوه. فقالت لها امرأة: نشدتك بالله يا اُمّ المؤمنين فى عثمان وصحبته لرسول الله ! قالت : رُدّوا أباناً ، فردّوه .
فقالت: احبسوه ولا تقتلوه، قال : لو علمت أنّك تدعيني لهذا لما رجع . فقال لهم مجاشع بن مسعود: اضربوه وانتفوا شعر لحيته. فضربوه أربعين سوطاً ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه .
قتل سبعين رجلا من اهل البصرة
*ـعن الزهري: قام طلحة والزبير خطيبين فقالا : يا أهل البصرة ! توبة بحوبة ، إنّما أردنا أن يُستعتب أمير المؤمنين عثمان ، ولم نرِد قتله ، فغلب سفهاءُ الناس الحلماءَ حتي قتلوه .
فقال الناس لطلحة: يا أبا محمّد، قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا، فقال الزبير: فهل جاءكم منّى كتاب فى شأنه؟ ثمّ ذكر قتل عثمان وما أتي إليه وأظهر عيب علىّ. فقام إليه رجل من عبد القيس فقال: أيّها الرجل! أنصِت حتى نتكلّم، فقال عبد الله بن الزبير: وما لك وللكلام؟ فقال العبدى:
يا معشر المهاجرين، أنتم أوّل من أجاب رسول الله ، فكان لكم بذلك فضل ،ثمّ دخل الناس فى الإسلام كما دخلتم ، فلمّا توفّى رسول الله بايعتم رجلاً منكم ،والله ما استأمرتمونا فى شىء من ذلك ، فرضينا واتّبعناكم ، فجعل الله عزّ وجل ّللمسلمين فى إمارته بركة ، ثمّ مات واستخلف عليكم رجلاً منكم فلم تشاورونا فى ذلك ،فرضينا وسلّمنا ، فلمّا توفّى الأمير جعل الأمر إلي ستّة نفر ، فاخترتم عثمان وبايعتموه عن غير مشورة منّا ; ثمّ أنكرتم من ذلك الرجل شيئاً فقتلتموه عن غير مشورة منّا ، ثمّ بايعتم عليّاً عن غير مشورة منّا ،فما الذى نقمتم عليه فنقاتله ؟ هل استأثر بفيء ؟ أو عمل بغير الحقّ ؟ أو عمل شيئا ًتُنكرونه فنكون معكم عليه ؟ وإلاّ فما هذا ؟ فهمّوا بقتل ذلك الرجل ، فقام من دونه عشيرته ، فلمّا كان الغد وثبوا عليه وعلي من كان معه ، فقتلوا سبعين رجلاً .
اخبار معاوية بأحداث البصرة
*ـعن محمّد وطلحةـ فى ذكر أصحاب الجمل ـ : كتبوا إلي أهل الشام بما صنعوا وصاروا إليه : إنّا خرجنا لوضع الحرب ،وإقامة كتاب الله عزّ وجلّ بإقامة حدوده فى الشريف والوضيع والكثير والقليل ، حتى يكون الله عزّ وجلّ هو الذى يردّنا عن ذلك .
فبايَعنا خيار أهل البصرة ونجباؤهم، وخالفَنا شرارهم ونزّاعهم، فردّونا بالسلاح وقالوا فيما قالوا: نأخذ اُمَّ المؤمنين رهينة ; أن أمرَتْهم بالحقّ وحثّتهم عليه .
فأعطاهم الله عزّ وجلّ سُنّة المسلمين مرّة بعد مرّة، حتي إذا لم يبق حجّة ولا عذر استبسل قتلة أمير المؤمنين، فخرجوا إلي مضاجعهم، فلم يفلت منهم مخبر إلاّ حُرقوص بن زهير، والله سبحانه مُقيده إن شاء الله . وكانوا كما وصف الله عزّ وجلّ . وإنّا نناشدكم الله فى أنفسكم إلاّ نهضتم بمثل ما نهضنا به ، فنلقي الله عزّ وجلّ وتلقونه ، وقد أعذرنا وقضينا الذى علينا . . .
