المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الامطار في الوطن العربي
2024-11-05
ماشية اللحم في استراليا
2024-11-05
اقليم حشائش السافانا
2024-11-05
اقليم الغابات المعتدلة الدافئة
2024-11-05
ماشية اللحم في كازاخستان (النوع كازاك ذو الرأس البيضاء)
2024-11-05
الانفاق من طيبات الكسب
2024-11-05

عرب الشمال والجنوب
5-2-2017
المضادات الحيوية
17-1-2016
كوكب الزُّهرة
5-12-2019
مقدّمة في ذكر ما يتعلق بالعدالة من الفضائل والرذائل.
2024-02-28
أدوات النسخ
27-04-2015
هل يصح التبعيض في التوبة
21-7-2016


الشفاعة يوم القيامة  
  
1356   09:13 صباحاً   التاريخ: 15-4-2018
المؤلف : السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني النجفي
الكتاب أو المصدر : عقائد الإمامية الإثني عشرية
الجزء والصفحة : ج2 ، 274- 686
القسم : العقائد الاسلامية / المعاد / الشفاعة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-03-2015 625
التاريخ: 15-4-2018 758
التاريخ: 11-08-2015 629
التاريخ: 11-08-2015 681

يقع الكلام فيها من جهات :

الاولى : أنه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة لسيد المرسلين خاتم الأنبياء محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم في أمته بل في سائر الامم الماضين، بل ذلك من ضروريات الدين، قال اللّه تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا} [الإسراء: 79].

الثانية: الملك والسلطان الدنيوي بأنواعه وأقسامه وبجميع شئونه وقواه المقننة الحاكمة والمجرية مبتنية على حوائج الحياة وغايتها رفع الحاجة حسب ما يساعد عليه العوامل الزمانية والمكانية، فربما بدل متاع من متاع أو نفع من نفع أو حكم من حكم من غير ميزان كلى يضبط الحكم ويجري ذلك في باب المجازاة أيضا، فإن الجرم والجناية عندهم يتبع العقاب، وربما بدل الحاكم العقاب لغرض يستدعي منه ذلك كان يلحّ المحكوم الذي يرجى عقابه على القاضي ويسترحمه أو يرتشيه فينحرف في قضائه، فيجزي أي يقضي فيه بخلاف الحق أو يبعث المجرم شفيعا يتوسط بينه وبين الحاكم أو مجري الحكم أو يعطي عدلا وبدلا، إذا كانت حاجة الحاكم المريد للعقاب إليه أزيد وأكثر من الحاجة إلى عقاب ذلك المجرم أو يتنصر قومه فينصرونه فيتخلص بذلك عن تبعة العقاب ونحو ذلك.

تلك سنة جارية وعادة دائرة بينهم، وكانت الملل القديمة من الوثنيين وغيرهم تعتقد أن الحياة الآخرة نوع حياة دنيوية يطرد فيها قانون الأسباب ويحكم فيها ناموس التأثير والتأثر المادي الطبيعي فيقدمون إلى آلتهم أنواع القرابين والهدايا للصفح عن جرائمهم أو الإمداد في حوائجهم أو يتشفعون بها أو يفدون بشي‏ء عن جريمة أو يستنصرون بنفس أو سلاح حتى أنهم كانوا يدفنون مع الأموات أنواع الزخرف والزينة ليكون معهم ما يتمتعون به في آخرتهم، وربما الحدوا معه من الجواري من يستأنس بها، ومن الأبطال من يتنصر به الميت، وتوجد اليوم في المتاحف بين الآثار الأرضية عتائق كثيرة من هذا القبيل، ويوجد عقائد متنوعة (شبيهة بتلك العقائد) بين الملل الإسلامية على إختلاف ألسنتهم وألوانهم بقيت بينهم بالتوارث، وربما تلوّنت لونا بعد لون وجيلا بعد جيل.

والآيات الواردة في نفي الشفاعة في هذا المورد، وقد أبطل القرآن جميع هذه الآراء الواهية والأقاويل الكاذبة. فقد قال عز من قائل: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 19]. وقال: {وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166].

وقال: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 94]. وقال: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [يونس: 30]. إلى غير ذلك من الآيات التي بيّن فيها ان الموطن خال عن الأسباب الدنيوية، وبمعزل عن الارتباطات الطبيعية، وهذا أصل يتفرع عليه بطلان كل واحد من تلك الأقاويل والأوهام على طريق الإجمال، ثم فصّل القول في نفي واحد منها وإبطاله، فقال: { وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48] . وقال: {يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ } [البقرة: 254]. وقال: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ } [الدخان: 41]. وقال: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} [غافر: 33] وقال: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} [الصافات: 25، 26].

