المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

Rule 110
25-8-2021
Hofstadter,s Q-Sequence
28-10-2020
الحجب التجسيمي Steric Hindrance
21-3-2020
علي سيد الوصيين ، إمام المتقين ، سيد العرب ، سيد في الدنيا.
14-5-2022
Reflectors: Newtonian reflectors
21-8-2020
العوامل الطبيعية المؤثرة في الجذب السياحي
2/11/2022


الدفاع الموفق أو النصر المجدّد  
  
3276   08:02 صباحاً   التاريخ: 23-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص170-176.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

لو أننا أسمينا هذه المرحلة من تاريخ الاسلام بمرحلة النصر المجدّد لما قلنا جزافا، فان المقصود من هذا الانتصار هو أن المسلمين استطاعوا ـ وخلافا لتوقعات العدو الحاقد ـ أن يصونوا رسول الله (صلى الله عليه واله) من خطر الموت الذي كاد أن يكون محققا، وهذا هو انتصار مجدّد أصابه جند الاسلام.

أما إذا عزونا هذا الانتصار إلى جيش الاسلام برمّته فان ذلك انما هو لأجل تعظيم مقام المجاهدين المسلمين، وإلاّ فان ثقل هذا الانتصار العظيم وقع على عاتق عدد معدود جدا من رجال الاسلام الذين صانوا حياة الرسول الاكرم عن طريق المخاطرة بحياتهم، وتعريضها للخطر الجدي.

وفي الحقيقة فإنّ بقاء الدولة الاسلامية، وبقاء جذوة هذا الدين المبارك مشتعلة إنما هو نتيجة تضحيات تلكم القلة القليلة المتفانية في سبيل الله ورسوله.

وإليك فيما يلي استعراضا إجماليا لتضحيات اولئك الرجال المتفانين في سبيل العقيدة والدين :

1 ـ إن أول وأبرز الرجال الصامدين الثابتين على طريق الجهاد والتضحية في هذه الواقعة هو شاب بطل لم يتجاوز ربيعه السادس والعشرين من عمره...، هو الذي رافق رسول الله (صلى الله عليه واله) من سني صغره وبدايات حياته وحتى لحظة وفاة الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله).

إن بطل الاسلام الاكبر وان ذلك الفدائي الواقعي هو الامام عليّ بن أبي طالب  (عليه السلام) الذي تحفظ ذاكرة التاريخ الاسلامي عنه الكثير الكثير من مواقف التضحية والفداء في سبيل نشر الاسلام والدفاع عن حوزة التوحيد، وارساء دعائمه.

وفي الاساس ان هذا الانتصار المجدّد ـ على غرار الانتصار الأول ـ إنما جاء نتيجة لبسالة وبطولة هذا المجاهد المتفاني في سبيل الاسلام ذلك لأن السبب الجوهري في هزيمة قريش وفرارها في بداية المعركة كان هو سقوط لوائها بعد مقتل كل حملة اللواء على يد الامام علي (عليه السلام)، وبالتالي نتيجة للرعب الذي القي في قلوبهم لما رأوا من تساقط صناديدهم الواحد تلو الآخر، الأمر الذي سلبهم القدرة على المقاومة.

إن الكتّاب المصريين المعاصرين الذين تناولوا حوادث التاريخ الاسلامي بالتحليل والدراسة، لم يعطوا عليا (عليه السلام) ـ وللأسف ـ حقه في هذه الموقعة، أو على الأقلّ لم يذكروا ما اتفق عليه المؤرخون، وتطابقت في اثباته التواريخ، بل جعلوا تضحيات الإمام عليّ (عليه السلام) ومواقفه الشجاعة والعملاقة في عداد مواقف الآخرين، وفي مستواها.

من هنا ينبغي أن نسلّط بعض الضوء على تضحيات ذلك الفدائيّ الواقعيّ، وذلك البطل الشجاع الذي شهدت له ساحات الوغى مواقف لا نظير لها في العظمة، والسمو.

