أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-05
301
التاريخ: 18-5-2022
1916
التاريخ: 2024-08-04
308
التاريخ: 21-6-2018
4846
|
إن المراد من اليد ليس خصوص يد الملكية بل بمفهومها العام الشامل ليد المالك والمستأجر ومتولي الأوقاف والمستعير والودعي, فان كيفية السلطة والاستيلاء على الاموال والمنافع مختلفة.
1. تعريف قاعدة اليد :
هي من القواعد التي يعتمدها الفقيه في المعاملات والقضاء للحكم من خلالها بالملكية فمن له الاستيلاء على شيء بحيث كان الشيء واقعاً في حوزته, ويعدُّ من توابعه فذلك الاستيلاء يكون أمارة على الملكية, فمن كان لابساً للثوب يتصرف فيه تصرف المالك له, أو له سيارة أو كتاب أو دار وأشباه ذلك ويتصرف في ذلك تصرف الملاك, فذلك بنفسه يعدُّ أمارة على ملكيته لذلك الشيء, إلاّ أن تقوم بينة ونحوها على خلاف ذلك فتسقط أمارية اليد عن الاعتبار.
2. لماذا سميت قاعدة اليد :
فقد عبّر عن قاعدة اليد كناية عن الاستيلاء وكون الشيء تحت تصرف الشخص وفي حوزته, وليس المقصود بها الجارحة الخاصة بنحو الحقيقة.
ولعل المناسبة في الاستعانة باليد للتعبير عن ذلك هي ان التصرف والاستيلاء يقع عادةً باليد, وإن المنشأ الاول لملكية الانسان الأشياء هي الحيازة, والحيازة تقع عادة باليد لذا عبَّر باليد كناية على الاستيلاء.
3. التدوين التاريخي للقاعدة :
تعرض الشيخ النراقي في كتاب عوائد الايام الى هذه القاعدة, وبحثها الشيخ الأنصاري في مبحث الاستصحاب عند تعارضها له وأيهما يقدم, وكتب الشيخ الأصفهاني صاحب كتاب نهاية الدراية رسالة مستقلة في قاعدة اليد.
4. الفرق بيـن قاعدة اليد وقاعدة أخبار ذي اليد :
ان قاعدة اليد تعني أن نفس اليد أمارة على ملكية صاحبها, أما قاعدة إخبار ذي اليد فالمقصود منها ان من كانت له يد الاستيلاء على شيء فإذا أخبر عن حال من أحواله ككونه طاهراً أو نجساً صُدِّق في ذلك وكان إخباره حجة.
والحجة في قاعدة إخبار ذي اليد هو الإخبار المقيّد باليد دون نفس اليد مثل الإخبار بملكية السيارة الى خالد مثلاً.
5. الفرق بيـن قاعدة اليد وقاعدة على اليد :
ان قاعدة اليد يراد بها جعلها أمارة على الملك, بينما قاعدة على اليد يراد بها جعل اليد سبباَ للضمان وهي قاعدة أخرى مستقلة.
6. مدرك القاعدة : لا شك في حجية اليد ودلالتها على الملك.
أولاً:
الأخبار : إن الأخبار المستدل بها على القاعدة - وإن كانت كثيرة- لا يمكن التمسك بها إطلاقاً في موارد الشك, وإنما تدل على القاعدة في الجملة, وهذه الأخبار هي إرشادية إلى السيرة العقلائية ومنها :
1. صحيحة حماد بن عثمان عن الامام الصادق عليه السلام في حديث فدك قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام قال لأبي بكر: أتحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا, قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه أدعيتُ أنا فيه من تسأل البينة؟ فقال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين, قال: فاذا كان في يدي شيء فأدعى فيه المسلمون تسألني البينة على ما في يدي وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وبعده ولم تسأل المؤمنين البيّنة على ما ادّعوه عليّ, سألتني البينة على ما أدعيت عليهم... إلى آخره)(1).
2. رواية حفص بن غياث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام (قال له رجل: إذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي أن أشهد انه له؟ قال: نعم؛ قال الرجل: أشهد انه في يده ولا أشهد انه له فلعله لغيره. فقال ابو عبد الله الصادق عليه السلام أفيحلُّ الشراء منه؟ قال: نعم. فقال ابو عبد الله عليه السلام فلعله لغيره ، فمن أين جاز لك ان تشتريه ويصير ملكاً لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه؟ ولا يجوز أن تنسبَه الى من صار ملكه من قبله إليك؟ ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : لو لم يَجُز هذا لم يقم للمسلمين سوق)(2).
والرواية صريحة, إن اليد لو لم تكن دليلاً على الملك لزم العسر الأكيد, والحرج الشديد, واختل النظام, ومعلوم أنه إذا لم يقم للناس سوق لم يقم لهم بلد ولا دار ولا شيء من أمور معاشهم ودنياهم ودينهم.