وقال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [يونس: 18]. وقال: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] وقال: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ } [الشعراء: 100، 101].

إلى غير ذلك من الآيات الكريمة النافية لوقوع الشفاعة وتأثير الوسائط والأسباب يوم القيامة هذا.

القرآن يثبت الشفاعة في الجملة :

ثم إن القرآن لا ينفي الشفاعة من أصلها بل يثبتها بعض الإثبات‏ {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: 44]. وقال تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } [البقرة: 255] .

و قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ } [يونس: 3].

وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } [الأنبياء: 26 - 28]. وقال: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]. وقال: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا } [مريم: 87]. وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 109، 110]. وقال تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23]. وقال تعالى: { وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26]. فهذه الآيات كما ترى بين ما يحكم باختصاص الشفاعة باللّه عزّ اسمه مثل بعض الآيات المذكورة وبين ما يعممها لغيره تعالى بإذنه وارتضائه وكيف كان فهي تثبت الشفاعة بلا ريب.

ومن هنا يظهر أن الآيات النافية للشفاعة إن كانت ناظرة إلى يوم القيامة، فإنما تنفيها عن غيره تعالى بمعنى الاستقلال في الملك والآيات المشبه تشبها للّه سبحانه بنحو الأصالة ولغيره تعالى بإذنه وتمليكه، فالشفاعة ثابتة لغيره تعالى بإذنه.

وقد عرفت أن هناك آيات تنفيها فتكون النسبة بين آيات الشفاعة وبين آيات النافية لها كالنسبة بين الآيات النافية لعلم الغيب عن غيره وإثباته له تعالى بالاختصاص ولغيره بارتضائه. قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] وقال‏ {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } [الأنعام: 59] ، وقال تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [الأعراف: 188]. وإثبات الغيب لغيره بارتضائه تعالى. وقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26، 27]. وكذلك الآيات الناطقة في التوفي والخلق والرزق والتأثير والحكم والملك وغير ذلك فإنها شائعة في اسلوب القرآن حيث ينفي كل كمال عن غيره تعالى ثم يثبته لنفسه ثم يثبته لغيره بإذنه ومشيئته فتفيد أن الموجودات غيره تعالى لا تملك ما تملك من هذه الكمالات بنفسها واستقلالها، وإنما تملكها بتمليك اللّه لها إياها.

ما هي الشفاعة :

الشفاعة على ما عرفت من معناها إجمالا بالقريحة المكتسبة من الاجتماع والتعاون وهي من الشفع مقابل الوتر كأن الشفيع ينضم إلى الوسيلة الناقصة التي مع المستشفع فيصير به زوجا بعد ما كان فردا فيقوى على نيل ما يريده لو لم يكن يناله وحده لنقص وسيلته وضعفها وقصورها من الامور التي نستعملها لإنجاح المقاصد، وجل الموارد التي نستعملها فيها إما مورد يقصد فيها جلب المنفعة والخير، وإما مورد يطلب فيها دفع المضرة والشر، ومن هنا يظهر للمتأمّل أن الشفيع إنما يحكم بعض العوامل المربوطة بالمورد المؤثرة في رفع العقاب.

الشفاعة إما تكوينية أو تشريعية :

أما الشفاعة من جهة التكوين. فانطباق معنى الشفاعة على شأن الأسباب والعلل الوجودية المتوسطة واضح لا يخفى فإنها تستفيد من صفاته تعالى العليا من الرحمة والخلق والإحياء والرزق وغير ذلك إيصال أنواع النعم والفضل إلى كل مفتقر محتاج من خلقه، وكلامه تعالى يحتمل أيضا ذلك‏ {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255]. وأما من الجهة الثانية وهي النظر إليه من جهة التشريع، فالذي ينبغي أن يقال أن مفهوم الشفاعة على ما سبق من التحليل يصح صدقه في مورده ولا محذور في ذلك وعليه ينطبق قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } [طه: 109]. وقوله: {لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ} [طه: 109].

فمن الشفاعة التشريعية ما يستدعي في الدنيا مغفرة من اللّه سبحانه أو قربا وزلفى فهو شفيع يتوسط بينه وبين عبده ومنه التوبة كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ } [الزمر: 53، 54]. ويعم شموله لجميع المعاصي حتى الشر.