1 ـ يقول ابن الاثير في تاريخه  : كان الذي قتل أصحاب اللواء علي ـ قاله ابو رافع ـ، ( قال ) فلما قتلهم أبصر رسول الله (صلى الله عليه واله) جماعة من المشركين فقال لعليّ : احمل عليهم، فحمل عليهم ففرّقهم، وقتل منهم، ثم أبصر جماعة اخرى فقال له : احمل عليهم، فحمل عليهم وفرّقهم وقتل منهم، فقال جبرئيل : يا رسول الله هذه المواساة، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل : وأنا منكما قال : فسمعوا صوتا : لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلا علي .

وقد شرح ابن أبي الحديد هذه القضية بتفصيل أكثر اذ كتب في شرحه لنهج البلاغة يقول : لما فرّ معظم أصحاب النبيّ (صلى الله عليه واله) يوم احد كثرت عليه كتائب المشركين وقصدته كتيبة من بني كنانة، ثم من بني عبد مناة بن كنانة فيها بنو سفيان بن عويف، وهم خالد بن ثعلب وأبو الشعثاء بن سفيان وأبو الحمراء بن سفيان وغراب بن سفيان، وانها لتقارب خمسين فارسا وهو ( أي علي (عليه السلام) ) راجل، فما زال يضربها بالسيف تتفرق عنه، ثم تجتمع عليه هكذا مرارا حتى قتل بني سفيان بن عويف الأربعة وتمام العشرة منها ممن لا يعرف اسماؤهم.

ثم نقل ما قاله جبرئيل، ثم كتب يقول : قلت وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين وهو من الاخبار المشهورة وقفت عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن اسحاق ورايت بعضها خاليا عنها، وسألت شيخي عبد الوهاب بن سكينة عن هذا الخبر، فقال : خبر صحيح.

فقلت له : فما بال الصحاح ( أي مثل صحيح البخاري ومسلم وما شاكلهما ) لم تشتمل عليه؟

قال : أو كلّ ما كان صحيحا تشتمل عليه كتب الصحاح؟ كم قد أهمل جامعوا الصحاح من الأخبار الصحيحة؟!.

2 ـ ولقد اشار الامام علي (عليه السلام) نفسه في كلام مفصل له مع رأس اليهود إلى هذا الموقف اذ قال :

ذهب النبيّ (صلى الله عليه واله) وعسكر بأصحابه في سد احد واقبل المشركون إلينا فحملوا علينا حملة رجل واحد واستشهد من المسلمين من استشهد، وكان ممّن بقي من الهزيمة، وبقيت مع رسول الله (صلى الله عليه واله) ومضى المهاجرون والانصار الى منازلهم من المدينة كلّ يقول قتل النبيّ (صلى الله عليه واله) وقتل أصحابه، ثم ضرب الله عزّ وجلّ وجوه المشركين، وقد جرحت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه واله) نيفا وسبعين جراحة، منها هذه، وهذه.

ثم انه (عليه السلام) ألقى رداءه، وأمرّ يده على جراحاته، وقال : وكان منّي في ذلك ما على الله عزّ وجلّ ثوابه إن شاء الله .

وقد بلغ عليّ (عليه السلام) ـ حسب رواية علل الشرائع ـ من كثرة ضربه لطوائف المشركين الذين كانوا يحملون على رسول الله (صلى الله عليه واله) يوم احد، ان انكسر سيفه، فجاء الى النبيّ (صلى الله عليه واله) وقال : يا رسول الله إنّ الرجل يقاتل بسلاحه وقد انكسر سيفي، فأعطاه (عليه السلام) سيفه ذا الفقار فما زال يدفع به عن رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقال جبرئيل في حقه وفي سيفه ما مرّ.

