أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-2-2017
3428
التاريخ: 13-2-2017
5830
التاريخ: 10-2-2017
1924
التاريخ: 10-2-2017
6141
|
قال تعالى :{ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا } [النساء :75] .
حث سبحانه على تخليص المستضعفين فقال : {وما لكم} أيها المؤمنون {لا تقاتلون} أي : أي عذر لكم في ترك القتال مع اجتماع الأسباب الموجبة للقتال {في سبيل الله} : أي في طاعة الله . ويقال : في دين الله . ويقال : في نصرة دين الله . ويقال : في إعزاز دين الله وإعلاء كلمته {والمستضعفين} أي : وفي المستضعفين ، أو في سبيل المستضعفين : أي نصرة المستضعفين . وقيل : في إعزاز المستضعفين ، وفي الذب عن المستضعفين . {من الرجال والنساء والولدان} قيل : يريد بذلك قوما من المسلمين ، بقوا بمكة ، ولم يستطيعوا الهجرة منهم :سلمة بن هشام ، والوليد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة ، وأبو جندل بن سهيل ، جماعة كانوا يدعون الله أن يخلصهم من أيدي المشركين ، ويخرجهم من مكة ، وهم {الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} : أي يقولون في دعائهم : ربنا سهل لنا الخروج من هذه القرية : يعني مكة ، عن ابن عباس ، والحسن ، والسدي ، وغيرهم .
{الظالم أهلها} أي : التي ظلم أهلها بافتتان المؤمنين عن دينهم ، ومنعهم عن الهجرة {واجعل لنا} بألطافك وتأييدك {من لدنك} : أي من عندك {وليا} يلي أمرنا بالكفاية ، حتى ينقذنا من أيدي الظلمة {واجعل لنا من لدنك نصيرا} ينصرنا على من ظلمنا ، فاستجاب الله تعالى دعاءهم . فلما فتح رسول الله مكة صلى الله عليه وآله وسلم جعل الله نبيه لهم وليا ، فاستعمل على مكة عتاب بن أسيد ، فجعله الله لهم نصيرا ، فكان ينصف الضعيف من الشديد ، فأغاثهم الله فكانوا أعز بها من الظلمة قبل ذلك .
وفي هذه الآية دلالة على عظم موقع الدعاء من الله وإبطال قول من يزعم أن العبد لا يستفيد بالدعاء شيئا ، لان الله حكى عنهم أنهم دعوا وأجابهم الله ، وآتاهم سؤلهم ، ولولا أنه استجاب دعاءهم ، لما كان لذكر دعائهم معنى .
_________________________
1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 132-133 .
قال تعالى : { وما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ والْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ والْوِلْدانِ } .
هاجر النبي (صلى الله عليه وآله) من مكة إلى المدينة ، وهاجر معه من استطاع من المسلمين ، وبقي فيها من عجز عن الهجرة ، وفيهم رجال ونساء وأطفال ، وكانوا يلقون من المشركين أذى شديدا من أجل دينهم ، ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ، ولا يجدون معينا ، ومن أجل هذا وصفهم سبحانه بالمستضعفين ، ولما تقطعت بهم الأسباب لجأوا إلى اللَّه ، وهم يقولون : { رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ - أي مكة - الظَّالِمِ أَهْلُها واجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا واجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً } .
وقد جعل اللَّه من محنة المستضعفين سبيلا لحث المسلمين على الجهاد لخلاص إخوانهم في الدين .
وبقي جماعة من المستضعفين بمكة إلى عام الفتح ، حيث دخل الرسول المسجد الحرام منتصرا ، واستسلم صناديد الشرك ، وتحطمت الأصنام ، وعلت كلمة الإسلام ، ومنّ اللَّه على الذين استضعفوا في مكة ، وصاروا أعز أهلها .
__________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 378-379 .
قوله تعالى : { وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ } « إلخ » عطف على موضع لفظ الجلالة ، والآية تشتمل على حث وتحريض آخر على القتال في لفظ الاستفهام بتذكير أن قتالكم قتال في سبيل الله سبحانه ، وهو الذي لا بغية لكم في حياتكم السعيدة إلا رضوانه ، ولا سعادة أسعد من قربه ، وفي سبيل المستضعفين من رجالكم ونسائكم وولدانكم.