ومنه الإيمان. قال تعالى: {آمِنُوا بِرَسُولِهِ} [الحديد: 28]‏ إلى قوله‏ {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [آل عمران: 31].

ومنه كل عمل صالح. قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 9]. والآيات فيه كثيرة.

ومنه القرآن لقوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16].

ومنه كل ما له ارتباط بعمل صالح والمساجد والأمكنة المتبركة والأيام الشريفة.

ومنه الملائكة في استغفارهم للمؤمنين قال: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا} [غافر: 7] ، وقال تعالى : {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الشورى: 5].

و منه المؤمنون باستغفارهم لأنفسهم ولإخوانهم المؤمنين، قال تعالى حكاية عنهم: { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا } [البقرة: 286].

ومنه الأنبياء والرسل : الأنبياء والرسل يستغفرون لاممهم. قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64].

وقال تعالى: {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26] إلى أن قال: {لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] .

تتعلق الشفاعة بأهل المعاصي الكبيرة :

قد عرفت أن الشفاعة منها تكوينية تتعلق بكل سبب تكويني عالم الأسباب ومنها شفاعة تشريعية متعلقة بالثواب والعقاب فمنها ما يتعلق بعقاب كل ذنب الشرك فما دونه كشفاعة التوبة والإيمان قبل يوم القيامة ومنها ما يتعلق بتبعات بعض الذنوب كبعض الأعمال الصالحة. وأما الشفاعة المتنازع فيها وهي شفاعة الأنبياء وغيرهم يوم القيامة لرفع العقاب ممن استحقه بالحساب فمتعلقها أهل المعاصي الكبيرة ممن يدين دين الحق وقد ارتضى اللّه دينه.

الأخبار تثبت الشفاعة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم والأئمة الاثنا عشر عليهم السلام ولبعض المؤمنين يوم القيامة :

في الخصال من طرق العامة عن أنس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم لكل نبي دعوة قد دعا بها، وقد سئل سؤالا وقد أخبأت دعوتي لشفاعتي لامتي يوم القيامة.

وعن الصادق عليه السّلام عن أباه عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلم قال: ثلاثة يشفعون الى اللّه عز وجل فيشفعون الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء.

وفي العيون عن الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم قال: من لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي، ثم قال: إنما شفاعتي لأهل الكبائر من امتي فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قال الراوي فقلت: للرضا (عليه السلام) يا ابن رسول اللّه فما معنى قوله عز وجل : {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] ؟ قال: لا يشفعون إلا لمن ارتضى دينه.

وفي الامالي عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم قال: (إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امتي فيشفعن اللّه فيهم واللّه لا تشفعت فيمن آذى ذريتي).

وعن الصادق عليه السّلام قال: (من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا المعراج والمساءلة في القبر والشفاعة).

وفي العياشي عن سماعة بن مهران عن الكاظم عليه السّلام في قول اللّه عز وجل: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قال: (يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين عاما، ويؤمر الشمس فيركب على رءوس العباد ويلجهم العرق ويؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم فيستشفعون منه فيدلهم على نوح، ويدلهم نوح على ابراهيم ويدلهم ابراهيم على موسى ويدلهم موسى على عيسى ويدلهم عيسى فيقول عليكم بمحمد خاتم البشر) فيقول محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم: (أنا لها فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق فيقال له من هذا واللّه أعلم فيقول: محمد فيقال افتحوا له فإذا فتح الباب استقبل ربه فخرّ ساجدا فلا رفع رأسه حتى يقال له تكلم وسل تعط، واشفع تشفع فيرفع رأسه يستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع من قد احرق بالنار فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الامم أوجه من محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم وهو قول اللّه تعالى‏ : {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79].

أقول: وهذا المعنى مستفيض مروي بالاختصار والتفصيل بطرق متعددة من العامة والخاصة، وفيها دلالة على كون المقام المحمود في الآية هو مقام الشفاعة، ولا ينافي ذلك كون غيره صلّى اللّه عليه وآله وسلم من الأنبياء وغيرهم جائز الشفاعة لإمكان شفاعتهم فرعا لشفاعته، فافتتاح الشفاعة بيده صلّى اللّه عليه وآله وسلم.

وفي تفسير العياشي أيضا عن أحدهما عليه السلام في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} ، قال هي الشفاعة.

