أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-7-2019
2288
التاريخ: 18-4-2017
11339
التاريخ: 1-7-2019
2295
التاريخ: 25-3-2016
5122
|
اختلف فقهاء القانون العام في تحديد العلاقة بين طبيعة كل من الجزاء الجنائي الموضوعي والجزاء التأديبي (الإداري), ولا بد لنا من الوقوف على آراء البعض منهم ومن ثم تحديد أوجه الاختلاف بين الكل من الجزائين في سبيل تحديد الطبيعة الخاصة بالجزاء الجنائي الموضوعي وتميّزه عن الجزاء التأديبي فكل منهما يتمتع بطبيعة خاصة, تستند إلى الفلسفة الخاصة التي تم بموجبها إنشاء القانون الذي يتبعه أي من هذه الأجزية.
أولاً: رأي الفقيه دوجي (DOGE)
يذهب العميد دوجي في تحديد طبيعة الجزاء التأديبي إلى أنه جزاء جنائي في أساسه, فكلاهما مظهر لسلطة واحدة تملكها الدولة وهي سلطة الدولة الآمرة, فالجزاء الجنائي جزاء تأديبي وإن كان الأخير يُمارس بقرارات إدارية وليس بأحكام قضائية, أي قرارات لم تكتسب تماماً الصفة القضائية لأنها تصدر عن الإدارة في الغالب وهذا وضع مرحلي, ويستطرد دوجي في القول بأن التطور الطبيعي يسير نحو إسباغ الطابع القضائي الكامل على الجزاء التأديبي, فتحدد الجرائم التأديبية تحديداً قانونياً دقيقاً ويخصص لكل منها جزاءاً تأديبياً, فإذا وصل الجزاء التأديبي إلى هذا المستوى اصطبغ تماماً بالصبغة القضائية ويندمج بالجزاء الجنائي, بحيث يوقع على الفعل جزاءاً واحداً وهو الجزاء الجنائي بدلاً من توقيع جزاء تأديبي وجزاء جنائي(1).
ونظرة الفقيه دوجي هذه قد لقيت تأييداً من بعض الفقه المصري(2), حيث يرون بأن هناك تماثلاً في الطبيعة بين الجزاء الجنائي والجزاء التأديبي، وإن كل ما يوجد من اختلاف بينهما لا يعدو أن يكون اختلافاً ظاهرياً ناتج من أن نطاق أعمال الجزائين مختلف عن الآخر, فإذا كان الجزاء التأديبي يسير في نطاق ضيق (الوظيفة العامة), فإن العقوبة الجنائية تسير في نطاق المجتمع كله, فالاختلاف بينهما هو اختلاف ظاهري لا أكثر(3), فالولاية الجنائية ترتكز على ما للدولة من حق الدفاع عن كيانها, والولاية التأديبية ترتكز على ما للدولة من حق الدفاع عن كيان الوظيفة, كما أن كلاً منهما يوقع على مخالفة أمراً أو نهياً, كذلك غاية كل منهما هي ردع المخطئ وزجر غيره, ومن هذا كله يتوصلون إلى نتيجة بأن القانون التأديبي متفق في جوهره مع قانون العقوبات غير أنه لا يسري إلا على فئة من فئات المجتمع(4).
ثانياً: رأي الفقيه جيز (JEZ)
ذهب الفقيه الفرنسي جيز, إلى أن الجزاء الجنائي ينفصل تماماً عن الجزاء التأديبي, فالفارق بينهما هو فارق في الطبيعة لا في مجرد جسامة المخالفة لأحكام القوانين التي يتبعها أي منهما, فالجزاء التأديبي هدفه حسن سير وتنظيم المرفق العام, أما الجزاء الجنائي فغرضه الأساس هو العقاب الشخصي الذي يوقع على مرتكب الفعل المُجرّم جنائياً باسم العدالة, وهو إذا وقع على الموظف فإنه لا يهدف إلى تنظيم سير المرافق العامة في الدولة ومن ثم لا يمكن إضفاء الصفة القانونية على الجزاء التأديبي، وهو ليس من خصائصه. وقد أيد هذا الرأي الأستاذ رولان (Rolain)(5).