ففي الآية استنهاض وتهييج لكافة المؤمنين وإغراء لهم : أما المؤمنون خالصو الإيمان وطاهرو القلوب فيكفيهم ذكر الله جل ذكره في أن يقوموا على الحق ويلبوا نداء ربهم ويجيبوا داعيه ، وأما من دونهم من المؤمنين فإن لم يكفهم ذلك فليكفهم أن قتالهم هذا على أنه قتال في سبيل الله قتال في سبيل من استضعفه الكفار من رجالهم ونسائهم وذراريهم فليغيروا لهم وليتعصبوا.
والإسلام وإن أبطل كل نسب وسبب دون الإيمان إلا أنه أمضى بعد التلبس بالإيمان الأنساب والأسباب القومية فعلى المسلم أن يفدي عن أخيه المسلم المتصل به بالسبب الذي هو الإيمان ، وعن أقربائه من رجاله ونسائه وذراريه إذا كانوا على الإسلام فإن ذلك يعود بالآخرة إلى سبيل الله دون غيره .
وهؤلاء المستضعفون الذين هم أبعاضهم وأفلاذهم مؤمنون بالله سبحانه بدليل قوله : { الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا } « إلخ » ، وهم مع ذلك مذللون معذبون يستصرخون ويستغيثون بقولهم : ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ، وقد أطلق الظلم ، ولم يقل : الظالم أهلها على أنفسهم ، وفيه إشعار بأنهم كانوا يظلمونهم بأنواع التعذيب والإيذاء وكذلك كان الأمر.
وقد عبر عن استغاثتهم واستنصارهم بأجمل لفظ وأحسن عبارة فلم يحك عنهم أنهم يقولون : يا للرجال ، يا للسراة ، يا قوماه ، يا عشيرتاه بل حكى أنهم يدعون ربهم ويستغيثون بمولاهم الحق فيقولون : { رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها } ثم يشيرون إلى النبي صلى الله عليه وآله وإلى من معه من المؤمنين المجاهدين بقولهم : { وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً } ، فهم يتمنون وليا ، ويتمنون نصيرا لكن لا يرضون دون أن يسألوا ربهم الولي والنصير.
_______________________
1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 357 .
الاستعانة بالعواطف والمشاعر الإنسانية :
كانت الآية السابقة تطالب المؤمنين بالجهاد معتمدة على إيمانهم بالله واليوم الآخر ، وقد اعتمدت أيضا قضية الربح والخسارة في سياق دعوتها إلى الجهاد ، أمّا هذه الآية فتستند في دعوتها الجهادية إلى العواطف والمشاعر الإنسانية وتستثيرها في هذا الاتجاه ـ فهي تخاطب مشاعر المؤمنين وعواطفهم بعرض ما يتحمله الرجال والنساء والأطفال المضطهدون من عذاب وظلم بين مخالب الطغاة الجبارين ، وتطالب المؤمنين ـ مستثيرة عواطفهم في هذا الاتجاه ـ عن طريق عرض المشاهد المأساوية التي يعاني منها المستضعفون وتدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله من أجل إنقاذ هؤلاء المظلومين فتقول الآية : {وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ (2) مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ ...} .
ولأجل إثارة المشاعر أكثر ، تنبّه الآية المؤمنين بأنّ المستضعفين المذكورين لكثرة معاناتهم من البطش والإرهاب والاضطهاد قد انقطع أملهم في النجاة ويئسوا من كل عون خارجي ، فأخذوا يدعون الله لإخراجهم من ذلك المحيط الرهيب المشحون بأنواع البطش والرعب والظلم الفاحش : {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها} ويطلب المستضعفون من الله ـ أيضا ـ أن يرسل لهم من يتولى الدفاع عنهم وينجيهم من الظالمين بقولهم : {وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} .