3. موثقة يونس بن يعقوب عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام في أمراة تموت قبل الرجل أو رجل قبل المرأة. قال (ما كان من متاع النساء فهو للمرأة, وما كان من متاع الرجال فهو للرجل, وما كان من متاع الرجل والنساء فهو بينهما، ومن استولى على شيء منه فهو له) (3) .
فإن جملة (من استولى على شيء منه فهو له) واضحة الدلالة على حجية اليد.
4. صحيحة جميل بن دراج عن الإمام الصادق عليه السلام (قلت: فرجل وجد في صندوقه ديناراً قال عليه السلام يدخل احدٌ يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئاً قلت لا: قال عليه السلام فهو له)(4).
ثانياً: سيرة العقلاء: ان أهم مدرك لقاعدة اليد هي سيرة العقلاء الجارية على التعامل مع صاحب اليد معاملة المالك، فمن كانت له يد على دار نتعامل معه معاملة المالك، فإذا أراد بيعها اشتريناها منه، وإذا وهبها قبلنا هبته، وإن عادة العقلاء قد جرت على ذلك، وحيث انه لم يردع عنها فهي ممضاة.
وهذه السيرة إنما نشأت من المبادئ الأولية في حصول الملك, فإنها نشأت حينما نشأ من ناحية الحيازة على الأشياء التي توجد في عالم الطبيعة, وهي معتمدة في سابق الأزمان على اليد الجارحة, ثم جاءت بعد ذلك الأولوية الاعتبارية التشريعية (5).
إن مدرك هذه السيرة العقلائية على أمارية اليد هي عدة آراء منها:
1. الشيخ النائيني اختار جهة الغلبة أي أن غالب أصحاب الأيدي كونهم ملاّكاً وليسوا غاصبين وهذا يدل عن دلالتها على الملكية (6).
2. الشيخ أغا ضياء العراقي أعتبر إن قاعدة اليد وظيفة عملية يرجعون إليها في ظروف الجهل بالواقع, فإن العقلاء كما لهم أمور يرجعون إليها من باب كونها كاشفة عن الواقع, كما هو الحال في خبر الثقة وبقية الأمارات كذلك لهم أمور يرجعون إليها عند استتار الواقع من باب أن استقامة نظام معاملاتهم لا تتم إلاّ بذلك.
3. الشيخ الأنصاري في الرسائل أشار الى كلى الرأيين فقال المحتمل تمسك العقلاء باليد من باب الغلبة ومن المحتمل كونه من باب الوظيفة العملية ثم رجح كون مدرك أمارية اليد هي الغلبة(7).
4. السيد الشهيد محمد باقر الصدر اعتبر الغلبة هي مدرك سيرة العقلاء حيث ان العقلاء يبنون على اليد جهة الكاشفية للاستيلاء الخارجي عن الاستيلاء التشريعي الذي هو عبارة أخرى عن الملكية(8).
ثالثاً: الإجماع: الإجماع المدعى على القاعدة فهو محتمل المدرك حيث يحتمل استناده الى الأخبار أو السيرة فهو إجماع مدركي لا حجة فيه.
وقال السيد الشهيد السيد محمد الصدر (وهي من القواعد الفقهية المسلمة فقهياً وقانونياً وعقلانياً ومتشرعياً وعليها إجماع علماء المسلمين) (9).
7. ضابط اليد :
إن اليد أمارة على الملك للسيرة العقلائية يجدر ان نحدد المقصود من كون الشيء تحت اليد وانه لا يقصد جزماً كون الشيء مقبوضاً باليد كقبض القلم والدينار للجزم بتحقق اليد في مثل السيارة والدار عرفاً والحال أنها ليست مقبوضة في اليد وكذلك لا يكفي التصرف أي تحت قدرة التصرف فإن رئيس الدولة ذائد على جميع ما في الدولة من أشياء لأنه قادر على التصرف في شيء.
والحاصل ان اليد عبارة عن تصرف الشخص في شيء ووقوعه في حوزته بحيث يُعدُّ من توابعه عرفا، ويبقى الرجوع الى العرف هو الميزان الأساسي لتشخيص صدق اليد وعدمه, فمن بيده مفتاح الدار مع سكن الغير فيها لا يصدق كونه صاحب يد عليها بخلاف ما إذا لم تكن مسكونة.
وقد يتعارض أنحاء اليد بالنسبة إلى أشخاص مسيطرين على شيء واحد بأنحاء مختلفة, وكل يدعي كونه مالكاً, كدعوى المشتري وصاحب الدكان في متاع يكون بيد المشتري من دكان غيره, فالمشتري يدعي أنها ملكه اشتراها من غيره, وصاحب الدكان يدعي انه من أمتعته, وهما في الدكان, فلا يبعد أن يقال بكون كل منهما ذات يد على المتاع, فمن جهة المشتري كون المتاع بيده حقيقة, وصاحب الدكان من جهة كونه في حيطة سلطانه واستيلائه, وهذا ناشئ من تنوّع اليد باختلاف المقامات, وقد يكون بعض هذه الأيدي أقوى من بعض, وقد تتساوى فتتعارض, ولحل الدعاوي مقام آخر.