وقد اشار ابن هشام في سيرته إلى العبارة التي نادى بها جبرئيل إذ قال : وحدثني بعض أهل العلم ان ابن أبي نجيح قال : نادى مناد يوم احد : لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ.

كما عد ابن هشام في سيرته  القتلى من المشركين في احد (22) رجلا، وقد ذكر أسماءهم واحدا واحدا وذكر قبائلهم، وغير ذلك من خصوصياتهم، وقد قتل منهم (12) رجلا بيد علي (عليه السلام)، وقتل البقية بايدي المسلمين، ونحن نعرض هنا عن ذكر اسماء اولئك المقتولين رعاية للاختصار.

هذا ونحن نعترف بأننا لم نستطع بيان كل ما قام به علي (عليه السلام) من خدمات كبرى في هذه الصفحات القلائل على نحو ما جاء في كتب الفريقين السنة والشيعة وبخاصة في موسوعة بحار الأنوار.

إن ما نستفيده من مطالعة الروايات والأخبار الثابتة والمتعددة في هذا المجال هو انه لم يثبت أحد في معركة احد  كما ثبت علي (عليه السلام).

2 ـ أبو دجانة، وهو البطل المسلم الثاني بعد الامام علي (عليه السلام) في الصمود، والتضحية، والبسالة والفداء دفاعا عن حياة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله).

فقد بلغ من حرصه على حياة النبيّ (صلى الله عليه واله) ودفاعه عنه أن جعل من نفسه ترسا يقي النبيّ (صلى الله عليه واله) من سيوف الكفار ورماحهم، وسهامهم وأحجارهم، وقد وقعت سهام كثيرة في ظهره ولكنه ظل مترسا بجسمه دون النبيّ، وبذلك حافظ على حياته الشريفة.

وقد جاء أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال له يوم احد  بعد ان فرّ وانهزم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) وحاصره الكفار من كل جانب يا أبا دجانة أما ترى قومك، قال : بلى، قال : الحق بقومك وأنت في حل من بيعتي، أمّا عليّ فهو أنا وأنا هو.

فبكى أبو دجانة بكاء مرا وقال : لا والله، لا جعلت نفسي في حل من بيعتي إني بايعتك، فالى من أنصرف يا رسول الله الى زوجة تموت، أو ولد يموت، او دار تخرب، او مال يفنى، أو أجل قد اقترب؟

فرّق له النبيّ (صلى الله عليه واله) فلم يزل يقاتل حتى اثخنته الجراحة وهو في وجه و عليّ  في وجه، فلما سقط احتمله علي (عليه السلام) فجاء به إلى النبيّ (صلى الله عليه واله) فوضعه عنده فقال : يا رسول الله أوفيت ببيعتي؟ قال : نعم.

وقد ذكر في كتب التاريخ أشخاص آخرون كعاصم بن ثابت، وسهل بن حنيف، وطلحة بن عبيد الله، وغيرهم ممن يبلغ ـ حسب بعض الكتب ـ 36 شخصا ادعي أنهم ثبتوا ولم يفروا، إلاّ أنّ ما هو مسلم به تاريخيا هو ثبات علي (عليه السلام) وأبي دجانة، وحمزة وامرأة تدعى أم عامر، وأما ثبات غير هؤلاء الأربعة فامر مظنون بل ومشكوك في بعضهم.

3 ـ حمزة بن عبد المطلب، عمّ رسول الله (صلى الله عليه واله) وكان من شجعان العرب ومن المعروفين ببطولاته في الاسلام، وهو الذي أصرّ على أن يخرج المسلمون من المدينة ويقاتلوا قريشا خارجها.

ولقد دأب حمزة على حماية رسول الله (صلى الله عليه واله) من أذى المشركين والوليين في اللحظات الخطيرة، والظروف القاسية من بدء الدعوة المحمدية بمكة.

وقد ردّ على أبي جهل الذي كان قد أذى رسول الله (صلى الله عليه واله) بشدة، وضربه ضربه شج بها رأسه في جمع من قادة قريش ولم يجرأ احد على مقابلته.