قدوم عثمان بن حنيف
*ـتاريخ الطبري عن محمّد وطلحة: لمّا نزل علىّ الثعلبيّة أتاه الذى لقي عثمان بن حنيف وحرسه، فقام وأخبر القوم الخبر وقال: اللهمّ عافني ممّا ابتليت به طلحة والزبير من قتل المسلمين وسلّمنا منهم أجمعين. ولما انتهي إلى الإساد أتاه ما لقي حكيم بن جبلة وقتلة عثمان بن عفان، فقال: الله أكبر ما ينجينى من طلحة والزبير إذ أصابا ثأرهما أو ينجيهما؟ وقرأ:] مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا [ وقال :
دعا حكيم دعوة الزماع *** حلّ بها منزلة النزاع
ولمّا انتهوا إلى ذى قار انتهي إليه فيها عثمان بن حنيف وليس في وجهه شعر، فلمّا رآه علىّ نظر إلى أصحابه فقال: انطلق هذا من عندنا وهو شيخ فرجع إلينا وهو شاب.
*ـخرج ابن حنيف حتي أتي أمير المؤمنين وهو بذي قار، فلمّا نظر إليه أمير المؤمنين، وقد نكّل به القوم، بكي وقال: يا عثمان بعثتك شيخاً ألحي فردّوك أمرد إلى، اللهمّ إنّك تعلم أنّهم اجترؤا عليك واستحلّوا حرماتك، اللهمّ اقتلهم بمن قتلوا من شيعتي، وعجّل لهم النقمة بما صنعوا بخليفتي .
سير الناكثين الى البصرة
*- قال أبو مخنف: لما انتهت عائشة في مسيرها إلى الحوأب، وهو ماء لبني عامر بن صعصعة، نبحتها الكلاب، حتى نفرت صعاب إبلها، فقال قائل من أصحابها: ألا ترون، ما أكثر كلاب الحوأب، وما أشد نباحها! فأمسكت زمام بعيرها، وقالت: وإنها لكلاب الحوأب! ردوني ردوني؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: . . . وذكرت الخبر، فقال لها قائل: مهلاً يرحمك الله! فقد جزنا ماء الحوأب؛ فقالت: فهل من شاهد؛ فلفقوا لها خمسين أعرابياً، جعلوا لهم جعلاً، فحلفوا لها: إن هذا ليس بماء الحوأب، فسارت لوجهها.
*- لما انتهت عائشة وطلحة والزبير إلى حفر أبي موسى قريباً من البصرة، أرسل عثمان بن حنيف وهو يومئذ عامل علي عليه السلام على البصرة إلى القوم أبا الأسود الدؤلي يعلم له علمهم، فجاء حتى دخل على عائشة، فسألها عن مسيرها، فقالت: أطلب بدم عثمان، قال: إنه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد، قالت: صدقت، ولكنهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة، وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله. أنغضب لكم من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم! فقال لها: ما أنت من السوط والسيف! إنما أنت حبيس رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرك أن تقري في بيتك، وتتلي كتاب ربك، وليس على النساء قتال، ولا لهن الطلب بالدماء، وإن علياً لأولى بعثمان منك، وأمس رحماً؛ فإنهما ابنا عبد مناف، فقالت: لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت له، أفتظن يا أبا الأسود أن أحداً يقدم على قتالي! قال: أما والله لتقاتلن قتالاً أهونه الشديد.
ثم قام فأتى الزبير، فقال: يا أبا عبد الله، عهد الناس بك، وأنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك، تقول: لا أحدٌ أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب؛ وأين هذا المقام من ذاك! فذكر له دم عثمان، قال: أنت وصاحبك وليتماه فيما بلغنا! قال: فانطلق إلى طلحة فاسمع ما يقول، فذهب إلى طلحة، فوجده سادراً في غيّه، مصرّاً على الحرب والفتنة، فرجع إلى عثمان بن حنيف، فقال: إنها الحرب، فتأهب لها!
*- لما نزل علي رضي الله عنه بالبصرة، كتبت عائشة إلى زيد بن صوحان العبدي: من عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان؛ أما بعد فأقم في بيتك، وخذل الناس عن علي، وليبلغني عنك ما أحب، فإنك أوثق أهلي عندي، والسلام.
فكتب إليها: من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر؛ أما بعد فإن الله أمرك بأمر وأمرنا بأمر، أمرك أن تقري في بيتك، وأمرنا أن نجاهد، وقد أتاني كتابك، فأمرتني أن أصنع خلاف ما أمرني الله، فأكون قد صنعت ما أمرك الله به، وصنعت ما أمرني الله به، فأمرك عندي غير مطاع، وكتابك غير مجاب والسلام.
*- وركبت عائشة يوم الحرب الجمل المسمى عسكراً في هودج، قد ألبس الرفرف، ثم ألبس جلود النمر، ثم ألبس فوق ذلك دروع الحديد.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|