ثالثاً: رأي الأستاذ فالين (VALEEN)
لقد خطا الفقيه الفرنسي فالين في نظريته خطوة أكثر تقدماً ومنطقاً ممن سبقه من الفقهاء الفرنسيين في تحديد طبيعة العلاقة بين الجزاء الجنائي والجزاء التأديبي, حيث يرى أن القانون التأديبي ينتمي إلى (العائلة) ذاتها التي ينتمي إليها القانون الجنائي, فكلاهما يهدف إلى ضمان احترام النظم والقواعد الخاصة لمجتمع ما, وذلك عن طريق إجراءات التخويف من الجزاء(6).
لذا فإن القانون التأديبي بنظر فالين قانون عقابي والجزاء يترتب بسبب الخروج عن النظام الاجتماعي, وهذه فكرة مشتركة بين القانون الجنائي والقانون التأديبي, ولكن هذا التشابه بين القانونين لا يفضي إلى الاندماج بينهما بل تبقى لكل منهما ذاتيته, فالقانون التأديبي ليس هو القانون الجنائي، والجهة التي يستهدف قانون التأديب حماية نظمها القانونية هي إدارة الدولة وليس الدولة ذاتها, كما أن موضوع التأديب هم الموظفون وحدهم لا عامة الناس, كما أن الجزاءات التأديبية لا تمس الموظف إلا في مستقبله الوظيفي ومزاياه الوظيفية(7).
ولوجاهة هذه النظرية وصحة الأسانيد التي تسوّغها, فقد أيدها جانب كبير من الفقه الحديث في فرنسا ومصر(8), كونها الأقرب إلى التعبير عن الحقيقة, ومن جانبنا نميل إلى تأييد هذا الرأي. أما بالنسبة لتحديد أوجه الاختلاف بين الجزاءين الجنائي والتأديبي فيمكن إجمالها بالنقاط الآتية:
من العرض السابق للآراء الفقهية وترجيح أكثرها اتفاقاً مع الحقيقة, وكذلك من إجمال الاختلافات الجوهرية بين الجزاء الجنائي والجزاء التأديبي, يتبين لنا الاختلاف في طبيعة الجزاء الجنائي عن الجزاء التأديبي, فلكل منهما غاية خاصة به وإن كان يشترك أحدهما مع الآخر بها، ولكن نطاق كل منهما يختلف عن نطاق الآخر, وهذا ما يتفق مع الميزة الخاصة بكل منهما, كما يتفق مع أن لكل منهما فلسفته وخاصيته التي ينفرد بها عن الآخر, وهذا كله نتيجة منطقية وعلمية للذاتية الخاصة بكل من القانونين اللذين يتبعها كل جزاء, فإذا كان شق التكليف خاصاً في أي من القواعد القانونية التي تتبع أي من القانونين, فإن من البديهي أن يكون شق الجزاء مختلفاً كذلك ومتفقاً مع طبيعة التكليف المنصوص عليه أو الخاضع لتقدير السلطة التأديبية.
_____________
1- ينظر: د. طه محمد سلمان الشيخلي, العلاقة بين الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية, مجلة الحقوقي, ع3-4, 1978, ص139.
2- ومنهم د. طه محمد سلمان, المرجع السابق, ص146.
3- ينظر: د. مصطفى عفيفي, فلسفة العقوبة التأديبية وأهدافها (دراسة مقارنة), مطابع الهيئة المصرية العامة, القاهرة 1976, ص52.
4- ينظر: د. طه محمد سلمان الشيخلي, المرجع السابق, ص139.
5- ينظر: د. طه محمد سلمان الشيخلي, المرجع السابق, ص138.
6- ينظر: د. طه محمد الشيخلي, المرجع السابق, ص139.
7- ينظر: د. طه محمد الشيخلي, المرجع السابق, ص140.
8- ومنهم د. عبد الفتاح حسن و د. سليمان الطماوي, ينظر في ذلك د. سليمان الطماوي, القضاء الإداري, الكتاب الثالث (قضاء التأديب), دار الفكر العربي, القاهرة 1971, ص223-225.
9- ينظر: د. مصطفى العوجي, النظرية العامة للجريمة في القانون اللبناني, ط2, بيروت 1979, ص67.
10-11- ينظر: د. طه محمد سلمان الشيخلي, المرجع السابق, ص140.
12- ينظر: د. مصطفى العوجي, المرجع السابق, ص62.
13- ينظر: د. طه محمد سلمان الشيخلي, المرجع السابق, ص140.
14- ينظر: د. فتوح عبد الله الشاذلي, المسؤولية الجنائية, دار المطبوعات الجامعية, الإسكندرية 2001, ص215.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|