أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-28
271
التاريخ: 2024-02-27
1054
التاريخ: 22-3-2016
2950
التاريخ: 2024-09-24
213
|
الجريمة التأديبية هي إخلال شخص ينتمي إلى هيئة معينة بالواجبات التي يلقيها على عاتقه انتماؤه إليها, فتفترض الجريمة التأديبية خضوع الهيئة التي ينتمي إليها الفاعل لقواعد وإجراءات غايتها صيانة هيبة الهيئة أو كرامتها وكفالة حسن سير العمل فيها(1), فهي لا ترتقي في حقيقتها إلى منزلة (الجريمة) من حيث الخطورة لأنها لا تتعدى الإخلال أو الإهمال الذي يترتب عليه الاعتداء على المهنة أو الهيئة التي ينتمي إليها الموظف, أو القيام بأفعال تخل بكرامة المهنة وبالتالي الإساءة إليها(2), لذلك يسميها البعض(3) بالأخطاء الإدارية تخفيفاً لها عن الجريمة التي تتصف بدورها بخطورة أكثر من هذه الأفعال الإدارية. أما الجريمة الجنائية فهي أمر يعده القانون إخلالاً بنظام المجتمع بأسره ويحدد له جزاء, فلا يقتصر الإخلال فيها على واجبات مهنة أو وظيفة ينتمي إليها الفاعل, بل يمتد نطاق إخلالها إلى كيان المجتمع ككل.
وقد ينطوي الفعل (الإخلال) الواحد على الجريمتين التأديبية والجنائية معاً مثل حالة اختلاس الموظف العام لما سلم إليه من أموال بسبب وظيفته, فهنا يكون الموظف قد ارتكب جريمتين, جنائية وهي اختلاس الأموال العامة, وإدارية وهي الإخلال بأعمال الوظيفة, كما أنه قد ينطوي الفعل على جريمة واحده إما أن تكون إدارية أو جنائية, وبهذا الصدد فقد صدر حكم في فرنسا(4) ببراءة الموظف المتهم على أساس أن الواقعة لا تكون جريمة جنائية وهذا لا يحول دون جعلها مخالفة إدارية تستحق جزءاً تأديبياً. فالجريمة الجنائية تختلف عن الجريمة التأديبية من نواح عدة وهي كالآتي:
أولاً: يحرص المشرع على تحديد الجرائم الجنائية على سبيل الحصر أي تحديد تعداد وحصر لا تحديد وصف, في حين لا يفعل ذلك بالنسبة للجرائم التأديبية مكتفياً بتحديد عام ومعترفاً للقضاء التأديبي بسلطة تقديرية واسعة في تحديد أنماط السلوك التي تعد جرائم تأديبية, وإذا كان تحديد الأفعال المكونة للجرائم الإدارية أمراً ليس ميسوراً فإن الشارع قد حدد الجزاءات التأديبية على سبيل الحصر, فلا يجوز للهيئة التأديبية أن توقع عقوبة أو جزاءاً لم ينص عليه القانون(5).
ثانياً: إن الجريمة الجنائية عدوان على أمن المجتمع واستقراره, بينما الجريمة التأديبية عدوان على هيئة, وهذا معناه أن الجريمة الأولى أشد خطورة من الثانية(6).
ثالثاً: إن مصدر الدعوى الجنائية هو نصوص قانون العقوبات, أما مصدر الدعوى التأديبية فهو قانون أو نظام الخدمة أو قانون المهنة أو الحرفة, وبناءاً على ذلك فإن الجريمة الجنائية تنظرها هيئة قضائية أما الجريمة التأديبية فتنظرها الجهة ذاتها المعتدى عليها ويكون تشكيلها إدارياً(7), وتتولى الهيئة المعتدى عليها بذاتها اتهام الفاعل الذي ينتمي إليها, بينما يتولى الادعاء العام (النيابة العامة) تحريك الدعوى الجنائية العامة ومباشرتها قِبل مرتكب الجريمة الجنائية, فكل جريمة تستقل بدعوى تحمي الحق المعتدى عليه وتتبع إجراءات خاصة بها, كما أن محاكمة الفاعل عن إحدى الجريمتين لا يحول دون إمكانية محاكمته عن الجريمة الأخرى أمام المرجع المختص(8).
رابعاً: من حيث الأثر المترتب على الجريمة الجنائية هو إنزال الجزاء الجنائي المنصوص عليه في قانون العقوبات, أما أثر الجريمة التأديبية فهو إنزال الجزاء التأديبي الذي غالباً ما لا يصل في شدته إلى درجة الجزاء الجنائي, فقد يكون مجرد تنبيه (لفت نظر) أو إنذار أو توبيخ أو قطع راتب أو فصل الموظف أو عزله من الوظيفة. ومن ذلك يتوضح ذاتية الجريمة الجنائية تجاه الجريمة التأديبية, وبشكل أكثر شمولاً ذاتية القواعد الجنائية الموضوعية تجاه القواعد التأديبية (الإدارية), فالجريمة الجنائية تبقى على طبيعتها حتى لو وردت في لائحة تأديبية والخطأ التأديبي يبقى كذلك حتى لو ورد في قانون العقوبات(9). وهذا بدوره ما يؤكد فلسفة القانون الجنائي الخاصة في تحديد الجرائم, فنظرته الخاصة لأنماط السلوك ومدى خطورتها على حياة المجتمع هي الميزة التي ينفرد بها ومنها تنشأ ذاتيته.
____________
1- ينظر: د. نظام توفيق المجالي, شرح قانون العقوبات (القسم العام), مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع, عمان 1998, ص50.
2- ينظر: د. سامي النصراوي, المبادئ العامة في قانون العقوبات, الجزء الأول (في الجريمة), مطبعة دار السلام, بغداد 1977, ص112.
3- ينظر: د. جندي عبد الملك, الموسوعة الجنائية, ج3, مطبعة الاعتماد, القاهرة 1936, ص6.
4- أشار إليه: د. عبد الفتاح الصيفي, القاعدة الجنائية (دراسة تحليلية على ضوء الفقه الجنائي المعاصر), الشركة الشرقية للنشر والتوزيع, بيروت, (بلا سنة طبع), ص111.
5- ينظر: د. كامل السعيد, شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات, الدار العلمية الدولية ودار الثقافة, عمان 2002, ص34, د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي, القاعدة الجنائية, المرجع السابق, ص111-112.
6- ينظر: د. كامل السعيد, المرجع السابق, ص34.
7- لقد نشأت بالقانون رقم 16 لعام 1989 محكمة القضاء الإداري في العراق, ولكن اختصاص هذه المحكمة محدد في إطار عدد من الدعاوى التأديبية كونها سلطة تصديق ونقض للقرارات الصادرة من مجالس الانضباط, أو المجالس التأديبية الأخرى.
8- ينظر: د. عبد الفتاح الصيفي, القاعدة الجنائية, المرجع السابق, ص112, د. جندي عبد الملك, المرجع السابق, ص7, د. عدنان الخطيب, المبادئ العامة في مشروع قانون العقوبات, ج1, مطبعة جامعة دمشق, دمشق 1961, ص158-159.
9- ينظر: د. عبد القادر محمد الشيخ, ذاتية القانون الجنائي العسكري (دراسة مقارنة), رسالة دكتوراه, كلية الحقوق/جامعة القاهرة, 1999, ص86.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|