وفي تفسيره أيضا عن عبيد بن زرارة قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المؤمن هل له شفاعة قال نعم، فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم يومئذ، قال نعم إن للمؤمنين خطايا وذنوبا، وما أحد إلا يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذ قال وسأله رجل عن قول رسول اللّه أنا سيد ولد آدم ولا فخر، قال نعم قال يأخذ حلقة باب الجنة فيفتحها فيخر ساجدا فيقول اللّه ارفع رأسك اشفع تشفع اطلب تعط فيرفع رأسه ثم يخر ساجدا فيقول اللّه ارفع رأسك اشفع تشفع واطلب تعط ثم يرفع رأسه فيشفع فيشفع ويطلب فيعطى.

وفي تفسير الفرات عن محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا عن بشر بن شريح البصري قال لمحمد بن علي عليه السلام: أي آية في كتاب اللّه أرجى قال فما يقول فيها قومك قلت يقولون‏ {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] قال (عليه السلام) لكنا أهل البيت لا نقول ذلك قال قلت فأي شي‏ء تقولون فيها قال نقول‏ : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } [الضحى: 5] الشفاعة واللّه الشفاعة واللّه الشفاعة.

و في تفسير القمي (ره) في قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [سبأ: 23] عن أبي العباس المكبر قال : قال مولى لامرأة علي بن الحسين يقال له ابو أيمن فقال يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون شفاعة محمد شفاعة محمد فغضب أبو جعفر حتى تربد وجهه، أي تغيّر، ثم قال ويحك يا أبا أيمن، أغرّك أن عف بطنك وفرجك، أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد، ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار، قال ما من أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم يوم القيامة.

وقال الصدوق (ره) في العقائد: اعتقادنا في الشفاعة انها لمن ارتضى دينه من أهل الكبائر والصغائر، فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة وقال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي، وقال صلّى اللّه عليه وآله وسلم لا شفاعة أنجح من التوبة والشفاعة للأنبياء والأوصياء والمؤمنين والملائكة، وفي المؤمنين من يشفع في مثل ربيعة ومضر، وأقل المؤمنين شفاعة من يشفع في ثلاثين انسانا، والشفاعة لا تكون لأهل الشك والشرك، ولا لأهل الكفر والجحود بل تكون للمؤمنين من أهل التوحيد، انتهى كلامه.

قال الخواجة في التجريد: الإجماع على الشفاعة فقيل لزيادة المنافع ويبطل منا في حقه صلّى اللّه عليه وآله وسلم وباقي السمعيات متأولة بالكفار، انتهى كلامه رفع مقامه، ذكرنا ان اجماع المسلمين بل الضرورة من الدين ورد على ثبوت الشفاعة.

شفاعة علي بن أبي طالب وأولاده الأوصياء (عليهم السلام) :

في العلل عن الصادق عليه السلام قال: شيعتنا من نور اللّه خلقوا وإليه يعودون، وواللّه انكم لملحقون بنا يوم القيامة، وأنا لنشفع فنشفع وواللّه انكم تشفعون فتشفعون، وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله‏ وجنة عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة وأعداءه النار.

وفي تفسير القمي (ره) عن الباقر والصادق عليهما السلام قالا: واللّه لتشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى تقول: أعداؤنا إذا رأوا ذلك {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 100 - 102].

وفي رواية العباس المكبّر ثم قال أبو جعفر عليه السلام: إن لرسول اللّه الشفاعة في امته ولنا شفاعة في شيعتنا ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم، ثم قال: وان المؤمن يشفع في مثل ربيعة ومضر، وان المؤمن ليشفع حتى لخادمه.

شفاعة أمير المؤمنين عليه السلام :

وروى الصدوق (ره) في العيون مسندا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن للجنة لثمانية أبواب باب يدخل منه النبيون والصديقون وباب يدخل منه الشهداء والصالحون وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول يا رب سلم شيعتي ومحبي وأنصاري ومن تولاني في دار الدنيا، فإذا النداء من بطنان العرش قد اجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك ويشفع كل رجل من شيعتي، ومن تولاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألف من جيرانه وأقربائه، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا اللّه ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت، في البحار ج 15 صفحة 33 عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال: دخل سماعة ابن مهران على الصادق عليه السلام فقال: يا سماعة من شر الناس قال نحن يا ابن رسول اللّه قال فغضب حتى احمرت وجنتيه، ثم استوى جالسا وكان متكئا فقال يا سماعة من شر الناس عند الناس فقلت واللّه ما كذبتك يا ابن رسول اللّه نحن شر الناس عند الناس لانهم سمونا كفارا ورفضة، فنظر إلي ثم قال كيف بكم إذا سيق بكم الى الجنة وسيق بهم الى النار فينظرون إليكم ويقولون: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ} [ص: 62] يا سماعة بن مهران‏ أنه من أساء منكم إساءة مشينا الى اللّه تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع واللّه لا يدخل النار منكم عشرة رجال واللّه لا يدخل النار منكم خمسة رجال واللّه لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال واللّه لا يدخل النار منكم رجل فتنافسوا في الدرجات واكمدوا عدوكم بالورع، وفي البحار ج 15 صفحة 128 عن الرضا عليه السلام عن آبائه قال : قال رسول اللّه: إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين اللّه عز وجل حكمنا فيها، فأجابنا ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناه فوهبت لنا، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من عفا وصفح .