اتفق الأصوليون على تقدم قاعدة اليد على الاستصحاب عند اجتماعهما في مورد واحد فمن جعلها لها جهة الكشف والطريقة فهي أمارة، ومن اعتبرها وظيفة عملية عند عدم وجود كاشف معتبر عن الواقع فهي أصل.
وإما وجه تأخر قاعدة اليد عن الأمارات فأن كانت هي من الأصول فواضح, وإن قلنا هي من الأمارات, فوجه تقدم البينة عليها هو ان بناء العقلاء على اليد يقدم على إلحاق اليد المشكوكة باليد العرفية الشرعية (المالكة), فإن قامت الأمارة على أنّ هذا الشيء الذي بيد محمد هو لعلي, فلا يبقى شك بنظر العرف, ومعه لا مجال للإلحاق.
وكذلك لو أقرَّ محمد انّ ما بيده كان لعلي, وقد انتقل إليه, فإن العقلاء يرون درجة الكشف في إقراره أن العين لعلي أقوى من درجة كشف اليد أنها له.
9. اليد على المنافع :
انعقدت السيرة على أن اليد على العين كونها أمارة على الملك, أما وضع اليد على المنفعة مثل سكن رجلٌ داراً وعلمنا بعدم كونه مالكا فهل نحكم بملكه على المنفعة بإجارة أم لا تمسك بأمارة اليد؟ فإن القدر المتيقن من سيرة العقلاء هو إثبات ملك العين باليد, وأما ملك المنافع مستقلاً عن العين فهو مشكوك فيقتصر على القدر المتيقن, نعم إذا كان مسلّماً, فالأصل في صحة تصرفاته. ومن المعلوم أن المنافع ليس لها وجود فعلي لتتعلق به اليد وإنما توجد بالاستيفاء شيئاً فشيئاً. فلا تشمل قاعدة اليد المنافع.
تطبيقات :
1. ان ملاك حجية اليد ليس غلبة الأيدي المالكية, بل الملاك فيها ظهور حال اليد وهو مقتضى طبعها الأولي.
2. ان هذه الغلبة قد انقلبت في الاعيان الموقوفة, فإن الغالب في الايدي الجارية عليها حدوثاً أو بقاءً بأي نحو كانت هو عدم المالكية.
3. إذا كانت اليد لا بعنوان الملك كالإجارة أو العارية أو العدوان ثم شك في انقلابها ملكاً فلا تكون حجة في ذلك.
4. اجراء أمارة الملكية لليد في الحالة السابقة المشكوكة الحال.
5. البينة أقوى من أمارة اليد لإثبات الملكية.
6. إذا علم شخص من الخارج ان استيلاء الشخص الفلاني على عين خاصة ليس استيلاءً مالكياً فتسقط يده عن الدلالة على الملك, ولكن تبقى يده على المنافع دليلاً على ملكه لها.
7. لو شك الإنسان في بعض ما في يده أنه ملكه أو أمانة للغير أو شبيهها فلا شك في أجراء حكم الملك عليه مالم تقم قرينة على ملك غيره.
8. من وجد شيئاً في صندوقه ولا يعلم لمن, فقاعدة اليد تثبت ملكيته له اذا كان يتصرف بالصندوق وحده دون غيره.
9. صاحب اليد على شيء عليه اليمين فإن ادّعى شخص أخر ملكيته لما في يد صاحب اليد فعليه البينة ويسمى المدعي.
10. وضع اليد على المباحات العامة أو غنيمة الحرب تصبح ملكاً له. (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحق به)(10), عن النبي صلى الله عليه واله وسلم (من أحيا أرضاً مواتاً فهي لهُ).
11. الحقوق والمنافع وضع اليد عليها لم تكن أمارة على الملكية.
12. يد المسلم أمارة على التذكية لإصالة صحة أفعال المسلم.
13. قبول قول صاحب اليد في أحوال العين التي تحت يده كونها نجسة أو طاهرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل/ الحر العاملي/ ج27/ ص293/ باب 25/ ابواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
(2) المصدر نفسه.
(3) الوسائل/ الحر العاملي/ ج26/ ص216/ الباب8 من أبواب ميزات الأزواج/ ح3.
(4) الوسائل/ الحر العاملي/ ج25/ ص446/ باب3/ اللقطة/ ح1.
(5) القواعد الفقهية/ الشيخ مكارم الشيرازي: ج1/ ص282.
(6) نهاية الأفكار/ محمد تقي البروجردي/ ج2/ ص21.
(7) فوائد الأصول/ الشيخ محمد علي الكاظمي/ 409.
(8) بحوث في شرح العروة الوثقى/ السيد محمد الصدر/ ج2/ ص104.
(9) ما وراء الفقه/ السيد محمد الصدر/ ج3/ ق2/ ص37.
(10) المكاسب/ الشيخ الأنصاري/ ج1/ ص161.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|