لقد كان حمزة مسلما مجاهدا وبطلا فدائيا متفانيا في سبيل الاسلام، فهو الذي قتل شيبة  وشيبة من كبار صناديد قريش وابطالها، في بدر كما قتل آخرين، ولم يهدف إلاّ نصرة الحق، والفضيلة، وإقرار الحرية في حياة الشعوب والامم.

ولقد كانت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان تحقد عليه أشدّ الحقد، وقد عزمت على أن تنتقم من المسلمين لأبيها مهما كلّف الثمن.

فأمرت وحشيا  وهو غلام حبشي لجبير بن مطعم الذي قتل هو الآخر عمّه في بدر بأن يحقق غرضها، وأملها كيفما استطاع، وقالت له : لئن قتلت محمدا أو عليا أو حمزة لاعطينّك رضاك.

فقال وحشي لها : أمّا محمد فلا أقدر عليه، وأما علي فوجدته رجلا حذرا كثير الالتفات فلا أطمع فيه، وأما حمزة فاني أطمع فيه لأنه اذا غضب لم يبصر بين يديه.

يقول وحشي : ولما كان يوم احد كمنت لحمزة في أصل شجرة ليدنوا مني، وكان حمزة يومئذ قد أعلم بريشة نعامة في صدره، فو الله إني لأنظر إليه يهدّ الناس بسيفه هدا ما يقوم له شيء، فهززت حربتي ـ وكان ماهرا في رمي الحراب ـ حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت في ثنته ( وهي أسفل البطن ) حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوي، فغلب، وتركته واياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت الى العسكر فقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، وانما قتلته لأعتق.

فلما قدمت الى مكة اعتقت ثم اقمت حتى إذا افتتح رسول الله (صلى الله عليه واله) مكة هربت الى الطائف فمكثت بها. فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) ليسلموا تعيّت عليّ المذاهب، فقلت : ألحق بالشام أو اليمن، أو ببعض البلاد، فو الله إني لفي ذلك من همّي إذ قال لي رجل : ويحك إنه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل في دينه، وتشهّد شهادته.

فلما قال لي ذلك، خرجت حتى قدمت على رسول الله (صلى الله عليه واله) المدينة، فلم يرعه إلاّ بي قائما على رأسه أتشهّد بشهادة الحق، فلمّا رآني قال :  أ وحشي؟!

قلت : نعم يا رسول الله.

قال : اقعد فحدّثني كيف قتلت حمزة، فحدثته بما جرى له معه، فلما فرغت من حديثي قال : ويحك! غيّب عني وجهك فلا أرينّك.

أجل هذه هي الروح النبويّة الكبرى، وتلك هي سعة الصدر التي وهبها الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه واله) قائد الاسلام الأعلى، ومعلم البشرية الاكبر، تراه عفى عن قاتل عمه، مع أنّه كان في مقدوره أن يعدمه بمائة حجة وحجة!!

يقول وحشي : فكنت أتنكّب رسول الله (صلى الله عليه واله) حيث كان لئلاّ يراني، حتى قبضه الله (صلى الله عليه واله).

فلما خرج المسلمون الى قتال مسيلمة الكذاب خرجت معهم، وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة، فلمّا التقى الناس رايت مسيلمة الكذاب قائما في يده السيف، وما أعرفه، فتهيأت له، وتهيّأ له رجل من الأنصار من الناحية الاخرى، كلانا يريده فهزرت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه، فوقعت فيه، وشد عليه الأنصاري فضربه بالسيف.

هذا هو ما ادّعاه وحشي، بيد أنّ هشام قال في سيرته : بلغني أن وحشيا لم يزل يحدّ في الخمر حتى خلع من الديوان فكان عمر بن الخطاب يقول : قد علمت أنّ الله تعالى لم يكن ليدع قاتل حمزة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.