حب أهل البيت يكفر الذنوب :

عن الرضا عليه السلام أيضا عن آبائه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم: (حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات) وإن اللّه تعالى يتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلا ما كان منهم فيها على أضرار وظلم للمؤمنين فيقول للسيئات كوني حسنات.

عن أبي اسامة زيد الشحام قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اسمي في تلك الأسماء يعني في كتاب اصحاب اليمين قال نعم وعنه أيضا قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يا زيد كم أتى لك سنة قلت كذا وكذا قال يا أبا أسامة أبشر فأنت معنا وأنت من شيعتنا أما ترضى أن تكون معنا قلت بلى يا سيدي فكيف لن أكون معكم فقال يا زيد ان الصراط إلينا وان الميزان إلينا وحساب شيعتنا إلينا واللّه يا زيد اني أرحم بكم من أنفسكم واللّه لكأني أنظر أليك وإلى الحرث بن مغيرة النضري في الجنة في درجة واحدة.  الكنى والألقاب ج 1 صفحة 6.

وفي الخصال في حديث الأربعمائة، قال عليه السلام لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة.

وفي تفسير القمي (ره) في قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23] ، قال صلّى اللّه عليه وآله وسلم: لا يشفع احد من انبياء اللّه ورسله حتى يأذن اللّه له إلا رسول اللّه فإن اللّه اذن له في الشفاعة قبل يوم القيامة، والشفاعة له وللأئمة من ولده، ثم من بعد ذلك للأنبياء.

شفاعة السادات والعلويين يوم القيامة :

في أمالي الصدوق (ره) وبشارة المصطفى عن ابي بصير عن الصادق عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه الأولين والآخرين في صعيد واحد فتغشاهم ظلمات شديدة فيضجون إلى ربهم ويقولون: يا رب اكشف منا هذه الظلمة، قال: فيقبل قوم يمشي النور بين ايديهم قد اضاء ارض القيامة، فيقول اهل الجمع: فهؤلاء ملائكة فيجيئهم النداء من عند اللّه، ما هؤلاء بملائكة، فيقول اهل الجمع: من انتم؟ فيقولون: نحن العلويون نحن ذرية محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم نحن اولاد علي وليّ اللّه نحن المخصوصون بكرامة اللّه نحن الآمنون المطمئنون فيجيئهم النداء من عند اللّه عزّ وجل اشفعوا في محبيكم وأهل مودتكم وشيعتكم فيشفعون.

وفي عمدة الطالب قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم: كل سبب ونسب وصهر منقطع إلا نسبي وصهري، فإنه يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبهما، وفيها أيضا عن عمر بن الخطاب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، ما خلا سببي ونسبي، كل قوم عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم.

والآيات والروايات التي وردت في حق السادات بسم اللّه الرحمن الرحيم، قال اللّه تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1 - 3].

ذكر الفخر الرازي في تفسيره الكوثر أولاده عليهم السلام قالوا: لأن هذه السورة إنما نزلت ردا على من عابه عليه السّلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنه يعطيه نسلا يبقون على مرّ الزمان، فأنظر كم قتيل من أهل البيت ثم العالم ممتلى منهم، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم أنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام، والنفس الزكية وأمثالهم.

{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } [الشورى: 23].

وذكر الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره في ذيل الآية روايات في فضائل الذرية والعلوية.

ذكر الفيض الكاشاني في تفسير الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] المراد من عبادنا العترة الطاهرة خاصة. واعلموا إنما غنمتم من شي‏ء فأن للّه خمسه وللرسول ولذي القربى، وفي قوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7] ، وفي قوله تعالى: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ} [الإسراء: 26].

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.