الآية ـ في الواقع ـ نشير إلى أنّ الله قد استجاب دعاء المستضعفين ، فهذه الرسالة الإنسانية الكبرى قد أوكلت إليكم أنتم أيّها المسلمون المخاطبون ، فقد أصبحتم أنتم «الولي» المرتقب وأنتم «النصير» من قبل الله تعالى لإنقاذ المستضعفين ، من هنا عليكم أن تنهضوا بهذه المسؤولية وتستثمروا هذه المكانة الكبرى المناطة إليكم ولا تضيعوها .
والآية هذه يستفاد منها أيضا عدّة أمور ، هي :
١ـ إنّ الجهاد في سبيل الله وكما أشير إليه من قبل ـ ليس من أجل انتزاع الأموال والسلطة والثروات من أيدي الآخرين ، كما أنّه لا يستهدف إيجاد أسواق لاستهلاك البضائع أو لفرض عقائد خاصّة بالقوّة ، بل أنه يستهدف نشر الفضيلة والإيمان والدفاع عن المظلومين والمضطهدين من النساء والرجال والولدان ، ومن هذا المنطلق يتّضح أنّ للجهاد هدفين شاملين جامعين أشارت الآية إليهما ، أحدهما «ربّاني» ، وآخر «إنساني» يكمل أحدهما الآخر ، ولا ينفصلان ، بل كلاهما يعودان إلى حقيقة واحدة .
٢ـ إنّ الإسلام يرى أن المحيط السالم الذي يمكن للإنسان أن يعيش فيه ، هو ذلك المحيط الذي يوفّر الحرية للإنسان ، ويضمن له العمل بما يعتقد دون مانع أو أذى ، ويرى الإسلام ـ أيضا ـ أنّ المحيط الذي يسوده الكبت والإرهاب والقمع ، ولا يستطيع المسلم فيه إظهار عقيدته أو إعلان إسلامه ، فهو محيط لا يجدر بالإنسان المسلم أن يبقى فيه ، لذلك فإن الآية تنقل عن المؤمنين دعاءهم إلى الله لكي يخلصهم من مثل هذا الجو المليء بالقمع والإرهاب .
وعلى الرغم من أن مكّة كانت ملجأ وملاذا للمهاجرين ، فإنّ تفشي الظلم فيها جعل المؤمنين يدعون الله لإنقاذهم من ظلم أهل هذه المدينة ، وييسر لهم سبيلا إلى الخروج منها .
٣ـ وفي نهاية الآية نرى أنّ المؤمنين الذين يعانون من محيطهم الظالم ، يسألون الله أن يبعث لهم من يتولى شؤونهم ، وأن يمدهم ـ أيضا ـ بمن ينصرهم على الظالمين ويخلصهم من مخالبهم ، ويفهم من هذه الآية أهمية القيادة الصالحة ، وأهمية قدرة هذه القيادة في إنقاذ المظلومين وضرورة امتلاكها من العدد والعدّة ما يمكنها من القيام بمسؤوليتها الخطيرة هذه.
بذلك نستنتج من الآية العناصر التي يجب أن تتوفر في كل قيادة إسلامية ، وهي كما يلي :
أ ـ أن تكون القيادة صالحة (بما في كلمة الصلاح من شمولية)
ب ـ أن تكون قوية مقتدرة (أن تملك العدد والعدّة الكافيين ، بالإضافة إلى الخطط العسكرية التي تضمن نجاح استخدام القوّة الموجودة) .
٤ـ تبيّن الآية أنّ المؤمنين يطلبون حاجاتهم من الله العلي القدير وحده ، ولا يلجئون إلى غيره في حوائجهم ، حتى أنّهم يسألون الله أن يمدهم بمن يتولى الدفاع عنهم وينصرهم على الظالمين .
_________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص205-207 .
2. إنّ الفرق بين المستضعف والضعيف واضح وجلي ، فالضعيف هو من كان معدوم القدرة والقوّة ، والمستضعف هو من أصابه الضعف بسبب ظلم وجور الآخرين ، سواء كان الاستضعاف فكريا أم ثقافيا أم كان أخلاقيا أو اقتصاديا أم سياسيا أم اجتماعيا ، فالعبارة هنا جامعة شاملة تستوعب جميع أنواع الاستضعاف.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|